مدمنة تويتر مجهولة الهوية

por منى الطحاوي
Oct 31, 2018 en مواضيع متنوّعة

إن تويتر هو شريان حياتي للعالم. وتويتر هو لعنة وجودي. تويتر يربطني بكل ما يهمني وتويتر يدمر حياتي.

نعم، نعم، أنا منى، أنا مدمنة تويتر، إلخ، إلخ.

تلك هي الأماكن التي أرسل منها التحديثات على تويتر: في السرير (عندما أستيقظ في منتصف الليل، أمسك جهاز الآيفون الخاص بي وأدخل إلى عالم تويتر). في الحمام (لا تسأل). في الشارع. في المكتبات. عند الوقوف في الطابور للدفع في محل البقالة. وصلت الفكرة؟ أحياناً أقوم بإرسال التحديثات على تويتر بينما أتحدث على الهاتف مع أختي (فكل منا تتبع الأخرى على تويتر) وهي تقوم بإرسال تحديث في المقابل، "لا أصدق أنكِ تقومين بإرسال التحديثات على تويتر بينما نحن نتحدث على الهاتف".

نعم، إنه أمر سيء.

ولكن بكل جدية، قبل أن نتحدّث عن الإدمان دعني أحدثكم عن كيف أن تويتر - لهذا الكاتب والمدمن على الأخبار- قد أصبح جزءاً من العمود الفقري لعملي جنباً إلى جنب جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي واتصال الإنترنت. وقد نجح تويتر مؤخراً في تقديم مزيداً من الأخبار العاجلة لي أكثر من أي مصدر إخباري آخر.

لقد أمضيت ما يقرب الست سنوات كمراسلة لرويترز في القاهرة والقدس، شاحذةً شغفي للسرعة، والتي جنباً إلى جنب مع الدقة هي قوة التغطية السلكية. إن تويتر يمنحك أول الخبر ويمكن أن يتركك تهوي عندما يتعلق الأمر بما يأتي تالياً من أخبار، ولكن إن كنت لا تعرف كيف تبحر في عالم تويتر، فأنت لا تنتمي إلى طريق تويتر السريع.

أول مرة علمت فيها عن الهجوم الذي وقع قبل بضع دقائق في بداية العام ضد كنيسة قبطية مسيحية في الإسكندرية في القاهرة كان من خلال تويتر. من المُسلّم به أنه كانَ يوماً إخبارياً بطيئاً بغض النظر في أي منطقة وفرق الزمن فيها، ولكن على تويتر فلا بد من وجود مستيقظ ما في مكان ما.

لم يكن تويتر فقط المكان الأول الذي سمعت منه عن الانتفاضة في تونس لكنه كان ولعدة أيام المكان الوحيد. لقد تجاهلت وسائل الإعلام الأمريكية في الغالب أسوأ اضطرابات شهدتها البلاد في شمال افريقيا منذ عشر سنوات. وقد بدأت يوم 17 ديسمبر كانون أول عندما سكب شاب البنزين على نفسه في سيدي بوزيد للاحتجاج على مصادرة الشرطة الفواكه والخضار التي كان يبيعها من دون تصريح، وذلك بديلاً للوظيفة التي لم يتمكن من العثور عليها بالرغم من امتلاكه لشهادة جامعية.

هنا حيث يكون من تقوم بمتابعتهم هو أمر مهم. وبفضل مجموعة من الناشطين والصحفيين والمدونين (وأحياناً هم صحفيون ومدونون في آن واحد)، فقد حصلت على أحدث المعلومات من تونس، مدخلات المدونات ومقاطع الفيديو المباشرة من المظاهرات والأخبار بشأن اعتقال المدونين والحملات التي تدعو للإفراج عنهم، ولكن أيضاً من تحديثات حية من احتجاجات المناصرين من البلدان المجاورة كتلك التي حدثت في مصر.

ومن ثم أين يمكنني أن أتابع ما يحدث في وقته الفعلي مثل متابعة الموريتاني الأمريكي الناشط الذي يقطن في بوسطن، ناصر ودادي الذي قام ولسنوات بقيادة حملات الدعوة لإطلاق سراح الناشطين والصحفيين المسجونين في الشرق الأوسط، مطالباً أليك روس وهو أحد كبار مستشاري هيلاري كلينتون ، بتوضيح لماذا صمتت الإدارة الأمريكية عندما اعتقلت تونس المتظاهرين والمدونين، واستخدمت الذخيرة الحية ضد المتظاهرين.

إن روس هو بطل وسائل الإعلام الاجتماعية ومديرته وزيرة الخارجية يقومان بمدح حرية الصحافة، وقد كان مثيراً متابعة نقاشهما، لأن تونس هنا تشن حرباً عنيفة ضد مستخدمي فيسبوك والمدونين وغيرهم من الناشطين على الإنترنت لإسكاتهم وبالتالي حصلت تونس على القليل من الإدانة من واشنطن، بالمقارنة مع الإدانات الكبيرة لإيران عندما قامت بملاحقة الناشطين على الإنترنت بعد انتخابات 2009.

لذا فالطبع أنا على تويتر. وأنا لا أهتم بـ لايدي غاغا ولا بـ جستين بيبر ممن يتبعهم نصف سكان العالم تقريباً. ساعدني تويتر لأبحث في العالم عن أحجار كريمة صغيرة والتمسك بها، تلك التدوينات الصغيرة جداً والمستمرة والمتزايدة من المتظاهرين في القاهرة التي قامت الشرطة بحشرهم لأكثر من 7 ساعات، أو تلك التدوينات الصغيرة من المسلمين المصريين الذين حضروا خدمة ليلة الميلاد ليظهروا التضامن مع مواطنيهم الأقباط ويصورونهم وهم يقفون خارج الكنيسة حاملين الشموع: أطالب أن يتم نقلي إلى هناك مع هؤلاء المتضامنين حيث الغضب والتفاؤل والدموع. وتويتر يقوم بإيصال ذلك عني.

وهذا هو بالضبط سبب أن تويتر يقوم بتدمير حياتي وتدميرقدرتي على الكتابة وعلى إزاحة وجهي عن شاشة الحاسوب. أرى رقماً هناك أعلى صفحة تويتر (يخبرني بوجود شيء جديد) وأشعر أنه يجب علي أن أقوم بالضغط فوراً. يجب أن أعرف ما هو ذلك الجديد والآن.

إنني ملتصقة بتويتر ولساعات. إنه أمر منهك ليس فقط بسبب مقدار الوقت الذي أقضيه عليه، فأنا لا أقرأ فقط ولكنني أقوم بإرسال تدوينات، ولكن لأنها تجعلني في حالة يقظة دائمة. كي تكتب تحتاج أن تتحرك بعيداً عن تلك اليقظة، وتتوقف عن النقر على شاشة الكمبيوتر حيث الأخبار الجديدة ترد عبر تويتر، وأن تتجول بعيداً عنه. تويتر لا يسمح لي بالتجول. إنه يمسك بي بقوة.

فقط قومي بالفصل عن تويتر. أهذا ما تقوله لي؟ إذا فعلت ذلك فإنني سأفقد أنبوباً حيوياً من المعلومات، وكذلك التفاعل الاجتماعي.

إن الكتابة هي مسعى وحيد- ناتج عن سيل متتابع من الأخبار- وهذا السيل الُملهي من الناس يأتي من جميع أنحاء العالم. أولاً الأستراليون والماليزيون والأندونسيون. وقد أتمكن من اللحاق ببعض منهم قبل ذهابي للنوم أي في الوقت الذي يستيقظ فيه الشرق الأوسط. في الوقت الذي أستيقظ فيه، أو إذا استيقظت مبكراً وتسلللت من نومي العميق، فإنني سأصل أوروبا، ويأتي ليل الشرق الأوسط مع ليل شمال أمريكا.

عندما أستيقظ كل الليل للكتابة فأنا لست وحدي. ولكن إن أردت وقتاً للتركيز والتحليل فأنا لست وحدي أبداً.

إدمان. ترابط. إلهاء. تويتر، أحبك/أكرهك.


نشرت هذه المقالة في الأصل في "جورزاليم ريبورت". للاطلاع على المقالة بالإنكليزية، أنقر هنا.