تعرفوا إلى واقع حرية الصحافة في المغرب

Aug 2, 2022 em حرية الصحافة
صورة من التدريب

تحظى المطالبة بتوسيع دائرة حرية الصحافة في المغرب بالأولوية لدى الفاعلين في المجال الإعلامي بالبلد الذي يعتبر بوابة أفريقيا نحو أوروبا، والذي تنظر إليه بعض المنظمات العالمية على أنه يعمل على خنق مساحة حرية التعبير رغم محدوديتها، وذلك ما تترجمه التصنيفات العالمية، إذ أنّ المغرب احتلّ المرتبة الـ135 عالميًا في "حرية الصحافة"، بحسب تقرير "مراسلون بلا حدود" لسنة 2022، بعدما صُنف بالمرتبة 136 قبل عام.

ويعاني قطاع الصحافة في المغرب من مشاكل هيكلية تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على قوة المقاولات الصحفية، وعلى ظروف العاملين فيها، حيث أنّ هذه الأزمة زادت حدتها وتفاقمت خلال تفشي جائحة كوفيد 19، الأمر الذي أدّى إلى إغلاق عدد من الجرائد وتسريح العشرات من الصحفيين، الذين أصبحوا بدون عمل. هذا الوضع بحسب الفاعلين في القطاع، يؤثر بشكل كبير على واقع الصحافة واستقلالية المؤسسات الاعلامية، ما أصبح يهدّد بشكل كبير مستقبل الصحافة المستقلة بالبلاد.

متابعة الصحفيين بموجب القانون الجنائي

يرى رئيس المنتدى المغربي للصحفيين الشباب سامي المودني أنّ المغرب حقّق "تقدمًا على مستوى القوانين المؤطرة للصحافة والنشر، التي تضمّنت عددًا من المقتضيات الإيجابية، من قبيل النصّ على الحماية القضائية والاجتماعية للصحفيين، وحماية مصادر الخبر، وحماية الصحفيين من الاعتداءات، وكذلك أنّ منع ومصادرة الصحف أصبح بيد القضاء وليس بقرار إداري".

ويضيف المودني في حديثٍ لشبكة الصحفيين الدوليين: "في المقابل ما يثير القلق هو استمرار متابعة الصحفيين بموجب القانون الجنائي في قضايا النشر الذي يعدّ من ضمن أهم الإشكاليات المطروحة التي تؤثر على حرية الرأي والتعبير في المغرب". 

وفي هذا السياق، يقول المودني: "رغم المطالب المرفوعة من الحركة الحقوقية والمهنيين في قطاع الإعلام، إلا أننا نجد إصرارًا على عدم الاقتصار على مدونة الصحافة والنشر في متابعة الصحفيين في قضايا النشر. وهذا ما يتضح من خلال عدة مؤشرات، من بينها أن المغرب تلقى 8 توصيات لها علاقة بحرية الرأي والتعبير خلال الاستعراض الدولي الشامل عام 2017، قبل منها 5 توصيات، ورفض بشكل كلي 3 توصيات تطالب بعدم متابعة الصحفيين بموجب القانون الجنائي في قضايا النشر".  

 الحرية.. مطلب متجدد

وأصدر المنتدى المغربي للصحفيين الشباب العام الماضي، كتابًا حول حرية الرأي والتعبير بالمغرب، وذلك بعد مرور عشر سنوات على دخول الدستور المغربي حيز التنفيذ. ونصّت أحكام الفصل 28 منه على حرية الصحافة والحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء بكل حرية، وجعلت وضع القواعد القانونية والأخلاقية من صميم التنظيم الذاتي للمهنة.

ويؤكد سامي المودني أنّ المنتدى يطالب من خلال التقرير الذي أصدره بضرورة:

  •  تعديل مدونة الصحافة والنشر حتى تتلاءم مع المعايير الدولية، لا سيما في الشق المتعلق بعدم متابعة الصحفيين بموجب القانون الجنائي في القضايا المتعلقة بالنشر.
  • إحداث آلية وطنية مستقلة لحماية الصحفيين؛ ووضع إطار قانوني يؤطر عمل الإذاعات الجمعوية بالمغرب.
  • تعزيز دور الإعلام العمومي لكي يلعب دوره كاملًا في الإخبار والتثقيف ومدّ المواطن بالمعلومات التي يمكن أن تساهم في تشكيل رأيه بخصوص القضايا الجارية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.  

ويضيف أنّ "المدخل الرئيسي لهذه الإصلاحات تتجلى في فتح حوار وطني يشارك فيه متدخلون من مختلف القطاعات حول قضايا وإشكاليات متعلقة بعلاقة الإعلام بالدولة، الإعلام بالمجتمع، الإعلام والفاعلين الآخرين من مؤسسات اقتصادية وجمعيات حقوقية، بالإضافة إلى الإشكاليات المتعلقة بأخلاقيات مهنة الصحافة".

ويجيب المودني على سؤال "هل المغرب يحترم حرية الصحافة والتعبير؟"  بالقول: "لا أعتقد أنه يمكن الإجابة عن هذا السؤال بنعم أو لا، هناك مكتسبات محققة لا يمكن أن ننكرها ويجب علينا تحصينها وترصيدها، وهناك تحديات عديدة أيضًا".

صورة

صورة من نشاط خاص بالمنتدى المغربي للصحفيين الشباب

قانون الحق في الحصول على المعلومة

ومن التوصيات التي قدمها تقرير المنتدى، هي المطالبة بتغيير القانون رقم 13.31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة من خلال إحداث آلية لحصول الصحفيين على المعلومات، حتى لا تصبح معه الآجال والمدد المحددة في مقتضياته عقبة حقيقية أمام حقهم في الحصول على المعلومة.

وفي هذا الإطار، يؤكد الدكتور عبد الرحمن علال، الباحث الرئيسي في التقرير الذي أصدره المنتدى، أنّ "القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، يكتسي أهمية قصوى في النسق التشريعي المغربي، حيث يأتي ترجمة للالتزام دستوري في الفصل 27 منه، وبالتالي ينظر إليه بكونه مكتسب حقوقي يتعين تعزيزه". ويضيف في مقابلة مع شبكة الصحفيين الدوليين قائلًا: "غير أنّ هذا القانون يمكن إجمال نواقصه في مستويين اثنين: المستوى الأول، يتعلق بكثرة الاستثناءات الواردة فيه، وهو أمر يحد من إمكانية تطبيقه، فضلًا عن طول الٱجال المحددة للرد على طلبات الحصول على المعلومات، خصوصًا إذا تعلق الأمر بصحفي محكوم بإكراه زمني في إعداد المادة الصحفية".

وطالب التقرير بتأهيل القطاع الإعلامي ليقوم بدوره التنويري كاملًا في المجتمع، والدفع به نحو تقديم خدمة عمومية تستجيب بشكل أكبر لحاجيات الممارسة الديمقراطية، وتعزز قيم التعددية، وتحدّ من مختلف أشكال التسيب وخرق أخلاقيات المهنة، بالإضافة إلى ملء الفراغ التشريعي بخصوص المحتوى الرائج عبر الوسائط الرقمية الجديدة، عبر التخفيف من صرامة التقنين، مقابل تشجيع وتقوية التقنين الذاتي والتقنين المشترك، وتحويل المنصات الرقمية إلى مصدر لتقوية وتعزيز المشهد الإعلامي.

الصورتان المرفقتان من نشاط خاص بالمنتدى المغربي للصحفيين الشباب وقد حصلت شبكة الصحفيين الدوليين على إذن بنشرهما.