أطلقت المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية بتونس، في أعقاب برنامجها التدريبي "مراسلون" دليل المرافقة الصحفية في تدقيق المعلومات، والذي يأتي استكمالاً لبرنامج الدورات التدريبية التي استفاد منها صحفيون وصحفيات من ولايات مختلفة بتونس، حول مواضيع مختلفة منها: تقنيات التغطية الصحفية، تقنيات التثبت من الأخبار الزائفة، تقنيات صحافة البيانات، التغطية الصحفية الدامجة وأساسيات الحكم المحلي واللامركزية.
ويسعى هذا الدليل إلى تعزيز الوعي والمعرفة وتقديم الدعم والمرافقة للصحفيين بالتحقق من صحة المعلومات. ويعتبر وثيقة مرجعية تهدف إلى إرساء ثقافة المرافقة في مجال تدقيق المعلومات، من خلال المحتوى الذي تضمنه والمتمثل في تعريف المرافقة وضبط أسسها ومبادئها وطرقها ومواردها والتحضيرات الأساسية اللازمة لها، بالإضافة إلى استكشاف منهجيات تدقيق المعلومات ومراحله وتقنياته، ليكون هذا الدليل بمثابة سند يستعين به المرافِق في أداء مهمته وتحقيق أهدافه المهنية.
تجارب صحفية تتحرى صحة المعلومات
يقول الإعلامي التونسي مالك بن عبد الله، المدير العام المؤسس لراديو المهدية 1 إف إم، وخريج برنامج مركز التوجيه بدورته الأولى في العام 2014 "إنّ الدليل سوف يساهم في إرشاد الصحفي الى الطرق المثلى للتحقق من المعلومات وعدم نشر الأخبار الزائفة في ظل ارتفاع ظاهرة الاخبار الزائفة والتزييف في الأخبار لتضليل المتلقي من أجل خدمة مصالح خاصة".
يتابع مالك بن عبد الله أنّ إذاعة المهدية 1 إف إم كان ضمن المؤسسات الإعلامية المشاركة ضمن البرنامج التدريبي "مراسلون"، والذي ساهم في تجويد أدوات عمل المؤسسة "حيث قمنا بإحداث ميثاق عمل داخلي للتحقق من صحة الأخبار قبل نشرها"، وأضاف: "يعتبر الدليل وثيقة توجيهية أساسية نعود إليها كلما اقتضت الضرورة ذلك".
مهنة مدقق المعلومات
أصبحت مهنة مدقق المعلومات أكثر أهمية من أي وقت مضى. وتعتمد هذه المهنة على مهارات التحليل والبحث والتقييم النقدي، ويقوم المدقق بالتحقق من المعلومات الرقمية المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والتأكد من صحتها وموثوقيتها قبل نشرها أو بعد نشرها.
وبالإضافة إلى دوره الأساسي المتمثل في التحقق من مصداقية الأخبار، يضطلع مدقق المعلومات بمهمة أخرى لا تقل أهمية، وهي مرافقة أشخاص آخرين أقل خبرة ويرغبون في اكتساب مهارات التدقيق ليشاركهم خبراته في هذا المجال.
دليل المرافقة الصحفية في تدقيق المعلومات
يقع الدليل الذي ألفه الدكتور وليد الحيوني، المختص في الصحافة الإلكترونية ومؤسس جمعية صحفيون ضد الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية، في 57 صفحة، ويتوزع على ثلاثة محاور، يتناول الأول أسس المرافقة الفعالة وتقنياتها، ويقدم تعريف المرافقة وأنواعها وأسس المرافقة ومبادئها والمهارات الأساسية للمرافق والتحضيرات الأساسية والطرق والموارد الضرورية للمرافقة الفعالة.
ويوضح الدليل أنّ عملية المرافقة هي شكل من أشكال الدعم الطوعي، يقوم على الإحترام المتبادل بين طرفي المرافقة، ويعتمد بشكل أساسي على مفاهيم التواصل والتحفيز والتعلم ونقل المعرفة والتطوير الوظيفي في مجال تدقيق المعلومات.
ويميّز الدليل بين نوعين من المرافقة، الأولى تقليدية قائمة على مقاربة التوجيه والنصح والثنائية واعتماد التواصل المباشر، وثانية حديثة قائمة على تعدد أشكال المرافقة والتشجيع وتبني التفكير النقدي والتحليل وإيجاد حلول بشكل ذاتي.
ويقدم الدليل مجموعة من المهارات الأساسية للمرافِق، والتي يشير إلى أنها تختلف بحسب السياق، لكنه يقدم مهارات أساسية عامة لا بد أن تتوفر في المرافق؛ هي الصبر، القدرة على التكيف، الإلهام والثقة والقدرة على التفاوض وحل الخلافات.
وينصح الدليل بأهمية تدوين المرافِق أهدافه المحددة ليعود إليها بانتظام حتى لا ينساها، ويستحسن الاحتفاظ بها معه على حاسوبه حتى يتمكن من مراجعتها بشكل دوري ومنتظم.
في المحور الثاني، يعرض الدليل أسس تدقيق المعلومات ومناهجه، حيث يوضح المقصود بظاهرة إضراب المعلومات وأنواعها، ويوضح بين المعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة والمعلومات الضارة: الأولى هي معلومات غير صحيحة تتم مشاركتها بدون قصد. المعلومات المضللة هي معلومات غير صحيحة بتم مشاركتها بقصد. والنوع الثالث هي معلومات مبنية على وقائع تتم مشاركتها بغرض إلحاق الضرر بفرد أو مجموعة.
ويعرّف الدليل تدقيق المعلومات، كونها عملية التحقق وتقصي الوقائع للتأكد من صحتها قبل استخدامها أو نشرها، ويقدم لأجل ذلك منهجيات عملية من قبيل الرجوع للمصادر، تقاطع المصادر، تطابق الروايات، الاستعانة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، الاستعانة بالخبراء والتنقل في المكان.
ويقدم الدليل أهم مهارات مدقق المعلومات، بدءًا بمهارات البحث ثم دقة الملاحظة، والفهم الجيد للسياقات، مروراً بالتفكير النقدي وإتقان أدوات التحقق، وانتهاء بشبكة العلاقات.
وخصّ الدليل المحور الثالث لتقنيات تدقيق المعلومات، حيث قدم أدوات تدقيق المعلومات وشبكات تدقيق المعلومات، موضحاً أن الانتشار الكبير للمعلومات الزائفة والمضللة فـي الفضاء الرقمي، عجّل بمبادرة عدد مـن المبتكرين والمؤسسات والمنظمات علـى تطوير أدوات تقنية تهدف إلى التثبت من صحة ما ينشر على مواقع الويب والشبكات الاجتماعية، بعضها متاح بشكل مجاني وبعضها الآخر بمقابل مالي.
ولمساعدة الصحفيين والصحفيات على التأكد من صحة المعلومات، يقترح الدليل أدوات رقمية مساعدة يمكن الاستعانة بها للتحقق من المعلومات والصور، حيث ينصح بالاعتماد على تقنيات البحث العكسي للتحقق من صحة الصور، ويقدم بعض المواقع التي تتيح هذه التقنية:
https://tineye.com
https://images.google.com
https://yandex.com/images
يقدم الدليل أيضاً، خاصية التحقق من صحة الصور بالاعتماد على البيانات الوصفية للصورة (Metadata) ويقدم بعض المواقع التي يمكن أن تساعد الصحفيين والصحفيات لأجل التحقق من بعض الصور:
ويقترح الدليل أداة للتحقق من الفيديوهات (باعتبار الفيديوهات هي مجموعة من الصور المتتالية):
وللتحقق من المصادر ينصح الدليل بطرح بعض الأسئلة التي يمكن أن تساعد علـى التأكد مـن صحة المعلومات وموثوقيتها:
· هل يمكن لي التأكد من هوية المصدر؟
· هل من السهل كشف خلفيات المصدر (الإيديولوجية، الدينية، السياسية، إلخ)؟
· هل سبق للمصدر أن نشر محتويات زائفة أو مضللة؟
· هل يعرف عن المصدر التحيز لآرائه ومعتقداته؟
· هل يعتمد حساب المصدر على الشبكات الاجتماعية على بوتات (bot)؟
ويقدم الدليل للصحفيين والصحفيات جملة من التوجيهات وأفضل الممارسات في مجالي المرافقة وتدقيق المعلومات:
في باب المرافقة:
· الإيمان بأن المرافقة شكل من أشكال الدعم الذي ينبني على الاحترام المتبادل بيـن المُرافِق والمُرافَق، وبأنها تعتمد بشكل أساسي على التواصل والتحفيز والتعّلم ونقل المعرفة في مجال تدقيق المعلومات؛
· الإدراك بأن مهمة المرافقة تحتاج إلى الكثير من الصبر والجهد والتفاني لدعم المُرافَق ومساعدته على تحقيق أهدافه المهنية؛
· الوعي بإمكانية مرافقة شخص لم يتمكن بعـد مـن تحديـد أهدافه المهنية، وبأن دور المُرافِـق يتمثل فـي مساعدته ودعمه وتحفيزه علـى إيجاد هـذه الحلول بمفـرده، لا نيابة عنه؛
· الاعتماد علـى منهج مرافقة قائم علـى ضبـط أهداف محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلة ومحددة زمنيًا.
· القيام بتقييم دوري ومنتظم لمهمة المرافقة لقياس مدى نجاحها او تعديلها إذا اقتضى الأمر ذلك.
في باب تدقيق المعلومات:
· الالتزام بشفافية المصادر ومصداقيتها؛
· الالتزام بقيم الصدق والنزاهة والإنصاف والتوازن وعدم التحيز في كل مراحل التدقيق، والامتناع عـن نشر تقارير التحقـق ما لم يتم التوصل إلى الحقيقة القطعية؛
· مدقق المعلومات ليـس معصومًا مــن الخطأ، ولكن يجب عليه تصحيحه فور حدوثه والاعتذار عنه وحذف التقرير الذي تضمن الخطأ؛
· الامتناع عـن تدقيق المعطيات الشخصية وتفاصيل حياة الأشخاص الخاصة والآراء والأفكار والمعتقدات والتوقعات المستقبلية؛
· احترام الالتزامات الواردة في مدونة مبادئ الشبكة الدولية لتقصي الحقائق؛
· الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتاحة للحصول على نتائج تحقق أكثر دقة وشفافية؛
· الاطلاع المستمر على الأدلة والتجارب الجديدة في مجال تدقيق المعلومات.
ويقدم الدليل تعريفاً بأبرز المنصات والتجارب التونسية لمواجهة الأخبار الزائفة، منها: منصة تونس تتحرى، منصة تونس تشاك نيوز، ايتشاك.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة وكالة أولويب.