كتب نعمان عمر، وهو أحد المشاركين في الدورة السادسة من برنامج مركز التوجيه التابع لشبكة الصحفيين الدوليين: تُشكّل مهنة التصوير الصحفي، أحد أكثر مجالات العمل الإعلامي خطورةً، نظراً لأن طبيعة المهام التي يقوم بها المصور تتطلب منه التوافد لحضور الحدث عن قرب، وفي الوقت المناسب، وذلك لالتقاط الصور الصحفية المتنوعة التي تعالج وتصف المشهد لحظة وقوعه بشكل دقيق وكامل؛ وهنا تكمن الخطورة، حيث يجد المصور نفسه عرضة للمخاطر أو الانتهاكات الحاصلة في موقع الحدث.
وللتذكير بالأحداث السابقة التي تطلبت العمل في بيئات خطرة نسبياً كان التصوير في مناطق الأحداث والصراعات والنزاعات، وكذلك المناطق التي تشهد حالة عدم استقرار أمني ومدني كالحروب والمعارك في سوريا وفلسطين واليمن وغيرها. ويضاف إلى ذلك أوقات انتشار الأوبئة الصحية كالفيروسات التي تفشت سابقاً مثل فيروس الإيبولا، وسارس، وفيروسH1N1، ووباء الكوليرا، واليوم فيروس كورونا وهي كلها أمثلة للأوبئة التي شكّلت تحدياً بالغاً لوسائل الإعلام المختلفة بالإضافة إلى بقية القطاعات والمهن.
اليوم، ومع انتشار فيروس كورونا، يجب العمل على تمكين وحماية المصور الصحفي بكافة الوسائل حتى يتمكن من تخطي كل المخاطر التي قد يتعرض لها، وتوفير وسائل الحماية له. كذلك الأمر بالنسبةً للمصورين الصحفيين الذين يعملون لصالحهم الخاص الذي تقع على عاتقهم أيضاً مسؤولية حماية أنفسهم والآخرين، لذلك هذه الإرشادات لكم جميعاً.
الإجراءات المهنية:
نتحدث هنا عن الاجراءات الواجب اتخاذها من قبل المصور الصحفي والتي تُعنى بالجوانب المهنية المتعلقة بالسلوك والضوابط الصحفية التي ينتهجها المصور للوقاية من الإصابة بالوباء خلال تأديته مهامه والتقاط تغطياته الخاصة، وفي هذا الإطار يطلعنا مدرب السلامة المهنية للصحفيين، الصحفي سامي أبو سالم على أهم الإجراءات المتبعة.
- التركيز على تغطية وتصوير الأحداث والتطورات المهمة فقط، المتعلقة بانتشار الفيروس، والنزول للميدان وموقع التصوير عند الضرورة فقط، وعدم الاهتمام بتصوير الجوانب الروتينية والتي تقل أهميتها النسبية بالنسبة للجمهور.
- التعقيم الدقيق لكافة معدات التصوير التي يستخدمها المصور الصحفي عند التصوير، والتي تشمل: الكاميرات، العدسات، الموبايل، وحدات الاضاءة، و"الترايبود" وغيرها. وعدم السماح لأي شخص آخر باستخدام ولمس هذه المعدات، إلا في حالات الضرورة.
- عامل الوقت مهم جداً بالنسبة للمصور الصحفي، حيث يقتضي الأمر ألا يبقى لفترة طويلة في المكان والموقع المراد التصوير فيه، لأن ذلك قد يجعله عرضة للإصابة بالوباء.
- أهمية متابعة الدراسات والأبحاث والأخبار والمعلومات حول انتشار الفيروس، على المستوى المحلي والدولي، ومتابعة كل جديد بهذا الخصوص ويحدّث من إجراءاته المتبعة بحسب المعلومات الموثوقة الواردة.
- أهمية الحفاظ على آليات اتصال دائمة ومستمرة، مع لجان الطوارئ والاطباء المختصين المعتمدين من قبل وزارة الصحة، ويشمل ذلك الرقم الخاص بالطوارئ وقوائم الأسماء والتخصصات وأرقام هواتفهم المكتبية والنقالة، لاستخدامها عند الحاجة.
وفي السياق نفسه يرى مصور وكالة الأنباء الفرنسية، محمود الهمص، أنه يجب على المصور أيضاً اتباع اجراءات أخرى للوقاية من الإصابة بالوباء وهي:
- أهمية التخطيط المسبق لأي مهمة تصوير، بحيث يأخذ المصور بعين الاعتبار دراسة المخاطر المحتملة ووضع خطة للطوارئ.
- استخدام العدسات ذات البعد البؤري الطويل (عدسات التقريب) وذلك ليتمكن المصور الصحفي من التقاط صوره من مسافة بعيدة، بدون الحاجة إلى الاقتراب من المشهد والحدث المراد تصويره.
- تجنب الدخول إلى المرافق الصحية وأماكن الحجر، ومحاولة التقاط الصور بقدر الإمكان من خارج هذه الأماكن، وعدم دخول أقسام الرعاية المركزة للحالات المصابة بأي حال من أحوال.
- استخدام إشارة الصحافة بشكل واضح عند الحاجة للتصوير في الأماكن الرسمية، والمواقع الهامة، لتسهيل مهمة المصور في أداء عمله وعدم تعرضه للمساءلة بشكل متكرر.
- الالتزام بتوفير وسيلة مواصلات خاصة بتنقلات المصور الصحفي، وتجنب استعمال النقل العمومي، وإبعاد السيارة قدر الامكان عن موقع التصوير الذي قد يشهد حالات اشتباه بالفيروس.
بروتوكول آداء المهام:
- عدم انتهاك خصوصية المصابين بالفيروس أو الأفراد الموجودين في الحجر الصحي، والابتعاد قدر الامكان عن إظهار ملامحهم الشخصية، ويجب التقاط الصور للأشخاص بشكل يحفظ كرامتهم، وتظهر الصور الاهتمام والتعاطف مع الضحايا. كذلك أن يتجنب المصور التطفل على لحظات الحزن والأسى الخاصة بأفراد العائلة والمقربين.
- التركيز على تصوير القصص والموضوعات التي من شأنها أن تساهم في توعية وإرشاد الناس بمخاطر الوباء وكيفية التعاطي معه والوقاية منه.
- الابتعاد عن تصوير المشاهد التي تظهر المصابين بأوضاع صحية صعبة، كأن يتم تصويرهم وهم يتألمون ويعانون من الإصابة بالوباء، لأن هذه اللقطات قد تثير الذعر لدى الناس، وتجعلهم أكثر قلقاً وفزعاً وخوفاً على أنفسهم.
- الاهتمام بتصوير الهيئات والطواقم والفرق، التي تساهم في تقديم خدمتها للناس فترة انتشار الوباء، كأن يتم التركيز على الجهود والاستعدادات التي تبذلها الطواقم الطبية لإسعاف المصابين وتقديم الرعاية الصحية لهم. كذلك يمكن التركيز على تصوير الدور الذي تقوم به الاجهزة الأمنية في تأمين وحماية المستشفيات والمقرات المعدة للتعامل مع الحالات المختلفة، وكذلك الدور الذي تقوم به في تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي للبلد المنكوب، كل ذلك يساهم في دعم الناس وطمأنتهم.
- عدم تردد المصور في إبلاغ مؤسسته الصحفية أو النقابية، في حال الاشتباه بإصابته أو إصابة أي زميل بأعراض صحية كارتفاع الحرارة، أو السعال ودعم قرارهم بدخول الحجر الصحي بكافة الوسائل المتاحة.
