صعوبات وتحديات الصحافة الالكترونية... موقع إذاعة "الديوان" نموذجاً

por عبّاس المسدّي
Oct 30, 2018 em الصحافة الرقمية

سعياً منها لتحقيق مواءمة حقيقية بين حاجات الإنسان ومتطلبات الزمن الرقمي، وحتى يغدو الخبر بعد لحظات من حدوثه وجبة خبرية سريعة تتناغم مع سمة العصر، أطلقت شركة الديوان للإنتاج السمعي البصري سنة 2013 موقعها الالكتروني تمهيداً لخوض غمار تجربة البث الإذاعي على الآف آم في أواخر سنة 2015.

لم يكن أيضاً من اليسير عليها ولا الهيّن ضمان الاستمرارية والتقيّد بضوابط المهنية والحرفية أمام الكمّ الهائل من التحدّيات والصّعوبات التي يواجهها الموقع كغيره من السابحين في بحر هذا النشاط الإعلامي الحديث، فما هي الصعوبات والتحديات المادية والموضوعية التي يواجهها قسم أخبار الواب بإذاعة الديوان؟ وماهي الحلول الكفيلة لتجاوزها؟

إذاعة الديوان: السرعة والمصداقية في تبليغ الرسالة الاعلامية

من منطلق حرصها على نقل الخبر متعدّد الأشكال نصّاً وصوتاً وصورة، لحظة بلحظة وبأكبر قدر ممكن من السرعة، واجه قسم أخبار الواب في إذاعة "الديوان" العديد من التحديات والصعوبات التي يمكن تصنيفها كالاتي:

1. تحديات موضوعية:

تتمثل هذه التّحدّيات أساساً في:

أوّلاً، في التّأخير في تنزيل الفيديوهات والتسجيلات الصّوتية، حيث يقوم الصحفي في مرحلة أولى بتحديد المقاطع المرئية أو الصوتية التي سيتم تنزيلها، ومن ثمّ ينتقل إلى الجزء الثاني من العمل على المادة المزمع نشرها إلى تقنيي قسم الواب المكلفين بالمونتاج والإخراج، وبعد إتمام التقني لعمله يقوم بدوره بإعادة المادة الإعلامية إلى الصحفي للاطلاع عليها والموافقة على تنزيلها، وهو ما يتطلب وقتاً قد يطول أمده بين ساعة وقوع الحدث وتنزيله على الموقع صوتاً وصورة.

ثانياً، في التعامل مع مشاكل تعديل محتوى المادة الإعلامية بعد تنزيلها على الموقع، حيث ما إن يتفطّن الصحفي إلى وجود خطأ لغوي أو منهجي في المقال، يقوم بإشعار تقنيي قسم الواب المكلفين بتنزيل الأخبار ومطالبتهم بتصويب الخطأ، وهو ما يمثل تعطيلاً لعمل التقنيين بالإضافة إلى ملاقاتهم لصعوبة في تغيير عناوين المقالات بعد تنزيلها إذ لا يمكن تصويب العنوان على موقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يقتضي في بعض الأحيان سحب المقال برمته وإعادة تنزيله من جديد وكله منوط بسرعة اكتشاف الخطأ في الخبر.

ثالثاً، إن انغماس التقنيين في إخراج مادة إعلامية مصورة يلهيهم عن تنزيل الأخبار لوقت قد يطول أمده.

رابعاً، في صعوبة التوفيق بين البث على موجات الآف آم وتوفير المنتوج الالكتروني المطلوب نظراً لضيق الوقت. فانغماس صحفيي قسم الأخبار في متابعة الأحداث وتحرير المواجيز المقدّمة على الأثير يلهيهم عن متابعة محتوى البرامج الإذاعية وتنزيل مقتطفات من أهم الحوارات التي يتم بثها.

خامساً، في انخفاض عدد متابعي الصفحات الخاصة للإذاعة عبر مواقع التواصل الاجتماعية ما يحدّ من انتشار الأخبار إلى المهتمين بها وعلى أوسع نطاق ممكن.

وأخيراً، في غياب بناء هيئات تحريرية كاملة ومتكاملة تضمن العمل بشكل جماعي ومتناغم بين كل الأقسام وتبتعد بالموقع عن كل أساليب العمل الفردية والعشوائية.

2. التحديات والصعوبات المادية التي يواجهها القسم:

بالإضافة إلى التّحدّيّات الموضوعيّة يواجه قسم الواب بإذاعة الدّيوان تحدّيّات مادّيّة نذكر منها بالأساس:

-وجود فجوة في الإمكانات المادية للموقع وغيره مقارنة ببقية المؤسسات العربية والعالمية التي توجهت نحو الصحافة الالكترونية الناطقة باللغة العربية إلى الجمهور العربي.

-غياب العائد المالي المطلوب لإدارة الموقع الالكتروني مع الالتزام بقيود المهنية والشّفافيّة والموضوعية الضرورية.

-إرتفاع تكلفة المنتوج الإلكتروني المقدم.

-تراجع ثقة الشركات التجارية في إمكانية الإعلان على المواقع الإخبارية وفرص نجاحها،

وحتى وإن قامت بذلك فإنها تدفع مبالغ ضئيلة لإعلانات تظل تؤثر سلباً على الموقع حيث تبطئ من سرعة تصفحه.

الحلول:

لعلّ من أبرز الحلول التي ارتأتها إدارة تحرير إذاعة الديوان بالتعاون مع إدارة قسم الواب لتجاوز التحديات والصعوبات هي:

-انتداب صحفيين قارين مكلفين بمتابعة محتوى البرامج والحوارات التي تبثها الإذاعة على الأثير مع تنزيل أهم ما جاء فيها من تصريحات وأخبار.

-العمل على الرفع من مستوى كفاءة الصحفيين وإخضاعهم لدورات تدريبية في التصوير والمونتاج وتعريفهم بكل مراحل تنزيل الخبر على الموقع، حتى يصبح الصحفي قادراً على صياغة الخبر وتنزيله بأسرع وقت ممكن.

-العمل على انتداب المتخصصين في المجال الالكتروني من صحفيين ومصورين ومسوّقين.

-تنظيم جلسات تحفيزية للعاملين سواء من الصحفيين أو التقنيين لتذكيرهم بالتحديات التي يواجهها الموقع وضبط خطة عمل جماعية قصد توحيد الجهود والوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة عن طريق العمل الجماعي.

-العمل قدر الإمكان على توفير الإمكانيات المادية والّلوجستية الضرورية لإنجاح عمل الموقع.

-السعي الحثيث إلى التسويق للموقع وضمان انتشاره مع الإلتزام الكلي بضوابط المنافسة الشريفة والنزيهة وقواعد العمل الصحفي المهني والاحترافي.

ختاماً، يظلّ الحلّ الأنجع الذي ارتأته إدارة إذاعة الديوان لتجاوز الصعوبات والتحديات التي يواجهها الموقع هو الإنفتاح على المؤسسات العريقة العاملة في المجال عموماً، والاستفادة من مشروع التدريب الذي تحظى به من شبكة الصحفيين الدوليين على وجه الخصوص، لما في ذلك من انعكاس إيجابي على قدرات الفريق العامل ومهاراته وعلى أداء الموقع ومردوديته في ذات الوقت.

عباس المسدّي من تونس، هو أحد المشاركين في برنامج مركز التوجيه بدورته الثانية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين بنسختها العربية بهدف تطوير مشروعه الإعلامي من ضمن مشاريع أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الصور من إذاعة الديوان.