هناك الكثير من القصص التي تستحق أن تُروى على هذه الأرض، أبطالها بشر، أماكن، أو حيوانات وطيور تعيش في بيئات مختلفة. لكن ماذا عن أعماق البحار والمحيطات؟ الحقيقة أنها هي الأخرى تحوي عوالم من الحكايات التي تستحق أن يكون لها مكان في عالم الصحافة. السفن الغارقة، الكائنات الحية البحرية، وحتى الآثار الغارقة، كل ذلك وأكثر يمكن أن يأخذ دور البطولة في قصص صحفية مميزة ومؤثرة.
هنا، تقدم لكم شبكة الصحفيين الدوليين دليلًا كاملًا عن عالم التصوير تحت الماء، بداية من تعلم الغوص وشروطه وحتى اتقان هذا المجال بشكل احترافي، لصناعة قصص تنقل للقارئ ما تخفيه البحار والمحيطات من تفاصيل مدهشة. لا وقت لنضيعه، دعونا نغوص الآن!
المحطة الأولى.. الغوص
قبل سنوات قليلة، كان بيشوي فايز، وهو مصور صحفي يجوب أماكن مختلفة على الأرض بحثًا عن تفاصيل وأماكن وبشر يستحقون أن يكونوا أبطالًا لصوره. قدم فايز عشرات المشاريع المصورة التي استخدم في أغلبها تقنية عدسة عين السمكة، وكان أشهر تلك المشاريع هو مشروع توثيق الأماكن الحقيقية المرسومة على العملات المصرية، والذي سافر من أجل تنفيذه لأغلب المحافظات المصرية ليلتقط صورة للعملة بجانب المكان الحقيقي المرسوم عليها.
لكن مؤخرًا غيّر المصور طريقه، قرّر التفرغ لتعلم الغوص، حتى بات مدرب غوص محترف، ودمج بين حبه للغوص وبين عشقه للتصوير، وتخصص في التصوير تحت الماء، ونفذ مشاريع مصورة تحت الماء منها أول عرض أزياء تحت الماء في مصر، كما وثق بكاميرته حياة كائنات بحرية عدة مثل الدلافين، والسلاحف، وغيرها.
يقول بيشوي فايز لشبكة الصحفيين الدوليين إنّ الخطوة الأولى التي تؤهلك لأن تصبح مصورًا محترفًا تحت الماء هي تعلم الغوص على يد مدرب محترف متمكن من أدواته ويمتلك خبرة حقيقية وفهمًا عميقًا للغوص، وأن يكون قادرًا على الإجابة عن كل الأسئلة التي تدور في ذهنك بخصوص هذا المجال، ومن المهم أن تخبره أنّ هدفك الأساسي من تعلم الغوص هو التصوير تحت الماء.
يكمل فايز أنّ المدرب حين يعلم بأن رغبتك الحقيقية هي التصوير تحت الماء سيركز معك على تقنية مهمة في الغوص يطلق عليها الطفو المتعادل، أو بالإنجليزية (Neutral Buoyancy) والمقصود منها أن تمتلك القدرة على الثبات في المياه بدون صعود أو هبوط أو حركة، وهو ما سيعطيك القدرة على أن تكون ثابتًا في المياه خلال عملية التقاط الصور، وبالتالي لن تكون صورك مهزوزة أو غير واضحة.
وفق فايز، فإنّ المجهود الذي ستقوم به لإيجاد مدرب غوص مؤهل ومحترف سيفيدك بدرجة كبيرة، إذ ليس كل المدربين المعتمدين قادرين على مساعدتك على التخلص من المخاوف النفسية التي يعاني منها بعض الناس تجاه المياه بشكل عام والسباحة والغوص بشكل خاص، إضافة إلى أنّ المدرب الجيد سيساعد كل من يتدرب معه على امتلاك قدر أكبر من الثقة في النفس أثناء الغوص.
وبعد تعلم الغوص باحترافية، سيكون عليك ممارسة الغوص بشكل عملي مستمر لضمان اكتساب مهارات أكبر، هكذا يقول فايز، مضيفًا أنّ فهم سلوك الكائنات البحرية المختلفة، خطوة تالية مهمة ستمكنك من التعامل بذكاء مع الكائنات البحرية ومعرفة سلوكها حين يقترب منها البشر، وكيفية حثها على الهدوء وعدم الخوف وفي نفس الوقت معرفة وقت الخطر الذي يجب أن تبتعد فيه عنها، ما يعني أنه سيكون لديك خبرة في التعامل معها والتصرف الصحيح أثناء أي موقف مفاجئ.
ونرشح لك هنا مشاهدة فيلم وثائقي قدمته "الجزيرة الوثائقية" عن كائنات المحيط، وهو "الكوكب الأرزق" الذي سيعطيك فكرة جيدة عن سلوك الكائنات البحرية.
الخطوة التالية لما سبق، بحسب فايز، هي دراسة كل تفاصيل الكاميرا الخاصة بك والتي ستستخدمها في التصوير تحت الماء، بهدف معرفة كل خباياها وتعلم كيفية إخراج أجمل الصور بواسطتها.
ووفق بيشوي فايز، فإنّ هناك معلومة مهمة يجب أن يعرفها كل مصور تحت الماء، وهي أنّ استخدام وحدة إضاءة خارجية هو أمر لا مفر منه، حتى إذا كان ضوء الشمس متوفرًا، لأن القاعدة تقول إنه كلما غُصت في المياه أكثر كلما اختفت الألوان، لذلك يجب أن تعتمد على وحدة إضاءة خارجية حتى تستطيع رؤية الألوان الطبيعية.
وللحصول على صورة جيدة تحت الماء، ستحتاج لضبط بؤرة العدسة للحصول على صورة واضحة المعالم، وأن تحاول جاهدًا مسك آلة التصوير بثبات شديد لتلافي الصورة المهزوزة، وللحصول على أفضل الألوان يفضل ألا تزيد المسافة عن متر ونصف المتر تقريبًا، فكلما اقتربت أكثر كانت الصورة أجمل، ومن المهم الاستعانة بالفلتر المرشح لتصحيح الألوان فهو يساعد على موازنتها، وستساعدك وحدة الإضاءة الخارجية الساطعة بأن تظهر الألوان بشكل واضح وجميل في صورتك.
وأخيرًا، يرى فايز أنه كلما كنت مبدعًا أكثر كلما كانت نتيجة عملك مميزة أكثر، إذ يرى أن المصور يجب أن تكون لديه رؤية وأن يتمكّن من التصوير من زوايا مختلفة، ويُدرك تقنيات الإضاءة المختلفة ولديه رغبة حقيقية في أن تكون له بصمته الشخصية.
نصائح عملية للتصوير تحت الماء
على موقعها الرسمي على الإنترنت، قدمت مدرسة نيكون، وهي مدرسة لتعليم التصوير تابعة لشركة الكاميرات الشهيرة، مجموعة من النصائح المهمة التي ستساعدك في التقاط صورة مميزة تحت الماء، منها التأكد من استخدام وضع تحت الماء الموجود في أغلب الكاميرات المتخصصة، والمصمم لتصفية اللون الأرزق حتى تظهر صورك معبرة عن اللون الحقيقي للكائنات التي تصورها فوتوغرافيًا.
من المهم كذلك الاقتراب من الجسم الذي ستصوره قدر الإمكان حتى تخرج الصورة جيدة، لكن هذا طبعًا إذا ما كنت ستلتقط صورة لكائن يمكن الاقتراب منه بأمان.
من المهم كذلك استخدام وضع الماكرو للاقتراب بشكل أكبر من الأجسام الدقيقة. أيضًا يفضل وجود عنصر ثان بجانب الأجسام الضخمة، حتى يستطيع المشاهد أن يعرف حجمها الحقيقي، على سبيل المثال، في حال قيامك بتصوير حطام سفينة فوتوغرافيًا، لا بدّ أن يظهر في المشهد غطاس بشري لتوضح الفرق بين حجمه وبين حجم الإنسان العادي، وهذا الأمر سيجعل الصورة الفوتوغرافية الكلية أكثر تشويقًا للمشاهدة.
أفضل 10 كاميرات للتصوير تحت الماء في 2022لا يمكنك أن تصبح مصورًا محترفًا يستكشف عالم ما تحت الماء من دون كاميرا متخصصة قادرة على أن تنقل للناس ما ستراه هناك، وهناك عشرات الأنواع من الكاميرات المتخصصة في التصوير تحت الماء. فيما يلي نقدم لكم أفضل 10 كاميرات في العام 2022 بحسب القائمة التي أعلنها موقع JUST CREATIVE، والتي استندت إلى ميزات الكاميرات ومواصفاتها إضافة إلى الأداء العملي وشهرتها ومراجعات المستخدمين.
Panasonic LUMIX DMC-TS30R/DMC-FT30
كتب عن التصوير ستغوص بك تحت الماء
إذا كنت من عشاق الكتب فدعنا نخبرك أن هناك مجموعة كتب بالعربية تستحق الاقتناء لكل من يفكر أن يتخصص أو على الأقل يتعلم الغوص من أجل التصوير تحت الماء. أبرز هذه الكتب هو "التصوير السينمائي تحت الماء"، للمصور السينمائي المصري سعيد شيمي، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ومعظم فصول الكتاب تنقل لنا بأسلوب أدبي جميل تجارب "شيمي" الشخصية مع عالم التصوير تحت الماء، ومن خلال الكتاب يسعى "شيمي" الذي درس التصوير بالمعهد العالي للسينما للكشف عن الجمال في الطبيعة تحت الماء وكيف أن التصوير في أعماق البحار يعلمنا أشياء أخرى كثيرة عن النفس، والأحياء، والبحر، والحياة المدهشة الساكنة والمتحركة تحت الماء.
هناك كذلك كتاب (Truly, Madly, Deeply) للمصور الفوتوغرافي الإماراتي علي بن ثالث، الذي يحتوي على 100 صورة ملونة عن الحياة البحرية في بعض أكثر المواقع البحرية روعة في العالم. أهمية هذا الكتاب أنه سيعرفكم بشكل غير مباشر على كيفية تكوين كادر محترف لصورة مميزة. الكتاب هو حصيلة أكثر من 20 سنة قضاها "بن ثالث" في التصوير تحت الماء في أكثر بحار ومحيطات العالم غموضًا وخطورة بدءًا من جزر المالديف مرورًا بماليزيا وإندونيسيا والفلبين وجزر الباهاما وغيرها.
وأخيرًا..
لا تنس بعد أن تتعلم التصوير تحت الماء أن تشارك بصورك في المسابقة السنوية للتصوير تحت الماء في المملكة المتحدة، وهي مسابقة دولية تفتح أبوابها لكل المصورين من كل أنحاء العالم، وتشمل التصوير في المحيطات، والبحيرات، والأنهار، وحتى في المسابح. يمكنكم مشاهدة الصور الفائزة في العام 2022 من هنا.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة جيرالد شومبس.
Tous les articles de
