منصة "مسبار" للتحقق من الأخبار.. استراتيجيات ونصائح للصحفيين

May 14, 2020 en مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
مسبار

خلص استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث إلى أنّ 18 بالمئة من الناس فقط يثقون بالمؤسسات الإعلامية وفقاً لما ورد في تقرير لشبكة أريج، وحينما نفكر لماذا هذه النسبة متدنية نجد أن ما يُصدِّره الإعلام من معلومات مغلوطة زائفة هو السبب الأكبر.

لهذا قامت بعض الشبكات الأجنبية والعربية بالتوجُّه نحو التحقق من كل الأخبار التي يتم نشرها، كوكالة الأنباء الأمريكية أسوشييتد برس، وواشنطن بوست، وسي إن إن، وعربية كـ"منصة أكيد"، وموقع فالصو، ومؤخرًا تم إطلاق موقع عربي وهو "مسبار".

وفي مقابلة قامت بها شبكة الصحفيين الدوليين مع مدير تحرير موقع مسبار محمد الشيخ يوسف، يقول "إنّ الدافع وراء إطلاق الموقع هو الحاجة المتزايدة لإعادة ثقة المستخدمين بمنصات الإعلام والأخبار، من دون التلاعب بالحقائق أو التحيز لمعسكرات إيديولوجية محددة. أيضاً؛ الاحتياج الناتج عن كثافة ضخ الأخبار المفبركة والكاذبة، والمكافحة الجادة لها، في مختلف المجالات سواء السياسية أو الاجتماعية والفنية والرياضية وغيرها".

وعن علاقة وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الأخبار غير الصحيحة، يُجيب: "بالطبع، العلاقة وثيقة جداً، فنحن في عصر ما بعد الحقيقة الذي قدم لنا البيانات الضخمة والمفتوحة، كما أنه قدم فرصة النشر والانتشار للجميع، وهذا ما تسبب بصعود وتزايد انتشار الأخبار المضللة، لتصبح ظاهرة يومية وواحدة من آفات مواقع التواصل الاجتماعي".

مسبارالصورة من موقع مسبار

استراتيجيات التأكد من الأخبار

يُوضح محمد أنّ هناك سياسة تحرير استراتيجية مكونة من ثلاث عناصر أساسية:

  • أولها الشفافية: فنحن ننشر المواد متضمنة كل عناصر التحقق والمصادر، ومن نشر عنها ومن عمل عليها وفريق العمل.
  •  ثانيًا عدم الانحياز: فنحن نعمل على تغطية كل المواضيع بمعزل عن أي أيديولوجيا أو انحياز إعلامي أو سياسي.
  •  أخيرًا الدعم بالدلائل: فكل ما ينشر على مسبار يكون مدعومًا بالدليل والمصدر.

ويتابع بالقول :"نقوم بالتحقق من الأخبار بكل الوسائل الممكنة، سواء الأدوات المفتوحة على الانترنت والتحقق من الصور والروابط والفيديوهات والتحقق من الكتاب والصحف أو عبر التواصل مع خبراء وتقنيين وشخصيات عامة أو ذوي الشأن".

تصنيف الأخبار

يُخبرنا محمد: بعد التحقق من الخبر يتم تصنيفه على أساس عناصر الحقيقة فيه، لدينا العديد من التصنيفات يتم اختيارها حسب نوع المادة والقصدية من وراء نشرها، وهي كالتالي:

  • زائف: تكون جوانب الادعاء الأساسية خاطئة وتفتقر إلى الأدلة الداعمة، بحيث يمكن تصنيف عناصر الادعاء بأنها غير صحيحة تماماً.
  • مُضلّل: يحتوي الادعاء على أوجه من الصدق والكذب على حدّ سواء، إلّا أنه يتضمن معلومات مضلّلة أو متحيّزة، أو يروّج لصورة نمطية أو لخطاب يحضّ على الكراهية. كذلك قد يحتوي بيانات غير مرتبطة بالموضوع، أو ترجمة غير دقيقة، أو يجتزأ الموضوع من سياقه.
  • صحيح: الجوانب الرئيسة للادعاء صحيحة، ومن الممكن إثباتها بأدلة ووقائع.
  • خرافة: يتضمّن الادعاء موقفاً غير عقلاني وغير منطقي، يعكس اعتقاداً مرتبطاً بالسحر أو الأساطير ولا ينبني على معرفة منطقية أو علمية.
  • انتقائي: يكون الادعاء صحيحاً لكنه يتضمن عناصر معينة من القصة ويتجاهل أخرى، إذ يهدف لترويج أخبارٍ معينة ومنع أخبار أخرى من الانتشار.
  • مشكوك فيه: رغم أنّ الادعاء ينطوي على عناصر تشير إلى أنّ الخبر ربما يكون غير صحيح، إلا أنّه في المقابل يحتوي عناصر أخرى تشير إلى أنّه صحيح.
  • إثارة: يتضمن العنوان والادعاء على عناصر مبالغة، تستهدف جذب الانتباه وإثارة اهتمام القراء، إلا أنّ محتوى الخبر يكون في الحقيقة غير مرتبطٍ بالادعاء أو بالعنوان.

أسباب تزييف الحقائق

كانت الانتخابات والصراعات السياسية في العالم جذراً أساسياً لخوض غمار الأخبار الكاذبة والشائعات، تقودها جهة في الغالب ضد أخرى، للحصول على مكاسب ما، وفي هذا السياق يقول محمد: "العديد من الأسباب تقف وراء فبركة الأخبار، منها أسباب مالية تتعلق بالربح من الإنترنت عبر الروابط المفبركة والأخبار التي تجلب التفاعل، أيضاً؛ لها أسباب تتعلق بالبروباغندا الإعلامية، فقد يتم فبركة الأخبار لخدمة أجندة سياسية معينة أو تشويه صورة أشخاص أو جماعات، وقد تنتج الفبركة عن الجهل والرغبة بكسب التفاعل والمشاركة".

في الوقت الذي باتت به العديد من المواقع تستغل بيانات المستخدمين بطريقة سيئة، لكن على النقيض يمكن للجميع استخدام موقع مسبار بأمان، حيث يُؤكد مدير تحرير مسبار: "نحن نضمن للمستخدمين عدم استخدام بياناتهم، وهو متاح لجميع القراء، بالإضافة لأن مسبار لا يطلب بيانات من المستخدم مقابل الاستفادة من الخدمة والتصفح".

نصائح للصحفيين

يرى محمد أن "الصحفي مدرب جيدًا على تقصي الحقائق، ومن خلال أدواته المحيطة في بيئته يمكنه التوصل للحقيقة، عبر شبكة علاقاته والبحث والتقصي المتأني وعدم الاستعجال بالنشر".

وهذه مجموعة نصائح يُقدِّمها موقع مسبار للصحفيين والجمهور عموماً:

  1. استقاء الأخبار والمعلومات من مصادرها الأصلية، والحرص على متابعتها من منابر إعلامية متنوعة.
  2. عدم الأخذ بالمزاعم الواردة من مصادر غير موثوقة، والشك بالمعلومات التي تروّجها والتحقق من صدقيتها.
  3. الاعتياد على استخدام أدوات البحث المتنوعة على الإنترنت لمعرفة أصل الصور ومقاطع الفيديو المشكوك في صحّتها، مثل استعمال عوامل التصفية للتاريخ والمكان والوقت والكلمات الرئيسة وغيرها.
  4. التأكد من أصالة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتأكد من المعلومات المنسوبة للهيئات الرسمية، وتصريحات ومواقف الشخصيات العامة من صفحاتها وحساباتها الرسمية.
  5. توخي الدقة في متابعة تفاصيل الخبر، لأن التضليل كثيراً ما يعتمد على تقديم معلومة صحيحة لكن متجزأة من سياقها.
  6. التساؤل عن هوية كاتب المنشور على شبكات التواصل الاجتماعي، وعن المستفيد من نشر هذا المحتوى بالتحديد، وما إذا كان أغفل أي معلومات هامة متعلقة بالموضوع؛ فمنهج التساؤل سيساعدك على كشف الحقيقة.
  7. التدقيق في جودة المحتوى سواء كان نصاً أو صورة أو مقطع فيديو، فإذا كانت الجودة متدنية أي تحتوي على سبيل المثال أخطاءً إملائية أو تورد معلومات من دون ذكر مصادرها، فذلك يستوجب الشك في صدقيّة ذلك المحتوى.
  8. الانتباه إلى طريقة عرض المحتوى، فإن لم تكن احترافية علينا أن ندقّق في فحواه أكثر.
  9. أن نحذر من تصديق الأخبار الصادمة، أي التي تتضمن عناصر مبالغة، إذ يسعى غالباً مروجو الأخبار الكاذبة إلى افتعال استجابة عاطفية كثيفة لدى المتلقي.
  10. الانتباه إلى سياق الخبر وما إذا كان في خضمّ حرب إعلامية، أي إن كان الناشر يمثلّ طرفاً والخبر الذي يروج له يستهدف الطرف المقابل، في هذه الحالة علينا الحذر من أن يكون الخبر جزءاً حملة دعاية سياسية (بروباغاندا).
  11. توخي الدقة في المعلومات الواردة قُبيل الأحداث والمناسبات كبرى، كالانتخابات والبطولات الرياضية. كذلك بالأخبار المتعلقة بالمشاهر والسياسيين والشخصيات العامة.
  12. أن نضع توجهاتنا وتحزباتنا في الحسبان أثناء الحكم على صحة خبرٍ ما من كذبه. إذ على الأرجح سنميل إلى تصديق ما يتوافق مع قناعاتنا وينسجم مع نظرتنا إلى العالم، ونرفض ما يتعارض مع معتقداتنا وآرائنا.
  13. تطوير مهارات التفكير النقدي وتفعيلها في مواجهة الأخبار الكاذبة، عبر فحص الحجج التي يقوم عليها الادعاء ومحاولة دحضها عبر استدعاء فرضيات مغايرة لتلك التي يقوم عليها الخبر. كذلك من المهم تقييم البراهين بطريقة عقلانية، وتبنيّ المقاربات العلمية في النظر إلى كل ما يُنشر في الفضاء الرقمي.
  14. القراءة عن طبيعة الأخبار الزائفة وطرائق ترويجها، وإدراك تأثيرها على الوعي ومخاطرها على مستقبل الثقافة والمعرفة، والأضرار التي يمكن تُلحقها بشتىّ جوانب الحياة الإنسانية.

إشراك الجمهور

إن موقع مسبار يمد يده للقرّاء بحيث بالإمكان إرسال أخبار يُشككون بمصداقيتها للموقع، وسيقوم فريق العمل بفحصها والتأكد منها.

مجتمع مسبار الصحفي

وهي صفحة أنشأها مدراء موقع مسبار على فايسبوك، مختصة للإعلاميين والصحفيين، تُعنى بتبادل الخبرات والمعلومات والملاحظات، حول فبركة الأخبار والتأكد منها بالتشارك فيما بينهم.

الصورتان من موقع مسبار