لصحة نفسية أفضل للصحفيين.. دليل لدمج الألعاب اليدوية الإبداعية بالصحافة

5 sept 2024 dans موضوعات متخصصة
صورة تعبيرية

بالتأكيد يتذكر معظم الصحفيين باعتزاز كيف كانوا يقضون في طفولتهم ساعات مع ألعاب بسيطة كانوا يصنعونها بأنفسهم ويسافرون معها بخيالهم إلى مغامرات رائعة. فهل جاء الوقت لنعود إلى الماضي ونحضر منه تلك الألعاب التي كنا نصنعها بأيدينا كي نستخدمها في سردنا لقصص صحفية تجذب مزيدًا من القراء؟ خاصة وأن "لعب الكبار" يجعل العمل أكثر إنتاجية ومتعة. 

شبكة الصحفيين الدوليين ستصحبكم في رحلة نعود بها إلى الماضي، حيث طفولتنا والألعاب التي كنا نصنعها بأنفسنا مثل الطائرات الورقية والعرائس وحتى المراكب الورقية، ثم نعود بكل ذلك إلى حاضرنا المهني، لندمج بين الألعاب اليدوية الإبداعية والصحافة، فنصنع قصصًا مميزة، ونجعل عملنا أكثر إبداعية. 

لنلعب ونعمل! 

تخيل معنا هذا الموقف؛ مطلوب منك إنجاز قصة صحفية عن أهرام الجيزة وما تخفيه من أسرار، ترى كيف ستفكر في أفضل صورة مناسبة لقصتك الجديدة؟ السيناريو الأول هو أن تذهب بكاميرتك وتلتقط مجموعة صورا للأهرام، لكن هناك سيناريو آخر ربما لن تفكر فيه لأنك "كبرت"، وهو أن تحضر ورقًا مقوى من أقرب متجر لبيع المستلزمات المكتبية في منطقتك، ثم تصمم بنفسك ثلاثة أهرامات مجسمة بأحجام متتالية، وبعدها تحضر رمالا حقيقية وتفرشها على المنضدة وتضع أهرامك عليها ثم تلتقط صورة ترفقها بقصتك، أنت هنا لا تبتكر صورة إبداعية لقصتك الصحفية فحسب، لكنك تحسن حالتك النفسية وتقلل آثار ضغط العمل على صحتك. 

نحن هنا لا نتحدث عن دمج الألعاب الرقمية بالصحافة، أو إنشاء لعبة إخبارية، وهي العملية التي تحتاج عادةً فريقًا يضم مصمم ألعاب وفنانًا بصريًا ومبرمجًا، لكننا نتحدث عن ما يمكن أن نطلق عليه الحرف اليدوية التي كنا نقوم بها كنوع من أنواع اللعب، مثل تصميم مجسم من أغطية زجاجات المياه الغازية، أو عمل برج من أعواد الكبريت، أو صناعة نموذج مجسم لمعلم ما من الورق المقوى، أو عمل لوحة فنية من أزرار الملابس أو حتى الصخور التي تقابلنا على الشاطئ، إضافة إلى بناء كيان ما من قطع المكعبات الكلاسيكية أو الليجو.  

أهمية اللعب للصحفيين 

وفق تقرير أعدته مجموعة من المتخصصين في الصحة النفسية، فإنه "في حين أن اللعب أمر بالغ الأهمية لنمو الطفل، فهو مفيد أيضًا للأشخاص من جميع الأعمار. يمكن أن يضيف اللعب البهجة إلى الحياة، ويخفف التوتر، ويعزز التعلم، ويربطك بالآخرين وبالعالم من حولك. ويمكن أن يجعل اللعب العمل أكثر إنتاجية ومتعة". 

وبحسب التقرير السابق فإن لعب الكبار له فوائد عدة لها علاقة بالعمل، إذ يحافظ عليك وظيفيًا عندما تكون تحت ضغط، وينعش عقلك وجسمك، ويزيد الطاقة ويمنع الإرهاق، ويثير الإبداع والابتكار، وأكثر. 

وتؤكد بعض البحوث العلمية أن هوايات الطفولة لو أعدناها لحياتنا اليوم بالرغم من أننا كبرنا، يمكن أن تعزز الحالة المزاجية، وتحسن الثقة بالنفس، وتقلل من التوتر، كما تقلل أيضًا من التدهور المعرفي. ثبت أيضًا أن تلك الهوايات مضاد طبيعي للاكتئاب.  

يشبه اللعب الإبداعي حالة التأمل؛ حين تعمل على تنفيذ عمل إبداعي فأنت تركز فقط في هذه اللحظة، لحظة صناعة إبداعك، وحينها يتوقف الزمن، وتصبح قادرا على نسيان ضغوطات الحياة اليومية وتنشغل بشيء منفصل تمامًا، زيادة إلى ذلك، تحفز الصناعات الإبداعية إنتاج الدوبامين، الناقل العصبي الذي يشعرك بالسعادة، وهو المسؤول عن المتعة والاستمتاع. 

اجعلوا "الكبار" يلعبون 

على عكس العديد من المؤسسات الصحفية في عالمنا المعاصر، أدركت العديد من شركات التكنولوجيا منذ مدة طويلة العلاقة بين الإنتاجية وبيئة العمل الممتعة، لذلك تشجع العديد من تلك الشركات موظفيها على اللعب والإبداع. فهمت العديد من هذه الشركات أن المزيد من اللعب في العمل يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، وزيادة الرضا الوظيفي، وزيادة الروح المعنوية في مكان العمل. 

وهناك تجربة مهمة أطلقها استوديو Invisible Room للبرمجيات والتصميم في برلين، الذي دمج بين الألعاب اليدوية والعمل بشكل مميز، فأول خطوة في تطوير البرمجيات لديهم هي "النموذج الأولي التناظري"، الذي يعني القيام بنسخة أولية من المشروع باستخدام مواد مثل الورق أو الأزرار أو حتى الليجو، وهذا يعني أنك لتطور برمجيات في هذا الاستديو، مطلوب منك أن تلعب أولًا. 

نسيت العديد من المؤسسات الصحفية، خاصة في عالمنا العربي، أن اللعب ضرورة، مع أن الصحافة لم تكن بعيدة عن تقديم الألعاب اليدوية للكبار بل على العكس ارتبطت بها، فالألعاب كانت جزءًا مهمًا من الصحافة منذ أكثر من قرن من الزمان، حين ظهرت أول لعبة كلمات متقاطعة في New York Sunday World في العام 1913. 

وهناك العديد من الأفكار لدمج الألعاب اليدوية الفنية في العمل الصحفي، على سبيل المثال يمكنك استبدال رسم بياني رقمي معد مسبقًا لقصتك الصحفية بأن تصنع بنفسك رسما بيانيا من أعواد الثقاب أو حتى أزرار الملابس، ولو كنت تنجز قصة عن سقوط طائرة ما، يمكنك أن تصنع مجسما من الورق المقوي أو قطع الليجو لطائرة مستوحاة من صورة الطائرة الحقيقية، تستطيع كذلك أن تستعيد خبرات طفولتك وتصنع بنفسك طائرة ورقية فهذه ستكون صورة جيدة لقصة عن الطائرات الورقية، كما يمكنك تعلم فن الأوريجامي لتنفيذ أشكال فنية يمكن أن تكون صورًا رائعة لقصصك الصحفية، ولو كنت بصدد كتابة قصة عن البراكين فلماذا لا تأتي ببعض الطين من حديقة منزلك أو مؤسستك وتصنع بركانًا يصلح كصور لقصتك؟ 

مصادر تجعلك تتقن هوايتك أكثر 

صناعة أشكال فنية يمكن استخدامها في السرد القصصي، حتى لو كانت بسيطة، يحتاج منا أن نتعلم المهارات اليدوية بشكل سليم، لذا سنقدم لك بعض المصادر المتخصصة في تعليم الكبار للمهارات الفنية اليدوية. 

إدراك 

تقدم منصة إدراك مساقا مجانيا باللغة العربية سيعلمك فن لف وطي الورق "الأوريجامي" خطوة بخطوة وبكل سهولة، كما ستتعلّم بنفسك كيفية صناعة أدوات فن لف الورق من مواد بسيطة متوفرة في المنزل. 

Skillshare 

مجتمع تعليمي يقدم مئات الفصول الدراسية التي يتم تدريسها عبر الفيديو، بواسطة خبراء محترفين في حرفهم اليدوية، ستتعلم مهارات عدة تجعلك تصنع أجمل المنتجات المصنوعة يدويًا التي يمكن أن تفيدك في الحصول على نماذج مجسمة جيدة تصلح لقصصك الصحفية. يمكنك الحصول على نسخة تجريبية مجانية مدتها شهرين، وبعدها ستحتاج للدفع لمزيد من التعلم. 

Creativebug  

منصة تعتمد على الفيديو في تقديم دروس تجعلك تصنع أجمل الأمور بنفسك، سواء عن طريق الرسم أو الخشب أو حتى الخياطة، تتيح المنصة قوائم مستلزمات مفصلة وأنماط وقوالب PDF قابلة للتنزيل. المنصة توفر نسخة تجريبية مجانية. 

CreativeLive  

الآلاف من دروس الفيديو عبر الإنترنت، بما في ذلك دروس الحرف اليدوية في موضوعات مثل الخط والكتابة اليدوية وتكوين أشكال فنية من القصاصات.  

Makers Mess  

ستعلمك تلك المنصة كيف تصنع أجمل الأشياء في المنزل، عبر مئات الدروس التي ستجعلك تجيد موضوعات مثل الرسم بالألوان المائية والتطريز. 

أكاديمية عالم الأوريجامي 

قناة فنية على يوتيوب باللغة العربية، متخصصة في تعليم الكبار فن الأوريجامي، ستتعلم من مقاطعها كيفية عمل أشكال فنية عدة من فن طي الورق. 

قناة نووريا 

قناة فنية أخرى على يوتيوب باللغة العربية، تتميز بأن محتواها لا يقتصر على نوع واحد فقط من الحرف، ستجدون مقاطع تعلمكم فن التشكيل بالأسلاك، وصنع الملصقات، وعمل لوحات من القماش وغيرها. 

وأخيرًا.. 

ضع على مكتبك صلصالا وألوانا مائية وكتب تلوين وقصاصات من الورق المقوي وأقلام رصاص وأكثر، وسواء كنت ستستخدم إنتاج هوايتك كصور في قصصك الصحفية، أو حتى كنت ستمارسها في وقت راحتك بدون هدف مهني، اعلم أنك تقوم بشيء يجب أن تفخر به، ومهما كان عمرك، إلعب لتنجو من كافة الضغوطات. 


الصورة الرئيسية لأشكال فنية منفذة يدويًا يمكن استخدامها في قصة صحفية عن الأشجار أو البيئة، وهي حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة رومان كرافت.