رغم اعتماد غالبية المواقع الإخبارية على الفيديو في نشر مجموعة من القصص والأخبار، إلّا أن إنشاء قنوات إلكترونية تُنتج على مدار الساعة مقاطع فيديو متاحة للنشر، ليس بالظاهرة الشائعة كثيرًا في العالم العربي، لأسباب كثيرة، من أهمها على الإطلاق، العامل المالي، إذ يحتاج الفيديو إلى استثمار أكبر من ذلك الذي يحتاجه النص المكتوب.
في هذا الإطار، تعدّ قناة "شوف تيفي"، من القنوات الإلكترونية القليلة في المغرب والمنطقة العربية، خاصة وأنها راهنت منذ إطلاقها على تجديد محتواها كل يوم بمجموعة من المقاطع، رغم قلة الموارد ومحدودية الطاقم. وقد عمدت هذه التجربة الإلكترونية، إلى إطلاق قناة أكثر تخصصًا في الآونة الأخيرة، تهتم بقضايا وأخبار المرأة، هي "المرأة تيفي".
إدريس شحتان، مؤسس قناة "شوف تيفي"، تحدث لشبكة الصحفيين الدوليين، فقال بأن
نسبة مهمة من المادة الإعلامية التي تقدم للمغاربة " مُوّجهة في عمومها للرجال، ممّا يجعل المرأة شبه مُغيّبة عن التناول الإعلامي الجاد"،
مضيفًا أن "مساحة الضوء المسلّطة على المرأة المغربية في وسائل الإعلام ضيقة جدًا بالمقارنة مع المساحة التي تركّز على الرجل، وأن ما يهم المرأة المغربية في التفاصيل الدقيقة من حياتها، جدّ محدود في الإعلام العمومي خاصة والإعلام الخاص بصفة عامة". هذه الندرة في الاهتمام هي ما دفعت إدريس شحتان إلى إنشاء قناة خاصّة بالمرأة: "لا أخفي أن حلم إنشاء قناة إلكترونية خاصة بالمرأة كان حلمًا قديمًا، توّلد عندي من خلال دراسة ميدانية لنوعية المواد الإعلامية التي تقدم للمرأة أو تتناولها، والتي كما أسلفت، كانت تركز على جوانب ظاهرية فقط" يقول شحتان الذي يدير كذلك جريدة أسبوعية تحت اسم "المشعل".
غير أن تنفيذ الفكرة لم يخلُ من عراقيل، خاصة مع الاعتماد الكلي على الإمكانيات الذاتية والإبداعات الخاصة والمجهود الكبير للطاقم: "العراقيل تعدّ تقنية بالدرجة الأولى، لا سيما وأن هناك مختصين في الموارد البشرية (مهندسين وتقنيين ومساعدين للتقنيين في مجال الإعلام الالكتروني وتلفزة الويب..)، ولهذا نحاول أن نتكيّف مع الواقع" يقول شحتان.
ويتابع المتحدث: "نعاني كذلك في عمليات التوضيب والبث، ناهيك عن معدات التصوير التي لا تتماشى مع طموحاتنا، زياةً على التحدي الأكبر المتمثل في رغبتنا الملحة في أن نكون عند مستوى تطلعات الفئة المستهدفة، إذ يصير لزامًا علينا أن نقدم المواضيع التي تهم المرأة بطريقة تختلف عن وسائل الإعلام التقليدية".
أكبر رهان في الإعلام الخاص بالمرأة، هو تحقيق نسبة محترمة من المتابعة وفي الوقت نفسه عدم الغرق في الأمور البسيطة كالماكياج والطبخ والموضة.
لذلك يظهر أن طاقم "شوف تيفي" واعِ لهذه المعادلة، إذ يقول شحتان: "رغم أننا لا نزال في البدايات، إلّا أن الخدمة التي نقدمها، تنتقي تبويباتها بعناية فائقة، معتمدة في ذلك على دراسة معمقة قمنا بها لتطلعات المرأة المغربية وتصوّرها للإعلام الذي تريد، فحتى الطبخ إن قُدم بطريقة مبدعة سيحقق متابعة كبيرة، لكنني صدقاً نسب المتابعة لا تهمني الآن بقدر ما تهمني نتائج التجربة بحد ذاتها".
غير أن تجربة "شوف تيفي" طبعتها الكثير من الانتقادات، من قبيل أنها تسخر من جهل وأمية الناس في تصريحات الشارع التي تستقيها، لذلك يجيب شحتان: "من السذاجة الاعتقاد أن "شوف تيفي" تبحث عن أخطاء الناس والآراء السطحية كي تسخر منهم في فيديوهاتها، فهي أساسًا قناة لكل المغاربة، انطلقت منهم وتعيش بينهم، وتسهر من أجلهم، وتتيح لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم. أما "المرأة تيفي" فهي مستقلة تمامًا، ولها طاقمها الخاص ومقرها الخاص وأسلوبها الخاص أيضا".
كما أن ندرة الاهتمام بقضايا المرأة في الإعلام، لا يعني غيابها عن المرأة الصحافية، إذ يؤكد شحتان أن لمستها حاضرة بقوة في كل الأجناس والأنواع الصحافية، بل وتتميز فيها بقدر وافر من المهنية، ذلك أن "بعض المواضيع لا يمكن أن تنجز إلا بحس أنثوي، زيادة على وصولها لمراتب عليا في المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة"، مضيفًا في هذا الصدد أن هناك رقمًا كبيرًا للصحافيات المغربيات في المجال الإلكتروني.
إجمالًا، استطاعت مؤسسة "شوف تيفي" أن تحقق نجاحاً تترجمه أرقام تصفح الموقع وحضورها بين المواقع الإخبارية الأولى في المغرب وتزايد حجم صفحتها الرسمية على فيسبوك، وفي هذا السياق، يقول شحتان: "لا يفوتني أن أعزو نجاح "شوف تيفي" إلى الطاقم الصحفي والتقني الشاب الذي يسهر الليالي من أجل ربح رهان تبوء صدارة المشهد الإعلامي في المغرب".
صورة لشحتان مع المرأة تيفي وضعت بعد الموافقة.