إجراءات السلامة الشخصية:
في حديث للدكتور مجدي ضهير، رئيس لجنة مكافحة فيروس كورونا في قطاع غزة، حيث أكّد على ضرورة التزام المصورين الصحفيين بمعايير محددة قبيل تغطية وباء أو طارئ صحي. وهي كالتالي:
- أن يتمتع المصور بصحة جيدة وبجهاز مناعة قوي ولا يعاني من حالة صحية معينة قد تجعله عرضةً للمرض. ويستطيع المصور المحافظة على قوة جهاز مناعته من خلال اكتساب ساعات نوم كافية وعدم التعرّض للإرهاق الزائد، وأن يتناول الأطعمة التي تحتوى على فيتامين سي والأغذية التي تحتوي على البروتينات.
- أن يحرص على ارتداء الكفوف والكمامة، كلما اقتضت الحاجة مع أهمية الحرص على تجديد الكفوف والكمامات؛ ويمكن أن يضيف لها لباساً خاصاً للوقاية، مع غطاء العينيين والحذاء الجلدي لغطاء القدمين.
من جهة أخرى، أصدرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين نشرة إرشادية للصحفيين والمؤسسات الصحفية لمواجهة فيروس "كورونا"، بما يساهم في رفع مستويات الحماية للصحفيين والمصورين العاملين في المؤسسات الإعلامية، وقد جاء فيها:
- اتخاذ أقصى درجات الحذر في التعامل مع الأشخاص المصابين بالحمى والسعال، خلال عملهم في الميدان، وخاصة في المستشفيات ومراكز الصحة والمعابر الحدودية والمطارات والموانئ، واستعمال معدات السلامة (القفازات والصابون والماء) وتفادي لمس الأسطح لتجنب العدوى.
- على المصور الصحفي تحديث مجموعة المستلزمات الطبية والوقائية الخاصة بالمخاطر التي ستقابله في مهمته.
- تجنب الاحتكاك (التسليم بالأيدي والعناق) للزملاء الصحفيين الآخرين والحفاظ على مسافة لا تقل عن متر، بينه وبين الزملاء الآخرين خاصة في المؤتمرات الصحافية ومواقع العمل المختلفة.
- الاهتمام بتوفير مواد التعقيم، ضمن حقيبة الإسعافات التي يجب أن تكون جاهزة لدى المصور عند تنفيذ أية مهمة ميدانية.
- وكذلك التقيد بتعليمات وزارة الصحة المرتبطة بضمان عدم الاحتكاك المباشر مع المصابين أو المرضى، وضرورة مراعاة أسس واجراءات النظافة الشخصية، بما في ذلك غسل اليدين والمضمضة للفم والاستنشاق المتكرر للأنف مع نهاية كل مهمة إعلامية ميدانية.
- الالتزام بقواعد وأصول التعقيم لليدين والوجه، قبل وأثناء وبعد، إنجاز المهمة الاعلامية والعودة للمكتب.
- يجب ألا يتردد المصور الصحفي في الطلب من مؤسسته الإعلامية، شراء عتاد واقٍ، مع العلم بأن أفضل التدابير وأحدث المعدات قد تكون، رغم ذلك، غير فعالة في الحالات الوخيمة.
- تجنب الدخول إلى الأماكن المزدحمة والتجمعات العامة، لأن ذلك يعرضه للاحتكاك بأشخاص قد يكونوا حاملين للفيروس.
- ضرورة إجراء الفحوصات المخبرية، كلما اقتضت الحاجة أو عند الشعور بأية تغييرات صحية.
لا بد من توخي الحذر الشديد في كل حالة، ولا بد للمصورين والصحفيين وغيرهم أن يدركوا سلفاً بأن بعض المواقف تكون ببساطة خطرة جداً وتتعذر تغطيتها صحفياً طالما بقي التهديد قائماً.
وأخيراً، ننصح المصور الصحفي الحر الراغب في تغطية موضوع حول تفشي أحد الأوبئة أو وقوع خطر شامل أن يتصل بمحرريه أولاً للتأكد من اهتمامهم بالقصة أو الموضوع المراد تصويره، وليحدد مقدار الدعم المؤسساتي الذي قد تقدمه له المؤسسة الصحفية التي يتعامل معها.
الصورة الرئيسية مرخّصة للإستخدام من وكالة APAimages