إن الصحافة الرياضية جزء لا يقل أهمية عن بقية تخصصات الصحافة، ولكنها تواجه العديد من التحديات التي قد تجعلها مهنة مُتعبة، ولا تُلاقي التقدير والاهتمام المطلوبين خاصةً في الوطن العربي، وأيضاً؛ غياب جوانب التوعية والتثقيف وتوضيح مفهوم السلوك والروح الرياضية.
قابلنا من شبكة الصحفيين الدوليين، المراسل الرياضي محمد النخالة من فلسطين، وهو قد درس الإعلام الجديد، ويعمل في مجال الصحافة منذ عام 2008 ومتخصص في مجال الصحافة الرياضية، ويعمل مراسلاً لقنوات الكاس الرياضية من غزة، ومذيعاً في إذاعة أمواج الرياضية، ومقدماً لبرنامج رياضي تلفزيوني في قناة القدس التعليمية.
سبب العمل في مجال الصحافة الرياضية:
يقول النخالة: "بدأت العمل في مجال الإعلام الرياضي كمراسل قناة الكاس الرياضية عام 2012، ولكن ارتباطي بالرياضة كان منذ الصغر لذا يمكنني القول أن هذه المهنة هي مهنة الأحلام لأنها مرتبطة بعشق قديم".
بداية ظهور هذا المجال، يُضيف: "الإعلام الرياضي هو حديث العهد في العالم العربي، وارتبط ظهوره بشكل أساسي بظهور القنوات الرياضية المتخصصة مثل قنوات دبي الرياضية، الجزيرة الرياضية، التي تحولت فيما بعد ـلـ PNSport وقناة الكاس التي أعمل بها، في الماضي كان الإعلام الرياضي تُفسح له بعض المساحة ضمن نشرات الأخبار ولكم الآن هناك قنوات متخصصة لبث الرياضة".
يتابع، "مجال الصحافة الرياضية هو مجال جميل جداً ممتع وبعيد عن الرتابة والروتين، كل يوم هنالك جديد يخوضه العامل في هذا المجال، وهو مرتبط كما أسلفت بحب الصحفي للرياضة قبل التخصص فيه".
رغم التحديات التي تواجه الصحافة الرياضية، إلا أنه يوجد إصرار على المواصلة فيها، يُخبرنا النخالة: "لا يمكن أن ننأى بالرياضة عن السياسة والوضع الإنساني والحياة المعاشة في فلسطين تحديداً في قطاع غزة أبداً، فكل مناحي الحياة في غزة وفي كل البلدان متداخلة بشكل كبير، يعني شاهدنا في غزة كيف أن الملاعب تُقصف وتُستهدف ولاعبين يتم قتلهم أو إصابتهم بسبب الصراع الذي يحدث في المنطقة، ولكن من هنا ظهر التحدي وشاهدنا نجوم من مختلف الرياضات وأشخاص يتحدون الواقع والظروف، وشاهدنا إعلاميين مبدعين في نقل صورة بلدهم الحضارية بشكل كبير من خلال التقارير وتحقيقات نوعية وأعمال صحفية مميزة في مجال الإعلام الرياضي".
تحديات الصحافة الرياضية في فلسطين:
يُقول النخالة: "أولاً: مشكلة الإعلام الرياضي في فلسطين عموماً هي مشكلة موجودة في العديد من البلدان العربية وهو الاستخفاف بالإعلام الرياضي من قبل العديد من وسائل الإعلام .. سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، نجد الإعلام الرياضي يتم معاملته وكأنهم صحفيين الدرجة الثانية، فيتم تفضيل الصحفي المختص بالسياسة والقضايا الاجتماعية على الصحفي المختص بالرياضة وذلك يحدث بشكل واضح جدا في غزة... وتجد العديد من الأشخاص حين يعرفون تخصصك بالرياضة يُقابلونك بالسخرية!.
ثانياً: مشكلة أخرى كبيرة وهي أن العديد من العاملين في هذا المجال يعملون كمتطوعين ولا يتقاضون أي أجر يُذكر، وتجد أن العاملين في الرياضة يعملون فقط من دافع الحب والشغف.
ثالثاً: عدم وجود إطار ناظم للإعلام الرياضي الفلسطيني، ودورات تدريبية، وآلية معينة مُتبعة لتطوير هذا الإعلام، فأصبح هذا الإعلام متروكاً للاجتهادات الشخصية لدى هؤلاء الصحفيين.
رابعاً: وهذه قد ظهرت نتيجةً للنقطة السابقة، أن الإعلام الرياضي أصبح مهنة من لا مهنة له .. حيث أصبح هناك العديد من الصحفيين الرياضيين في غزة لا يتناسب مع عدد النشاطات الرياضية الموجودة فيها.
خامساً: غياب الإطار الناظم وضعف المردود المادي، أدى إلى عدم قدرة الصحفي على مواكبة الأحداث الرياضية الفلسطينية التي تشارك في المحافل العربية والآسيوية والدولية؛ لأن نفقات السفر لا يستطيع أن يتكلفها الصحفي، ولا يوجد هنالك جهات ترعاهم في هذا الجانب،
لذا أصبحت الصحافة الرياضية في غزة مقتصرة على الجانب المحلي والتغطية المحلية فقط".
طرق لمواجهة التحديات السابقة:
يقترح الصحفي النخالة التالي: "هنالك أمل يلوح في الأفق للصحافة الرياضية في فلسطين من خلال تشكيل اتحاد الإعلام الرياضي الفلسطيني مُنبثق تحت اللجنة الأوليمبية الفلسطينية، كجسم بديل لرابطة الصحفيين الرياضيين، والتي كانت في حالة موت إكلينيكي خلال أكثر من خمس سنوات، ولم يكن لها أي نشاط يُذكر في خدمة الصحفيين الرياضيين، جميع الآمال معقودة على هذا الاتحاد أن يُساهم في مواجهة كل هذه التحديات التي يُواجهها الصحفيين الرياضييين الفلسطينيين".
لتصويب كل تلك الأوضاع علينا إتباع هذه الخطوات أُلخصها بالتالي:
أولاً: تعريف من هو الصحفي الرياضي، يجب وضع شروط ومعايير مهنية وأكاديمية.
ثانياً: يجب أن يكون هناك تطوير للكادر الموجود من خلال دورات مختلفة يُعطيها مختصون في هذا المجال، وبعثات خارجية لتدريب الصحفيين في دول عربية ودولية، لديها خبرة هذا المجال.
ثالثاً: تحفيز وتشجيع الصحفيين الرياضيين الفلسطينيين من خلال عمل جائزة ومسابقة سنوية؛ لاختيار الأفضل في كافة الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة.
رابعاً: تفعيل دور المُوفد الإعلامي مع المنتخبات الوطنية سواء كان كرة قدم أو أي لعبة أخرى منضوية تحت اللجنة الأوليمبية الفلسطينية، لدينا عشرات المشاركات السنوية وتخرج وفود من العشرات ولكن في النهاية لا يكون بينها صحفي، من يُغطي الحدث وينقل المعلومة؟
خامساً: يجب تدريب الصحفيين الرياضيين على استخدام أدوات الإعلام الرقمي الجديد، حيث نجد هناك جهل واضح في معرفة وكيفية استخدام هذه الأدوات، وكيف أنها بدت منافسة للإعلام التقليدي".
كذلك قابلنا الصحفي الرياضي المصري، أحمد عطا، الذي رغم تخصصه الجامعي في الهندسة المدنية، إلا أنه وجد شغفه في تخصص آخر، فعاد ودرس الإعلام الرياضي.
يقول عطا: "أعمل في الصحافة الرياضية كمحترف منذ مارس 2009، تخصصي الجامعي ليس له أي دور في الأمر كما هو واضح، عملت في الصحافة الرياضية بعد أن التقطني أحد الصحفيين من "منتدى كووورة" حيث كنت أكتب كهاوي وأعجبته كتاباتي، وعرض عليّ العمل في موقع جول العالمي حيث كان يجمع فريقًا لافتتاح النسخة العربية فيه".
تحديات ومعوقات كثيرة يُلخصها عطا في هذه النقاط:
"أولاً: الفوارق الضخمة في الرواتب بين مؤسسة وأخرى.
ثانياً: عدم أخذ الصحفي الرياضي على محمل الجدية في بعض الأحيان، كما هو الحال مع الصحفي السياسي.
ثالثاً: رغبة عدد كبير جدًا في دخول المجال مقارنة بفرص العمل المتاحة.
رابعاً: المسؤولون أصحاب قرارت التوظيف والمناصب العليا في الصحافة، هم من الجيل الأقدم، لذا نجدهم غير متابعين لحركة الصحافة الرياضية بشكلها الأحدث والرقمي اليوم".
ولتطوير الصحافة الرياضية والنهضة بها، يقول عطا:" 1. إدراج الصحفيين الالكترونيين في نفس المؤسسات النقابية التي تضم الصحفيين من تخصصات أخرى، وذلك تقريب وجهات النظر ورفع مستوى كل الصحفيين وتبادل الخبرات.
2. تدريب الصحفيين على الأدوات الرقمية الحديثة، لثقل موهبتهم بصورة أفضل".
مراحل نشأة الصحافة الرياضية الفلسطينية عبر التاريخ وإلى الآن
50مصدر لصحافة رياضية غير تقليدية
دور الصحافة الرياضية في تكوين الرأي العام
الصورة الرئيسية لـمحمد النخالة بعدسة يحيى برازق.