الإذاعات المجتمعية في اليمن.. تجربة مميزة وسط الحرب

Jun 10, 2019 en الصحافة متعددة الوسائط
إذاعة

حققت تجربة الاذاعات المجتمعية في اليمن انتشاراً لافتاً عقب العام 2011، بعدما كانت الاذاعات حكرًا على الدولة فقط، لكنها لم تشهد منذ تأسيسها حالة استقرار في بلد تدور فيه حرب، وتكاثرت التحديات، ما جعل الصحفيين يسعون بشكل أكبر لإنجاح هذه التجربة.

وفي هذا السياق، يقول علي الموشكي وهو مدير إذاعة "يمن تايمز" ورئيس الشبكة اليمنية للإذاعات المجتمعية إنّ الإعلام المجتمعي خصوصًا "الاذاعات" يعدّ جديدًا في اليمن، وقد سطع نجمه بعد العام 2011 لكنه تلقى ضربة قاسية مع بدء الحرب عام 2015، حيث شهدت الاذاعات المجتمعية انتكاسة كبيرة اضطر البعض منها للتوقف أو التحول الى اذاعة تجارية ترفيهية بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي خلقته الحرب.

وأضاف أنّ التأثر كان كبيرًا، لا سيما وأنّ التجربة كانت لا تزال ناشئة، الا أنّ صوت الاذاعات المجتمعية عاد تدريجيا منذ منتصف 2016 عندما استأنفت بعض الاذاعات نشاطها تزامنا مع توقف غالبية الصحف.

ويرى الموشكي أن صوت المجتمع الذي يصرخ من ويلات الحرب كان السبب الرئيس لعودة الإذاعات المجتمعية في صنعاء، حضرموت، وعدن.

وتوجد في اليمن حاليا قرابة 60 اذاعة منها 26 في صنعاء بينها اربع اذاعات مجتمعية، إضافة إلى 13 اذاعة في مدينة حضرموت الوادي فقط، منها 12 اذاعة مجتمعية، 10 في حضرموت الساحل اغلبها مجتمعية، اما مدينة عدن فتضمّ ست اذاعات، منها أربع اذاعات مجتمعية ناهيك عن اذاعات محلية اخرى حسب حديث الموشكي.

ومن أبرز الاذاعات المجتمعية هي اذاعة يمن تايمز في صنعاء واذاعة سلامتك في حضرموت واذاعة لنا في عدن.

اليمنعوائق:

واثرت الحرب كثيرا على الإذاعات في اليمن وحسب دراسة متخصصة لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، فإنّ عددًا من  الاذاعات تعرضت للاقتحام ونهب كافة ممتلكاتها، ما أدى إلى توقف بعضها واستئناف البعض الآخر بعد انتقالها إلى مكان آخر أو زوال اسباب التوقف.

واعتبرت الدراسة أن دور الاذاعات المجتمعية لايزال قاصرا، فيما يتعلق بالمرأة والطفل والشباب والخدمات الاساسية للمواطنين، ويؤكد الكثير من العاملين في الاذاعات المجتمعية ان الاوضاع  الامنية والسياسية والاقتصادية تشكل عائقا كبيرا امام هذه التجربة.

ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة لهذه الاذاعات المجتمعية الا انها وظفت امكانياتها البسيطة من اجل الاستمرار وخدمة المجتمع مستثمرة الانترنت للوصول الى ابعد مدى لنقل صوت المواطن حسب حديث الزميل الموشكي الذي يعتبر أنّ الاعلام المجتمعي يساعد على استثمار الامكانيات والتقنيات حتى لو كانت بسيطة، فالإذاعة المجتمعية لا يشترط ان تكون بعموم المحافظات او تغطي اكبر مساحه وانما تبث للمنطقة المستهدفة فهي تخصصية لفئة معينة، أو منطقة جغرافية محدده قد تكون لحي، شارع، أو لمدينة، وهذا لا يتطلب استخدام أجهزة تقنية كبيرة خصوصا جهاز الارسال.

ويوضح  أن راديو يمن تايمز الذي يعمل في العاصمة صنعاء التي تتواجد فيها عشرات الاذاعات التجارية والسياسية، الا انه استطاع ايجاد مناخ مناسب من خلال تقديم برامج بعيدة عن السياسة والتركيز على القضايا التي تهم وتلامس حاجات المجتمع وتعزز قيم السلام والتسامح.

اليمن

ويرى أن اليمن بيئة خصبة للإعلام المجتمعي فهو اعلام جديد في مجتمع متعطش لمثل هكذا إعلام  يشعر بقضاياه، ويعبر عن همومه ومعاناته.

واستفادت الاذاعات من التطبيقات والادوات التقنية للوصول إلى الجمهور من خلال نشر برامج مباشرة عبر صفحاتها في موقعي التواصل الاجتماعي  فايسبوك وتويتر.

الاستقلالية:

ومن اسباب بقاء هذه الاذاعات تأهيل وتدريب طاقم العمل وتطوير قدراتهم سواء داخل البلد أو خارجه، وتأسيس شبكة الاذاعات المجتمعية التي تبناها راديو يمن تايمز بهدف الحفاظ على الاذاعات المجتمعية وايجاد منبر ومنصة خاصة بهم لنشر مفهوم الاذاعات المجتمعية عبر الانترنت، وصولا إلى تكوين اتحاد خاص بالإذاعات المجتمعية.

ويرجع الإعلامي أحمد  بوعابس استمرار عمل الاذاعات المجتمعية في ظل ظروف الحرب إلى استقلالية وتنوع برامج الاذاعات المجتمعية وتقديمها طابع مختلف عن الإذاعات الحكومية وتعدد الموضوعات الاعلامية التي يتم تناولها ومعالجتها مما خلق جمهور واسع ومتابعين للإذاعات المجتمعية.

ويرى بوعابس أن الاذاعات المجتمعية وفرت البرامج التي تتناسب مع الذائقة السمعية للجمهور مما ساهم على صنع مضمار منافسة بين الاذاعات أدى إلى الاستمرار في تقديم أفضل ما يمكن وما يطلبه المتابعون، ناهيك أن الدولة لم تعد تحتكر وسائل الإعلام السمعي مما وفر جوًا من الحريات.

ويؤكد أن التطور المتنامي في ثورة الإعلام ووسائل الاتصال التي وفرت الاجهزة الرخيصة نسبياً إلى جانب سهولة الحصول على هذه الأجهزة وصدور تراخيص  البث في الهواء الإذاعي ساعد على استمرار هذه التجربة.

الطوعية:

يقول استاذ الإعلام بجامعة صنعاء د. علي البريهي ان نشاط الاعلام المجتمعي في زمن الحزب هو أمر يبعث على التفاؤل، فالحرب في اليمن حولت الإعلام السمعي، البصري، المكتوب والإلكتروني إلى اوعية للتعبية وممارسة الدعاية والتضليل وبث سموم الكراهية وخطاب الحرب والتحريض والعنف.

ويرى البريهي أن بزوغ تجربة الاعلام المجتمعي او الاذاعات المجتمعية في بعض مناطق اليمن يعد مؤشراً على الرغبة في الحياة فالإعلام المجتمعي يسعى لمناقشة ومعالجة تفاصيل مجتمعية في نطاق بثه ويعتمد على المواطنين او المتطوعين الذين يبحثون عن حلول لمشاكلهم وحاجاتهم وتفاصيلهم الضرورية وابراز ذلك وايصاله الى المعنيين ايضا.

ويضيف أن الإعلام المجتمعي يحقق حالة المشاركة المجتمعية ويعزز مبدأ التطوع وخدمة المجتمع المحلي، ويُعدُّ لسان حال المواطن المعبر عن تفاصيل حياته.

ويؤكد أنه يعتمد على جهود تطوعية وعلى امكانية المجتمع الذاتية، غير أن الحرب انهكت امكانية المجتمع وبالنتيجة اضعفت عمل الإعلام المجتمعي وشكلت تحدي وعائق كبير امام نشاطه ودوره.

 وللتغلب على هذا التحدي واستمرار تجربة الاعلام المجتمعي يرى البريهي أن ذلك يستلزم في الظرف الراهن رعاية ودعم الإذاعات المحلية من المنظمات والمؤسسات الدولية العاملة في حقل الاعلام والتنمية البشرية.

الصور من الإذاعات وقد نُشرت على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن.