في ظل تطور الإعلام وانتشار المواطنة الصحفيّة، أصبح المواطن الصحفي لا يحتاج إلّا جهاز محمول وحسابًا على منصات التواصل الاجتماعي ليكون قادراً على نشر الأخبار، فضلاً عن تفضيل الكثير من الوسائل الإعلاميّة المحليّة والعالميّة في معظم أخبارها على السبق الصحفي، مما أدى لانتشار الكثير من الأخبار المغلوطة، وهذا ما دفع العديد من الصحفيين لإنشاء منصاتٍ تساعد على دحض الأخبار الكاذبة وتصحيحها سواء عالمياً أو عربياً، وكما يصف أحمد بريمو مؤسس ومدير منصة "تأكّد" السوريّة أنها المنصة الأولى في سوريا التي تعمل على نفي الأخبار الكاذبة، أجرينا لقاءً معه ليُجيب على أسئلة حول المنصة وآلية عملها.
-كيف بدأت الفكرة؟
حقيقة منصة تأكد لم تكن فكرة، وإنما حاجة، في ظل الانفتاح الكبير الذي شهدته سوريا أمام العمل الإعلامي، بعد انتقال "الثورة السورية" من مرحلة الحراك السلمي إلى مرحلة الحراك المُسلح، فأصبح لدى الشباب السوري فرصة للعمل على تغطية الأحداث والمعارك التي تشهدها المنطقة، وأُنشأت عدداً من المؤسسات الإعلامية أو ما يعرف بـ "الإعلام البديل"، والتي اعتمد القائمون عليها بالدرجة الأولى على الناشطين الإعلاميين الذين حملوا على عاتقهم تغطية الفراغ الإعلامي الذي شهدته المنطقة نظراً للظروف الأمنية التي حالت دون دخول وسائل الإعلام العربية والعالمية إلى الداخل السوري ونقل مجريات الأحداث من الأرض.
وتقوم مؤسسات الإعلام البديل السورية يومياً بضخ كماً هائلاً من الأخبار والصورة المتعلقة بالشأن السوري، ونظراً لتسارع الأحداث تبتعد معظم تلك المؤسسات الإعلامية السورية وغير السورية عن اتباع المعايير المهنية في التحقق من أي مادة خبرية "سواء كانت صورة أو تسجيل أو تصريح" قبل نشرها، الأمر الذي يساهم بنشر المواد الخاطئة والكاذبة.
لذلك كان لابد من وجود جهة تتابع ما ينشر عن سوريا عبر الإعلام وتصويب الخاطئ بهدف حثها على الالتزام بمبادئ العمل الصحفي والتحقق من أي معلومة أو خبر يردها قبل نشرها للجمهور.
-لماذا تقومون بهذا العمل؟
الهدف الرئيسي كما ذكرت هو حث المؤسسات الإعلامية والصحفيين على الالتزام بمبادئ العمل الصحفي، وتقديم الأخبار والمعلومات المتعلقة بسوريا بموضوعية وبعيداً عن الانحياز لطرف من أطراف الصراع في سوريا حتى يتمكن المتابع من تشكيل صورة واضحة حول ما يجري في سوريا.
ومن اهدافنا ايضاً إعادة الثقة بالاعلام السوري وما ينشر حول سوريا، للاسف اليوم فقدنا الكثير من الجمهور الذي كان يتابع باهتمام ما يحدث في سوريا ويتفاعل مع الأحداث، إلا أن الانتشار الكبير للأخبار الخاطئة وغير المتعلقة في سوريا أو التي تنشر في غير موضعها ساهم في الطعن والتشكيك بمصداقية كل ما ينشر، وفقدنا ذلك الجمهور، ونحن نسعى من خلال عملنا لاستعادة ذلك الجمهور وبالتالي استعادة الثقة بالإعلام السوري.
- ما هي آلية اختيار الأخبار التي يتم العمل عليها؟
أي خبر خاطئ أو مشكوك بصحته متعلق بسوريا نعمل عليه، لا يوجد أي شروط للتحقق من الخبر، فالخبر الخاطئ لابد من تكذيبه وتقديم المعلومة الصحيحة المتعلقة به للمتابع، هذا إن كان الخبر منشور من قبل موقع أو قناة، أما الأخبار المنشورة من قبل الجمهور "مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي" فالمعيار الأساسي هو مدى انتشار هذا الخبر.
-هل تغطي المنصّة طرفاً معيّناً أم جميع الأطراف المحليّة والدوليّة؟
تقوم المنصة برصد مؤسسات الإعلام بمختلف توجهاتها السياسية والدينية، ومراقبة ما ينشر عبرها للتحقق منه وتصحيحه وذلك من خلال اتباع المعايير المهنية والبحث الاستقصائي، مستعينين بالادوات التي توفرها الشركات المتخصصة بالبحث الصوري والبحث في المحتوى.
يوجد لدينا في الموقع ستة أقسام مصنّفة، ثلاثة منها مخصصة للأطراف المحلية "الإعلام المحسوب على النظام، والإعلام المحسوب على المعارضة، وأخيراً الإعلام المحسوب على حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، إلى جانب قسم مخصص للإعلام الاجتماعي الذي يبثه الجمهور وقسم للإعلام العربي وآخر للإعلام الأجنبي.
نركّز ونهتم بالأخبار المتعلقة بالشأن السوري بالدرجة الأولى، وفي بعض الأحيان يكون هناك أخبار تهم السوريين في دول اللجوء وأخبار أخرى يتم تداولها من قبلهم على نطاق واسع، نعمل على تصحيحها.
-هل يوجد فريق متخصص لملاحقة الأخبار الكاذبة؟
جميع أعضاء فريق العمل يعملون على رصد الأخبار الكاذبة، ولكن الكم الهائل من الأخبار المتعلقة بسوريا التي تبث على مدار الساعة تفوق طاقة أي فريق مهما بلغ عدد أعضائه، لذلك نحن نستعين بالجمهور وكثيراً ما تردنا عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل أخباراً خاطئة يطلب مرسليها التحقق منها، كما أننا حاولنا أن نستفيد من مستخدمي "فايسبوك" في رصد الأخبار الخاطئة وانشأنا مجموعة مخصصة لذلك حيث يستطيع أي عضو من اعضائها نشر خبر أو معلومة يشك في صحتها، ونحن بدورنا نقوم بمتابعتها والتحقق منها، كما يمكن لأعضاء المجموعة الاشتراك معنا بتصحيح المعلومة شرط تقديم الدليل الذي يثبت صحة الخبر أو المعلومة، أو نفيها.
-ما هي آلية التأكد من الأخبار؟
ينقسم عملنا في منصة تأكد إلى قسمين، القسم الأول هو التحقق الرقمي من المحتوى المرئي، والذي نستخدم فيه الأدوات التي توفرها محركات البحث الكبرى التي توفر ميزة البحث العكسي، أو من خلال معاينة التسجيلات المصورة وتدقيق اللهجة واللغة والجغرافيا وطبيعة الطقس وغيرها من الأمور التي تساعد على التحقق.
القسم الثاني، هو القسم المهني، والذي يتطلب التواصل مع مصادر ميدانية أو شهود عيان أو عبر شبكة مراسلينا المنتشرين في عدة مناطق في سوريا ومقاطعة المعلومات التي تردنا من خلالهم للتوصل للمعلومة والخبر الصحيح.
-ما هي الصعوبات التي تواجهونها؟
من أبرز الصعوبات التي نواجهها خلال عملنا هي عملية رصد ما ينشر حول سوريا، فالأخبار كثيرة إضافة إلى وجود جيوش إلكترونية تعمل لصالح كل طرف من أطراف الصراع في سوريا لبث الدعاية الإعلامية، ونحاول من خلال الاستعانة بالجمهور لتجاوز هذا الأمر.
-ماهي الوسائل التي تعتمدون عليها لنشر التصحيحات وما هي اللغات التي تنشرون بها؟
ننشر التصحيحات عبر موقعنا الإلكتروني وصفحة على فايسبوك وحساب على تويتر، إضافةً لحساب انستغرام وقناة على يوتيوب وقناة على تيليغرام وتطبيقات للهواتف الذكية على منصتي IOS و Android.
أما اللغات المعتمدة حالياً، هي اللغة العربيّة والانجليزيّة والتركيّة.