ألف باء تجنّب الأخطاء الصحفية والوقاية من المساءلة القانونية

por عمرو قنديل
Oct 30, 2018 em السلامة الرقمية والجسدية

إشتعلت الأجواء الصحفية في مصر في شهر آب/ أغسطس الفائت إثر وشاية مصورة صحفية بجريدة اليوم السابع بزميلٍ لها بجريدة التحرير لأجهزة الأمن. إدعت المصورة الصحفية أن زميلها ينتمي لإحدى الجماعات المحظورة وذلك أثناء تغطية أحد الأحداث، الأمر الذي أدى فيما بعد لمنعها من دخول نقابة الصحفيين وشطبها من لجنة القيد نظراً للخطأ الأخلاقي الذي قامت به.

أجرت شبكة الصحفيين الدوليين حوارًا مع الخبير الإعلامي ياسر الزيات ليحدثنا عن الأخطاء المهنية التي وقعت بها مصورة جريدة اليوم السابع، وكبوات أخرى قد يغفل عنها البعض؛ كما سيحدثنا طارق بلتاجي المحامِ المتخصص بالقضايا الحقوقية والصحفيين عن الخطوات المتبعة للحماية عند الإحتكاك بالعناصر الأمنية أو التعرض للمساءلة القانونية.

ويشرح الزيات لنا حول هذا الموضوع، بقوله "إذا ثبتت صحة الفعل المنسوب إلى الزميلة مصورة اليوم السابع، فهذا يعتبر جرماً في حق تقاليد المهنة وأعرافها، وللأسف لا يوجد ما ينظم العلاقات بين الزملاء إلاّ التقاليد النقابية، التي تفرض على كل زميل إحترام زميله، وعدم إيقاع الضرر به، وهو ما انتهكته الزميلة المصورة".

ويضيف الخبير الإعلامي في موضوع أخلاقيات الصحافة، بكونها لا تنظم العلاقة بين الزملاء، ولكنها تنظم العلاقة بين الصحفيين والصحف من جانب، والقراء من جانب آخر، بهدف الوصول إلى صحافة جيدة/ ملتزمة، يستحقها قارئ الصحيفة أو متلقي الوسيلة الإعلامية، مقابل ما يدفع.

يجب الإشارة هنا إلى أن ميثاق الشرف الصحفي الصادر عن المجلس الأعلى للصحافة عام 1998، يتضمن المادة رقم (13) والتي تنص على امتناع الصحفيين في علاقتهم المهنية عن كافة أشكال التجريح الشخصي والإساءة سواءً كانت مادية أو معنوية بما في ذلك استغلال السلطة والنفوذ في إهدار الحقوق الثابتة لزملائهم أو مخالفة الضمير المهني، وهي المادة التي خالفتها الصحفية المذكورة.

تتمثل بعض الأخطاء التي وقعت بها صحفية اليوم السابع في:

1- تجردها من المهنية وأخلاقيات الصحافة

2- الوشاية بأحد الزملاء والإضرار به

3- التعاون مع الجهات الأمنية كمواطنة وليست كصحفية

4- اللجوء لطرق غير مهنية للحصول على السبق الصحفي

5- الاقتراب أكثر مما ينبغي من المصادر

6- الحكم واتهام الغير بدون دلائل

وتتراوح العقوبات لمخالفة هذا الميثاق بين الإنذار والغرامة ومنع الصحفي من مزاولة المهنة لفترة لا تتجاوز عام واحد إلى الشطب نهائيًا من جدول النقابة. وقد منعت نقابة الصحفيين المصرية صحفية اليوم السابع من دخول المؤسسة حتى تأخذ لجنة التحقيق قرارها النهائي بعد إفادة الموقع التابعة له.

ومن ناحية أخرى، يقول طارق بلتاجي محامي بالنقض أنه يجب ببداية الأمر التفريق بين الصحفي والمواطن، فالأول يكون ملتزم بعدة معايير مهنية وأخلاقية ويتجرد من أي ميول ذاتية، أما الثاني فيكون مشاركًا بكل كيانه ومنخرطًا بقلب الحدث.

وبناءً عليه، يشير بلتاجي إلى عدة خطوات يجب على الصحفيين اتباعها عند تغطيتهم أحداث سياسية مثل المظاهرات والمحاكمات والاحتكاك مع الجهات الأمنية بصفة عامة، وتتمثل في:

1- أن يحصل الصحفي ويكون بحوذته تكليف من الجريدة التي يعمل بها تفيد بتخويله إتمام مهمة تغطية هذا الحدث، سواء كان التكليف ورقي، أو عبر البريد الإلكتروني أو رسالة نصية على الهاتف.

2- أن يكون حاملًا لـ "كارنيه" أو البطلقة الصحفية من نقابة الصحفيين، أو المؤسسة التي يعمل بها.

3- ألا يخلط بين دوره كصحفي وكمواطن عادي وعدم الإنخراط في الأحداث والتفاعل معها أو المشاركة فيها.

4- إتباع الخطوات الإرشادية للسلامة المهنية، وأبرزها تغطية الأحداث من مسافة تسهل عملية خروجه أثناء الاشتباكات أو التعامل الأمني.

5- إعلام الجهات المنوطة بالدفاع عن الصحفي قبيل توجهه إلى الحدث إن كان هناك من ضرورة، كما الاتصال الفوري بهذه الجهات المنوطة بالدفاع عنه وحمايته بمثل تلك المواقف وتتمثل في:

  • المؤسسة التي يعمل بها
  • نقابة الصحفيين وممثليها
  • المجلس الأعلى للصحافة
  • المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة
  • المحامِ الخاص به، ومن حقه ألا تتفوه بأي أقوال إلا بوجوده
  • ألا يحاول الإحتكاك مع رجال الأمن أو التقاط صور لهم بدون علمهم والوقوع في مشادات معهم
  • أن يتبع الإرشادات الأمنية التي سيملونها عليه لضمان عدم ضياع حقه
  • إذا كان هنالك مادة إعلامية على كاميرته تدينه يقوم بحذفها فورًا، والعكس إذا كانت تبرئه
  • بالنهاية يجب ألا يتعاون مع رجال الأمن أو مع الطرف الآخر، لأنه صحفي مجردًا من الميول والإنحياذات الفردية ولايجب أن يكون جزءًا من الحدث.

ويلفت "بلتاجي" إلى أن أكبر الأخطاء التي يقع بها الصحفيين أثناء تغطية الأحداث هو التفاعل والانخراط بالحدث والتجرد من حلتهم الصحفية.

وينصح "بلتاجي" الصحفيين بضرورة الالتزام بالمهنية والحيادية، فهي السلاح الذهبي للخروج الآمن من المساءلة القانونية. وبالنهاية، يجب على الصحفي أن يكون موضوعيًا محايدًا متجردًا من الذات عند أداء واجبه كصحفي. بالمفهوم العام، يجب ألا يقترب الصحفي من المصادر ويصادقهم وألا يكون متعاون كمخبرًا لأجهزة الأمن كما يطلق عليه زملاء المهنة "صحفي الأمن". لكن بنفس الوقت، يجب أن يوطّد علاقته بمصادره أيًا كانت بشكل ودّي محافظًا على مهنيته.

من المهم أيضاً، أن يحسّن الصحفي علاقته بزملائه حتى بالجرائد والمؤسسات الإعلامية المنافسة، فهم دائماً عونه بالأحداث والذراع التي سيتكىء عليها عند سقوطه في الإشتباكات.

احرصوا على الإلتزام بميثاق الشرف الأخلاقي للمهنة، حتى وإن لم يكن إلزاميًا ولايفرض عقوبات أو غرامات على الصحفيين، ولكنه سيكون طوق النجاة للخروج من الأزمات المشابهة.

الصورة بعدسة حسام زيدان.

يمكنكم متابعة عمرو قنديل عبر حسابه على تويتر 3mrkandil@.