دليل للصحفيين لكتابة القصص عن "البصمة المائية"

por رحمة ضياء وهدير الحضري
Sep 26, 2024 em تغطية قضايا البيئة
صورة

أصبح الاهتمام بقضية المياه مسألة ذات أولوية لكل بلدان العالم، في ظلّ تزايد شح المياه ونقص نصيب الفرد من المياه العذبة، وهي أزمة ضاعفها تغير المناخ في السنوات الأخيرة.

وتشير الإحصائيات الأخيرة التي نشرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في آذار/مارس الماضي، إلى أن هناك ما لا يقل عن 50 في المئة من سكان الكوكب، أي حوالي 4 مليارات نسمة، يعانون من نقص المياه لمدة شهر واحد على الأقل في السنة، كما توقع البرنامج أنه بحلول عام 2025، من المرجح أن يواجه 1.8 مليار شخص "شُح المياه المطلق"، وهو وصف تستخدمه منظمة "الفاو" حين يصبح نصيب الفرد سنوياً أقل من 500 متر مكعب.

ويهدف هذا الدليل إلى تزويد الصحفيين بالأدوات والمعرفة اللازمة لكتابة قصص صحفية شاملة حول "البصمة المائية"، بما يساعد على إدراك كمية المياه الفعلية المستهلكة بشكل مباشر وغير مباشر فى حياتنا اليومية، ومن ثم تعزيز الوعي البيئي والمسؤولية الشخصية، ومن جانب آخر مساعدة الدول والحكومات على التخطيط لإدارة الموارد المائية بفعالية أكبر وتوجيه السياسات نحو ممارسات أكثر استدامة. 

فما هي البصمة المائية؟

البصمة المائية - وفقاً لتعريف شبكة البصمة المائية- هو مصطلح يعبر عن قياس كمية المياه المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات التي نستهلكها، ويمكن قياسها لعملية واحدة، مثل زراعة الأرز، أو لصناعة منتج واحد مثل قطعة من سروايل "الجينز"، أو للوقود الذي نضعه في سيارتنا، أو لشركة متعددة الجنسيات بالكامل، كما يمكن للبصمة المائية أن تخبرنا أيضًا عن كمية المياه التي تستهلكها دولة معينة - أو عدة دول على مستوى العالم - في حوض نهر معين أو من طبقة المياه الجوفية.

وتقسم الشبكة أنواع البصمة المائية إلى ثلاثة أنواع:

-البصمة المائية الخضراء: وتعني المياه الناتجة عن هطول الأمطار والتي يتم تخزينها في التربة، أو تتبخر، وهي مهمّة للمنتجات الزراعية والبستانية والغابات.

-البصمة المائية الزرقاء: هي المياه التي تم الحصول عليها من موارد المياه السطحية أو الجوفية، مثل البحيرات والأنهار والأراضي الرطبة، ويمكن أن يكون للزراعة، والصناعة، والاستخدامات المنزلية.

-البصمة المائية الرمادية: هي كمية المياه العذبة المطلوبة لاستيعاب الملوثات لتلبية معايير جودة المياه، وتتم عن طريق تصريف التلوث من مصدر محدد إلى مورد المياه العذبة مباشرة من خلال أنبوب أو بشكل غير مباشر من خلال الجريان السطحي أو التسرب من التربة.

قائمة مصطلحات مرتبطة بـ"البصمة المائية":

قدمت شبكة البصمة المائية تعريفات لمصطلحات عديدة مرتبطة بالبصمة المائية، من أبرزها:

لمياه المطلوبة للمحاصيل: إجمالي المياه اللازمة للزراعة حتى عملية حصاد المحصول، ويمكن الحصول عليها عن طريق هطول الأمطار أو الري بحيث تكون كافية لنمو النبات وإنتاجية المحاصيل.

-البصمة المائية للاستهلاك الوطني: إجمالي كمية المياه العذبة المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات التي يستهلكها سكان الدولة الواحدة، أي حجم المياه العذبة المستهلكة أو الملوثة داخل أراضي البلد.

-البصمة المائية الخارجية للاستهلاك الوطني: أي البصمة الناتجة عن الاستهلاك الوطني الذي يقع خارج الدولة المعنية، ويشير إلى تخصيص موارد المياه في دول أخرى لإنتاج السلع والخدمات التي يتم استيرادها واستهلاكها داخل الدولة المعنية.

-البصمة المائية المباشرة: تشير البصمة المائية المباشرة للمستهلك أو المنتج إلى استهلاك المياه العذبة والتلوث المرتبط باستخدام المياه من قبل المستهلك أو المنتج.

-البصمة المائية غير المباشرة: تشير البصمة المائية غير المباشرة للمستهلك أو المنتج إلى استهلاك المياه العذبة، أو التلوث الناتج عن صناعة أو استهلاك المنتجات، أي أنها مرتبطة بالمدخلات التي يستخدمها المنتج.

-تقييم البصمة المائية: يشير تقييم البصمة المائية إلى النطاق الكامل للأنشطة التي تهدف إلى تحديد البصمة المائية لعملية أو منتج أو مستهلك أو تحديد البصمة المائية في مكان وزمان معينين؛ ثم تقييم الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية لهذه البصمة المائية؛ وأخيراً صياغة استراتيجية للاستجابة.

-تعويض البصمة المائية: أي تعويض التأثيرات السلبية للبصمة المائية من خلال المساهمة في تعزيز ممارسات أكثر استدامة وعدالة للمياه في المناطق المختلفة.

-الحياد المائي: تكون العملية أو المنتج أو المستهلك أو المجتمع أو العمل محايدًا مائيًا عندما يتم تقليل بصمته المائية بقدر الإمكان، وخاصة في الأماكن التي تعاني من درجة عالية من ندرة المياه أو التلوث؛ ثم تعويض ما تمت صناعته من بصمة بتعزيز الممارسات المستدامة في المياه.

-التطبيقات والمواقع التي تساعد على حساب البصمة المائية:

تتيح هذه التطبيقات والمواقع إمكانية حساب البصمة المائية لعدد من المنتجات والخدمات، فعلى سبيل المثال:

-حاسبة البصمة المائية Water Footprint Calculator

هذه الحاسبة تساعدك على حساب البصمة المائية الشخصية من خلال استبيان بسيط يغطي نمط الحياة مثل الطعام الذي يتم تناوله ووسائل المواصلات والمنتجات المستهلكة.

-حاسبة البصمة المائية لمؤسسة Water Footprint Network

توفر هذه الحاسبة طريقة متقدمة لحساب البصمة المائية، ويمكن استخدامها لفهم تأثير الاستهلاك اليومي للمياه بشكل تفصيلي، كما توفر الشبكة قائمة بالبصمة المائية لعدد كبير من المنتجات والخضروات والفواكه، فعلى سبيل المثال تكلف تفاحة واحدة وزنها 150 جرامًا حوالي 125 لترًا من الماء، فى حين أن المتوسط للبصمة المائية لكوب واحد من القهوة حوالي 130 لترًا من الماء، كما طورت الشبكة أداة أخرى لنفس الغرض بالتعاون مع Water footprint implementation.

ويمكن استخدام هذه الحاسبات خلال العمل على قصص صحفية متنوعة مثل المقارنة بين البصمة المائية للأطعمة الخضراء (النباتية) والأطعمة الزرقاء (المأكولات البحرية)، والنظام الغذائي المعتمد على اللحوم الحمراء، وإعطاء الأمثلة التي توضح التفاوت الكبير فى البصمة المائية بين هذه الأصناف مما يمنح القارئ القدرة على اتخاذ خيارات أكثر استدامة. كما يمكن الاستعانة بها عند الحديث عن البصمة المائية لصناعات معينة أو وسائل المواصلات وأنماط الحياة الاستهلاكية للمشاهير، وكيف يمكن أن نقلل البصمة المائية عند تصميم المباني.

-أفكار لموضوعات صحفية يمكن العمل عليها بخصوص البصمة المائية:

-استكشاف تأثير استهلاك المياه غير المباشر في حياتنا اليومية على البيئة، مع التركيز على المنتجات الغذائية والملابس، ويمكن أن يتضمن المقال تحليلاً لمنتجات معينة وكميات المياه المطلوبة لإنتاجها. ويمكن قراءة هذه القصة الصحفية لتوضيح ذلك.

-المسؤولية الاجتماعية للشركات: تقليل البصمة المائية كاستراتيجية للاستدامة والتركيز على كيفية تبني الشركات لاستراتيجيات تهدف إلى تقليل البصمة المائية. 

-استكشاف العلاقة بين البصمة المائية والزراعة، وكيف يمكن للابتكارات الزراعية والتقنيات الجديدة تقليل استخدام المياه مع زيادة الإنتاج الغذائي.

-البصمة المائية للبلدان: مقارنة بين الدول ذات الموارد المائية الوفيرة وتلك التي تعاني من ندرة المياه.

-تأثير اختياراتنا اليومية (مثل استهلاك اللحوم، استخدام المنتجات الصناعية، إلخ) على الموارد المائية العالمية. وكيف يمكن للأفراد تقليل بصمتهم المائية.

-الكتابة عن الصناعات التي تستهلك كميات هائلة من المياه، مثل صناعة النسيج والورق، وكيف يمكن لهذه الصناعات الانتقال إلى ممارسات أكثر استدامة من خلال تقنيات مبتكرة. فقد يفاجئك أن صناعة لفة من ورق المرحاض تستهلك 37 غالونًا من المياه.

-تحليل كيف يؤثر التغير المناخي على الموارد المائية، وكيف يمكن للبصمة المائية أن تتغير مع تفاقم تحديات المناخ. (يمكنك الرجوع لموقع Water footprint calculator للحصول على بيانات وزوايا مختلفة توضح العلاقة بين تغير المناخ والموارد المائية).

-الكتابة عن تأثير السياسات الحكومية في إدارة الموارد المائية وتقليل البصمة المائية على مستوى الدولة. 

-مصادر ومؤسسات تقدم معلومات مهمة حول البصمة المائية:

هذه الجهات تقدم معلومات وأبحاثًا مهمة حول كيفية إدارة استهلاك المياه وتقليل التأثير البيئي، مثل: 

  • شبكة البصمة المائية: تقدم أدوات وموارد للمساعدة في تقييم وتقليل البصمة المائية وتعمل كمنصة لتبادل المعرفة والأدوات والابتكارات بين الحكومات والشركات والجمعيات التي تشعر بالقلق إزاء تناقص كمية المياه وزيادة مستويات تلوثها، وتأثير ذلك على الناس والبيئة. تتضمن مكتبة الموارد الخاصة بالشبكة مجموعة من الوسائط المتعددة التي تتيح الشبكة استخدامها بشكل مجاني للأغراض غير الربحية.
  • معهد الموارد العالمية يعمل على مشاريع مختلفة متعلقة بالمياه والاستدامة البيئية.
  • منظمة الحفاظ على الطبيعة: منظمة غير ربحية تهتم بحماية الموارد الطبيعية بما في ذلك المياه. 
  • منظمة الأمم المتحدة للمياه، تهدف لتعزيز الإدارة المستدامة للموارد المائية.
  • الصندوق العالمي للطبيعة، يدير برامج لحماية المياه العذبة وتقليل البصمة المائية.
  • Waterwise: منظمة بريطانية تهدف إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه وتقليل البصمة المائية. 
  • المعهد العالمي لإدارة المياه: معهد دولي يركز على البحوث المتعلقة بإدارة المياه في الزراعة والتنمية.
  • الاتحاد العالمي لكفاءة المياه: منظمة تهدف لتعزيز كفاءة استخدام المياه في أميركا الشمالية.
  • WaterAid: منظمة غير ربحية تعمل على توفير المياه النظيفة والمرافق الصحية في المجتمعات النامية.

إرشادات للصحفيين للكتابة عن البصمة المائية:

-سلّط الضوء على أزمة المياه: أصبح توجه الصحفيين للاهتمام بالكتابة عن البصمة المائية أمراً ضرورياً لأن المياه العذبة الصالحة للاستخدام لا تتعدّى مساحتها 0.5 في المئة فقط من المياه الموجودة على الأرض، في الوقت نفسه، على مدى السنوات العشرين الماضية، انخفض مخزون المياه الأرضي بمعدل 1 سم في السنة، وهو ما صاحبه تأثيرات سلبية كبيرة على الأمن المائي، وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة، لذا تزداد المطالبات العالمية بالتحول نحو الاستهلاك المستدام للمياه.

-الممارسات والسياسات دائرة متشابكة: لعلّه من المفيد أن نعالج كصحفيين القضايا المرتبطة بالمياه من منظور شامل، ونقوم بدورنا في إبراز هذا التشابك والارتباط بين ممارسات الاستهلاك والإنتاج الصغيرة على مستوى الأفراد، وبين السياسات العامة للدولة، وبين القضايا الأخرى المرتبطة بها مثل التلوث.

