الصحافة الاستقصائية في المنطقة العربية: مبادئ وتحديات

porمحمد زيدانOct 31, 2024 em الصحافة الاستقصائية
صورة

على مدار الـ40 عامًا الماضية، برز اسم الصحفية رنا صباغ في عالم الصحافة الاستقصائية بدءًا من التوجيه والإشراف على تحقيقات وصولًا إلى تدريب صحفيين في المنطقة العربية على مبادئ العمل الاستقصائي، وأصبحت معروفة اليوم ككبيرة محرّري "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد" (OCCRP) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد مسيرة طويلة شاركت خلالها في تأسيس منظمة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) وأدارتها لمدة 14 عامًا.

وقد فازت صباغ مؤخرًا بجائزة المركز الدولي للصحفيين knight Trailblazer Award، وعلّقت في جلسة نظّمها منتدى شبكة الصحفيين الدوليين عليها معربةً عن سعادتها بالحصول عليها بعد عقود "من النحت في الصخر" على حدّ تعبيرها، وأهدت الفوز لجميع الصحفيين الذين عملت معهم في مسيرتها الطويلة.

وتحدثت صباغ عن أهم مميزات ومعوقات العمل لأبناء جيلها مقارنةً بالأجيال الحالية، وخصوصًا عندما بدأت العمل في عام 1984، حيث أشارت إلى أن المعوقات التي كانت تواجه جيلها تبرز في عدة نقاط، بينها: 

  • كتابة القصة بالآلة الكاتبة، ثم تحريرها يدويًا.  
  • الخوف من ارتكاب أي خطأ خشية خسارة الشخص الذي يساعدها. 
  • الشعور دائمًا أنّ هذه العملية صعبة للغاية، فهي لم تكن مجرد نسخ ولصق.  

أما عن المميزات، فعددت التالي: 

  • مقابلة الناس وبناء مصادر وشبكة علاقات، لأن أساس الصحفي يكمن بقوة مصادره.  
  • تدوين غالبية المعلومات التي كنا نحصل عليها في المقابلات على الورق، وبالتالي، لم يكن هناك أي أثر لتخزين المعلومات على قاعدة بيانات على اللاب توب، الذي يمكن أن يتعرض للاختراق. 

دور الصحافة الاستقصائية 

وعن الصحافة الاستقصائية، قالت صباغ إنّ أساس التحقيقات الاستقصائية هو كشف المستور أو كشف الممارسات أو السياسات الخاطئة التي تسبب ضررًا لمجموعة من السكان أو الناس أو دافعي الضرائب، وفي حال استمرارها يمكن أن تؤدي إلى المضاعفات، كما تكشف الهدر في الأموال والمسؤولين غير الأكفاء في مناصب لا يستحقونها.  

وأشارت إلى أهمية دليل "على درب الحقيقة" الذي أطلقته شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية، وأضافت أنّه لا يشترط أن يكون كل صحفي استقصائيًا، مشيرةً إلى أن نسبة الصحفيين الاستقصائيين تمثل نحو 12% من إجمالي عدد الصحفيين في العالم. 

مهارات الصحفي الاستقصائي 

وتحدثت صباغ عن المهارات التي تميز الصحفي الاستقصائي، وهي: 

  • الإلمام بأكثر من لغة، مثل (العربية، الإنجليزية، والفرنسية).
  • أن يكون الصحفي مثقفًا قانونيًا، وأن يعلم كل شيء عن بلده وقوانينه.
  • أن يكون صبورًا، لأنه قد يجد في طريقه قصصًا كثيرة، وفي يوم آخر، أو لشهر على سبيل المثال لا يمكنه الحصول على معلومة.  
  • أن يتمتع بأسلوب حوار مع المصدر بحيث يقنعه، وحتى لو رفض أن يعطيه اسمه.  
  • أن يكون لدى الصحفي قدرة خارقة على التحليل.  
  • الرغبة في النجاح، عنصر مهم لدى الصحفي الاستقصائي. 

وأوضحت طبيعة العمل في الأماكن التي بها نزاعات أيديولوجية 

  1. الحرب خلفت تحديات كثيرة متعلقة بعلاقة الزملاء ببعضهم البعض. 
  1. لا يجب أن نشيطن الآخر، فنحن لم نختَر هذه الحروب، ولا أين نقيم أو مَن يحكمنا. 
  1. يجب أن نحاول البقاء على مسافة من مصادرنا، وأن نعطي التشكيك الإيجابي. 
  1. الاهتمام بالقانون فهو مادة مرغوبة في العالم العربي. 
  1. التعاون مع بعضنا البعض، وتقديم الدعم النفسي.  
  1. المحرر هو عازف الإيقاع، الذي يساهم في كيفية تقديم التحقيق.  

تحديات العمل في الأماكن التي تواجه نزاعات أيدولوجية 

  •  الحصول على وثائق.  
  • تعرض حياة الصحفي للخطر. 

العمل في OCCRP 

وحول طبيعة العمل في OCCRP قالت إنّ غالبية المشاريع تكون نتيجة تسريبات، موضحة أن الصحفي يجب أن يكون معه وثائق أو تسريبات مهمة أو مراجعات. وأوضحت أن الأمر يعتمد على الفكرة التي لدى الصحفي وقدرته على الوصول للمعلومات والمثابرة وإمكانية الحصول على وثائق لأنّ لا قصة بدون وثائق. 

وحول كيفية تقديم معلومات معقدة بطريقة مختصرة وفعالة وبدون التضحية بوضوح الفكرة، تطرقت صباغ إلى ثلاث طرق: 

  • أولًا، الروابط التشعبية التي تمكن من الاطلاع على معلومات إضافية.
  • ثانيًا، إعداد رسومات توضيحية. 
  • ثالثًا، يتم تبسيط علاقة الناس الموجودين بالتحقيق ببعضهم البعض. 

وتحدثت صباغ عن سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على المصادر وإتاحة المعلومات للجميع، ودور الصحافة الاستقصائية في كشف الحقائق، حيث أكدت أن البحث الأولي ورصد كل شيء كُتب عنه بالسوشيال ميديا مهم جدًا، ولكن إذا تم الحديث عن افتتاح مصنع، فإننا نتتبع تسجيل المصنع ونرى قواعد بياناته وهل مالكه لديه أملاك في أوروبا، ولفتت إلى أنّ المصادر المفتوحة تعطينا 90% من المعلومات.  

المصادر المفتوحة في التحقيقات الاستقصائية

وعن مدى الاستفادة من المصادر المفتوحة في التحقيقات الاستقصائية، قالت إنّ بعض القصص مثل قصة الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، بدأت بتسريب من خلال شركة فرنسية، وهي شركة تدقيق أصول، وقالت إنه يمتلك أصولًا بالملايين ثم انطلق البحث الصحفي.  

وأشارت صباغ إلى أن أهم شيء على الصحفي الاستقصائي أن يمتكله هو "الصبر" لأن العمل الاستقصائي متعب، ولكن تأثير النشر يكون كبيرًا، وإذا كان الصحفي يعمل بشكل عابر للحدود مع منظمة دولية لديها شركاء فسيكون ذلك مفيدًا للغاية، موضحة أن تحقيق بنما تم نشره في 60 مؤسسة إعلامية وهذا عمل رائع من حيث التأثير والتعاون الصحفي.  

الصورة الرئيسية مُولدة بالذكاء الاصطناعي بواسطة ChatGpt4.