تواجه عملية إجراء الانتخابات الليبية عوائق فنية وسياسية وقانونية كحملات التّضليل والتّدخُّل، وصولاً إلى عدم حصول الناخبين على المعلومات الكاملة حول المرشّحين/المرشّحات، إضافة لذلك يتعرض الصحفيون الليبيون لانتهاك حقوقهم، والتأثير على شفافية عملهم، على الرغم من المساعي المتواصلة لتنظيم عملية الانتخابات.
بدورها، تكشف اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عن تصاعد حالات الإعتداءات على الصحفيين والإعلاميين في ليبيا مثل ممارسات التهديد والابتزاز والإرهاب المسلح إضافة لجرائم الاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري من قبل الجماعات والتشكيلات المسلحة بعموم البلاد.
وفي الوقت الذي يتطلّع المواطنون الى مدى نزاهة الانتخابات، تزيد أهمية مراقبة هذه العملية من قبل الصحفيين وتغطيتها بشكل مهني وحيادي للكشف عن أي انتهاكات قد تحصل خلال العملية الانتخابية والتي قد تؤثر على سير العملية بأكملها.
ويعلّق المجتمع الدولي آمالًا كبيرة على انتخابات مرتقبة برلمانية في ليبيا قبل نهاية 2022 برعاية أممية ضمن إطار سلمي يهدف لوضع حدّ لصراع معقد في البلاد. وبموجب القانون رقم 8 لسنة 2013، تعتبر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات هي الجهة الوحيدة التي تتولى تنظيم وإدارة العملية الانتخابية في ليبيا، لكلّ ما يتعلق بمن يحق له الاقتراع للمرشَّحين/المرشَّحات، ومراكز الانتخابات والمراقبة والتدقيق والاجراءات القانونية الخاصة بعملية الانتخابات الليبية.
في هذا السياق، تشير الصحفية الاستقصائية الليبية ربيعة عمار في مقابلة مع شبكة الصحفيين الدوليين إلى أنّ "الالتزام بمبادئ ومعايير العمل المهني للصحفيين الذي ينظم عملهم والقائم على المصداقية والموضوعية وعدم الانحياز والنزاهة فى نقل الخبر يساهم بشكل كبير في عدم وقوع الصحفي في اشكاليات". إضافة لذلك، تعتبر دقة المعلومات التي يحصل عليها الصحفي حول برامج ونتائج المرشَّحين/المرشَّحات وعدم نشرها إلا بعد التأكد من صحتها من مصادر مستقلة لكل ما يخص الانتخابات ضرورة لتغطية الانتخابات الليبية بشكل موضوعي وبعيداً عن التحيز.
واليوم، باتت عملية الاعتماد على أكثر من مصدر خلال فترة الانتخابات ضرورة، حيث تنتشر الأخبار المضللة التي قد تؤدي الى العنف أو المساس بمشاعر الناخبين، بحسب عمار.
تواصلت شبكة الصحفيين الدوليين مع ثلاثة صحفيين ليبيين يقيمون في مناطق جغرافية مختلفة في البلاد وغطوا وقائع الانتخابات سابقاً. ويتشارك الصحفيون في ضرورة التحقق الدقيق من المعلومات المنشورة، ونَسْبها إلى مصادرها، إضافةً لتجنب نشر الشائعات. ويتوجب على الصحفي ما يلي:
- عدم استباق النتائج النهائية للتصويت بتسريبات قد تكون مضللة ولا تستند الى وثائق أو إعلان رسمي وهو ما قد يتسبب في انتشار الفوضى.
- عدم تقديم معلومات شخصية تتعلق بالمُسجلين أو المُقترعين.
- عدم التدخل بأي شكل من الأشكال في مجريات العملية الانتخابية أو دفع الناخبين باتجاه انتخاب جهة سياسية ما.
- الامتناع عن نشر أي نتائج أو أنباء قد ترد من مندوبي المرشَّحين/المرشَّحات وغير صادرة عن جهات رسمية مكلفة بإصدار النتائج.
- عدم الترويج لخطاب الكراهية، والالتزام بمبدأ الرأي والرأي الآخر.
- أخطاء يجب على الصحفيين خلال تغطية الانتخابات تجنبها مثل عدم الدقة والمبالغة أو التعتيم والانتقاء أو إخفاء المصدر.
- تزويد المواطنين بالمعلومات وشرح تحديات الاقتراع، وطرق التصويت العملية (من يحق له التصويت؟ كيف؟ متى؟ أين؟ من يحق له الترشّح؟)، من خلال تقارير ومداخلات وتوضيحات وعناصر سياق ومقارنة.
- تعرّف إلى قوانين وعمليّات إدارة الانتخابات المحلّيّة، والأحكام الدستورية.
- متابعة بيانات المراقبين المحليين والإقليميين والدوليين حول مراعاة عملية الاقتراع والأصول القانونية.
- على الصحفيين الإبلاغ عن برامج الأحزاب ونشاطها والمرشَّحين/المرشَّحات بشكل محايد ومتوازن.
في ليبيا كما معظم البلدان، تُفرَض قواعد بالفترة الانتخابية، أكانت طوال الفترة السابقة للحملة، أو للحملة الرسمية، أو المرحلة التي تعقب عملية الاقتراع، خاصة لدى الإعلان عن النتائج. وينصح خبراء جميع الصحفيين الراغبين بتغطية الانتخابات الليبية بضرورة الاطلاع على دليل إجراءات الدعاية وتمويل الحملات الانتخابية للمرشحين والكيانات السياسية، كخطوة أولى لفهم جميع الإلتزامات والواجبات بخصوص الانتخابات.
وتعتقد الصحفية الليبية وصانعة المحتوى نورا الجربي، أنّ تجرية التغطية الإعلامية للانتخابات الليبية هي جديدة للوسط الإعلامي، لذلك يجب التركيز على نشر معلومات حقيقية قبل انتشار أي معلومات خاطئة حتى لا يؤثر انتشارها على الجمهور المتلقي.
ويحذر مختصون في تغطية الانتخابات من ظاهرة تنامي الشائعات والتسريبات عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال فترة الانتخابات، حيث ينصح بالتعامل المهني مع التسريبات التي لا تخدم إلا مصلحة من قام بتسريبها، من خلال امتلاك المعلومات الصحيحة، ونشر هذه المعلومات فقط، وأن يكون النقل من جهات رسمية مثل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أو الجهات الدولية الرسمية التي تراقب الانتخابات.
ولفهم دور الصحفيين ووسائل الإعلام في الانتخابات والحملات الانتخابيّة للمرشَّحين/المرشَّحات بشكل عام يمكن الاطلاع على دليل الإعلام والانتخابات المفصّل والصادر عن برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي.
وفي حديثها لشبكة الصحفيين الدوليين، تعتبر الجربي أنّ من أهم التزامات الصحفيين ووسائل الإعلام خلال تغطية الانتخابات الليبية الامتناع عن التعبير عن الانتماء الخاص، عدم وضع أي شعار يتبع لجهة سياسية أو حزب ما خصوصًا بوجود عدد كبير من المرشحين وهو أمر يفقد السيطرة على فهم هذه الآلية.
وفيما يلي بعض الموجبات أو التوصيات التي تمّ جمعها من ثلاث صحفيين ليبيين عملوا على تغطية الانتخابات السابقة في البلاد والتي تساهم في تغطية متوازنة ومن أهمها:
- وضع البطاقة الصحفية وإبرازها في حال الطلب.
- الاستجابة التامة للتعليمات الخاصة بمركز الاقتراع والفرز.
- تجنب الإفصاح عن أي آراء سياسية في إطار التغطية الصحفية وتحديدًا خلال فترة الانتخابات.
- معرفة القوائم الانتخابية المرشحة، ونسبة الحسم في الانتخابات، وعدد السكان ونسبة عدد الناخبين.
- معرفة كاملة بالطبيعة السياسية لليبيا، والأحزاب المتنافسة، خلفيات المرشَّحين/المرشَّحات وبرامجهم الانتخابية.
- الامتناع عن الوسائل غير مشروعة للحصول على معلومات (كتسجيل مقابلة مع أحد المرشَّحين من دون الحصول على إذنه).
- عدم دفع المال أو تلقّيه مقابل الحصول على معلومات.
- إعلام الأشخاص الذين تجري مقابلتهم بأن كلامهم سيُنشَر وسيخرج بالتالي إلى العلن.
- ذكر المصادر التي تُستقى منها المعلومات بشكل واضح وصريح.
- الميدان هو أول مصدر للصحفي. المواطنون بأجمعهم يحددون نتائج الانتخابات، وهم الذين يجب أن يُسألوا بالدرجة الأولى عن احتياجاتهم وتوقعاتهم. على الصحفي أن يقصد هذه الفئة من الناس.
- التواصل مع منظمات المجتمع المدني المكلَّفة بمراقبة عملية الاقتراع، وانطباعاتها من خلال مقارنتها بتلك التي يقدّمها المراقبون الدوليون.
وتمثَل التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية تحديًا هامًا لوسائل الإعلام أمام ما تقتضيه هذه الفترة من حياد وموضوعية. ويحتوي دليل الصحفي في التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية على جملة من القواعد والضوابط والتوصيات التي يتعين على الصحفي التقيّد بها عند تغطية مختلف مراحل المسار الانتخابي، كما يتضمن جملة من الواجبات للصحفيين وللمؤسَسة الإعلامية والمبادئ الأساسية للتغطية الإعلامية للانتخابات المتمثلة في:
- الحياد
- الموضوعيَة والدقَة
- التوازن أو المساواة
- الإنصاف
- خدمة الصالح العام
ونظراً لتزايد وارتفاع حالات الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون ووسائل الإعلام وتكررها بشكل واسع النطاق مما يُصعب عملية رصدها وتوثيقها، أطلق المركز الليبي لحرية الصحافة خدمة "الخط الساخن" والذي يهدف لتمكين الاستجابة السريعة والفاعلة في تلقي الشكاوى والتبليغ عن الوقائع والحالات على مدار اليوم.
وعن كيفية مواجهة انتهاك حقوق الصحفي أثناء الانتخابات في ليبيا، تضيف الجربي في مقابلة مع شبكة الصحفيين الدوليين أنّ بعض الصحفيين الليبيين تورطوا في انحيازات جعلت منهم أهدافًا مباشرة، لذلك لا بد من خلق مدونة سلوك واضحة من خلالها يمكن الاعتماد على تقدير عمل الصحفيين.
ختاماً، على الصحفيين الاطلاع على قانون الانتخابات في ليبيا، لكي يتمكنوا من متابعة كل التفاصيل أثناء وبعد العملية الانتخابية.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش