تتطلب التغطية الصحفية المتخصصة مهارات خاصة من الصحفي وخبرة بالملف أو المصدر الذي يقوم بتغطيته، وتظل تغطية الصحفيين للملف القضائي بكل ما يشمله من تشعب ومصطلحات قانونية، أحد مجالات التغطية الصحفية الحساسة التي تتطلب الدقة في كل كلمة منشورة، وتنطوي على تحديات أهمها، جنوح الأجهزة القضائية للسرية واعتبار أن تداول شؤون المحاكمات والتحقيق القضائي من شأنه التأثير في سير العدالة، الأمر الذي يتقاطع في بعض الأحيان مع حرية الصحافة والحق في النفاذ للمعلومات.
دليل الصحفيين للممارسات الفضلى للتغطية الإعلامية في المجالين القانوني والقضائي الذي أصدره معهد صحافة الحرب و السلام، بالتعاون مع جمعية المحامين و القضاة الأمريكيين، قدم للصحفيين نموذجًا للتعامل الأمثل وتغطية هذا الملف الشائك:
الضوابط المهنية والأخلاقية للتغطية الإعلامية
حدد الدليل 9 ضوابط هي: الموضوعية، الدقّـة، مبدأ التوازن، تنويع المصادر، أخذ مسافة من الاتهامات، احترام الخصوصيّة، تفادي التضخيم، الإلتزام بروح المسؤولية، و مراعاة المصلحة العامة.
مثال عملي للتعامل الصحفي مع حادثة عرضية
الحادثة: منع محامين من الاختلاء بموكليهم.
المصدر: كلمة ألقاها ممثل نقابة المحامين خلال وقفة احتجاجية لهم.
السؤال المطروح: كيف يمكن للصحفي المتابع لهذه الحادثة أو الذي وصله فيديو كلمة ممثل نقابة المحامين أن يتعاطى معها مهنيًا؟
الخطوات المقترحة:
1. تفكيك نص الكلمة واستخراج أهم عناصرها.
2. العودة إلى القانون المتعلق بهذه الحادثة لاستبيان توصيف ما حدث للمحامين قانونًا، وأحكامه ومقتضياته والإجراءات التي ينص عليها، وإعداد المادة المتعلقة بالواقعة أو تعريف مختزل لها.
3. محاولة الإحاطة بمختلف جوانب الموضوع، وعدم الاقتصار على تلك الكلمة.
4. تعدد المصادر من جميع الأطراف بهدف المحافظة على توازن التغطية أو التناول والشرح للوقائع ذات الصلة.
5. الاتصال بأحد المحامين ممن تعرض للتجاوز المذكور لرواية الحادثة بدقة.
الممارسات الفضلى في تغطية الشؤون القضائية ومحاذيرها
1. يسعى الصحفي إلى الكشف عن الحقيقة وتقديمها للجمهور، مع الالتزام بالضوابط المهنية والأخلاقية.
2. يسارع الصحفي إلى تصويب ما قد يرتكبه أحيانا من أخطاء محتملة.
3. يدافع الصحفي عن قيم حقوق الإنسان والحريات الفردية والحق في الاختلاف، واحترام كرامة الذات البشرية،
ومناصرة ضحايا الاضطهاد والانتهاكات بمختلف فئاتهم، دون تهويل أو تهوين.
4. يُميز الصحفي في التغطية الإعلامية بين حقه الإنساني والدستوري في تبني آراء ومواقف فكرية وسياسية معينة، وبين ضرورة التزامه بالمقتضيات المهنية الصارمة للعمل الصحفي.
5. يلتزم الصحفي في عمله باحترام مقتضيات القانون بشكل عام والتشريعات ذات الصلة بممارسة حرية الصحافة والإعلام بشكل خاص.
6. يعتمد الصحفي وسائل مشروعة للنفاذ إلى المعلومات، ويحترم الحريات الشخصية للأفراد.
7. يتعامل الصحفي، في تغطيته للشؤون القضائية، بحياد واستقلالية تامة إزاء كل الأطراف.
8. يحمي الصحفي مصادره ويحافظ على مبدأ سريتها.
9. يحترم الصحفي استقلالية المؤسسة القضائية، وقرارات المحاكم وسرية محاضر التحقيق، وقرينة البراءة، ولا يُطلق توصيفات قانونية إلا بعد صدور الأحكام النهائية بشأنها.
10. يولي الصحفي اهتمامًا خاصًا بالضحايا والفئات الضعيفة والهشّة، ويحرص على حسن الإنصات لهم عند محاورتهم، ولا يلتقط صورًا أو فيديوهات للقصّر، إلا بموافقة عائلاتهم وبشرط خلوها مما يمس كرامتهم.
11. يلتزم الصحفي بتجنب نشر صور أو أسماء الأشخاص المشتبه بضلوعهم في قضايا معينة، خلال مختلف مراحل المحاكمة إعمالاً بالمقتضيات القانونية والمهنية والأخلاقية.
