"كونتراست بالعربي" هو استوديو الوسائط المتعددة المتخصص في إنتاج القصص التفاعلية في شبكة الجزيرة الإعلامية باللغتين العربية والإنجليزية، يستكشف قصصًا يقل تناولها عبر الإعلام، وتكون متنوعة من المجتمعات المهمشة والبلدان النامية.
وفي هذا السياق، تقول ايليا غربية، وهي منتجة في Contrast: "بدأنا قبل عامين، حين أخذ قسم الابتكار والتطوير في الجزيرة على عاتقه تقديم محتوى مرئي يتضمن فيديو VR و 360 درجة على الشبكة من خلال Contrast، ومن خلال طاقم ينتج محتوى أصليًا متميزًا بالإضافة إلى محتوى مشترك مع شركاء داخل وخارج شبكة الجزيرة".
ينتج في Contrast محتوى فريدًا وغامرًا يدفع حدود السرد القصصي إلى بعد آخر من خلال نقل المشاهدين ليكونوا أقرب لتجارب الناس والثقافات الأكثر تضررًا بسبب الصراع وانعدام المساواة، "وتتمثّل مهمتنا في تسليط الضوء على القصص التي يقل تقديمها إعلامياً واستخدام التقنيات الحديثة لخلق عمل أصلي وواعٍ في الوقت ذاته" هذا ماتقوله ايليا.
ما يجعل Contrast أكثر تميزاً هو أن التجارب التي ينتجها ترتكز بشكل رئيسي على الشخصية، وهو ما يقرب المشاهد أكثر لمحور القصة بحيث يكون قادراً على تكوين القصة الخاصة به أيضاً، وأن يكون أقرب مع الشخصية المركزية والبيئة المحيطة بها بشكل شخصي أكثر.
وعن تقنية الواقع الافتراضي تقول ايليا: "التصوير بتقنية 360 درجة يتضمن إنتاج فيديوهات تم تصويرها بواسطة الكاميرات الدائرية التي تسجل المقطع تلقائيا بزاوية 360 درجة أي من كل الجهات. وتتيح هذه التقنية للمشاهد أن يكون جزءا من المشهد المصوَّر وأن يختار زاوية النظر التي يريد بأي اتجاه"، وما يمكنه القيام بذلك هي كاميرات عادة ما تكون دائرية أو مربعة وتتضمن العديد من العدسات مثل GoPro Omni Rig و Samsung Gear 360 وSamsung Round.
كما يمكن للمشاهد استخدام الهاتف المحمول أو جهاز الحاسوب لمشاهدة الأفلام المصورة بهذه التقنية بكل بساطة، وتكتمل المتعة عند مشاهدة فيديوهات الـ 360 درجة بنظارات الواقع الافتراضي (virtual reality headset)، تلك النظارات أصبحت أسعارها في متناول الجميع ومنتشرة في الدول العربية.
مشاهدة فيلم مصور بتقنية الواقع الافتراضي تختلف عن غيرها من الأفلام، بخصوص هذا تقول ايليا: " ننتج نوعين من الأفلام: القصيرة المخصصة لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي وتتراوح مدتها بين دقيقة إلى دقيقتين ونصف، والأفلام الوثائقية الطويلة التي تتراوح مدتها ما بين خمس إلى ثماني دقائق.
وتضيف: "نأخذ بعين الاعتبار مدة المشاهدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضاً الإحساس الناجم عن مشاهدة الأفلام بسماعات الرأس، إذ قد يتأثر المستخدمون ويشعرون بالدوار مثلاً إذا ازدادت مدة المشاهدة عن ذلك". أمّا المختلف عن الصحافة التقليدية هو الاحساس بالانتماء والتفاعل مع الحدث، فصحافة الواقع الافتراضي تخضع للمعايير الأخلاقية نفسها التي ينبغي على العاملين في الإعلام التقليدي تطبيقها عند إنتاج أي محتوى، سواء كان ذلك رسوم متحركة أو فيديو واقعي.
وعن المميز في هذه التقنية تقول ايليا "نحن نرى في المتلقي جزءا هاما له سرده الخاص للحدث، وله الخيار بالتركيز علي جزء معين من دون غيره وهو ما قد يغيب عن بال معظم العاملين في مجال الصحافة مع الانشغال بالأخبار والتدفق الهائل للمعلومات على اختلافها"
ما زالت هذه التقنية حديثة العهد عند الجمهور العربي، لكن صحفيين كُثر يرغبون بتطوير وإدخال هذه التقنية لموادهم المنتجة على اختلاف اختصاصاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. اللافت هنا؛ أن معظم من يسعون إلى إحداث هذه النقلة في طرق السرد هم من الصحفيين الشباب، على خلاف بعض الصحفيين القدامى نسبياً في المهنة، ممن يرون أن هناك عقبات عدة أمام صحافة الواقع الافتراضي في الوطن العربي.
وعن أهم ما قدمه Contrast تقول ايليا: " مبادرة "شعبي وحكاياتنا" حيث يعمل طاقمنا مع صانعي أفلام محليين من مختلف أنحاء العالم، سعياً لتمكينهم في مجالات صحافة الواقع الافتراضي، نفذنا هذه المبادرة في مجتمعات كينيا، والأردن، وفلسطين، وجنوب إفريقيا، ولبنان، وتونس، والمغرب، ونيجيريا. وتضمنت المبادرة تدريباً لمجموعات صانعي أفلام شابة تنتج بالتزامن مع انتهاء التدريب عدداً من القصص المصورة بتقنية 360 درجة والمتعلقة بشكل رئيسي من وعن مجتمعاتهم، نقوم فيما بعد بتحريرها ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بشبكة الجزيرة الإعلامية".
كما قام كادر من استوديو الوسائط في الجزيرة بتدريب صحفيين يافعين سوريين في مخيم الزعتري في الأردن، وصحفيين آخرين في جنوب السودان لينتجوا قصصاً تعكس واقعهم.
وتقول ايليا انه مع تسارع الأحداث وكثرتها في العالم العربي على وجه الخصوص٬ أصبح استخدام الواقع الافتراضي VR في الصحافة أكثر شيوعا، وليس من الصعب معرفة السبب، إذ تضع هذه التقنية المتلقين داخل موقف قد لا يصلون إليه في حياتهم اليومية. عندما يتمكن المشاهدون من المرور عبر مخيم للاجئين بدلاً من مجرد مشاهدته على الشاشة، سيعرفون أكثر عن أزمة اللاجئين، سيعيشون جزءا من مشاعرهم، وسيكونون أقرب لظروفهم وما قد يمرون به.
تعتبر ايليا "صحافة الواقع الافتراضي" أحد أهم أساليب السرد القصصي في وقتنا الحالي. هذا القالب، الجديد تقنياً، ينقل المتلقي من "قراءة أو مشاهدة الخبر" إلى "معايشة الخبر". ولتحقيق ذلك، فإن سرد القصة الصحفية يتطلب جهداً أكبر من ناحية البحث والتدقيق والتفكير بالأبعاد المتعددة مرئياً وخبرياً، وهو بالضبط ما نحتاجه مع الكم الهائل مما نشاهده ونقرأه من الأخبار المزيفة والسطحية.
الصورة الرئيسية مأخوذة من صفحة كونراست بالعربي على تويتر، والصورة الثانية للمنتجة ايليا غربية.