أدوات بسيطة تدخلك عالم الصحافة.. قد يبدو هذا الشعار مبالغًا فيه بعض الشيء، لكن الواقع اليوم يؤكد العكس، فبجهاز يقل حجمه عن الكف يمكنك ولوج عالم الصحافة من بابه الواسع، فالمطلوب هو هاتف ذكي وبعض التطبيقات وتعلم مهارات استخدامها.
الشعار سابق الذكر كان لمؤتمر عقد مؤخرًا بجامعة بسكرة جنوب الجزائر، وتمحور حول صحافة الموبايل المعروفة اختصارًا بـ"موجو" ، وحضره عشرات الخبراء والمختصين في المجال.
وقد ناقش المؤتمر العلاقة بين استخدامات جهاز الموبايل والعمل الصحفي، من خلال التطبيقات والمنصات المختلفة التي أنشئت بغرض انتاج المادة إعلامية بمختلف مراحلها وبشكل احترافي، والخدمات التي تقدمها الهواتف الذكية للعمل الإعلامي انطلاقا من خدمة البحث عن المعلومات إلى نقل المادة الإعلامية، وضمان التغطية الفورية والمباشرة للأحداث.
هذا المؤتمر الأول من نوعه في الجزائر ناقش موضوع صحافة الموبايل باعتبارها نمطًا جديدًا غير مألوف لدى منتسبي قطاع الاعلام بمختلف المؤسسات الاعلامية، واقتصاره فقط على بعض المحاولات الفردية محدودة الانتشار.
الموجو.. مهارات الاستخدام
من جانبهم، أكد المشاركون في هذا المؤتمر على المهارات المختلفة التي يتميز بها الهاتف الذكي وتطبيقاته، حيث يقسم الدكتور زكريا بن الصغير من جامعة بسكرة هذه المهارات ثلاثة أصناف:
1- المهارات الذاتية: يحصرها في ثلاث نقاط أساسية، القدرة على التكيف مع الهواتف الذكية الجديدة، القدرة على العمل في جو العجلة والإثارة من دون ارتباك أو فقدان للقدرة على العمل الدقيق، و اخيرا الحس الصحفي.
2- المهارات المهنية:
- القدرة على التحرير الالكتروني وذلك باستخدام البرامج المساعدة في عملية الكتابة كبرنامج كتابة القصص الإخبارية بشكل آلي.
- مهارات نقل ونشر وتوزيع المادة الإعلامية باستخدام تقنيات الشبكة الرقمية.
- مهارات تخزين واسترجاع المعلومات مما يساعد الصحفي على السرعة في الأداء.
- مهارات معالجة المادة الاعلامية رقميًا وعلى الهواتف الذكية سواء كانت المعلومات مكتوبة أو مصورة او مرسومة بالاستعانة بتطبيقات صممت لهذا الغرض.
- مهارات توضيب واخراج المادة الإعلامية باستخدام التقنيات والتطبيقات المتخصصة.
- القدرة على التواصل مع المصدر، وتحقيق سيولة أكثر للمعلومات .
3- المهارات الفنية والتقنية:
تتلخص أساسا في القدرة على التعامل مع التكنولوجيا الجديدة، خاصة تطبيقات المونتاج وتحرير الصوت والفيديو وامتلاك مهارات استعمال الكاميرا الرقمية وادارة الحوارات المباشرة باستخدام الهواتف الذكية، والتحكم في تقنيات البحث عن المعلومات.
هذه المهارات يجبب أن تتعزز ببعض المواثيق الاخلاقية والقانونية، والضوابط المهنية وهو ما ذهب اليه الدكتور مراد ميلود من جامعة قسنطينة، خصوصا مع طبيعة البيئة التي تعمل عليها صحافة الموبايل وهي بيئة مفتوحة ومتاحة للجميع.
ادراج صحافة الموبايل في الجامعات كتخصص
وخرج المؤتمر بتوصيات كثيرة قد تشكل في المستقبل خارطة طريق، من أبرزها الدعوة الى ادراج مقياس جديد موسوم بصحافة الهاتف المحمول ضمن المقرر الدراسي لطلاب الجامعات والدراسات العليا في الجامعات الجزائرية ومعاهد الاعلام، كذلك العمل من أجل جعلها تخصصا قائما بذاته في المستقبل.
وأوصى المشاركون في المؤتمر أيضا بتكثيف التنسيق مع المؤسسات الدولية المختلفة والمختصة في هذا المجال، لتنظيم ورشات تكوينية لمنتسبي قطاع الاعلام في الجزائر، والاستفادة من تجارب بعض المؤسسات الاعلامية الرائدة في مجال استخدام صحافة الموبايل، ومن خلال انشاء مراكز تدريب وفرق بحث متخصصة لتعليم تقنيات وفنيات الكتابة الصحفية الخاصة بصحافة الموبايل والسهر على تعزيز قدرات الصحفيين وتأهيلهم عبر الدورات التدريبية واطلاعهم بمستجدات الصحافة الشاملة، مع اعداد دليل موحد لصحافة الموبايل كمصدر اعلامي يعتمد عليه الصحفيون في انجاز تقاريرهم الإعلامية يتلاءم وسياسة مؤسساتهم التحريرية.
هذه الدورات من شأنها تعزيز وترسيخ ثقافة صحافة الموبايل وسط الصحفيين العاملين داخل المؤسسات الاعلامية المختلفة، خصوصا اذا ترافق ذلك بوضع ترسانة قانونية وترسيخ الجانب الأخلاقي في تنظيم الممارسة الاعلامية وعدم تجاوز النظم الأخلاقية المتعارف عليها، مع توعية الجمهور بالمخاطر والعقوبات القانونية المترتبة عن سوء استعمال هذا النمط الجديد من الممارسة الاعلامية والمتاح لدى الأغلبية.
ثقة الجمهور في مضامين صحافة الموبايل
ومع ذلك تبقى ثقة الجمهور بالمضامين التي يقدمها هذا النوع من الإعلام الجديد ضعيفة، واسترجاع هذه الثقة وتقويتها لن يتحقق سوى بتوعية الصحفيين والنشطاء الإعلاميين بضرورة الالتزام بالدقة والموضوعية في نقل الأخبار عبر المنصات وتطبيقات الهواتف الذكية، خاصة ما يتعلق بالأخبار ذات العلاقة بالمواضيع الحساسة,
وتجددت الدعوة إلى ادراج مادة التربية الإعلامية والمعلوماتية بشكل عام، وثقافة استخدام الهاتف الذكي بصفة خاصة داخل المؤسسات التعليمية بمختلف أطوارها، قصد التعاطي الأمثل مع هذه الوسيلة التي شكلت على مدار عقود من الزمن مصدر قلق للأولياء والخبراء وعلماء الاجتماع ليس في الجزائر فقط بل في جل دول العالم.