12. يحرص الصحفي على اعتماد الدقة في نقل شهادات من لهم صلة بالقضيّة التي يطرحها، ويمتنع عن إدخال أية تعديلات أو مؤثرات في النصوص أو الصور أو الفيديوهات من شأنها تغيير معانيها ومضامينها الأصلية.
13. يستخدم الصحفي المعلومات التي بحوزته لأغراض صحفية دون سواها، أي أنه يمتنع كليًا عن تحصيل منافع خاصة من ورائها، كما لا يُقدم مقابلاً لمصادره.
14. يسعى الصحفي إلى تطوير القوانين والتشريعات المختلفة في اتجاه ضمان منظومة الحقوق والحريات الفردية.
15. يحترم الصحفي جمهوره ويسعى إلى بناء الثقة معه عبر "صحافة القُرب"، والاهتمام بالقضايا المتناغمة مع أولوياته.
16. تولي وسائل الإعلام اهتمامًا خاصًا بشكاوى الجمهور وملاحظاتهم المتعلقة بالتغطية الصحفية، بهدف الاستفادة منها في توجيه الصحفيين وتطوير الممارسات المهنية.
ما لا يجوز في التغطية الصحفية
1. لا يجوز إتاحة معلومات شخصية-وصلت للصحفي من خلال تحقيقات- للعموم بالشكل الذي يجعل أصحابها قابلين للتعرف.
2. يمنع نقل معلومات عن جرائم الاغتصاب أو التحرش الجنسي ضد القصر بأية وسيلة، متعمدة ذكر اسم الضحية أو تسريب أية معلومات قد تسمح بالتعرف عليها.
3. يمنع بث المواد الإعلامية التي تحتوي ما يسيئ لصورة المرأة أو يكرس للعنف ضدها أو يقلل من خطورته.
4. لا يجوز للصحفي التحريض على ارتكاب الجرائم، أو الإشادة بجرائم الحرب أو جرائم ضدّ الإنسانية أو التعاون مع العدو، أو الدعوة إلى الكراهية، وذلك باستعمال الوسائل العدائية أو العنف أو التمييز العنصري.
5. لا يجوز للصحفي أن ينشر وثائق التحقيق قبل تلاوتها في جلسة علنية.
6. على الصحفي احترام قرينة البراءة والضمانات التي يتمتع بها المشتبه فيهم، وعدم التسرع في إصدار أحكام شخصية توصف المتهمين يكون لها انعكاسات سلبية على
سمعتهم وأسرهم، ويجعلهم منبوذين اجتماعيًا، وهو ما يصعب جبره في حال نالوا البراءة من القضاء.
الصواب والخطأ في التغطية الصحفية للشؤون القضائية (قُلْ - لا تقلْ)
في ما يلي أمثلة عملية تم استقاؤها من عناوين للأخبار أو مقالات صحفية لتقييمها والتعرف على ما يجب للصحفي قوله وما لا يجب:
1- إيقاف تكفيريين بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي.
الصواب: إيقاف شخصين بشبهة الانتماء إلى تنظيم إرهابي.
2-إلقاء القبض على سفاح الأطفال
الصواب: إلقاء القبض على مشتبه فيه بارتكاب جرائم قتل أطفال.
4- عملية شارلي إبدو: جنت على نفسها براقش!
ملاحظة: الرأي حر ويكفله القانون، لكن العنوان يخفي تبريرًا للعملية الإرهابية، وهو ما يجرمه القانون.
أهم المصطلحات القانونية
1. المحاكمة العادلة:
مبدأ دستوري نص عليه" الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، يكفل للمتهم جميع ضمانات الدفاع في مختلف مراحل المحاكمة.
2. مبدأ شرعية القوانين:
"لا جريمة إلا بنص"، لا يمكن تجريم فعل ما إلا إذا نص القانون على تجريمه، وحدد أركانه، وعقوبته.
3. قرينة البراءة:
المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته.
4. الفاعل الأصلي:
مرتكب العمل المادي الأساسي لتنفيذ الجريمة.
5. المشارك:
من يساعد الفاعل الأصلي على ارتكاب الجريمة، بقصد تسهيل تنفيذها.
6. التلبس:
ضبط المتشبه به وهو بصدد ارتكاب الجرم، حال ارتكابه أو عند الانتهاء منه.
7. الجناية:
هي أشد وأقسى أنواع الجرائم التي تتصل بالعمدية، ويمكن أن تصل عقوبتها إلى الإعدام في بعض الدول.
8. الجنحة:
عمل إجرامي "أصغر" يشمل جرائم مثل: السرقة البسيطة، الاعتداء البسيط، السلوك غير المنضبط "الإزعاج أو المشاجرات"، التخريب البسيط لممتلكات الغير، وعادة ما يكون عقوبته أخف من الجنايات، وتصل في بعض الأحيان لغرامات مالية.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على بيكسيباي