حكايتنا'، هي مساحة للبوح، للتوثيق، لحفظ الذاكرة وضمان تداولها، هي قالب يتكيّف مع حكايات الناس ويُثير شغفهم للكتابة وكشف كل ما هو مستور. مبادرة "حكايتنا" للصحفي السوري المقيم في بريطانيا سليمان أوصمان تهدف لخلق التواصل والمحبة والأمل، ولإظهار التنوع الموجود في سوريا.
جاءت فكرة المبادرة مطلع عام 2014، من منطلق "كلنا عنّا قصص وبدنا نشاركها" كما يقول أوصمان الذي سخّر مبادرته لمن فقد حق البوح والقدرة على التعبير، سواءً في سوريا، أو في مخيمات اللّاجئين، أو في أي مساحة يقطنها سوري فرّ من وطنه رغماً عنه.
لطالما فكّر أوصمان بمدى تفاعل الناس مع هذه المبادرة، هل حقاً سيتجاوب معه اللّاجئ الذي فقد كل شيء وصولاً لوطنه؟ وكيف ستكون ردّة فعل من فقد كامل أفراد عائلته حين يطلب منه كتابة تجربته؟ كان دوماً يسأل نفسه "هل سيتجاوب هؤلاء المنكوبون معي وسيمدّونني بقصص وحكايات توثّق ما مرّوا به؟" كان يتوقع الرفض، فهم ليسوا بحاجة للتعبير بقدر حاجتهم للمال والطعام والحياة الآمنة، بحسب توقعات أوصمان. الذي اكتشف عكس ذلك تماماً، فالناس، مهما كانت حاجاتها، فإنها بحاجة دائمة للتعبير ولسرد الحكايات التي مرّت بها.
'حكايتنا'.. بُعد ثالث
اتخذ أوصمان مساراً مختلفاً عن زملائه، فلم يسعَ لتأسيس موقع إلكتروني إخباري ينقل أرقام الضحايا دون التعريف بهم، أو لإيجاد مساحة حقوقية تكتفي بالمطالبة بحقوق المظلومين دون تحرّك حقيقي لنجدتهم، بل أنشأ منصّة تضمّ مختلف فئات المجتمع السوري وتبثّ أصواتهم للعالم أجمع. هي منصّة تستقبل حكايات السوريين أينما كانوا وتنقلها بأسلوب صحفي، حيث يقول "تصلنا أحياناً كلمات مبعثرة، أو نص بسيط، هنا تكمن مهمّتنا، فنقوم بتطوير هذا النص وتحويله لقصة صحفية، وأحياناً أخرى تصلنا قصص جيدة ولكنها بحاجة لبعض التحرير والصياغة، فنعدّل عليها قليلاً ثم ننشرها".
محاولة لتغيير الصورة النمطية
ينبثق من مبادرة "حكايتنا" 3 مشاريع: الحكواتي، المرأة السورية والفن. تهدف هذه المشاريع بحسب أوصمان إلى تعزيز فرص السوريين أينما كانوا، وإظهار التنوع الثقافي والفني الموجود لديهم، وقبل كل شيء، تهدف لتغيير الصورة النمطية عن اللاجئ السوري الذي باتت العيون تنظر إليه بعدم ارتياح.
ولن تقف المبادرة عند القصص المكتوبة فحسب، بل ستقوم بتحويل بعض القصص إلى رسوم متحركة وأفلام، ليكون التفاعل معها أكبر وأوسع، كما ستشارك بأمسيات تضمّ كتّاب "حكايتنا" ليسردوا قصصهم بأسلوب مباشر وتفاعلي.
مواطن صحفي إنساني
يصف أوصمان مبادرته على أنها مشروع إعلامي اجتماعي يعتمد على المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي بالدرجة الأولى لنقل رسالته بأسلوب بسيط وقريب من الناس، كما تبحث عن الفرد السوري أينما كان لتشجّعه وتساعده على التحوّل إلى مواطن صحفي من خلال ربطه بتقنيات الإعلام الحديث ودعمه لتحويل ما يدور حوله وداخله إلى مواد من شأنها أن تُحدث التغيير أو على الأقل أن تُحفظ لأجيال قادمة.
جسر من المحبة
يقول أوصمان "نحن هنا لنحوّل الخوف إلى أمل ولنبني جسراً من المحبة"، ويؤكد على أن 'حكايتنا' هي مساحة لا تضمّ بين جدرانها سوى المحبة، فهي تركّز على الجانب الإنساني في المجتمع السوري وتُبرز تفاصيل حياة الأفراد اليومية التي بات يغفل عنها كثيرون بسبب الحرب الدائرة في سوريا.
تحمل الصورة الأولى رخصة المشاع الإبداعي على موقع فليكر بواسطة alazaat والصورة الثانية بواسطة سليمان أوصمان.