مابين غياب القانون وإساءة استخدامه.. حرية الصحافة في مصر على "المحك"!

Oct 30, 2018 en السلامة الرقمية والجسدية

حرية الصحافة في مصر تعاني تدهورًا حادًا بحسب تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2015 والذي احتلت فيه مصر المركز "158" عالمياً من أصل "180" دولة في حرية الصحافة، متأخرة عن دول أفريقية حديثة العهد بالصحافة على رأسها غانا التي جاءت في صدارة أفريقيا بالمركز 22، والكويت التي جاءت في صدارة الدول العربية بالمركز 90.

كما صنفت شبكة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي "سند"، والتي يتولى إدارتها مركز حماية وحرية الصحفيين في تقريرها الشهري الأخير مصر كثاني دولة تعرض صحفيوها لانتهاكات من قبل السلطات خلال شهر أيلول/ سبتمبر بواقع "51" انتهاكاً في مقابل "149" انتهاكاً وجهته اسرائيل ضد الصحفيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

بوابة حرية التعبير في العالم العربي التابعة للشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان أصدرت تقريراً في نهاية شهر آب/ أغسطس الماضي بعنوان "السلطات تجهز على حرية الصحافة "، بعد قيامها بمنع طباعة عدد من الصحف، وفرم/ تلف أعداد أخرى حتى وصلت مجموع الحالات الى "8" حالات في الفترة الممتدة من شباط/ فبراير 2014 الى آب/ أغسطس 2015؛ أبرزها منع صحيفة الوطن عن الصدور لثلاث مرات "6 شباط/ فبراير 2014 - 11آذار/ مارس 2015، و11 أيار/ مايو 2015 "وفرم أعدادها وإعادة طباعتها بعد إجبار هيئة التحرير على تعديل الموضوعات المعترض عليها من قبل السلطة، ومؤخراً صحيفتي الصباح وصوت الأمة في آب/ أغسطس الماضي.

كما أصدرت الشبكة قائمة بالصحفيين القابعين في السجون المصرية والذين بلغ عددهم "58" صحفي حتى شهر تموز/ يوليو الماضي بحسب الشبكة.

منظمة العفو الدولية علّقت على حالة المصور الصحفي محمود أبو زيد الشهير ب "شوكان" المحتجز منذ أكثر من عامين انتظاراً للمحاكمة دون اتهام واضح، والذي صدر بحقه قرار بإحالة قضيته لمحكمة الجنايات مع تمديد احتجازه على ذمة القضية؛ بأنه ضربة أخرى قاصمة لحقوق الإنسان وسيادة القانون في البلاد في الوقت نفسه الذي طالبت فيه منظمة مراسلون بلاحدود السلطات المصرية بالإفراج عن 6 صحفيين حكم عليهم بالسجن مدى الحياة. وذكرت المنظمة أن مصر تعد من أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحفيين، بعد الصين وإريتريا وإيران.

مرصد صحفيون ضد التعذيب أصدر تقريره الشهري عن شهر آب/ أغسطس الماضي والذي يوثق الإنتهاكات التي تعرض لها الصحفيون والاعلاميون وقد ضمّ 64 حالة انتهاك موثقة ضد الصحفيين أثناء تأدية عملهم، تصدرت وزارة الداخلية قائمة الجهات المعتدية بعدد 18 حالة انتهاك، تلتها فئة المدنيين بعدد 11 واقعة وجاءت فئة الهيئة القضائية بعدد 9 وقائع.

وقد خصص المرصد قسماً لرسائل الصحفيين المسجونيين إلى عائلاتهم والتي توضح مدى معاناتهم داخل السجون تحت عنوان "صوت من خلف القضبان".

يأتي هذا في ظل إقرار قانون مكافحة الارهاب والذي واجه اعتراضات كبيرة من قبل نقابة الصحفيين المصرية ومنظمات المجتمع المدني والذي  وصفته صحيفة " دويتشه فيله" الألمانية على موقعها الاكتروني بانه: "قمع للحريات الصحفية" ووصفه مرصد صحفيون ضد التعذيب بأنه: "يهدد الحريات الاعلامية بالانقراض" ذلك بما فيه من نصوص استبدلت بعد ضغوط عقوبة الحبس بغرامة مالية كبيرة  وُصفت بأنها عودة للوراء وانتهاك لحرية الصحافة

المادة رقم 35 نصت:

على تغريم الصحفي بغرامة لا تقل عن "100" ألف جنيه مصري ولا تزيد عن "500" ألف جنيه مصري، حال نشره لأي أخبار تتعلق بالعمليات الإرهابية غير البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع. بالإضافة إلى ذلك، نصت على منع الصحفي المخالف من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد عن سنة.

المادة 36:

حظرت المادة "36" من ذات القانون تصوير أو تسجيل أو بث وعرض وقائع جلسات المحاكمة في الجرائم الإرهابية إلا بإذن من رئيس المحكمة، وتعاقب من يخالف ذلك بغرامة لا تقل عن "20" ألف جنيه ولا تزيد عن "100" ألف جنيه.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أصدر تقريراً عن العمل الصحفي في مصر وصفه فيه بأنه  أصبح مغامرة وأن أعداد الصحفيين في السجون وصلت لأرقاماً غير مسبوقة. ولفت المرصد الحقوقي الدولي، والذي يتخذ من جنيف مقراً رئيسياً له، إلى أن السلطات المصرية تستخدم الأمن القومي ذريعة للتضييق على حرية الصحافة، حيث تزعم أن الصحفيين المعتقلين لديها سجنوا لأسبابٍ جنائية، فيما هي تقوم بتوجيه اتهامات فضفاضة للصحفيين أو تنطوي على تلفيق واضح ولا تستند إلى حقائق فعلية على الأرض، بل تستند في معظمها إلى شهادات رجال أمن، وهي غالباً ما تكون تبريرات لاستمرار اعتقالهم.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن السلطات في مصر تمعن في استخدام الحبس الاحتياطي بحق الصحفيين، ولفترات طويلة جداً تتجاوز حتى الـ 18 شهراً التي حددها القانون كحد أعلى، وفي السياق نفسه، ندد المرصد باستمرار احتجاز قوات الأمن المصرية للصحفي "محمد صابر أحمد البطاوي"، والذي يعمل في "مؤسسة أخبار اليوم"، دون تقديم اتهامات مثبتة أو أدلة حقيقية، حيث جرى اعتقاله من بيته في مدينة "طوخ" التابعة لمحافظة القليوبية في شهر حزيران/ يونيو الماضي.

لجنة حماية الصحفيين وجهت خطاباً الى مؤسسة الرئاسة المصرية في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي تدعوه فيه الى الافراج عن جميع الصحفيين المصريين المسجونين بسبب آدائهم لعملهم مشيرة الى تعرضهم لإساءة المعاملة والإيذاء وظروف غير آدمية في السجن، حسبما ورد في رسائلهم إلى عائلاتهم. وطالبوا بالتسريع بفتح التحقيقات في مقتل 10 صحفيين على الأقل في مصر بسبب عملهم منذ بدء الثورة المصرية في بداية عام 2011 بهدف الكشف عن الجناة ومحاسبتهم.

من جانبها أعربت نقابة الصحفيين المصريين ولجنة الحريات فيها، مفاده أن الصحافة تعيش الآن أسوأ فترات الحرية في تاريخها حيث بلغ عدد الصحفيين المحتجزين 30 صحفياً معتقلاً، منهم 20 صحفيًا بسبب آداء عملهم بشكل مباشر وقد تمّ القبض عليهم أثناء تغطيتهم للأحداث وتم تلفيق التهم لهم. فضلاً، عن محمود شوكان الذي مازال محتجزًا لأكثر من سنتين، و أحمد رمضان الذي تم القبض عليه داخل المحكمة وتم توجيه تهم له بالانتماء لجماعة محظورة.

وأشار أمين لجنة الحريات الأستاذ خالد البلشي خلال مؤتمر "الحرية حقهم" إلى أن هناك 400 انتهاك وثقتها نقابة الصحفيين ما بين (اعتداء وتكسير معدات وكاميرات وقبض واحتجاز)، لافتاً أن بعض المحاولات أحياناً تنجح بإخراج الزملاء أو إرجاع الكاميرات.

وأضاف أن مشهد الرقابة على الصحف الذي غاب من فترة قد عاد بقوة قائلاً: "نحن أمام 7 حالات مصادرة ومنع لصحف، نحن أمام رقيب يجلس في المطبعة ويقرأ الصحف ويقرر منع طباعتها". الجدير بالذكر ان الدستور المصري ضمن في مواده المتعلقة بالحريات حرية الصحافة واستقلالها.

المادة 71:

"يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون".

المادة 72:

"تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام".

تحمل الصورة رخصة المشاع الإبداعي على موقع فليكر، بواسطة oxfamnovib.