كيف نجعل قصصنا البيئية أكثر قربًا من القراء؟

8 janv 2024 dans تغطية قضايا البيئة
صورة تعبيرية

أصبح تغيّر المناخ من أهمّ القصص الصحفية في هذا العصر لأنه يرتبط مباشرة ببقائنا على قيد الحياة، ويتحكّم في صحتنا وغذائنا وشكل مستقبلنا، ومع ذلك لا يزال ملف البيئة وتغير المناخ لا يحتل الأولوية المناسبة في غرف الأخبار، ولا يجذب الاهتمام الأكبر للقراء.

وربما يشعر الكثير من القرّاء بأن المشكلات البيئية مجرد أحداث بعيدة عنهم ولا تعنيهم، ولا يربطون بينها وبين التحديات التي تواجههم في الحصول على الغذاء المتنوع بأسعار معقولة، أو التمتع بصحة جيدة أو القدرة على تعليم أطفالهم، وقد يكتفي البعض بمتابعة الكوارث الضخمة التي تفرض نفسها لكن لا يشعرون بالانجذاب للتعمق أكثر، أو يشعرون بالملل من تكرار سرد الكوارث المناخية.

في الوقت نفسه، قد ينظر بعض الصحفيين إلى قضايا البيئة على أنها منطقة "محدودة للغاية"، إلا أنها في الحقيقة مظلة واسعة يمكن أن تنبثق منها عشرات القصص حول تغير المناخ، والتنوع البيولوجي، والاستدامة، والتلوث، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر. 

إذًا، أصبح التحدّي الأساسي أمام الصحافة البيئية الآن هو أن تصبح أكثر قرباً من القرّاء، وأن تقدم لهم قصصاً بها "أنسنة"، وتشتبك مع تفاصيل الحياة اليومية للناس وتقفز إلى منطقة اهتماماتهم المتعلقة بجودة الحياة والعمل والهوايات، وألاّ تبقى منحصرة في ركن صغير في غرف الأخبار غير قادرة على الانتشار.

وفيما يلي، أهم النصائح لأنسنة القصص البيئية وجعلها أكثر حميمية وقرباً من القراء:

1-استخدم القصص الإنسانية

لا تترك قصصك البيئية متخمة بالمعلومات والأرقام بدون إدخال الخيط الإنساني الذي يبث فيها الروح، استخدم القصص والحكايات اليومية للأشخاص المتأثرين بتغير المناخ لتقدم للقارئ وجبة سهلة الهضم، وتدفعه إلى إكمال قصتك، فتوضح له مثلًا كيف يؤثر تغير المناخ على قدرته على شراء منتجات محددة في المستقبل، أو استمراريته في العمل وكسب الرزق، وهكذا.

مثال آخر، إذا كنت تكتب قصة عن فيضان في منطقة ما، سيكون من الجيّد أن تكتب حكاية شخص معين كان يعيش هناك وفقد منزله وممتلكاته، أو أصيبت طفلته بمرض ما، أو إذا كنت تكتب قصة عن أساليب جديدة في الزراعة للتكيف مع تغير المناخ، فيمكنك التحدث مع مزارع استفاد منها واستطاع حماية محصوله وزيادة دخله، وبالتالي انعكس ذلك على رفاهية أسرته وأعاد بناته إلى التعليم بعد انقطاعهن، وهكذا.

2-قم بتبسيط الدراسات العلمية

لا تنسَ تبسيط الدراسات العلمية قدر المستطاع للتخفيف من حدّة الأرقام وتعقيدها، لا سيما أن محتوى الصحافة البيئية يحتاج دائماً إلى التوثيق بالإحصائيات، ولا تضمّن قصتك مصطلحات علمية معقدة بدون شرحها، والاكتفاء بأبرز الأرقام لأنّ المبالغة في سرد الإحصائيات سيجعل القصة أكثر جفافاً وأقل فائدة.

في الوقت نفسه حافظ على التوازن بين "التبسيط والتعقيد"، فلا تبالغ في الإسهاب والشرح، ولا تبالغ في تضمين الكلمات العلمية المعقدة.

3-فكّر كيف تناسب القصة مجتمعك المحلّي

قبل الإعداد لقصتك، فكّر في الجمهور الذي تخاطبه وحدّده جيداً، وأجب على هذه الأسئلة: ما هي المشكلات البيئية التي يعاني منها السكان في بلدي؟ ما هي الزاوية التي سيهتمون بها؟ كيف ستؤثر هذه المشكلة على حياتهم اليومية؟ 

هذا لا يعني ألا تكتب عن القضايا البيئية العالمية، بل يعني أن تبحث عن الخيط الذي يجعل من هذه القضايا قصة مهمة للقارئ المحلي في بلدك.

4- لا تتحدث عن تغير المناخ باعتباره قضية بيئية منفصلة

الكتابة عن تغيّر المناخ باعتباره قضية منفصلة يعزّز من العزلة المفروضة على هذا النوع من القصص، لذا من المهم أن نفكّك كل قصة، وأن نبحث عن الرابط البيئي في كل القصص التي تبدو أنها لا تتعلّق بالبيئة، ويمكننا العثور على هذه الزاوية في قصص السياسة والرياضة والتعليم والصحة والاقتصاد وغيرها.

على سبيل المثال، قد تكون مهتمًا للغاية بمباراة كرة القدم التي سيلعبها فريقك المفضل بعد أسبوع، لكن إذا حدث تغير متطرف في الطقس بفعل تغير المناخ قد تُلغى المباراة، هذه زاوية بيئية لمعالجة قصة في ملف الرياضة، أو إذا انهارت الخدمات الصحية في بلد ما بفعل الفيضانات ولم تجد النساء الحوامل رعاية صحية للولادة، هذه زاوية بيئية للكتابة عن التهديدات التي تتعرض لها صحة النساء.

إذًا من الجيّد أن نرى أنّ بإمكان كل الصحفيين في مختلف أقسام غرف الأخبار الكتابة عن القضايا البيئية.

5-اختر زوايا محددة

كلّما كانت زاوية معالجة القصة أكثر تحديداً كلمّا كتبت قصّة أكثر إتقاناً، على سبيل المثال إذا أردت الكتابة عن تأثير تغير المناخ على صحة النساء، فيمكنك التحديد أكثر واختيار زاوية معينة، ستبحث مثلًا في تأثير الفيضانات في منطقة معينة داخل بلد معين على انتشار الأمراض، أو على نقص الرعاية الصحية الذي تسبب في الضرر لآلاف الأمهات.

ولا تتعجّل في اختيار الزاوية، اقرأ عن القصة التي ستكتب عنها بقدر المستطاع، فربّما استطعت التقاط خيط جديد لكتابة قصة مختلفة.

6-وظف الوسائط السمعية والبصرية

توظيف عناصر الملتيميديا سيساعدك على صناعة قصّة جذابة وآسرة للقراء، فيمكنك دمج مقاطع الفيديو والصور مع النص المكتوب، أو استخدام مقاطع صوتية داخل القصص لإضفاء حميمية وصدق، أو استخدام الانفوجراف لتلخيص الكثير من الأرقام وإيصالها بسهولة إلى القارئ

7-صحافة الحلول تخفف من قتامة المشهد

ترتبط المشكلات البيئية بعشرات الكوارث والتأثيرات السلبية التي تغذي مشاعر القلق والخوف لدى القراء، لذا من المهم أن نمنح الاهتمام لصحافة الحلول البيئية، وهذا لا يعني تجاهل المشكلات أو التقليل من حجمها، بل إرفاقها بالحلول الممكنة والجديدة التي تمثل فرصة ومصدرًا للتفاؤل ونموذجًا ناجحًا يمكن تكراره، حتى لو ارتبط تطبيقها ببعض التحديات والصعوبات.

على سبيل المثال، إذا تحدثنا عن قصص مرتبطة بدور الأفراد في تخفيض بصمتهم الكربونية فهذا قد يجعل الأشخاص يفكرون في توفير الطاقة أو المياه أو تقليل الاستهلاك، أو إذا تحدثنا عن الطاقة المتجددة سيشعر القراء بالأمل في توفير الطاقة بأسعار جيدة، وهكذا.

8-ضمّن العدالة المناخية في قصصك

تغير المناخ يطال الجميع، ومع ذلك لا يتأثرون بنفس الشكل أو الحجم. من المهم أن تعتني بزوايا العدالة المناخية داخل قصصك، فإذا كنت تتحدث على سبيل المثال عن قضية الطهي النظيف، اشرح كيف يؤثر ذلك على النساء أكثر من الرجال، أو إذا كنت تتحدث عن تأثير تغير المناخ على التعليم، اشرح كيف يتأثر أطفال الدول النامية الذين يعانون من نقص الخدمات، مقارنة بأطفال الدول المتقدمة.

9-ابحث عن مصادر محلية

حاول العثور على دراسات محلية ومصادر للاستعانة بها داخل قصصك، لأن جزءًا كبيرًا من محتوى الصحافة البيئية العربية يعتمد على نتائج الدراسات الأجنبية فقط. هذا العنصر سيضفي المزيد من الدعم لقصصك.

ثانيًا: دلائل إرشادية تساعدك في كتابة قصّة مبسّطة عن تغير المناخ

1-دليل رويترز للصحافة البيئية بعنوان  "لماذا يهمنا المجتمع المحلي؟"

هذا الدليل يتضمن ثلاث دورات تدريبية، الأولى تتحدّث عن التحقق من المعلومات والتعامل مع البيانات المرتبطة بتغير المناخ، وتمد الصحفيين بنصائح  للتحقيق في القضايا البيئية المحلية ومعرفة ما إذا كانت مرتبطة بتغير المناخ، والثانية تقدّم لهم النصائح لتغطية القصص البيئية وتغير المناخ بطريقة تجذب الجمهور، والثالثة تتحدث عن الأمن الرقمي والحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية أثناء التغطية.

2-دليل بنك التنمية الأميركي للصحفيين العاملين على قضايا تغير المناخ

ينقسم هذا الدليل إلى خمسة أجزاء، هي : "مقدمة حول تأثيرات تغير المناخ، وكيف تصنع قصة مؤثرة، وكيف تدعم قصص تغير المناخ داخل غرف الأخبار، وكيف تغطي أحداث مفاوضات التغير المناخي، وكيف تستخدم منصات السوشيال ميديا لدعم قصصك الصحفية".

3-دليل لتغطية قضايا الصحافة البيئية في أفريقيا للصحفيين الأفريقيين، وتم إنتاج الدليل بشكل مشترك بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة والشبكة الأفريقية للصحفيين البيئيين.

4-دليل مبادرة إسناد الطقس العالمي، ويساعد الصحفيين على الربط بين أحداث الطقس المتطرفة وبين تغير المناخ.

5-تدريب جوجل حول الصحافة البيئية.

6-دورات تدريبية من منصة الأمم المتحدة للتعلم عن التغير المناخي.

7-دورات تدريبية من شبكة صحافة الأرض.

8-بوابة معرفة تغير المناخ من البنك الدولي.

ثالثًا: أمثلة لبعض القصص الصحفية التي عالجت القضايا البيئية من زوايا إنسانية

-وقود نظيف للطهي.. "الحق الغائب" يقتل ملايين النساء سنويًّا.

-"عقارب أسوان" توجه الأنظار إلى المخاطر الصحية المرتبطة بتغيُّر المناخ.

"الزراعة الذكية مناخيًّا".. ممارسات حتمية للتكيُّف مع تغيُّرات المناخ.

-امرأة عراقية في قلب المتغيرات المناخية.

-لماذا تتصدر النساء الصفوف في مواجهة كوارث المناخ بأفريقيا؟

-"العين الإخبارية" تحقق.. هذا الوقود يدمر نساء مصر.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة كيلي سيكاما.