الروبوت ينافس الصحفيين داخل غرف الأخبار العالمية

Oct 30, 2018 en الإعلام الإجتماعي
صورة

هل يمكنك تخيل غرف الأخبار التي تعمل بها وقد خلت تماماً من المحررين الذين يضغطون بأناملهم على مفاتيح الكيبورد لتحل محلها أنامل حديدية مصنعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي تنتج موضوعات صحفية متنوعة؟ يأتي هذا السؤال إنطلاقاً من تجارب غرف الأخبار الحديثة التي وظفت الروبوتات في الممارسة المهنية حتى ظهر مصطلح Robot Journalism، بشكل يجعلنا لا نستطيع التمييز بين القصة الخبرية التي أعدها الروبوت في وقت قياسي والتي أنتجها المحرر الصحفي، وهو ما يستدعي التفكير في مستقبل الأداء المهني للصحفيين وخصوصاً مع ثورة الروبوتات في العديد من دول العالم.

تصحبكم "شبكة الصحفيين الدوليين" في جولة حول غرف الأخبار العالمية التي وظفت تقنيات الذكاء الاصطناعي، كي نلحق بقطار التكنولوجيا السريع ونستلهم ما يفيدنا في أداء العمل الصحفي.

يقول إيهاب الزلاقي رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "المصري اليوم" لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن خصائص معينة تتسم بها برامج الكمبيوتر بحيث تحاكي القدرات العقلية البشرية إلى حد ما، ومن أهم هذه الخصائص القدرة على التعلُم والاستنتاج ورد الفعل، وقد استخدم الذكاء الاصطناعي بنجاح في مجموعة واسعة من المجالات من بينها تمييز الأصوات، وألعاب الفيديو، ومحركات البحث، والتشخيص الطبي، وتداول الأسهم، والتحكم الآلي وغيرها، حتى برزت مؤخراً عدة مجالات لتوظيف استخدام الذكاء الصطناعي في العمل الصحفي، ويمكن تلخيص أبرز ملامحها في النقاط الآتية:

تعتبر وكالة "الأسوشيتد برس" من أوائل المؤسسات الإعلامية التي استخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي، فقد وظفت وكالة "الأسوشيتد برس" تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج تقارير اقتصادية ربع سنوية عن الدخول المالية والنتيجة كانت مبهرة على مستوى الكم والكيف معاً، فقد ساهمت التقنية الجديدة في إنجاز أكثر من 3000 تقرير اقتصادي بدلاً من 300 تقرير كان يستغرق من الصحفيين الكثير من الوقت والمجهود، والأكثر من ذلك أن تلك التقارير تتضمن نصائح الخبراء، كما أن الأرقام والحقائق الواردة في هذه التقارير دقيقة.

استطاع "هيليوجراف" وهو الروبوت المراسل لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية خلال عام واحد (منتصف 2016-2017) أن ينجز 850 موضوعاً صحفياً، كانت بدايتها 300 تقرير حول "أوليمبياد ريو دي جانيرو"، وبعد هذه التجربة الناجحة استخدمت الجريدة "الروبوت" في تغطية سباق الانتخابات الأمريكية يوم الانتخابات، ودوري كرة القدم للمدارس الثانوية في واشنطن، إلى جانب إنتاج العديد من القصص والتغريدات المختلفة.

وظفت صحيفة "نيويورك تايمز" تقنية جديدة للذكاء الاصطناعي بطريقتين، تقوم الطريقة الأولى على تبسيط العملية الصحفية من خلال استخدام الوسوم tags فقد تعلم الكمبيوتر التعرف على الكلمات المفتاحية الدالة على الملامح الرئيسية في النص، والتي تساعد المستخدمين في سرعة عمليات البحث، واستخراج المعلومات والتحقق من الأخبار، أما الطريقة الثانية فهي استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة تعليقات القراء، لأن قسم "تعليقات القرّاء" تتم إدارته بواسطة فريق عمل مكون من 14 محرراً الذين يتولون مسؤولية مراجعة حوالي 11 ألف تعليق يومياً، ولكن مكنت التقنية الجديدة Perspective API التي طورها Jigsaw من إدارة وتنظيم تعليقات القرّاء بفعالية، وبالتالي تمكن المستخدمون من قراءة تعليقات القراء بواسطة تمرير شريط من اليسار إلى اليمين، ويدل الجزء الأيمين من الشريط على الموضوعات التي تنطوي على تعليقات سلبية، وهذه طريقة جيدة للمستخدمين للقراءة والتفاعل مع التعليقات التي تروق لهم وتجنب التعليقات التي تحمل وجهات نظر عدائية.

وأضاف الزلاقي قائلاً: "لن يكون مستقبل الصحافة الأتوماتيكيةAutomated Journalism مقتصراً على الرياضة أو الاقتصاد أو تغطية الانتخابات كما تفعل اليوم      "الأسوشيتد برس" ، و"رويترز"، و"الجارديان" و"لوموند"، ففي الوقت الحالي تعتمد برمجيات الكتابة الآلية على قاعدة بيانات من النصوص المُعدة سابقاً وعدد محدود من الجمل يتم الانتقاء منها، ولكن هذا الوضع سيصبح من الحفريات خلال السنوات القليلة المقبلة، فتقنيات تعليم الآلة كيفية معالجة وإنتاج اللغات المختلفة ستقوم بإنتاج نصوص أكثر تطوراً بمراحل".

وقدّم الزلاقي مثالاً على ذلك، بأنه عندما يقوم الصحفي بإجراء الحوارات في وقتنا الحالي فيقوم بإعداد الأسئلة باستخدام محركات البحث، ومنصات الفيديو، والأرشيف الرقمي، ولكن في الغد القريب سيتم الاعتماد على روبوت للعثور على أسئلة أكثر عمقاً، كما أن الصحفى الذي يستطيع إنجاز حوار واحد في اليوم سيتمكن في المستقبل من إنجاز حوارين أو ثلاثة باستخدام أدوات التفريغ الأتوماتيكية Automated Transcription Service.

واختتم حديثه بأن استخدام تلك التقنيات في العمل الصحفي لا زال في مرحلة مبكرة للغاية للحكم عليها، كما يظل الحديث عن استبدال الصحفي بالأجهزة الذكية داخل غرف الأخبار مبكرا للغاية أيضاً.

أما الكاتب الصحفي ياسر خليل، مؤسس موقع "صحفي أونلاين"، فيرى أن الروبوت "صوفيا" تمثل ثورة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي،  صممت كي تتعلم وتتأقلم مع السلوك البشري وتصرفاته، ولديها القدرة على محاكاة تعابير الوجه، فهي تتعلم الكلمات، كما أنها بارعة في حل المشكلات بطريقة تكاد تقترب مما يفعله الإنسان".

وتابع قائلاً: "تعد تجربة "رويترز" واحدة من التجارب المُلهمة في هذا المجال، لأن المؤسسة أسست Reuters News Tracer وهي أداة قادرة على تتبع الأحداث بسرعة وعلى نطاق واسع، والتحقق تلقائياً من الأخبار العاجلة في "تويتر" لتقديم تقرير عن الأحداث بدقة وبسرعة أكبر وذلك من خلال تحديد موقع وهوية الشخص الذي كتب التغريدة، وكيفية انتشار التغريدات، وتحلل هذه الأداة التغريدة المنشورة في الوقت الحقيقي، وتصفي الرسائل غير المرغوب فيها وتصنف التغريدات المماثلة إلى "مجموعات" على أساس كلمات مماثلة.

وأضاف خليل: "يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تسريع عمليات البحث، وكتابة التقارير التي تعتمد في الغالب على بيانات معدة مسبقاً مثل ملفات الإكسل، وتكون في معظم الأحيان تقارير اقتصادية أو متعلقة بإحصائيات معينة، وكذلك التقارير الخاصة بالتنبؤات الجوية وما إلى ذلك".

ويؤكد أننا "ما زالنا في مصر بعيدين عن هذا المجال بمسافة كبيرة، ولكنني قمت بتدريب مجموعة من الصحفيين في "مركز روزاليوسف للتدريب والإنتاج الإعلامي" على مبادئ الذكاء الاصطناعي لإزالة المخاوف الشائعة لدى قطاعات واسعة منهم بأن الذكاء الاصطناعي سيأخذ فرصهم الوظيفية، فالتجارب العملية أثبتت أن فن رواية القصة يصعب أن يتم عن طريق البرمجيات. والجيد في الأمر أن هناك الكثير من الشباب في العالم العربي يجيد لغة البرمجة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، كما أن هناك مراكز متخصصة في تعليم هذه اللغات، ومتاحة على الإنترنت أيضاً".

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على فليكر بواسطة "إيرينا إيرينا"