-تابع أحدث التقارير والدراسات العلمية: من المهم المتابعة المستمرة للحصول على أرقام محدثة حول البصمة المائية للشركات والبلدان والقطاعات المختلفة، وهو ما قد يساعدك على إلقاء الضوء على البصمة المائية لقطاعات لا يتم إلقاء الضوء عليها عادة فى الإعلام مثل البصمة المائية لقطاع السياحة والسفر على سبيل المثال أو لصناعة السينما أو كرة القدم. (انظر لهذا التقرير وفكر كيف يمكن أن يلهمك لإنتاج قصة معمقة حول البصمة المائية لقطاع السياحة والسفر).

-لا تسقط أصحاب المصلحة من تقاريرك: يضفي التواصل مع أصحاب المصلحة من المواطنين العاديين إلى جانب التواصل مع الخبراء والمسؤولين وعرض التقارير والدراسات على إضفاء بعد إنساني للقصة وتعزيز الأثر وزيادة التعاطف مع قصتك لذلك لا تسقطهم من حسابتك عند التخطيط لقصتك القادمة عن البصمة المائية.

-احرص على العرض البصري الجذاب: عادة ما تتضمن قصص البصمة المائية الكثير من الإحصاءات والأرقام وهو ما يتطلب منك تحويل هذه الأرقام إلى مادة جذابة بصريًا ومفهومة للقارئ عن طريق إعطاء مدلولات للأرقام يفهمها القارئ غير المتخصص والاستعانة بالانفوجرافيك والخرائط البصرية، ويمكنك الاستعانة بمكتبة المواد البصرية المجانية التي تتيحها شبكة البصمة المائية لوسائل الإعلام والتي تتضمن انفوجرافيك وفيديوهات.

-كن مُلمًا بما يُنشر في الصحف حول البصمة المائية محليًا وعالميًا: في قضايا عالمية مثل قضية المياه، لا ينبغي بالاكتفاء بمتابعة المواد الصحفية المنتجة على الصعيد المحلي والإقليمي، فمتابعة التقارير الأجنبية تمنحك منظورًا مختلفًا وقد تلهمك بإنتاج أفكار تناسب بيئتك المحلية، لاسيما مع نقص المواد الصحفية المعمقة باللغة العربية. (مثال 1 للاسترشاد من صحف أجنبية، مثال2).

-لا تغفل المبادرات والحلول: من المهم أن نسلط الضوء على المبادرات الإيجابية والحلول والدراسات العلمية التي تقدم لنا الأمل، بدلاً من الحديث عن أزمة شح المياه فقط. ويمكنكم الرجوع للقصص الملهمة المنشورة على شبكة صحافة الحلول حول موضوع المياه عن طريق البحث بكلمة "مياه" في هذا القسم.

-توعية الجمهور مهمة: يلعب تعزيز المحتوى الإعلامي حول القضايا المرتبطة بالمياه دوراً مهماً في توعية الجمهور بفهم استهلاكهم الحقيقي للمياه، لأن حساب البصمة المائية يساعدنا على إدراك الكمية الحقيقية من المياه التي نستهلكها بشكل غير مباشر في حياتنا اليومية، سواء من خلال الطعام الذي نأكله أو الملابس التي نرتديها أو المنتجات التي نستخدمها، على سبيل المثال، كم مرة فكرت في كمية المياه التي يحتاجها إنتاج كوب القهوة صباحًا؟ 

أيضاً، سينعكس ذلك بالضرورة على الحد من استنزاف الموارد الطبيعية، فعندما ندرك تأثير استهلاكنا على الموارد المائية، يصبح من الأسهل اتخاذ قرارات تهدف إلى تقليل استهلاك المياه غير الضروري، مما يساهم في الحفاظ على المياه للأجيال القادمة، فعلى سبيل المثال، تقليل تناول اللحوم يمكن أن يقلل من بصمتنا المائية بشكل كبير.

أيضاً، مع ازدياد عدد السكان وتغير المناخ، يساعد حساب البصمة المائية الحكومات والمنظمات في التخطيط المستقبلي لإدارة الموارد المائية بفعالية أكبر، وضمان توفر المياه النظيفة للجميع.

-أمثلة لموضوعات صحفية سابقة عن البصمة المائية:

البصمة المائية.. كلجم لحم بقري يستهلك 16ألف لتر مياه وكلجم من الأغنام 10 آلاف لتر والدواجن 4 آلاف

"البصمة المائية".. أثر أنشطتنا على الاستهلاك

ما حجم بصمتك المائية؟ الإجابة قد تفاجئك


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة Francesco Ungaro.