كتبت دينا أبوغزالة وهي مشاركة في الدورة السابعة من برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لشبكة الصحفيين الدوليين:
هل هناك طريقة للتأكد من أن فكرتك التي تراودك لإطلاق مشروعك الإعلامي الخاص وإنشاء شركة مستقلة ستنجح؟
الإجابة لا ولكن هناك خطوات ممكن أن تتبعها لمعرفة إذا كانت فكرتك لديها فرصة للنجاح.
وفي هذا المقال سأسلط الضوء على بعض ما تعلمته خلال العامين الماضيين من خلال مادة الابتكار الصحفي (Journalism Innovation) التي كانت جزءًا من دراستي للحصول على درجة الماجستير في الإعلام التفاعلي من جامعة سيتي بلندن سنة ومن خلال اشتراكي بمسرعة أعمال Founder Institute في القاهرة قبل المضي قدما بإنشاء شركتي – إيجاب – في 2020 وتركي عملي الثابت بالبي بي سي لأدخل عالم ريادة الأعمال بكل ما يحمله من مخاطر.
أول خطوة لمعرفة إذا كان يمكن لفكرتك النجاح هو أن تتأكد من أنك تحل مشكلة موجودة بالفعل. مشكلة تعاني منها الفئة التي تستهدفها. فيجب أن يكون هناك حاجة للخدمة أو المنتج الذي تقدمه. ولذا فالنصيحة الأولى الذي يقدمها استشاريو ريادة الأعمال هي أن تقع في غرام المشكلة وليس فكرتك. فأسوأ شيء يمكن أن تفعله هو أن تكون نقطة البداية هي الفكرة. نقطة البداية لمشروعك يجب أن تكون المشكلة وبعد ذلك تقوم بتطويرالفكرة على حسب الحاجة النابعة من المشكلة.
الخطوة الثانية هي أن تبحث عن الـMarket Gap هل هناك شركات أخرى تعمل في نفس المجال أم لا. إذا كان يوجد شركات أخرى، ما الجديد الذي ستقدمه وهل هناك احتياج فعلي له؟ وهل أنت قادر على ملء هذا الفراغ؟ يجب أن يكون ما تقدمه ذا قيمة مميزة. يجب أن تفكر ما الذي يميز منتجك أو خدمتك عن الاخرين؟
الخطوة الثالثة هي التأكد من احتياجات مستخدمي منتجك أو خدمتك. أولا يجب أن تعرف من هو جمهورك. كلما كانت الفئة المستهدفة أكثر تحديدا كلما كان ذلك أفضل. وأفضل وسيلة لمعرفة ما إذا كانت فكرتك تصلح الجمهورالذي تستهدفه هي معرفة كيف يتعاملون حاليا مع المشكلة التي تحاول حلها؟ وكيف يوفرون هذه الحاجة الأن؟ إذا لم يكونوا على دراية بوجود مشكلة أو لا يحاولون التعامل معها فيجب عليك إعادة النظر في فكرتك.
ولعل من أفضل الكتب التي قرأتها عن هذه النقطة تحديدا هو كتاب The Mom Test أو اختبار الأم ويتلخص في أن أكبر خطأ ممكن أن ترتكبه هو أن تقول خلال المقابلات أو الأحاديث التي ستعقدها مع عينة من جمهورك لمعرفة ما إذا كانوا سيستخدموا منتجك أو خدمتك - أن تقول لهم - أن لديك فكرة وتسألهم بشكل مباشر عن رأيهم فيها أو ما إذا كانوا سيستخدمونها. فالأشخاص بطبعهم مجاملين وقلما ستجد أحد يواجهك بأن فكرتك سيئة. فمثلما ينصح الناس عادة بألا تعتمد على رأي أمك في فكرتك لأنها تحبك وستجاملك فلا يجب أن تعتمد على رأي أي شخص آخر.
كما أن الاشخاص عادة ما يبالغون فيما سيفعلونه في المستقبل. فإذا سألتهم عما إذا كانوا سيشتركون في خدمتك فالكثير سيقول طبعًا وقد يبالغوا أيضا في المبلغ الذي هم على الاستعداد لدفعه مقابل الاشتراك في خدمتك أو شراء منتجك.
ولذا أفضل وسيلة لمعرفة كل هذا هو القياس على ما يفعلونه الآن لتغطية حاجتهم التي سيوفرها منتجك او خدمتك. فكلما بذلوا الكثير من الوقت و المجهود (وربما المال) لتغطية هذه الحاجة كلما زادت أهمية مشروعك وكان ذلك دليلا على أن فكرتك قد يكون لها رواج والعكس صحيح.
الخطوة الرابعة هي أن تعرف كيف ستصل لجمهورك. أين ومتى وكيف ستتواصل معهم وكيف سيعرفون عن منتجك أو خدمتك؟ كلما زادت معرفتك وفهمك لجمهورك كلما عرفت أن تجاوب على هذه الأسئلة. وينصح الخبراء ياستخدام وسيلة الـ Customer Persona وهي نموذج يساعدك على فهم الفئات المختلفة لمستخدميك.
الخطوة الخامسة هي معرفة كيف ستجني المال من شركتك. يجب أن يكون عندك رؤية واضحة لمصادر الدخل من مشروعك ويجب أن تعرف تكلفة هذا المشروع وقدرتك على تحمل تكلفته إلى أن تبدأ مبيعاتك في تغطية التكلفة.
وبعد دراسة كل هذه الأمور تيقن من أنك ستكتشف أمورا اخرى غابت عن ذهنك ولذا فأنت تحتاج لاختبار فكرتك من خلال ما يسمى بالـMinimum Viable Product وهو ما يعني إطلاقك لأبسط نسخة من فكرتك قادرة على تقديم الخدمة أو المنتج الذي تريده.
فالهدف أن تتأكد من أن كل هذه الأبحاث والدراسات والتي قمت بها فعلا ستترجم إلى شيء فعلي يستخدمه الناس. فالعبرة بالتنفيذ. فكم من فكرة عظيمة انتهت بالفشل بسبب سوء التنفيذ، لذا فمن المهم أن تبدأ بنسخة مصغرة لمشروعك لمعرفة التحديات التي ستواجهك على أرض الواقع بدون خسارة أموال طائلة في إطلاق موقع أو برنامج لا يتابعه أحد.
والغالبية العظمي من الشركات الناشئة حاليا تتبع الـLean Startup Model والذي يعتمد على ثلاث مراحل أساسية: البناء (ابن مرحلة من مراحل مشروعك)، القياس (قس رد فعل مستخدميك)، التعليم (استخدم ما تعلمته من تجربة استخدام الجمهور لمنتجك لتحسين خدمتك) وهكذا.
فيجب عليك أن تتعامل مع أفكارك على أنها مبنية على افتراضات يجب التأكد منها. ولا يوجد وسيلة أفضل من اجراء تجربة للتأكد من صحة شيء أو عدمه. ولذا فيجب أن تعلم أن كل خطوة تأخذها يجب أن يكون الهدف منها أن تعلم شئ عن منتجك أو خدمتك.
فكما يقول مارك رايس في كتابه The Lean Startup هدف أي شركة ناشئة هو أن تكتشف الشيء الذي عليها تقديمه – أي المنتج الذي يريده المستهلك والذي سيدفع المال ليحصل عليه – في أسرع وقت ممكن.
ولذا إذا اكتشفت أن شركتك أو مشروعك لا يستوفي الشروط التي ذكرناها في المقال فالحل إما تغيير اتجاه مشروعك وهو ما يعرف بالـ Pivot بناءً على المعلومات التي توصلت إليها من تجاربك أو إنهاء الفكرة تماما. ولمعرفة كيف تحدد أيهما يحتاج لمقال منفصل ولكن يجب أن تتأكد من أن تغيير المسار ليس فشلا ولكن الإصرار على المضي قدما في حين أن كل المعلومات والنتائج تشير إلى أن الفكرة لن تنجح هو الفشل الحقيقي.
دينا أبوغزالة صحفية مصرية عملت لمدة 14 عاما بهيئة الإذاعة البريطانية قبل تركها لإنشاء "إيجاب" في آب/أغسطس 2020. يمكنكم متابعة إيجاب وهي إحدى الشركات الإعلامية الناشئة المشاركة بمركز التوجيه التابع لشبكة الصحفيين الدوليين لعام 2020 على فيسبوك وتويتر.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخضة الإستخدام على فليكر بواسطة ريبيكا زونيجا