11 عامًا من الصحافة المتخصصة بالتاريخ.. تعرّفوا إلى مجلة "زمان"

17 déc 2021 dans موضوعات متخصصة
صورة

يواجه عدد من الصحف والمجلات المتخصصة في العالم العربي، تحديات كثيرة تعرقل استمرارية العمل الصحفي بالشكل المطلوب، وذلك بسبب عوامل عدّة متداخلة، ولعلّ أهمها، ما أفرزه التحول التكنولوجي، إذ ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تراجع مبيعات الجرائد والمجلات المطبوعة، وبالتالي عدم قدرة المؤسسات الإعلامية على ضمان استمراريتها.

لكن في المقابل، نجد أنّ عددًا من المجلات المتخصصة تمكنت من الحفاظ على استمراريتها، بالرغم من كل هذه التحديات، حيث استطاعت أن تصمد أمام كل المتغيرات التي تأثر بها العمل الصحفي التقليدي. مجلة زمان المغربية، هي إحدى هذه المجلات التي حافظت على استمراريتها لإحدى عشر سنة.

وتقدم المجلة المتخصصة في تاريخ المغرب منذ انطلاقها في تشرين الثاني/نوفمبر من سنة 2010، باقة من المقالات التي تغوص في تاريخ المغرب البعيد والقريب، لتشكل بذلك استثناءً في مجال اشتغالها باعتبارها المجلة الوحيدة المتخصصة في تاريخ المغرب.

زمان.. تمكين جمهور واسع من الاطلاع على تاريخ المغرب

وفقًا لمؤسّسها، الصحفي يوسف شميرو، فإن الغرض من المجلة هو الحفاظ على التاريخ الحديث، والعصور القديمة والأثرية والعصور الوسطى، وأن تروّج للتاريخ الوطني. وكتب شميرو في افتتاحية العدد الأول من النسخة العربية للمجلة قبل 8 سنوات أنّ تجربة النسخة الفرنسية أظهرت أنّ طلب المغاربة لمعرفة تاريخ بلادهم هو طلب جدي ومتنام، مبرزًا أنّ "المجلة لا تطمح لإعادة كتابة تاريخ المغرب بل إن هدفها هو تمكين جمهور واسع من القراء من الاطلاع على تاريخ المغرب".

شبكة الصحفيين الدوليين أرادت تقريب جمهورها في الوطن العربي أكثر من هذه التجربة الناجحة، وتواصلت مع غسان الكشوري، أحد الصحفيين بالمجلة.

يقول الكشوري في حديثه مع الشبكة إنّ أقسام المجلة تتوزع بين الحوارات وبين المقالات التاريخية في جميع مراحل التاريخ، والقسم الرئيسي في المجلة هو ملف العدد الذي يكون على غلاف المجلة كل شهر. ومن أهم الأقسام يضيف غسان:"قضية ساخنة، وكشف الستار، والتاريخ المنسي، ونافذة على التراث، وبورتريه، ثم الحوار الذي يطلق عليه "شاهد على الحدث"، والحوار الرئيسي الذي هو ضيف زمان".

لجنة علمية تدقق المقالات وتؤطر المواضيع المختارة

فيما يخص محتوى المجلة، يقول غسان إنّه يخصص لجميع المواضيع التاريخية، التي تمس بالأساس المغرب وتاريخه، منذ ما قبل التاريخ إلى الزمن الراهن الذي نعيشه، وتتم معالجة المواضيع كيفما كانت ظواهر أو أحداث أو شخصيات، ويتم احترام المنهجية والمعايير العلمية في الكتابة، لأن هناك لجنة علمية تدقق المقالات وتؤطر المواضيع المختارة.

وأشار غسان إلى أنه مع بداية كل شهر، تعقد المجلة اجتماعا لهيئة التحرير وبحضور أعضاء اللجنة العلمية من المؤرخين (تتكون من 6 أشخاص)، وتتم مناقشة الاقتراحات وتحديد كيفية معالجتها، ويتم اختيار مواضيع تهم الجمهور المغربي وتعرفه بتاريخ بلاده.

مقاومة التحولات والتطور الذي يعرفه المجتمع الإعلامي

بعد مرور 11 عامًا على تأسيس المجلة، يجيب غسان على سؤال مفاده "كيف تقيمون هذه التجربة؟"، عبر جوابه بالقول: "أي تجربة إعلامية في المغرب تواجه التحول الذي يعرفه المجتمع المغربي، أي مدى ارتفاع نسبة المقروئية، وإقبال القراء أو انصرافهم عن متابعة الصحافة والإصدارات الورقية، وأظن أن مجلة زمان تقاوم التحولات والتطور الذي يعرفه المجتمع الإعلامي، وتطور من تجربتها على المستوى الداخلي والخارجي".

  • مما يوصي به أصحاب التخصص - المؤرخون والأكاديميون- أنّ من يريد الكتابة في مواضيع تاريخية، أو التاريخ عمومًا، من الصحفيين أو غيرهم، عليه أن يلتزم بالمنهجية العلمية، أو على الأقل التفريق بين الذاكرة والتاريخ.
  • يجب الرجوع إلى المراجع التاريخية المعتمدة، وعد الانحياز إلى جهة على حساب أخرى، وإذا ما أراد الصحفي الاعتماد على الذاكرة (أي مذكرات السياسيين مثلا، أو أشخاص عاشوا فترة معينة) وعليه أن يتحرى التدقيق العلمي في ما يقوله الشخص ويتطابق مع واقع الاحداث ومنطقها. كما يستوجب أن يتجنب الأحكام المسبقة أو التوظيف الأيديولوجي لقضية ما على حساب حدث وقضية أخرى.
  •  التجرد من القناعات والإنتماءات السياسية.
  • يجب على الصحفي أن يطور من قدراته حول هذا الأمر، بالاطلاع وقراءة تاريخ المغرب مثلا (وأهم الأحداث التي طبعت العالم)، كيفما كان القسم الذي يكتب فيه، فكل شيء مرتبط بالتاريخ، ومن الأفضل أن يعزز مواده وتقاريره بخلفية تاريخية عن الموضوع الذي يكتبه.
  • الاستشارة مع أهل الاختصاص، واحترام المجالات، فلا يعقل أن يقصد سوسيولوجيًا او باحثا في العلوم السياسية لإنجاز مادة تتعلق بأحداث تاريخية دقيقة وحساسة، والعكس بالعكس.

الاختيار الالكتروني مصير لا مفر منه

فرض التطور التكنولوجي وخدمات الإنترنت على المجلات والجرائد إصدار نسخ إلكترونية من أجل ضمان استدامتها، حيث أن مبيعات النسخ المطبوعة تراجعت بشكل كبير بحسب آخر الدراسات. في هذا السياق يبرز غسان أن "الاختيار الالكتروني، مصير لا مفر منه لدى كل تجربة إعلامية في العالم بأسره وليس المغرب وحده".

وأكد المتحدث أن مجلة زمان قامت بتطوير الموقع الخاص بها، وأغنته بمقالات حول ما يقع في المغرب من أخبار ذات صلة بالتاريخ أو بأهم الأحداث اليومية الطارئة بالبلاد، ففي نهاية المطاف تظل مجلة صحفية؛ وبالتالي لا غنى لها، كانت ورقية أو إلكترونية، عن مواكبة ما يقع بشكل يومي ودقيق.

الالتزام بالمصداقية لمواجهة التحديات

ردًا على سؤال حول التحديات التي تواجهها المجلة، لفت الكشوري إلى أنّ أكبر تحدّ تواجهه أي تجربة إعلامية، هو المحافظة على قرائها ومتابعيها، وتوسيع مدار القراء إلى أبعد مدى، أي جلب قراء جدد، لتعميم المعرفة والخبر، ولإعطاء المجلة والمنبر الإعلامي نفسا وروحا متجددة. قبل أن يؤكد أن المجلة "تحاول بكل ما استطاعت أن تحفر في تاريخ المغرب، لكي يكتشف الجميع أن المغرب بلد غني ثقافيًا وحضاريًا، وأنه ممتد لمئات العقود والقرون، وتحاول أن تلتزم بالجدية والمصداقية التي انطلقت منها قبل 11 عاما في جميع مقالاتها، بالنسختين العربية والفرنسية".

الصورة الرئيسية للمجلة.