مبادرة "صواب": مكافحة الأخبار المضللة عبر "واتسآب" 

1 févr 2023 dans مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة لفريق صواب

أعتى آليات السيطرة على البشر هي عملية التلاعب بالعقول. وهذه العملية تقوم على إقناع الآخر بحقائق مغلوطة تجعلهم يشككون في أنفسهم والأخبار الصحيحة التي تصلهم، من أجل تحقيق تضليل عامّ. وعلى المقلب الآخر، أصبحت عمليات التحقق من المضامين الإعلامية والصحفية المنتشرة أسرع وأسهل ونجد عدداً لا بأس به من المبادرات التي تُعنى بمحاربة الأخبار الكاذبة والتضليل الذي تمارسه الجهات المختلفة.   

وليست مصادفة أن يختار قاموس "ميريام ويبستر" مصطلح "Gaslighting" في اللغة الإنجليزية، والذي يعني التضليل و"التلاعب بالعقول"، كأكثر كلمة مفضلة دالّة على هذا الموضوع، وذلك بسبب انتشار وسهولة نشر الأخبار المزيفة وممارسة التضليل.   

إنّ هذا الموضوع مرتبط بالترند اليومي أو القضايا التي يتم التداول بها على شبكات التواصل الاجتماعي، منها ما يتم تناقله من أخبار المشاهير وكرة القدم وصولاً إلى السياسة. يبحث الناس عن أمور أكثر جدلية للتحدث عنها أو للتعليق عليها. إنّ التعليقات المرافقة لخبر أحد المشاهير قد يأخذ حيّزاً كبيراً في حال الوفاة أو الطلاق وغير ذلك، إلى جانب الجرائم التي تحصل في بعض المناطق، وترافق الخبر الأساسي مجموعة من الأخبار أو التفاصيل المزيفة.

ومن صُلب الخبرة الإعلامية وخدمة الحقيقة، وُلدت مبادرة "صواب" التي تجمع تحت رايتها عدداً من الصحفيات والصحفيين الشباب الذين يعملون بشكل جديّ على مكافحة الأخبار المزيفة التي يمكن أن تتحوّل إلى خطاب كراهية وتحريض على إثنيات ومجموعات بشرية بأكملها.  

انطلقت هذه المبادرة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام ٢٠٢٢، بعد تدريب مجموعة من الطلاب والخريجين في مجال الاعلام الذين  شاركوا في دورات تدريبية مكثفة ضمن برنامج الشباب لمكافحة خطاب الكراهية والأخبار الزائفة على الصعيد المحلّي والوطني، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP وبالشراكة مع جمعية "دوائر".

وفي حديث مع شبكة الصحفيين الدوليين، قالت الصحفية غدير حمادي وهي من مؤسسي المبادرة إنّ "الهدف من منصة "صواب" هو خلق عقلية لدى اللبنانيين تجعلهم يشككون في الأخبار التي تصلهم عبر مجموعات "واتساب" الإخبارية قبل إعادة مشاركتها مع الآخرين للحدّ من انتشار الأخبار المزيفة". وأكدت أنّ "المبادرة لا تستطيع التحكّم أو التأثير على المجموعات الإخبارية التي تسيّرها أجندات غير معلنة لكنها تطمح إلى تزويد مدراء المجموعات ببعض الأدوات البسيطة التي تمكنهم من التحقق من الأخبار" لأنه في كثير من الحالات ومع "انتشار أخبار خاصة ببعض الجرائم مثلاً، يتم نشر أخبار مضللة تتحول إلى خطاب كراهية بحق إثنيات أو مجموعات بشرية معينة، وهذا أخطر ما في الموضوع".  

بحسب حمادي، يبدأ عمل الفريق يومياً "بتصفح الأخبار اليومية لمراقبة ما هو خارج السياق أو ملفت للنظر". وأضافت: "كما نقوم بالتحقق من الصور التي يتم إرسالها مثل الإعلانات الزائفة التي تهدف إلى جمع المعلومات وغيرها، عبر إجراء بحث باستخدام أداة تسمى Tineye. وبعد التحقق من الخبر ننشر التصحيح على المجموعات في واتساب وفيسبوك".  

من جهته، أكّد فؤاد بوغادِر أحد مؤسسي "صواب" أنّ "المبادرة تهدف للوصول إلى جمهور أكبر خصوصاً في المناطق الأطراف التي تشهد أزمات حيث التغطية الإعلامية شبه محدودة فيها وهذا هو الهدف الأساسي للمبادرة. نحن نسعى للتشبيك مع مدراء ومشغلي المجموعات الإخبارية، الذين ينقلون الأخبار لآلاف الأشخاص. ونحن نهدف إلى جمعهم في مجموعة واحدة حيث يشاركوننا أخبارهم ونتحقق من صحتها قبل النشر. وفي المرحلة اللاحقة تهدف المبادرة إلى التشبيك مع وسائل الإعلام الكبرى، المرئية والمسموعة والمقروءة، وبدأت هذه المرحلة من خلال إطلالة أسبوعية عبر إحدى الإذاعات اللبنانية". 

وأضاف: "إنّ عمل التحقق من دقة الأخبار والمعلومات في المؤسسات اللبنانية لا يزال محدوداً، على الرغم من وجود أقسام للتحقق من المعلومات. بالإضافة إلى وتيرة العمل، حيث تنشر هذه المؤسسات مواد منشورة على منصات التحقق من المعلومات أو تلك التي تحصل عليها عبر وكالات الأنباء التي تقدّم هذه الخدمة. أمّا بالنسبة للتعاون خارج لبنان فقد شبّكت المبادرة مع "أريج" للاستفادة من التدريبات التي تقدّمها الشبكة. إضافة إلى ذلك، عقدت المبادرة اتفاقية مع "عربي فاكت هاب" حيث ستتم مشاركة جميع المواد بشكل دوري".

إنّ مكافحة الأخبار المضللة عبر تطبيق "واتساب" هي عملية واسعة وتُمارس بشكل كبير في لبنان، ويشارك المواطنون الأخبار المضللة من حسن نية عبر المجموعات. إن تقليل نشر الأخبار المضللة بهذه الطريقة يؤدي إلى خلق وعي لدى المواطن بضرورة التحقق قبل النشر. لقد شهدنا أخباراً مضللة متنوعة خلال جائحة كوفيد19 وفي لبنان تنتشر الأخبار الخاصّة بالمصارف وأسعار صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركيّ، والعديد منها غير صحيح.  

وتهدف المبادرة إلى "تدريب القيّمين على المجموعات الإخبارية والتعرّف عليهم وضمّهم إلى مجموعة صواب للحدّ من انتشار الأخبار المضللة. يمكن لهؤلاء أن يرسلوا الأخبار التي يشككون بأمرها إلينا لكي نتحقق منها"، وفقًا لفؤاد بوغادِر.

وعلى الهامش، بدأت شركة "ميتا" المالكة والمشغلة لتطبيقي إنستجرام و واتساب بعقد شراكات مع المؤسسات الإعلامية التي تقدّم خدمات التحقق من المعلومات في شتى أنحاء العالم اعتباراً من العام ٢٠١٨. ولأن المراسلات عبر تطبيق "واتساب" مشفّرة بين المرسل والمرسَل إليه، لا يمكن التعرّف على الأخبار المزيفة إلا من خلال شركاء ترد إليهم الرسائل المحتمل أنها تحمل أخباراً مزيفة، ويقوم هؤلاء بالتحقق من المعلومات ومشاركة مقالات عنها مع جمهورهم. 

وفي المحصّلة، إليكم بعض النصائح للتحقق من المعلومات التي ترد إليكم عبر تطبيقات المراسلة المختلفة: 

  • شككوا دائماً بالأخبار التي تردكم حتى لو كانت من مصادر معروفة، تقود السرعة وقوة الأخبار أحياناً إلى النشر من دون التحقق. 
  • التحقق من الصور باستخدام محركات البحث المعكوس لمعرفة صحة الصور من زيفها.  
  • مراقبة المجموعات الاخبارية ورصد الأخبار المشكوك بأمرها ووضعها على طاولة التحري.  
  • في حال متابعة موضوع معين، يمكن وضع "إشعارات نشر" تسمح لكم بمتابعة جميع المنشورات حول هذا الموضوع عبر "جوجل".  
  • الاشتراك بخدمات التحقق من المعلومات وبعضها مجانيّ من أجل توخي الدقة.  

الصورة الرئيسية لفريق "صواب"، وهي مقدّمة من غدير حمادي