"كلارين": تجربة صحفية فريدة من نوعها في مجال غرف الأخبار المندمجة

30 oct 2018 dans الإعلام الإجتماعي
صورة

معارك ثقافية خاضتها غرفة أخبار صحيفة كلارين حتى استطاعت الصمود. ابتكرت أساليب جديدة لجذب القراء وطبّقت معايير الجودة في المحتوى الإعلامي المنشور في كل من الصحيفة المطبوعة والموقع الإلكتروني حتى أصبح موقع الأخبار الأسباني "كلارين" الأكثر شعبية في أميركا اللاتينية خلال الفترة التي تولّى فيها "داريو داتري"، رئاسة تحريرها. فأصبحت تجربته نموذجاً تحتذي به المؤسسات والشركات الصحفية.

التقت شبكة الصحفيين الدوليين "داريو داتري" @DarioDAtri على هامش مؤتمر مستقبل غرف الأخبارالمندمجة. داتري، هو مدير الاستراتيجيات والبرامج الجديدة لجريدة كلارين الأرجنتينية ورئيس تحرير موقعها خلال الفترة الممتدة من 2008-2012.

تجدر الإشارة إلى إزدياد عدد زوار الموقع في هذه الفترة من 8 مليون زائر شهرياً إلى أكثر من 13 مليون زائر، كما كان مسؤولاً عن المشاريع الهامة في كلارين، وعمل كرئيس تحرير صحيفة "كرونيستا" الاقتصادية وكمراسل أجنبي في أسبانيا، ومحرر اقتصادي وسياسي في جريدة كلارين.

في حديثنا عن تجربة صحيفة كلارين الأرجنتينة الواسعة الانتشار في دمج غرف الأخبار، قال "داتري" لشبكة الصحفيين الدوليين، "أن الابتكار هو كلمة السر في خلق مجتمعات جديدة من القراء لمتابعة المحتوى المنشور في كل من الوسيط المطبوع والإلكتروني وذلك في ظل البيئة التنافسية لوسائل الإعلام"، وهناك أسئلة أساسية يجب طرحها عن تكلفة دمج غرف الأخبار والدافع وراء اتخاذ مثل هذا القرار ووجود إمكانية فعلية لتحقيق هذا التحوّل والربحية من وراء عملية الدمج.

وأشار "داتري" إلى أن التحول إلى غرفة أخبار مندمجة، كان في البداية عبارة عن إعادة ترتيب للمكاتب في غرفة الأخبار. وكانت الخطوة الثانية، التي استغرقت منهم جهداً كبيراً، هي إقناع الصحفيين باكتساب مهارات جديدة للتأقلم مع البيئة الرقمية الجديدة، والخطوة الثالثة، هي تعليم جميع العاملين أساسيات العمل في الصحافة الإلكترونية مثل كيفية البحث الفعال على الإنترنت، والعمل على إنتاج تقرير فيديو، وكيفية التعامل مع نظم إدارة المحتوى، ومن ثم وضع أساليب جديدة لتنظيم تدفق المحتوى الإخباري داخل غرف الأخبار لكي تتلاءم مع متطلبات الإعلام الرقمي.

وقد بدأت خطة الاندماج في كلارين عام 2008 عن طريق إضافة مكتب مركزي داخل غرفة الأخبار للتحكم في جميع عمليات إنتاج المحتوى الإعلامي للصحيفة المطبوعة والمنصات الرقمية، كما زوّدوا الغرفة بمكتب مخصّص لرئيس ديسك الموقع الإلكتروني الذي يشرف على الصفحة الرئيسية والمحتوى المنشور على موقع كلارين. وأنشأوا كذلك إدارات للتسويق والشؤون التجارية وتكنولوجيا المعلومات، وفي عام 2011 أطلقت كلارين أول محطة تليفزيونية Web TV لتقديم خدمة البث الحي عبر الإنترنت.

وبالنسبة لطاقة العمل، كان لديهم 40 فرداً يؤدون جميع الوظائف والمهام في موقع كلارين، أما الآن فلديهم 400 صحفي من المحررين والمصورين الصحفيين والمصممين ومحرري الشبكات الاجتماعية الذين يعملون للمنصتين معاً. يقوم صحفيو الفيديو بإنتاج وتحرير 750 فيديو شهرياً بما يحقق 7.5 مليون مشاهدة شهرياً في موقع كلارين، وتتناول تقارير الفيديو موضوعات متنوعة مثل الرياضة والتسلية والجريمة وأخبار المجتمع والسياسة والشؤون الدولية والمقابلات الخاصة.

و فيما يتعلق بمراحل تدفق العمل الإخباري داخل غرف الأخبار وفقاً لما ذكره داتري، فيبدأ العمل في الساعة الثانية صباحاً لتحديد بعض المحتوى المنشور في الصحيفة الورقية لإعادة نشره في الموقع، وفي الساعة الثالثة صباحاً ينتهون من الإصدار الذي سينشر على أجهزة الآي باد، وفي الساعة 6 صباحاً يتم بتحديث محتويات الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني. ويُعقد اجتماع المحررين الأول في الساعة 7.30 صباحاً ويتم تحديث محتويات الصفحة الرئيسية كل ساعتين.

ثمّ يعقد الإجتماع الرئيسي للمحررين في الواحدة بعد الظهر لمناقشة الموضوعات التي سيتم نشرها على الويب وتحديد أفضل محتوى يمكن نشره في الصحيفة المطبوعة الصادرة في اليوم التالي. ثم تجتمع القيادات الصحفية في 6 مساءً لتحديد محتويات الصفحة الأولى للجريدة كما يقومون بمراجعة المحتويات التي سيتم الاحتفاظ بها في الصحيفة المطبوعة، والتي سيتم إرسالها للموقع الإلكتروني وأجهزة الموبايل والأجهزة اللّوحية. وينتهون من إعداد الصحيفة المطبوعة في 11 مساءً.

وقال "داتري" أنه بعد سبعة أعوام من تجربة كلارين، كانت عملية الدمج بالنسبة لهم مجرد محاكاة للتجارب الأخرى والاستفادة من تجارب الصحف العالمية كالدايلي تليجراف وواشنطن بوست وغيرها. بالإضافة إلى دراسة استرتيجيات التسويق التي طوّرتها الشركات ذات العدد الهائل من العملاء والتعلم منها لمعرفة كيفية التواصل مع العملاء.

وهناك العديد من التحديات التي واجهتهم مثل المزج بين الثقافات المختلفة داخل غرف الأخبار حيث يحدث صراع بين جيلين من الصحفيين، وهم الصحفيون الشباب الذين يحبون العمل في الصحافة الإلكترونية والصحفيون ذوي الخبرة. وقد نتج هذا الصراع لأن العديد من الصحفيين مقتنعون بأن ممارسة الصحافة تكون في الصحيفة المطبوعة أما الويب فهو مخصص للتسلية والأخبار القصيرة وأخبار الطقس ومشاهدة بعض الفيديوهات.

وبالنسبة للنتائج المترتبة على عملية الدمج، "يقوم فريق العمل بكتابة وتحرير الصحيفة المطبوعة التي توزع 300.000 نسخة يومياً، وادارة الـ Web TV، والموقع الإلكتروني و15 من المواقع الفرعية التابعة له، كما وإدارة 18 مليون مستخدم شهرياً" بحسب قول داتري. بالتالي يجب بذل جهد كبير لمحاربة الصراع اليومي الناتج عن الثقافات القديمة للمحرّرين الذين يدافعون عن مواقعهم الوظيفية ويثيرون المشاكل مع زملائهم، بدلاً من التركيز على خلق محتويات جديدة وأفكار ومنابر جديدة للتواصل مع الجمهور.

ينصح "داتري" المؤسسات الصحفية التي تريد تطبيق الدمج باتباع هذه الآليات:

  • يعتمد بناء غرفة الأخبار المندمجة على الإمكانيات المتاحة لكل وسيلة إعلامية، بالتالي يجب دراسة هذه الإمكانيات والعمل على أساسها
  • يجب على المسؤولين الاهتمام بتطبيق معايير الجودة في الموضوعات المنشورة على الإنترنت
  • يجب على الصحفيين المحافظة على تقاليد ومبادىء الصحافة الورقية
  • تقديم وسائل جديدة لخدمة القارىء الذي يسعى إلى ما هو أكثر من قراءة الأخبار
  • إنشاء وتطوير منصات رقمية لتكون أكثر تركيزاً على السوق الرقمي
  • يجب على الشركات الإعلامية أن تحدّد سياسة واضحة لكيفية التغلب على المشكلات التي ستواجهها.

إن كنتم من المبادرين الإعلامية، نتطلّع إلى قراءة نصائحكم وتجاربكم في خانة التعليقات أدناه.

نُشرت صورة غرفة أخبار "كلارين" بعد أخذ إذن الصحفي داريو داتري.