خمس خطوات لاحتراف التدريب في مجال الإعلام

Aug 19, 2024 en موضوعات متخصصة
صورة تعبيرية

في عصر التكنولوجيا المتسارعة والتطورات المستمرة في مجال الإعلام، يتطلع العديد من الصحفيين إلى تجاوز دورهم التقليدي كمحررين أو مراسلين، ليصبحوا مدربين محترفين في الإعلام. تلك الرغبة التي تنبع من إدراك أهمية مشاركة المعارف والخبرات مع الجيل الجديد من الإعلاميين، بالإضافة إلى الإمكانيات التي قد تتاح لتعزيز المهارات الشخصية والتقنية من خلال التعمق في التعلم المواكب لاحتراف التدريب الإعلامي، الذي قد يتيح فرص تبادل التجارب من خلال النقاشات والورشات. 

ومع تزايد الطلب على التدريب المتخصص في الإعلام، يصبح من الضروري على الصحفيين الطموحين لاحتراف هذا النوع من التدريب العمل على تطوير مهاراتهم التدريبية التي تشمل العديد من المجالات التي تسهل تقديم التدريب بفعالية وكفاءة، وتسهم في إدارة وتيسير الجلسات التدريبية ونقل الخبرات، وبالتالي المساهمة في تحسين الأداء الإعلامي بشكل عام. 

ولهذا الغرض تقدم لكم شبكة الصحفيين الدوليين خمس خطوات ستساعدكم في احتراف التدريب في مجال الإعلام. 

  1.  التعلم والتدريب الأساسي 

لاحتراف التدريب الإعلامي، من المهم في البداية الحصول على التعلم والمعرفة الكافيين في شقين أساسيين. الشق الأول يتعلق بمجالات الإعلام المتعددة، حيث يساعد التخصص في فهم وتعلم مجالات الإعلام، بما في ذلك الصحافة، العلاقات العامة، والإنتاج الإعلامي ومواضيع أخرى، مع تناول الجانب العملي والتطبيقي للإعلام، المتعلق بكيفية تطبيق هذه المفاهيم ومختلف النظريات في مواقف حقيقية. ويمكن تحقيق هذه المعرفة الأساسية من خلال الالتحاق بكليات الإعلام أو دورات تدريبية تقدمها مؤسسات معترف بها. 

أما الشق الثاني فيتعلق بتقنيات تيسير الجلسات التدريبية من خلال تنمية القدرات التدريبية، التي يمكن تطويرها عبر الحصول على تدريب مدربين (TOT) احترافي، والذي يشمل ورش العمل المتخصصة التي تركز على كيفية إدارة الجلسات وتفاعل المتدربين بفعالية.  

في هذا الإطار تؤكد الصحفية الاستقصائية والمدربة الدولية ميس قات أن مهمة التدريب هي حرفة تتطلب الكثير من التعلم والمتابعة والاجتهاد. وأضافت أن الصحفي الجيد ليس بالضرورة مدرباً جيداً، لذا يجب التركيز على تطوير المهارات التدريبية بالإضافة إلى المهارات الإعلامية لضمان نقل المعرفة بشكل فعال ومؤثر. 

من المهارات التي ينصح بتطويرها هناك مهارات الاتصال الفعال، والتي تشمل القدرة على التحدث بوضوح والاستماع بنشاط، ومهارات تصميم وإعداد المواد التدريبية لجعلها جذابة ومفهومة، ومهارات التحفيز والتفاعل مع المتدربين للحفاظ على انتباههم وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في الجلسات. 

أيضا، من المهم تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليلي لمساعدة المتدربين على فهم وتقييم المعلومات بدقة، وهذا يتناسب مع الفكرة التي طرحتها ميس قات، حيث أشارت إلى أن الصحفيين والصحفيات لديهم معلوماتهم وخبراتهم وتجاربهم، لذلك من المهم فسح المجال للجميع للتعبير عن أنفسهم خلال التدريبات، لنتعلم جميعًا من بعضنا البعض. ونصحت بأن يلتزم المدربون بالتحدث فقط ربع الوقت المتاح في الجلسة التدريبية، لأن التحدث وقتًا أطول يفقد تركيز المتدربين.  

من المهارات الأخرى المهمة هي مهارات تكنولوجيا المعلومات، التي تمكن من استخدام الأدوات الرقمية الحديثة بفاعلية في التدريب، ومهارات التقييم والمتابعة لتقييم أداء المتدربين وتقديم التغذية الراجعة المناسبة.  


  1. الإعداد للتدريب 

إلى جانب أهمية تعلم مجالات الإعلام المتعددة وإتقان مهارات التدريب، تظل خطوة الإعداد للتدريب خطوة حاسمة لضمان تحقيق الأهداف التعليمية وتقديم تجربة تعليمية مثمرة وفعالة. بحيث يبدأ الإعداد الجيد بالفهم العميق لموضوع التدريب وجمهور المتدربين، وهو ما أكد عليها الخبير والمدرب في الإعلام والتواصل أنس بنضريف، من خلال مشاركته لنا بعض النصائح الأساسية للأشخاص الذين يرغبون في احتراف هذا المجال، والتي جاء من ضمنها ضرورة معرفة الجمهور المستهدف من خلال فهم ثقافة الجمهور واحترامها عند تقديم التدريب، وتكييف الأسلوب ليناسب الاحتياجات والثقافات المختلفة مما يعزز من فاعلية التدريب ويساعد في بناء تواصل فعال، وتصميم محتوى التدريب بطريقة تلبي احتياجات وتوقعات المتدربين بشكل فعال. 

ويشمل إعداد التدريب إعداد الأهداف التدريبية التي من المهم أن تتحقق من خلال موارد تعليمية مناسبة لها، مع تصميم أنشطة تفاعلية مناسبة وملائمة لتحقيق الهدف التعليمي، وتشجع على المشاركة والتفاعل بين المتدربين. 

كما أن الإعداد يشمل تطوير مواد تدريبية جيدة تتضمن العروض التقديمية، والمستندات، والوسائط المتعددة، مع مراجعتها سواء بشكل فردي أو بالاستعانة بزملاء من ميدان الإعلام لضمان وضوحها وجاذبيتها والأهم أن تكون سهلة الفهم.  

إضافة إلى ذلك، يجب على المدرب تجهيز البيئة التدريبية المناسبة، سواء كانت افتراضية أو حضورية، والتأكد من توفر جميع الأدوات والتجهيزات اللازمة. يشمل ذلك التأكد من جاهزية التقنيات الرقمية مثل المنصة التي سيتم استخدامها في التدريب، وجودة الانترنت. 

كما يعتبر التقييم والتحسين المستمر جزءًا لا يتجزأ من عملية الإعداد، حيث ينبغي على المدرب إعداد أدوات لتقييم أداء المتدربين وفعالية التدريب، مثل الاستبيانات والاختبارات، واستخدام هذه البيانات لتحسين الجلسات التدريبية المستقبلية وهو ما ينصح به المدرب أنس بنضريف، من خلال حث المدربين على تطوير مهارات التعلم المستمر للحفاظ على تحديث المعرفة بما يتماشى مع التطورات الحديثة في مجال الإعلام والتدريب، وأوصى بالانفتاح على استقبال الملاحظات والتعلم من تجارب الآخرين. 


  1. كتب وأساليب لتطوير المهارات التدريبية 

بما أن عملية احتراف التدريب في مجال الإعلام هي عملية تعليمية مستمرة، فالحاجة لمصادر تعلم متجددة ومتنوعة تظل قائمة، لذا نشارك معكم بعض الكتب والأساليب التي يمكن أن تساعد في عملية تعلم طرق التدريب عموما والإعلامي خصوصا، وفيما يلي بعض الكتب الموصى بها:

  • كتاب The Art and Science of Training للمؤلفة Elaine Biech: هذا الكتاب الذي يركز على تطوير مهارات التدريب من خلال الدمج بين الجوانب التقنية والعلمية لتدريب البالغين، ويستند إلى دراسة حالات وأهم الممارسات المثلى في مجال التدريب، من خلال تغطية مجموعة واسعة من الموضوعات بما في ذلك تصميم التدريب، تقديم التدريب، والتقييم، مع أمثلة عملية ونصائح حول كيفية تحسين تجربة المتدربين. 
  • الكتاب الثاني المقترح هو Effective Media Relations: How to Get Results: تم تأليفه من طرف مجموعة من الخبراء والاستشاريين الذين عملوا على تقديم استراتيجيات متقدمة في إدارة العلاقات الإعلامية بفعالية، بما في ذلك كيفية بناء علاقات قوية مع الصحفيين، وكيفية تقديم القصص بطريقة تجذب الانتباه، ويعتبر كتابا مهما للمدربين الاستشهاد بنماذج إعلامية مبتكرة وذات فاعلية. 
  • كتاب The Art of Training Delivery: هذا الكتاب قدمه لنا المدرب أنس بنضريف الذي اعتبره أحد المصادر التعليمية المفيدة، بحيث يقدم إرشادات عملية حول كيفية تصميم وتقديم برامج تدريبية فعالة للبالغين، ويشمل نصائح حول كيفية التعامل مع جمهور متنوع، تقنيات إدارة الوقت، وأفضل الممارسات في استثمار التقييم والتغذية الراجعة. 

وشاركتنا المدربة ميس قات الأسلوب الذي اتبعته في التعلم الذي شمل متابعة كل الأدلة والموارد التدريبية التي تصدر بالعربية أو الإنجليزية للاستفادة منها، وقراءة الكثير من التحقيقات الاستقصائية والتقارير المعمقة، وكذلك مشاهدة والاستماع لعشرات الوثائقيات شهرياً مع دراستها لاستعمالها كأمثلة ودراسات حالات خلال التدريبات التي تشرف عليها. 

  1. البحث عن الفرص التدريبية والتقديم لها 

بعد مرحلة التعلم تأتي مرحلة مهمة تتعلق بالحصول على فرص للتدريب وتطبيق المهارات، وهي مرحلة تتطلب الكثير من الصبر لبناء مكانة وتواجد في ساحة مليئة بالمنافسة من مدربين ذوي كفاءة وتجارب، وشاركتنا المدربة ميس تجربتها في البدايات، إذا تحدثت لنا عن عملها كمدربة مساعدة مع أساتذتها، أو ضيفة لساعات قليلة خلال تدريبات، وكيف قدمت عشرات التدريبات من دون مقابل، وعندما عملت كرئيسة تحرير في إحدى المؤسسات المحلية أقامت الكثير من الجلسات التدريبية للمراسلين والمحررين في مؤسستها، بهدف التطور وتقديم المعلومات والمهارات لزملائها. 

وفي نفس الصدد، أشار أنس بنضريف في نصائحه إلى أنه للتغلب على نقص الخبرة العملية يمكن البدء بتدريب مجموعات صغيرة أو تقديم ورش عمل تطوعية لاكتساب الخبرة، والاستفادة من تجارب المدربين الأكثر خبرة. 

في البحث عن الفرص التدريبية والتقديم لها بفعالية ينصح بالانضمام إلى الجمعيات والنقابات المهنية التي يمكن أن توفر الوصول إلى العديد من الفرص التدريبية وورش العمل والمؤتمرات، وبناء شبكة من العلاقات مع المؤسسات الإعلامية أو منظمات المجتمع المدني التي تحتاج مدربين متخصصين في مجال الإعلام. 

كما أن استخدام الشبكات الاجتماعية المهنية يسهل التعرف على الفرص التدريبية، بحيث يمكن الانضمام إلى مجموعات على LinkedIn أو Facebook تتعلق بالمجال الإعلامي والمشاركة في النقاشات للحصول على معلومات حول الدورات التدريبية، وكمثال مجموعة منتدى شبكة الصحفيين الدوليين فيسبوك، وصفحة الفرص على موقع شبكة صحفيين الدوليين. 

كما ينصح بجمع قائمة للمواقع الإلكترونية للشركات والمؤسسات الإعلامية وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكون العديد من الشركات والمؤسسات جمعيات المجتمع المدني تطلق عروضا للمدربين من أجل تقديم دورات تدريبية لموظفيها وللعامة.  

وهناك مدربون إعلاميون طوروا من وسائلهم في الوصول للفئات المستهدفة من خلال تطوير وبيع دورات تدريبية على منصات مثل UDEMY  وتأليف كتبهم الخاصة مثل التجارب التي شاركناها معكم في المحور السابق. 

 وفي نهاية هذا المحور تأكدوا من تحضير سيرة ذاتية محدثة وتبرز المهارات والخبرات ذات الصلة بالمجال الإعلامي، ورسائل تحفيزية توضح سبب اهتمامكم بالمجال، ولا تنسوا الحصول على رسائل توصية سواء من مشرفين سابقين أو أساتذة، أو من مؤسسات قدمتم لها خدماتكم وخبراتكم حتى وإن كانت تطوعية. 


  1. التعامل مع التحديات 

التعامل مع التحديات هو جزء أساسي من أي عملية تدريبية، لأن ظهور تحديات هو أمر وارد، سواء كانت متعلقة بالمحتوى التدريبي، أو تفاعل المتدربين، أو لظروف التقنية. لذا يبقى توقع التحديات وعدم تركها تؤثر على تركيزنا وتركيز المتدربين والجهات المنظمة هو أول خطوة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار. فالتحضير الجيد يقلل من إمكانية ظهور التحديات وتفاقمها، كما أن وضع خطط بديلة لأي جزء من التدريب قد يسهل التصدي لأي موقف غير متوقع. 

وفي هذا السياق، تحدثت ميس قات عن أهمية نهج الطرق المعاصرة والحديثة عند تقديم التدريبات الحضورية أو الأونلاين، وذلك لنضمن أعلى حد من التفاعل والفائدة وهذه الأدوات تتطلب وقتاً ومهارة لاكتشافها وتعلمها، لتجنب عدم المعرفة بكيفية استخدام التقنيات التي قد تكون في بعض الأحيان مدفوعة وتتوقف عن العمل خلال وقت التدريب مما قد يسبب ارتباكا. 

كما أن المرونة والتكيف مع الظروف المتغيرة من الأمور المهمة من خلال إمكانية تعديل النهج بسرعة أو إعادة ترتيب الجدول الزمني، أو تغيير الأنشطة، أو حتى استخدام وسائل تعليمية بديلة. 

وفي الختام يوجهنا بنضريف إلى الانتباه لإدارة الوقت بشكل جيد للحفاظ على سير الجلسة بسلاسة. 

الصورة المستخدمة تحمل رخصة الإستخدام المجاني على أنسبلاش بواسطة Jason Goodman.