أدوات رصد ومتابعة خطاب الكراهية في وسائل الإعلام

Apr 1, 2024 en موضوعات متخصصة
صورة

بات لزامًا على الصحفيين اليوم توخي الحذر عند استخدام المصطلحات أثناء كتابة موضوعاتهم الصحفية وتغريداتهم، وخصوصًا في ظل الأوضاع والأزمات المتواصلة في المنطقة العربية، والتي تفرض علينا أن ننقل الكثير من المعلومات والأخبار بشكل سريع ويومي، وحتى لا نقع تحت طائلة القانون، ونتعرض لسهام النقد والتوبيخ، وإزالة المحتوى الذي ننتجه على شبكات التواصل الاجتماعية، سنقدّم لكم في هذا المقال آليات تقييم خطاب الكراهية، وأدوات رصد ومتابعة خطاب الكراهية في وسائل الإعلام المختلفة.

وفي هذا السياق، نظّم منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية التابع للمركز الدولي للصحفيين، بالشراكة مع معهد التنوع الإعلامي ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف ثلاث جلسات تدريبية حول "خطاب الكراهية" في 30 يناير/كانون الثاني، و6 و13 فبراير/شباط 2024.

وقد حاورت سارة عبدالله، مديرة برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية الناشئة والمحررة المسؤولة عن شبكة الصحفيين الدوليين بالنسخة العربية، المدربة سارة حطيط التي قدّمت تدريبات متنوعة للصحفيين في السرد القصصي، وصحافة الموبايل، وصحافة البيانات، والتربية الإعلامية، وصياغة المحتوى الخالي من خطاب الكراهية، وللاستماع إلى الجلسة الأولى، يمكنكم الضغط هنا.

آليات تقييم خطاب الكراهية

تحدثت سارة حطيط في الجلسة التدريبية الأولى عن طرق تقييم خطاب الكراهية، وكيفية تصنيف محتوى معين بأنه يحض على العنف والكراهية، وكيفية تقديم المحتوى الإعلامي بدون الانزلاق إلى خطاب الكراهية، والمثلث الهرمي لخطاب الكراهية، والتعرف على جرائم خطاب الكراهية، والفئات الثلاثية المختلفة لخطاب الكراهية.

في البداية، طلبت حطيط المشاركين في الجلسة التدريبية عبر زووم وصف خطاب الكراهية في ثلاث كلمات في خانة التعليقات، فأشاروا إلى أنه يعني التحريض على العنف، الإساءة للآخر، والتمييز العنصري على أساس الهوية والإثنية والعرق والدين.

ثم أشارت حطيط إلى عدم وجود تعريف موحد لخطاب الكراهية، ولكنه طبقًا لاستراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية فهو: "أي نوع من التواصل الشفهي أو الكتابي أو السلوكي الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية، أو الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو النسب أو النوع الاجتماعي أو أحد العوامل الأخرى المحددة للهوية".

مستويات خطاب الكراهية

وبعد ذلك تحدثت حطيط عن مستويات خطاب الكراهية، والتي تتمثل فيما يلي:

-المستوى الوطني: يبدأ هذا المستوى من أشخاص ومجموعات معينة ثم يكبر شيئًا فشيئًا وينتقل إلى مستويات أكبر على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

-المستوى الإقليمي: هناك أمثلة كثيرة مثل ترسيخ الميول الطائفية في بعض الدول حيث يتم حشد الهجوم على طائفة معينة لأسباب مختلفة، والهجوم الذي يمارسه البعض ضد مجتمع الميم في بعض المناطق لهويتهم الجنسية.

-المستوى الدولي: أدى ظهور تنظيمات تستخدم الدين لتحقيق منافذها الحربية أو التمددية إلى تكوين صورة سلبية ضد الأشخاص المتدينين، وهناك أمثلة أخرى للكراهية تجاه المسلمين المهاجرين.

وهناك الكثير من التقارير التي أشارت إلى زيادة نسبة خطاب الكراهية في بعض المجتمعات، فقد أشار مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في 29 يناير/كانون الثاني 2024، إلى زيادة الكراهية المعادية للمسلمين والفلسطينيين بنسبة 178%، وذلك مقارنة بعدد الشكاوى التي تلقاها المجلس في نفس الفترة من العام السابق، وفقًا لما أشارت إليه حطيط.

وفيما يتعلق بجرائم خطاب الكراهية، فقد أشار موقع statista إلى أنه غالبًا ما يتم استهداف ضحايا جرائم الكراهية بسبب العرق والذي احتل المركز الأول ضمن قائمة الجرائم بنسبة 56.6%، ثم الدين بنسبة 17.3%، ثم الميول الجنسية بنسبة 16.8%.

الفئات الرئيسية لخطاب الكراهية

-الإنذار المبكر: هناك علامات مبكرة لخطاب الكراهية من خلال ذكر بعض المصطلحات، والتوصيفات السلبية مثل: سرقة، احتيال، زعران.

-العنف والتحريض: الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية، حيث يتم تأجيج التوتر والصراعات العنيفة.

-التجريد من الإنسانية: خلق صورة سلبية للجماعات الأخرى ككيانات غير بشرية محتقرة، وتبرير أعمال العنف ضدهم.

هرم الكراهية

ولفهم أعمق لمكونات خطاب الكراهية، يمكننا الاستناد إلى العناصر الخمسة لهرم الكراهية:

-المواقف المتحيزة: الصور النمطية، الخوف من الاختلافات، اللغة غير الشاملة، تبرير التحيزات بالبحث عن الأشخاص ذوي التفكير المماثل، وقبول المعلومات السلبية أو المُضللة، وحجب المعلومات الإيجابية.

