إرشادات إعلامية لتغطية قضايا وجرائم العنف ضد المرأة

10 déc 2019 dans موضوعات متخصصة
سيدة وهاتف

لا تزال معدلات قضايا العنف ضد المرأة مرتفعة لأسباب كثيرة، منها ثقافة المجتمع والقصور في القوانين، لكن الإعلام يحتاج أيضًا لأن ننهض به ليقوم بدوره تجاه قضايا المرأة كما يجب.

ففي العام الماضي 2018 تم تسجيل 24 حالة قتل لنساء وفتيات فلسطينيات (بحسب مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي)،  ومنذ بداية العام 2019 تم تسجيل عشرات جرائم القتل بحق فلسطينيات، لكن قضية واحدة استطاعت أن تأخذ حيزاً أكبر من سواها على وسائل الإعلام المختلفة، وهي قضية إسراء غريَّب من الضفة الغربية، والسبب في ذلك يعود لحملات الضغط التي شكلتها الأخبار حولها على مواقع التواصل الاجتماعي، مما جعلها قضية رأي عام وتم الضغط على الأجهزة الأمنية للاهتمام بها بشكل خاص وما تزال التحقيقات مستمرة بشأنها.

قابلنا من شبكة الصحفيين الدوليين تهاني قاسم منسقة إعلامية في مركز حياة لحماية وتمكين النساء والعائلات، التي قالت: "أولاً، لا يُعطي الإعلام الفلسطيني أولوية لقضايا المرأة، ويُولي كل تركيزه على القضايا السياسية، حتى أنه ضعيف في تغطية آثار القضايا السياسية على المرأة في فلسطين،  لأن ارتفاع نسب العنف التي نراها وعدم إقرار قوانين منصفة للنساء له مرجعية تعود لأسباب سياسية بالمقام الأول".

وتتابع: " يهتم الإعلام الفلسطيني بقضايا المرأة حينما تكون فقط قضايا رأي عام أو تخص مناسبات معينة موسمية، مثل: تغطية حملات الثامن من آذار، وحملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، فيكون لها صدى إعلامي كبير، ونادراً كذلك ما نجد برنامج أو جهة إعلامية معينة تخصص شيئاً للمرأة، إلا إذا كان برنامجاً ممولاً من مؤسسة نسوية أو غيرها، لذا فإن تضمين قضايا المرأة الفلسطينية في الإعلام عموماً ضعيف جداً".

وترى قاسم أن الإعلاميين يتأثرون بعوامل عدّة عند تغطيتهم للجرائم المبنية على النوع الاجتماعي والعنف: "أولاً، يتأثرون بالثقافة التي يحملونها وأنشئوا عليها من عادات وتقاليد تُقلِّل من قيمة المرأة مقابل الرجل.

ثانياً: يتأثرون بالسياسة التحريرية للمؤسسة وتوجهها عموماً، حيث العديد من المؤسسات لدينا لا تُولي اهتماماً لقضايا المرأة ولا يعتبرونها أولوية.

ثالثاً: عدم إيمان الصحفي بشراكة المرأة له في شتى مجالات الحياة، ويجب عليه أن يُحارب العنف ضدها، وأنه بذلك يُحارب العنف ضد أفراد المجتمع بأكمله، فهو كحلقة مغلقة تنتقل من شخص لآخر ولا تنتهي".

لا خلاف على وجوب أن يكون للإعلام دور إيجابي ومنصف للمرأة في قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، وتؤكد على ذلك قاسم بالقول: "على وسائل الإعلام والإعلاميين أن يُولوا اهتمامًا كبيرًا بقضايا المرأة واعتبارها جزء من قضايا المجتمع المهمة، فليس مطلوبًا من الإعلام أن يطرح حلولاً، ولكن المطلوب منه تسليط الضوء عليها ومناقشتها، حتى يقوم بعدها القادة والمسؤولون والحكومة بسن قوانين تُجرِّم العنف والمعتدين وتحاسبهم".

يخلط العديد من الصحفيين أثناء تغطيتهم لقضايا وجرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي، بين دورهم في معالجة وطرح هذه القضايا، والمساهمة بشكل غير مقصود  بنشر العنف، لذا هناك العديد من الاعتبارات والإرشادات التي على الصحفيين اتباعها عند التغطية، لما للإعلام من أثر بالغ في مناهضة العنف بكل أشكاله. وهنا  تقول تهاني:

  1. على الصحفيين أن يولوا اهتمامًا بقضايا المرأة كغيرها من القضايا:

وهذه مهمة تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية التي يتبعون لها في المقام الأول، بتدريب وتوعية الصحفيين تجاه قضايا المرأة وأهمية الاهتمام بها هي مسؤولية إنسانية قبل أن تكون اجتماعية أو مهنية.

  1. عدم تناول القضية من الخارج، وإنما التعمُّق بها بالدخول في التفاصيل والأسباب وطرحها:

من خلال أفلام قصيرة توعوية مثل: فيلم زنزانة بلا رقم، وفيلم شباك، وكذلك بتقارير استقصائية،  وبواسطة أنسنة القصص "فهذه تحديداً بإمكانها التأثير وبشدة في المتلقي".

  1. الإلمام بكل القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية والمحلية التي تهتم بقضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي ولعلّ أبرزها اتفاقية سيداو، للاستناد عليها في تجريم العنف إعلامياً.
  2. تسليط الضوء على التجارب الإيجابية للناجيات من العنف، حتى يُصبحن نموذجًا قويًا يُحتذى به من قبل المُعنَّفات الأُخريات في المجتمع.
  3. عدم الكشف عن هوية النساء اللواتي تعرضن للعنف، حيث ذلك يُشكَّل خطراً عليهن وعلى حياتهن أو حتى على حالتهن النفسية.
  4. في التغطية الصحفية مطلوب من الإعلامي طرح القضية وكذلك طرق لمواجهة العنف في حال التعرض له، وبيانات حول المؤسسات التي تُقدِّم دعماً مادياً ومعنوياً وملجأً.
  5. على الصحفي إدراك أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وقوتها، حيث أصبحت بيئة ملائمة لطرح قضايا يُراد جعلها قضايا رأي عام ومؤثرة، مثلما حدث مع قضية إسراء غريِّب.
  6. الأخلاق والمهنية قبل وأهم من السبق الصحفي، ففي قضايا العنف ضد المرأة علينا مراعاة الحالة النفسية للمُعنَّفات والابتعاد عن كل ما من شأنه التأثير سلباً عليهن أن التشهير بهن.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش