الأخبار برايل.. إضاءة صحفية لتنوير المجتمع

17 juin 2022 dans موضوعات متخصصة
الصورة الرئيسية لإعلان مؤسسة أخبار اليوم عن العدد الأول من الأخبار برايل

لم يكن يعلم لويس برايل مخترع نظام القراءة والكتابة العالمي للمكفوفين، أنه سيأتي يومٌ تصدر فيه مجلة صحفية باللغة العربية، بطريقته المكونة من 6 نقاط محفورة للقراءة باللمس. ولم يكن يعلم أحمد المراغي المخرج الصحفي في مؤسسة أخبار اليوم، أنّ لقاءه القدري في ساعة متأخرة من شتاء 2007 بأحد المكفوفين الذي كان يعمل مراجعًا لغويًا بطريقة برايل في مطبعة كتب سيقوده لإصدار أول مجلة مكتوبة بلغة برايل في العالم العربي والشرق الأوسط.  

من تاكسي في عاصمة المحروسة "القاهرة" بدأ الحلم مصريًا، ومضت الرخصة إنجليزية بقيمة توازي 160 دولار أميركي، لتولد مجلة انفراد في عام 2008 قبل أن تتحوّل للأخبار برايل في العام 2017 بتمويل شخصي ثم خيري مصري وعربي، ثم بتمويل صحفي مؤسسي، بعد 9 سنوات من المحاولات والتجارب للتعبير عن ذوي الهمم. 

في حديثه لشبكة الصحفيين الدوليين، قال رئيس تحرير الأخبار برايل الأستاذ أحمد المراغي: "ذهبتُ للأديب الكبير الراحل الأستاذ جمال الغيطاني، طالبًا منه مقالاً للنشر في العدد الأول من مجلة انفراد، فسألني هل من الضروري أن يكون الموضوع عن المكفوفين، وعندما قلت له أن المجلة ستصدر للمكفوفين وليس عن المكفوفين، أعجبته الفكرة وعلق قائلاً: 'هتنجح' ".

وأضاف: "في مارس/آذار 2008 صدر العدد الأول من مجلة انفراد بفريق عمل من المكفوفين، وعلى غلافه حوار مع نجم الكرة المصرية والعربية وقتها محمد أبو تريكة، الذي تعامل بكل احترام معنا ودعم الفكرة وظلّ يتابعها هاتفيًا بنفسه حتى خرج العدد للنور. اخترنا طريقة التوزيع بالاستهداف، وقمنا بوضع المجلة في أماكن تجمع المكفوفين، وكنت آنذاك أدفع مكافآت جيدة مقابل الموضوعات المنشورة"، ويستطرد: "في العدد الثاني تولت مؤسسة خيرية مصرية تمويل المجلة، وخرج العدد بغلاف يحمل صورة الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي بعدما استضاف حوارنا معه في مزرعته، وقمنا بطباعة 1000 نسخة بدلاً من 500 نسخة. بعد بضعة أعداد سافرت للسعودية لعرض تجربتي في مؤتمر الإعاقة عام 2008، وعدت بتمويل مؤسسة خيرية. ظلت انفراد تصدر كل 3 أشهر حتى توقفت في الفترة بين عامي 2011 و2013 بسبب الثورة والأحداث السياسية المتزامنة، وبعد محاولات فاشلة للعودة عرضت الأمر عام 2016 على الراحل ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم آنذاك، والذي تبنى الفكرة ودعمها وخرج العدد الأول من الأخبار برايل يحمل اسم مؤسسة أخبار اليوم العريقة، برعاية أحد البنوك العربية الكبرى في مارس/آذار 2017، لننتقل من التجربة الفردية للتجربة المؤسسية".

 

وعن المحتوى يقول الأستاذ أحمد المراغي لشبكة الصحفيين الدوليين: "المجلة مجانية والمحتوى عام ومتنوع، وتصدر بانتظام منذ 6 سنوات في 60 ورقة، وتحولت لإصدار رسمي معتمد من المجلس الأعلى للصحافة ثم الهيئة الوطنية للصحافة". ويضيف: "تعتمد طريقة برايل في القراءة على خلية من النقاط البارزة مرتبة في شكل مستطيل في صفحات بيضاء يمكن قراءتها بالأصابع من قبل المكفوفين. تتكون الخلية من 6 نقاط، موزعة جهة اليمين واليسار بالتساوي وتمثل جميع الحروف والأرقام وعلامات الترقيم"، مشيرًا إلى أنّ فريق العمل يتكون بالأساس من المكفوفين ومنهم إسراء ماجد ونهلة سليمان ومينا أسعد وسابقًا أحمد رياض أبوهميلة الذين تولوا إنتاج المحتوى الرئيسي، بجانب بعض المساهمات من كبارالصحفيين وكتاب الرأي. 

وعن تناول قضايا ذوي الهمم في الإعلام العربي قال المراغي: "يجب أن تقوم المؤسسات والنقابات الصحفية والإعلامية بإعطاء دورات لأعضائها عن كيفية التعامل مع تلك القضايا واستخدام المصطلحات الصحيحة في الوصف. ونحتاج إلى دفعة وعي شديدة التركيز لتأهيل المجتمع للتعامل مع المكفوفين، ودمجهم بشكل طبيعي مع المجتمع بدءاً من لائحة الطعام وحتى أوراق البنوك والأوراق الطبية".  

أمّا عن مستقبل الأخبار برايل قال رئيس التحرير: "انتقلنا لخطة تسويقية جديدة، وقمنا بتوقيع عقود رعاية مع أحد البنوك المصرية، وأنشأت المؤسسة إدارة المسؤولية المجتمعية ومطبعة برايل الوحيدة من نوعها بين المؤسسات الصحفية العربية والتي تمّ استغلالها أيضًا في طباعة كتب برايل لوزارة التربية والتعليم المصرية والأزهر الشريف. كما أطلقنا مركز أخبار اليوم للتدريب والاستشارات لتعليم المبصرين لغة برايل ضمن مبادرة المس حلمك التي تهدف لتوعية المجتمع وتأهيله للتعامل مع ذوي الإعاقة البصرية، ونعدّ لحملة صوتك واصل لتوعية المجتمع بلغة الإشارة لمساعدته في التعامل مع الصم والبكم".

مينا أسعد الذي تخرج من كلية الإعلام جامعة القاهرة، قسم إذاعة وتلفزيون في العام 2011 والذي التحق بعد أيام من تخرجه بالقسم الرياضي في بوابة الشروق، وعمل بها لخمس سنوات قبل أن ينضم عام 2017 لمجلة الأخبار برايل قال لشبكة الصحفيين الدوليين: "عندما كنت صغيرًا كنت غير راضٍ عن مستوى المجلات المكتوبة بطريقة برايل، لأنّ المحتوى لم يكن طازجًا ولا بالمستوى اللائق، وتمنيت لو غيّرت ذلك، فمن حق المكفوفين أن يُقدم لهم محتوى إعلامي محدث. لذا كنت حريصًا في عملي في الأخبار برايل أن أتجنب نقل المحتوى أو تكراره، وأن أتواصل مع المصادر وأحصل على تصريحات خاصة، حتى أنني دائمًا ما أكرر جملة "وقال للأخبار برايل" في تقاريري الصحفية حتى أؤكد أنّ المحتوى طازج". 

وأضاف مينا: "أعمل حاليًا في إدارة الإعلام بديوان عام محافظة السويس بجانب عملي الصحفي، وشغفي هو العمل في الإعلام الرياضي الذي تمنيت كثيرًا أن أساهم في تطويره للأفضل، وكنت سعيدًا بالمشاركة مع فريق تحرير المجلة في إجراء حوار مع وزير الشباب المصري السابق المهندس خالد عبدالعزيز الذي أحسن استقبالنا ولمسنا منه دعمًا كبيرًا. في عام 2018 عملت تحت قيادة المذيع اللامع أسامة منير في راديو "أونلاين" محطة مصر، بعدما تلقيت منه تدريبًا للتقديم الإذاعي وقدمت برنامجًا رياضيًا باسم "رصيف المحطة"، وكنت أتولى إعداده أيضًا. كما أجريت حوارًا مع بطل كمال الأجسام المصري بيج رامي، بعد حصوله على البطولة الأولى، وكان سعيدًا عندما شاهد مجلة الأخبار برايل. وفي عام 2019 تم اختياري في اللجنة الإعلامية الفرعية بالسويس التابعة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" لتغطية كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت في مصر".

وعن أحلامه الشخصية والمهنية قال مينا أسعد: "أحلم أن أكون أول مراسل تلفزيوني رياضي من المكفوفين، خاصة أنني خضت تجربة مشابهة في تغطية المباريات للصحافة الورقية، وكنت أحصل على تصريحات خاصة بعد المباريات من اللاعبين والمدربين كأي مراسل تلفزيوني رياضي، وأتمنى أن أجد من يمنحني هذه الفرصة".

صورة

من جهتها، قالت نهلة سليمان محررة الأخبار برايل، وخريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة قسم الإذاعة والتلفزيون لشبكة الصحفيين الدوليين إنّها تحب الكتابة منذ الصغر وكانت لها تجارب منشورة في ركن القراء في صحف مثل الأهرام والوطن واليوم السابع، قبل أن تنضم لمجلة الأخبار برايل عام 2017 قبل انطلاقها. وعن رؤيتها للوضع الحالي للصحافة والإعلام قالت نهلة التي أصدرت كتابها الأول عام 2022  بعنوان "حكايات من عربة السيدات": "أرى أنّ الصحافة في حاجة لأن تلقي الضوء على الجانب الآخر، وتؤدي وظيفتها في تسليط الضوء على السلبيات وعلى وجهات النظر المختلفة، بجانب التركيز على الإيجابيات والإنجازات، كما أنّ معايير الموضوعية والمهنية شبه غائبة لدى بعض وسائل الاعلام". وأضافت: "أتمنى أن يقرأ الناس ما نكتبه وليس المكفوفين فقط، خاصة أن الصحافة الورقية في أزمة كبرى بسبب التكلفة المادية، لذا يجب علينا التحرك لإيجاد نسخة إلكترونية من الأخبار برايل، ليتم عرض الموضوعات فيها للجميع وهو ما سيساعدنا أيضًا في التطور". ولفتت الى أنّ "حلمها هو الانضمام لنقابة الصحفيين المصريين، لأن الدولة لا تعترف بالصحفي غير النقابي، وهو ما يساعدها في أداء مهامها الصحفية".

الصورة الرئيسية لإعلان مؤسسة أخبار اليوم عن العدد الأول من الأخبار برايل، والصورة الثانية لفريق العمل. تمّ نشر الصورتين على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن