كيف تمكن الصحفيون العراقيون من تغطية القضايا الإنسانية خلال الحروب والأزمات؟

21 mai 2019 dans موضوعات متخصصة
ساحة معركة

تمكّن الصحفيون العراقيون من تغطية الأوضاع الإنسانية خلال سيطرة ما يسمى بتنظيم "داعش"على محافظة نينوى والمناطق الغربية في العراق، إذ شهدت تلك الفترة انتهاكات خطيرة ومجازر بشعة.

وعلى الرغم من خطورة بيئة العمل في تلك الفترة، إلا أنّ وسائل الإعلام المحلية والعالمية وثقت الأحداث ورصدت الانتهاكات من خلال مراسليها الميدانين. وبهدف التعرف على تجارب الصحفيين الذين عملوا على تغطية الأحداث الأصعب والأخطر في تلك المناطق، التقت شبكة الصحفيين الدوليين بالصحفيين سامان داود وهيمن بابان، اللذين تحدثا عن تجربتيهما.

من جانبه، يقول الصحفي سامان داود وهو مدير تحرير وكالة ايزيدي 24 : "لقد ركزت على قضايا الأقليات والانتهاكات التي تعرضوا لها وكيفية إثبات حقوقهم كمواطنين عراقيين، تمكنت من إيصال صوتهم إلى العالم من خلال تسليط الضوء على مشاكلهم (المسحيون ، السبايا التركمانيات ) كما عملت على تغطية مسيرة اللاجئين عبر البحر إلى أوروبا والمخاطر التي واجهتهم.

سامان

وفي خضم تلك التفاصيل والأحدث المقلقة والمجهولة لم تغب الإنسانية عن داود، فقد كان يعتبرها الأساس في نقل المعلومات الدقيقة، لكنه في بعض الأحيان يضطر إلى التنازل عن بعض إنسانيته بهدف الحصول على المعلومة الصحيحة ، ويقول هنا: "أحيانا اضغط على نفسي وأتنازل عن عاطفتي لأنني أعي مسؤولية المعلومات ودقتها عند تقديمها إلى الرأي العام".

توازيًا، فقد تحدّث الصحفي هيمن بابان الذي عمل مراسلاً لوكالة الأناضول، وغطّى معاناة ضحايا الحروب (شاهد) ورحلة نزوحهم وعودتهم (شاهد) والأوضاع المأساوية التي عاشها الأطفال والنساء وخاصة حاجتهم إلى الماء والدواء ومشاهد القتلى والجرحى. ويقول بابان "إنّ مشاهدة الخوف والرعب في عيون الناس تحت سطوة الحرب ابلغ من أي كلام يكتب في الصحف أو يوصف بالكلمات".

مواقف صعبة ومعوقات جمة

لقد واجه داود وبابان في هذا الجانب الكثير من التحديات الحرجة والخطرة التي وضعتهم في مواقف صعبة، ويقول بابان: "أصعب المواقف التي واجهتني هي الحيرة  بين إنقاذ الضحايا أو تغطية الأحداث، كنت أخشى النظر في عيون الناس فقد كانت مليئة بالخوف والتوسل، أما مشاهد الجثث والأطفال فإنها فاقت قدرتي على الصبر والتحمل".

ولكنه في المقابل، استطاع أن يوازن بين واجبه الصحفي ومسؤوليته الإنسانية، حيث قال: "تحملت الألم لأكون سببًا في خلاص الآخرين من الموت وإيصال صوتهم".  وأضاف: "عشت تجربة سيئة خلال تغطية معارك الموصل رغم أنني حاولت الابتعاد قدر الإمكان عن مشاعري إلا أن مشاهد الضحايا ومآسي الحروب تركت في نفسي أثرًا كبيرًا وما زالت أعيش بوضع نفسي مأزوم".

مراسل

كما تعرض الصحفيون إلى الكثير من الضغوطات بهدف تغيير الوقائع ونقل معلومات مضللة، يقول داود:  "تعرضت إلى ضغوطات كبيرة من جهات مختلفة طلبت مني تغيير الحقائق وتزييفها لكني رفضت وكان الانسحاب خياري الوحيد".

ناشط حقوقي أم صحفي؟

غالبًا ما يقوم الصحفي بدور الناشط الحقوقي أو يكون الناشط صحفيًا، فيحدث التداخل بين المهمتين إلى الحد الذي يصعب الفصل بينهما، فما هي العلاقة بين الوظيفتين وهل يجب الفصل بينهما؟     

يعتقد بابان أن الصحفي الناجح يجب أن يمارس عمله كصحفي في ساحة الميدان، ويقول: "لم يلتزم الكثير من الزملاء في الشرق الأوسط بمجال عملهم وتخصصاتهم، فهناك من تجده ناشطًا وحقوقيًا ومحللاً استراتيجيًا وكاتبًا وأحيانا مواطنًا يدلي برأيه في وسائل الإعلام وهذا من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها اغلب الزملاء في العراق".

وأضاف: "لكن هذا لا يعني عدم وجود نقاط التقاء بين الناشط والصحفي على اعتبار التقارب بوحدة الدفاع عن القضية وهنا يجب على الصحفي أن يكون ذكيًا ليوظف الإعلام في خدمة القضية الإنسانية التي يدافع عنها وفقًا للمعايير الأخلاقية الخاصة بالعمل الصحفي".

من جهته يقول داود إنّ العمل في المجالين الإنساني والصحفي مرتبطان ببعضهما، فالصحافة هي صوت القضية الإنسانية التي يدافع عنها الناشط الحقوقي بشكل مهني وحيادي، وهي الأداة التي تحمي  حقوق الإنسان لأنها عين الحقيقة".

مراسل صحفيدروس مستخلصة

استطاع بابان وداود من خلال تجاربهم الميدانية في تغطية القضايا الإنسانية تلخيص مجموعة من التوجيهات والإرشادات التي يمكن أن تساعد الصحفيين في مواجهة التحديات ضمن مناطق الحروب والنزاعات، وهي كالتالي:

1-الالتزام بمعايير أخلاقيات العمل الصحفي.

2-عدم تجاهل التفاصيل البسيطة أو التساهل في نقل المعلومات المتعلقة بالحدث.

3- مهما كانت قيمة المعلومة وأهميتها لا يجب أن تكون على حساب حياة الضحية والصحفي.

4-يجب عدم الاستهانة بكلام الضحية أو تسخيفه أو ازدرائه أو التشكيك فيه أو الإيحاء بذلك.

5- من خلال أسئلتك تجنب أن تجعل الضحية تعيش الألم مرتين، فلا تطلب منها سرد التفاصيل المؤلمة ولا تجازف بإظهار صورتها في وسائل الإعلام.

7- من الضروري جدًا مراعاة استخدام المصطلحات المناسبة لوصف حال الضحايا في إنتاج المادة الصحفية والابتعاد عن الأوصاف الدينية والمذهبية والعرقية.

8- يجب مراعاة احترام خصوصية الضحايا الذين تعرضوا لانتهاكات خطيرة وعدم إجبارهم على سرد التفاصيل الدقيقة الحساسة.

9 – يجب أن يكون أسلوب الصحفي مع الضحايا مليئًا بالاحترام والتقدير بعيدًا عن الاستفزاز والتعالي.

10- تجنب إظهار الضحية بمظهر غير لائق أو منافٍ لواقع ظروفها سواء كان باستخدام الصور أو الفيديوهات. 

11- يجب على الصحفي أن يحصل على "الموافقة الواعية" وتعني إبلاغ الشخص الضحية الذي يراد مقابلته بنوع المقابلة وطبيعتها وهدفها ومكان نشرها ويستبعد الأطفال من الموافقة الواعية كونهم غير مؤهلين ويمكن الاعتماد على ذويهم بذلك .

12 – يجب الابتعاد عن الأسئلة الموجهة والإيحائية وكذلك الأسئلة التي تنطوي على تحريض وكراهية .

13- عندما تكون في الميدان صحفيا يجب أن تعمل وفقا لمتطلبات العمل الصحفي وليس الناشط الحقوقي.

14- تذكر دائما أن الناشط الحقوقي والصحفي كلاهما يحملان ذات المبادئ والأخلاق والأهداف ولكن إطار عمل كل منهما يختلف عن الآخر.

15- على الصحفي ألا ينسى بأنّ الحقيقة هي الأولى بالظهور وأنّ الشهرة ليست هدفًا.

16 – عندما تكون في ميدان العمل تخلى عن آرائك الشخصية ومعتقداتك ومذهبك وكل ما يتعلق بذلك، كن فقط إنسانًا مجردًا من أي انتماءات.

17-عندما تكون صحفيا مكلفا بمهمة معينة يجب عليك أن تتنازل عن دورك  الآخر كناشط حقوقي.

18-اذا كانت الضحايا نساء ناجيات من العنف اتبع هذه التوجيهات.

19- بعد الانتهاء من تغطية أصعب القضايا الإنسانية خذ قسطا من الراحة وابدأ عملك كناشط  حقوقي في استعراض الحقائق الموثقة عن انتهاكات حقوق الإنسان .

20-ينصح بقراءة دليل صحفيون من أجل حقوق الإنسان.

الصورة الرئيسية بعدسة هيمن بابان لصالح وكالة الاناضول

الصورتان الأولى داخل المقال للصحفي سامان داود والثانية والثالثة لـهيمن بابان خلال التغطيات الإخبارية.