تأثير كورونا على الحقوق الرقمية وإرشادات لضبط الرقابة الحكومية

13 sept 2020 dans موضوعات متخصصة
 الحقوق الرقمية

أبرزت جائحة كورونا الانتهاكات الرقمية بصورةٍ جليّة عن ذي قبل، وكذلك الوباء المعلوماتي كما أطلقت عليها منظمة الصحة العالمية حديثاً، وواحدةً من أهم أدوات هذه الانتهاكات هي استغلال الخوف من الفايروس عند الناس واختراق أجهزتهم باسم كوفيد 19، وكذلك متابعة تحركات المرضى المصابين بالفايروس من قبل الحكومات.

تحديات الحقوق الرقمية فلسطينياً

في هذا السياق، قابلت شبكة الصحفيين الدوليين الباحث القانوني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان محمد أبو هاشم، الذي أكد أن الحقوق الرقمية في فلسطين لم تتأثر كثيراً مع أزمة كورونا، حيث لفلسطين ظروف خاصة بها، من صراع، وانقسام داخلي لأكثر من 14عاماً، ووجود انتهاك للحقوق الرقمية عبر منع حرية التعبير وانتقاد السلطات على المنصات الرقمية، وملاحقة كل من يقوم بذلك سواء أكان ناشطًا أم صحفيًا أم مواطنًا عاديًا.

وأوضح أبو هاشم أن تحديات الحقوق الرقمية للمستخدمين تشمل تمديد الاعتقال لأكثر من مرة على خلفية حرية التعبير؛ ككتابة منشور على السوشيال ميديا، وعدم إبراز إذن النيابة العامة عند الاعتقال، وفي حال طلب الشخص المعتقل هذا الإذن يتم الإعتداء عليه.

القوانين المطبقة في فلسطين هي  سبب من أسباب التجاوزات الخاصة بالحقوق الرقمية للأفراد، وهي من جهة أخرى بحدِّ ذاتها تُعدَّ واحداً من المنتهكين لها، يرجع ذلك لإساءة استخدام القانون، وعدم وجود نص قانوني واضح وصريح ومحدد، فهو فضفاض تحتمل قراءته العديد من الوجوه والاحتمالات من قبل الحكومات، بحسب أبو هاشم، ويضرب مثالاً لهذا قانون العقوبات 1936، وقانون إثارة النعرات الطائفية 1960، وقانون الجرائم الإلكترونية 2017 وتم تعديل 80% منه 2018.

كيفية مواجهة الانتهاكات الرقمية

يجد الباحث القانوني أبو هاشم أنه لمواجهة تلك الانتهاكات، علينا دعم ممارسة المزيد من حرية التعبير لجميع أفراد المجتمع، وخصوصا الصحفيين والإعلاميين لدورهم الفاعل في إثارة القضايا المجتمعية للصالح العام، ودعم حملات الضغط والمناصرة، والأهم من كل هذا احترام سيادة القانون، توحيد القوانين وتعديلها بما يضمن إرساء مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان والعدل والحرية.

وتنطوي العديد من المخاطر على انتهاك الحقوق الرقمية، حيث يُؤكد أبو هاشم أن الحرية العامة وحرية الصحافة هي حجر أساس في بناء المجتمعات على أُسس سليمة، فاستمرار الانتهاكات بحق الأفراد وردعهم بالخوف من الاعتقال والتهديدات التي تمس بكرامة الإنسان؛ ستؤدي لزيادة قوة المنتهكين وبالتالي انهيار النسيج المجتمعي وارتفاع معدل الجرائم والفساد.

واقع الحقوق الرقمية في الدول العربية

لا يختلف الأمر في فلسطين عنه في الدول العربية الأخرى، في ويبينار أقامه مركز حملة، يقول الدكتور أيمن الزغدودي من تونس، وهو أستاذ مساعد في القانون العام بجامعة قرطاج ومستشار قانوني لفرع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة المادة 19: "صدر الكثير من الأحكام والقوانين في الدول العربية خلال أزمة كورونا والتي تهدف لتقييد الحق في حرية التعبير والحق في حرية الصحافة والإعلام وفي الحق للولوج للمعلومات، مثلاً: في المغرب وتونس يقع تجريم كل من يقوم بنشر الأخبار الكاذبة وغير الصحيحة من دون مراعاة الفرق بينهما بين من يقصد نشر أخبار مضللة وبين أن يخطئ الصحفي _الذي راعى جميع أخلاقيات مهنته_ في خبر ما مرتكزاً على مصادر معلومات غير صحيحة بدون قصد منه. يوجد للخبر المضلل  ثلاثة أركان يجب مراعاتها قبل إصدار العقوبة بحق الناشر وهي: أولاً: التعمد، وثانياً: صناعة الشخص نفسه ومن فبركته، ثالثاً: هو الإضرار بالمصلحة العامة".

وفي السياق نفسه، يقول الأستاذ رامي رستم منسق البرامج بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، من مصر: "يتم استخدام الحبس الاحتياطي المطول كعقوبة ضد المعارضين في الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، وهذا بدوره أنتج وجود أعداد هائلة من السجناء في السجون المصرية، حيث يُقدَّر عدد السجناء السياسيين حوالي 60 ألف سجين، فيما يتراوح عدد سجناء الرأي ما بين 20 و25 ألف سجين".

دور شركات منصات التواصل الاجتماعي والحكومات

من جهته، يقول نديم الناشف مدير مركز حملة_المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي: "لم تقم شركات مواقع التواصل الاجتماعي بإجراءات حماية سوى محاربتها للأخبار الكاذبة والمضللة، وللأسف تتواطأ بعض الشركات مع الحكومات وسياساتهم ولا تقوم بدورها في حماية بيانات المستخدمين وخصوصياتهم".

ويتابع: " بالنسبة للحكومات يفترض أن يكون دورها حماية المواطنين ولكن في الواقع ما نشهده عكس ذلك تماما، حيث قامت أغلب الحكومات بأخذ الشرعية من خوف الناس على صحتهم، ومنه شرعنت اختراقات وانتهاكات لخصوصيتهم لا سيما في الدول ذات الأنظمة القمعية، حيث طرحت تطبيقات وبرامج رقابية وترصد وتجسس، وكل ما تفعله الحكومات بهذه البرامج والتطبيقات إنما استغلال لأزمة كورونا لفرض سيطرتها على المواطنين والرقابة عليهم".

إرشادات لرقابة الحكومة الرقمية على المواطنين

في بيان مشترك للمجتمع المدني والذي ينص على أن تكون تقنيات المراقبة الرقمية متوازية وحقوق الإنسان، ولمراقبة الحكومات للتعامل مع أزمة كوفيد_19، هناك شروط عدّة:

  1. يجب أن تكون تدابير المراقبة المعتمدة للتصدي للوباء مشروعة، وضرورية، ومتناسبة.
  2. إذا ما قررت الحكومات أن توسع صلاحيات المراقبة والتتبع، فلا بد أن تكون هذه الصلاحيات محددة زمنيا.
  3. على الدول أن تكفل أن الزيادة في جمع البيانات الشخصية والاحتفاظ بها، وتكديسها، بما في ذلك البيانات الصحية، ستُستخدم فقط لأغراض مكافحة وباء (كوفيد-19).
  4. يجب أن تبذل الحكومات قصارى جهدها لحماية بيانات الأشخاص، بما في ذلك ضمان الأمان الكافي لأي بيانات شخصية يتم جمعها، وأي أجهزة أو تطبيقات، أو شبكات، أو خدمات تشارك في جمع البيانات ونقلها ومعالجتها وتخزينها.
  5. يجب أن يعالج أي استخدام لتقنيات المراقبة الرقمية الموجهة لمكافحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، بما يشمل أنظمة البيانات الضخمة وأنظمة الذكاء الاصطناعي، المخاطر الناجمة عن أن هذه الأدوات ستسهل التمييز وانتهاكات الحقوق الأخرى ضد الأقليات العرقية والأشخاص الذين يعانون من الفقر، وغيرهم من أبناء المجموعات المهمشة.
  6. إذا ما قررت الحكومات إبرام اتفاقيات حول مشاركة البيانات مع كيانات أخرى من القطاع العام أو الخاص، فيجب أن تستند هذه الاتفاقيات إلى القانون، ويجب الكشف عن وجود هذه الاتفاقيات والمعلومات اللازمة لتقييم تأثيراتها على الخصوصية وحقوق الإنسان.
  7. يجب أن تشتمل أي استجابة للوباء، على حماية المساءلة والضمانات ضد الانتهاكات. ولا ينبغي أن تقع جهود المراقبة المتزايدة المتعلقة بفيروس كورونا ، ضمن نطاق وكالات الأمن أو المخابرات.
  8. يجب أن تتضمن الاستجابات المتعلقة بفيروس كورونا المنطوية على جمع البيانات، وسائل للمشاركة الفعالة والنشطة والهادفة للأطراف المعنية ذات الصلة، ولا سيما الخبراء في قطاع الصحة العامة والمجموعات السكانية الأكثر تهميشا.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش