تشكو الإعلاميات اليمنيات من التمييز وعدم التمكين في مواقع صنع القرار بقطاع الإعلام الذي يسيطر عليه الذكور.
وقالت المذيعة في إذاعة صنعاء سامية العنسي إن الإعلامية اليمنية حرمت من حقوقها المادية وسلبت مكانتها القيادية والإدارية واليوم تحرم من حقوقها الأدبية والمادية والثقافية، حيث صارت خارج المحتوى الفكري والثقافي والمعرفي الذي يمكنها من إدراك دورها الحقيقي في تشكيل الرسالة الإعلامية الهادفة والجادة بدلاً من استثمارها فقط في كثير من المواد الإعلانية والتجارية.
وتضيف العنسي في ندوة حول واقع الإعلاميات نظمتها إذاعة "يمن تايمز" بصنعاء أن الإعلامية تشكو من دعم الجهات الإعلامية للنساء والدفع بهن في اتجاه استحقاقاتهن المكتسبة، ناهيك عن تغييب البرامج التي ترتقي بوعي الناس تجاه أهمية دور المرأة في حركة المجتمع وتؤازرها في تجاوز نظرتهم المتحفظة تجاه التحاقها في الإعلام. وانتقدت العنسي التربية الذكورية التي ما زالت تسود الأسرة والمجتمع وتنتقص من مكانة المرأة وقدراتها، ما ساهم في تشكيل مواقف أصحاب القرار المعادية لتمكينها من مواقع قيادية في الإعلام.
تواجد ينقصه التأهيل
من جهتها، تحدثت الدكتورة نوال عبد الله الحزورة الاستاذة المساعدة بقسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة صنعاء عن ازدياد عدد الاعلاميات خلال الخمس السنوات الأخيرة في قطاع الاذاعات المحلية التي انتعشت بعد فتح المجال قانونيا للقطاع الخاص للاستثمار في مجال الإعلام المرئي والمسموع مما ساعد في استقطاب عدد كبير من خريجات كلية الإعلام للعمل، لكنها تقول إن القائمين على هذه الإذاعات استغلوهن بأجور متدنية، أو مقابل توفير معلنين من دون الاهتمام بمؤهلاتهن وتأهيلهن، ما أدى إلى تدني الرسالة الإعلامية.
وتفيد الحزورة أن المرأة حصلت على بعض المناصب في مختلف وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، لكنها نسبة ضئيلة واقل بكثير مما تستحق، حيث استطاع عدد محدود منهن الوصول لمواقع صنع القرار وقمة الهرم الوظيفي في وزارة الإعلام (منصب وزير إعلام) وكان ذلك في ظروف وأسباب استثنائية حيث لم يستمرين في مناصبهن لفترة طويلة وتم استبعادهن لصالح الرجال.
فجوة وتمييز
وتشير إلى أن عدد الصحفيات المنضويات في نقابة الصحفيين اليمنيين لا يتجاوز 170 صحفية من بين 1500 صحفي اي بنسبة لا تزيد عن 11% من المنتسبين للنقابة، ناهيك أن تمثيل النساء في مجلس النقابة لا يتعدى عضوة واحدة ، وتوضح هذه الارقام فجوة وخللاً كبيرًا في العمل النقابي الإعلامي.
وترى أستاذة الإعلام في ورقة قدمتها في الندوة ان هذه الفجوة تعود في جانب كبير منها الى التمييز الذي تتعرض له الاعلاميات، ملقية بجزء من المسؤولية على الإعلاميات اللواتي لا يعين حقوقهن.
وأشارت الحزورة إلى دراسة سابقة اجراها منتدى الاعلاميات تفيد ان نسبة تمثيل الإناث في قوة العمل في المؤسسات الإعلامية بلغ حوالي (%32) مقابل ( %76) للذكور، ويتركز عملهن في مجالات التقديم وتحرير المادة الاعلامية.
وقالت إنه رغم محدودية التواجد النسائي في الإعلام الا أن النسبة تراجعت بعد تأزم الاوضاع في 2014 واندلاع الحرب في 2015، حيث وصلت نسبة النساء العاملات الى اقل من 20% مقارنة بالرجال والذين يشكلون نسبة 80% حيث تعمل 60% منهن في مجال الاعلام المرئي والمسموع، 40 % في مجال الصحافة المكتوبة، ويتركزن في مؤسسات تابعة للحكومة وتطبق سياستها الإعلامية.
وترى أن انعدام الامن وتزايد اعمال القتال المسلح، وتدهور الاوضاع الاقتصادية بسبب انقطاع الرواتب، وارتفاع الاسعار أدت إلى توقف كثير من الإعلاميات عن العمل خصوصا بعد إغلاق العشرات من المؤسسات. وتضيف ان الوضع الامني يشكل خطورة على النساء في الوظيفة العامة الا أن الامر يبدو اسوء مع الصحفيات اللواتي يتعاطين مع الشأن السياسي والعسكري.
وقالت إن فرص المرأة في تملك وسائل إعلامية كانت اقل حظا ومحددة في جوانب معينة كشركات الإنتاج والإعلانات كون الظروف الاستثمارية في مجال الإعلام لم تكن مشجعة.
حرمان وانعدام الأمان
وتورد الدكتورة الحزورة جملة من المعوقات المتراكمة التي تعيق عمل المرأة في الإعلام بدءًا من التمييز الذي تفرضه الثقافة الذكورية المجتمعية ضد الإعلامية في التعيين والحصول على فرص التدريب وانتهاء بحرمانها من الوصول لمراكز القرار والمناصب العليا وفقا لمعيار الخبرة والكفاءة والاستحقاق، وتأطيرها في مجالات محددة كنوافذ المرأة والحياة الاجتماعية.
وترى أن أهم التحديات التي تواجه الإعلامية اليمنية خلال فترة الحرب تتمثل بانعدام الأمن الذي تسبب في وقف كثير من الإعلاميات والمؤسسات الإعلامية عن العمل، ما دفع البعض للتوقف عن العمل الإعلامي كليا والبقاء في البيوت، او البحث عن فرص عمل في مجالات اخرى، أو الهجرة خارج البلاد، ما حرم الوسط الإعلامي الوطني من الكثير من الكفاءات الإعلامية.
واضافت أن انقطاع المرتبات وتدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية لكثير من الاعلاميات، زاد من الضغوط التي تتعرض لها الاعلامية في اطار تعدد الادوار الاجتماعية المطلوبة منها، ناهيك عن تهميش مساحة الحريات الإعلامية من قبل أطراف الصراع وافتقاد الساحة الإعلامية لمنظمات أو جهات حماية فاعلة.
من جهته، عرض الدكتور في جامعة صنعاء صالح حميد دراسة قام بتنفيذها حول الإعلام النسوي في اليمن اشار فيها إلى أن التوزيع النسبي في قوة العمل تبلغ 91,8% للرجال و 8,2% للنساء، وأنّ المسميات الوظيفية في الوسائل الاعلامية تركزت في مهنة المحررين وكانت نسبة النساء 33% مقابل 20% للذكور، تليها مهنة مدير ادارة وكانت نسبة الاناث 19% مقابل 17% للذكور وهذه تسمى بالوظائف الوسطى فيما لم نجد تمثيل للنساء في الوظائف العليا (رئيس مجلس ادارة – وكيل وزارة – رئيس قطاع) وهذه النتائج تؤكد ان القيادات العليا حكر على الذكور دون الاناث.
ويضيف حميد ان المستويات الوظيفية التي تعمل فيها النساء داخل المؤسسات الإعلامية تندرج في مستوى الإدارة الوسطى بنسبة 60% كما تتواجد النساء بنسبة 33% في مستوى الادارة الدنيا فيما يتواجد الذكور بنسبة 21% في مستوى الادارة العليا مقابل 6% من اجمالي عينة الدراسة للنساء وهذه النتائج تؤكد سيطرة الذكور على المناصب القيادية العليا.
وحول العوائق أمام تمكين الإعلاميات يقول حميد أن العادات والتقاليد غير المشجعة كانت في المرتبة الأولى بنسبة 32% تليها سيطرة الذكور على العمل في تلك الوسائل الاعلامية بنسبة 21%، ثم الالتزامات الأسرية بنسبة 17% ،إضافة إلى عدم الثقة بالقيادات النسائية من قبل الذكور بنسبة 13%.
من جانبها، تحدثت الصحافية وداد البدوي عن اهمية وسائل الإعلام الحديثة كمنصات جديدة لعمل المرأة فيها لما توفر فيها من قدرة على النشر والتفاعل مع الاخرين من دون حواجز أو عوائق كما كانت في السابق، مشددة على ضرورة ان تهتم الصحفيات بالمحتوى وأن لا تقف فقط أمام الانترنت وشاشات الكمبيوترات والتلفونات بقدر النزول للشارع والاستماع للناس، مشددة على أهمية أن تقوم الصحفيات بدور مهني يفرق بين دور الصحفي المحترف والمواطن الصحفي.
الصورة الرئيسية من الندوة حول واقع الإعلاميات نظمتها إذاعة "يمن تايمز"