رسامو الكاريكاتير المغاربة يتضامنون مع 'شارلي إيبدو' ضد الإرهاب

por إسماعيل عزام
Oct 30, 2018 en السلامة الرقمية والجسدية

انضم رسامو الكاريكاتير المغاربة إلى الحملات العالمية المتضامنة مع الجريدة الفرنسية "شارلي إيبدو" التي تعرَّضت لهجوم إرهابي يوم الأربعاء 7 كانون الثاني/ يناير، مما أدى إلى مقتل 12 فرداً بينهم أربعة رسامين بالجريدة، وذلك في أخطر العمليات الإرهابية التي شهدها التاريخ الفرنسي الحديث، وفي أكثر الهجمات دموية التي تعرّض لها صحافيون فرنسيون.

إدانة هذا الهجوم كان محلّ إجماع بين الجميع، حتى المختلفين منهم مع الخط التحريري لهذه الجريدة التي تبنّت السخرية من كل شيء، حتى من المعتقدات الدينية المقدسة للآخرين. لذلك انبرى رسامو الكاريكاتير المغاربة إلى نشر رسوم تتضامن مع "شارلي إيبدو" في عدد من الجرائد المغربية، كما شاركوا في وقفة تم تنظيمها يوم الجمعة الفائت في العاصمة المغربية الرباط، خصّصت للترحّم على أرواح الراحلين في هذا الهجوم.

في هذا السياق، يقول خالد الشرادي، رسام كاريكاتير بجريدة "الأخبار" المغربية، إنّ ما حدث في فرنسا أمر مخيف للغاية: "عندما تتم إبادة جريدة في قلب باريس عاصمة الحرية، فماذا تبقى لنا نحن الذين ترسم في باقي أنحاء هذا العالم؟ وأضاف:

"أنا أحس بالقهر الشديد الذي لا أعرف إلى متى سيلازمني كواحد من المحبين لهذه المهنة التي تحوّلت مؤخراً إلى مهنة خطرة، قد تُلحق الأذى بصاحبها حتى لأتفه الأسباب!".

واستطرد الشرادي في تصريحات لشبكة الصحفيين الدوليين، أنه من الضروري على الكاريكاتوري أن يكون توّاقاً للحرية ومناضلاً من أجل حقه في الاختلاف والإبداع من غير قيود، على الرغم من أن هناك سياقات معينة بحسب المتحدث، على الصحفي أو رسّام الكاريكاتير أن يأخذها بالحسبان، كرسومات شارلي إيبدو التي قد تظهر أسبابها مفهومة وعادية تماماً عندما نضعها في سياق حرية التعبير الفرنسية، لكنها حتماً غير مقبولة عندما تختطفها من سياقها لتنشرها في القاهرة على سبيل المثال!".

وبدوره تحدث محمد الخو، رسام كاريكاتير بالجريدة المذكورة، أن الجريمة الحاصلة تُعتبر مدعاة للقلق والخوف من احتمال تكرار مثل هذه المجزرة التي أظهرت استمرار التعصب والتطرّف للرأي الواحد: "فعندما يغيب الفعل العقلاني يُفسح المجال للهمجية والإرهاب بما يحملانه من دمار للحضارة والإنسانية. فالجريمة بحق 'شارلي إيبدو' تحمل دلالة واضحة على أن الفن صار مستهدفاً بالرصاص، ليس فقط داخل فرنسا، بل في العالم بأسره، فالقضية هنا ليست مجرد خرق أمني في فرنسا".

غير أن محمد الخو لم يخفِ في حديثه لشبكة الصحفيين الدوليين، اختلافه العميق مع منشورات 'شارلي إيبدو': "لم أقتدِ يوماً برسوماتها التي أعتبرها مسيئة، فللكاريكاتير حدود وجب عدم تخطّيها، ومن ذلك المساس بمقدسات الغير وإهانتها وتحقيرها. وبحسب قول الخو:

"تؤجج هذه الرسومات مشاعر الغضب في المجتمعات، بل وتدفع بالإرهاب إلى النمو والاستفحال. لذلك أرى من الواجب على الأنواع التعبيرية من كاريكاتير وغيرها الإبتعاد عن هذه المنزلقات".

بيدَ أنه في الجانب الآخر، قال رسّام الكاريكاتور خالد كدار، الذي يعمل حالياً بعدد من المؤسسات الإعلامية كجريدة 'هسبريس'، و'أخبار اليوم المغربية'، والذي سبق له أن عمل بجريدة 'شارلي إيبدو'، إن هذه الأخيرة لم تنزلق عن خط الكاريكاتور بما أنها كانت تلجأ إلى السخرية من كل شيء، بما في ذلك الأديان السماوية، معتبراً بأن:

"شارلي إيبدو، تمارس الحرية في السخرية في إطار القوانين الفرنسية التي لا تمتلك حدوداً ضيقة كما هو الحال في ما بلدان أخرى، تحكمها الأعراف أكثر ممّا تحكمها القوانين".

وأضاف كدار، في حديثه لشبكة الصحفيين الدوليين، أن "الجرأة في البلدان غير الديمقراطية تعتبر وسيلة للتحرّر من تابوهات الأعراف حتى مع إدراك حجم المخاطر التي تتبع هذه الجرأة"، مبرزاً أنه يشعر هو الآخر بالتهديد من عمليات إرهابية مماثلة، ما دام "لا يؤمن بالتابوهات ولا بالحدود، ويرى أن حرية التعبير كاملة لا تتجزأ". كما عبّر كدار، في مقابلة إعلامية أجراها مؤخراً، أن من حق الكاريكاتوري رسم الأنبياء والرسل والذات الإلهية، ما دامت تلك وسيلته للتعبير عن قضايا تخصّ الأديان.

لكن هل رسومات 'شارلي إيبدو' كانت مبدعة فنياً خاصةً أنه هناك عدد من الإنتقادات التي وجهت إليها واتهمتها بـ"السطحية والاستفزاز المجاني"؟ وجهنا هذا السؤال لخالد الشرادي الذي أجاب بأنه ليس مؤهلاً أدبياً أو تقنياً لتقييم أعمال زملاء له أو إصدار أحكام فنية بخصوصها، لكنه يرى بأن 'شارلي إيبدو' كانت تتعمد الإثارة والاستفزاز المدورس، وهو ما لم يكن يحظى بإعجاب عدد مهم من العاملين بالكاريكاتير والسخرية، ليس فقط في دول أخرى بل حتى داخل فرنسا نفسها.

تحمل الصورة الرئيسية رخصة المشاع الإبداعي على موقع فليكر، أمّا الثانية فتعود لخالد الشرادي.