-الأفعال المتحيزة: التنمر، السخرية، الافتراءات، التجنب الاجتماعي، التجريد من الإنسانية، نكات الاستخفاف والتحيز.

-التمييز: التمييز الاقتصادي، التمييز السياسي، التمييز في التعليم، والتمييز في العمل.

-العنف بدافع التحيز: القتل، الاغتصاب، الاعتداء، الإرهاب، التخريب، التدنيس، التهديدات.

-الإبادة الجماعية: الفعل أو النية لإبادة شعب بأكمله بشكل منهجي ومتعمد.

ارتكاب جرائم بسبب خطاب الكراهية

ثم استعرضت حطيط أمثلة مختلفة لجرائم قتل اُرتكبت بسبب خطاب الكراهية، وبعدها سألت المشاركين عن أكثر الفئات المستهدفة من خطاب الكراهية، فذكروا على سبيل المثال: الأقليات العرقية والدينية، والبعض الآخر أشار إلى المهاجرين وطالبي اللجوء، وأصحاب الرأي، والنساء. ويمكنكم التعرف على جرائم اُرتكبت بسبب خطاب الكراهية في دول مختلفة من العالم من خلال الضغط على هذا الرابط.

كما ذكرت حطيط ازدياد العنف المرتبط بالخطابات السياسية التحريضية، وهناك العنف الممارس تجاه شخص معين من خلال وصفه بأنه سيئ ويجب إقصاؤه.

وهنا تكمن المشكلة الكبرى بسبب انتقالنا من الخوف النفسي من الأشياء الى التمييز العنصري تجاه الأفراد بسبب بعض المعتقدات أو الظواهر، وقد ظهرت بعض المصطلحات التي أجّجت مشاعر الخوف والكراهية تجاه بعض الأشخاص مثل: "الإكزنوفوبيا"، و"الإسلاموفوبيا".

وتعني "الإكزنوفوبيا" رهاب الأجانب، أي التمييز أو العداء تجاه الأفراد الذين يعتبرون غرباء أو أجانب عن الثقافة أو العرق أو الجنسية.

أما "الإسلاموفوبيا"، فهو رهاب الإسلام الموجود في بعض المجتمعات بعد حوادث إرهابية نُسبت إلى بعض الجماعات الإرهابية المنحرفة.

وبعدها، سألت حطيط المشاركين عن خطاب الكراهية الذي ينتشر في بلدهم، والفئات المستهدفة منه، وكيف يعزز الإعلام خطاب الكراهية من خلال نشر تقارير معينة، وأعطت أمثلة متنوعة لعناوين صحفية منشورة في مواقع إلكترونية، ولكنها مُسيئة وتُصنف بأنها خطاب كراهية.

الكراهية الرقمية

واستعرضت حطيط في الجلسة التدريبية الثانية أمثلة متنوعة عن خطاب الكراهية في الفضاء الرقمي، ففي الاتحاد الأوروبي، واجه 80% من الأشخاص خطابًا يحض على الكراهية عبر الإنترنت، وشعر 40% منهم بالهجوم أو التهديد عبر مواقع الشبكات الاجتماعية.

وبالتالي، يجب أن يفكر الصحفيون بمعزل عن الكراهية، وأن ينتبهوا عند إعداد تقاريرهم الصحفية إلى المصطلحات والعبارات حتى لا تثير الكراهية تجاه الآخر، وأن يقرأوا العبارات بعيدًا عن الشحن العاطفي والطائفي والعنف، وذلك وفقًا لما أشارت إليه حطيط.

إزالة محتوى يحضّ على الكراهية في منصات التواصل الاجتماعي

-أزالت ميتا 9.6 مليون منشور يتضمن محتوى يحضّ على الكراهية في منصة الفيسبوك، وذلك وفقًا لما أشار إليه موقع statista حول معدل انتشار خطاب الكراهية على فيسبوك حول العالم من الربع الثالث 2020 إلى الربع الثالث 2023.

- إزالة 7 مليون منشور مماثل من منصة إنستجرام.

-إزالة 30.6% من مقاطع فيديو TikTok لأسباب تتعلق بالسلامة البسيطة، بينما تمت إزالة 27.2% لأسباب تتعلق بالأنشطة غير القانونية، والسلع الخاضعة للرقابة.

كما أشارت الدراسة المنشورة في موقع Statista إلى أنّ دولة باكستان احتلت المرتبة الأولى في إزالة محتوى الفيديو على تيك توك، بمعدل 18.31 مليون، ثم الولايات المتحدة الأميركية بمعدل 13.75 مليون، ثم أندونيسيا بمعدل 13.66 مليون وذلك في الربع الثالث من عام 2023.

أدوات رصد خطاب الكراهية

هناك طريقتان لرصد خطاب الكراهية، وذلك من خلال الاعتماد على أدوات الرصد الفردية والرقمية:

وفيما يتعلق بأدوات الرصد الفردية، فيمكننا متابعة هاشتاج معين وهي طريقة بسيطة وتعتمد على متابعة أشخاص مثيرين للانتباه ولديهم متابعة مرتفعة على وسائل التواصل الاجتماعي، ويكتبون خطابات سياسية حادة.

-متابعة الحسابات والقنوات التي تنشر خطابًا يحضّ على الكراهية.

-متابعة تعليقات المستخدمين حول الموضوعات المثيرة للجدل في المجموعات المختلفة.

-مشاهدة الفيديوهات لمعرفة اللغة المستخدمة والمصطلحات.

وهناك الكثير من التطبيقات والبرامج التي تُسهل عملية رصد وتحليل خطاب الكراهية، مثل:

-Crowd tangle

-Social Bee

-Meltwater

-Brand Watch

-الصورة  حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على أنسبلاش.