الصعوبات التي يواجهها الصحافي الإلكتروني في لبنان

by سلوى أبو شقرا
Oct 30, 2018 in الصحافة الرقمية

شهد الإعلام العربي تحولات على مستوى تكنولوجيات الإعلام والاتصال خلال العقدين الماضيين، ولكنَّ المشهد الإعلامي العربي لا يعكس نضجاً ملموساً في هذا القطاع، وإذا نظرنا بالتحديد إلى واقع الصحافة الإلكترونية اللبنانية فنجد أنَّ الحال إلى القلق بالنظر إلى التراجع الكبير الذي بلغه الآداء الإعلامي وتراجع حرية الصحافيين وتردي ظروف عملهم ومستوى تغطيتهم الإجتماعية.

المعوقات التي تطال الإعلام الإلكتروني

برز مصطلح "الصحافة الإلكترونية" في الوطن العربي بعد ظهور أول موقع لصحيفة عربية هي "الشرق الأوسط" السعودية على الإنترنت وذلك في سبتمبر/ أيلول عام 1995. وهذه الخطوة دفعت بالصحافة اللبنانية إلى حذو حذوها، فتأسس موقع صحيفة "النهار" اللبنانية في فبراير/ شباط من العام 1996، لتتبعها صحيفة "السفير" اللبنانية في العام نفسه كذلك، وتوالت بعد ذلك أعداد المواقع الإلكترونية.

ولكن تقف عقبات عدَّة أمام تطوِّر هذه الصحف، نعدّد أبرزها تباعاً:

١-الأزمة المالية: أدَّى تراجع السوق الإعلاني الداخلي في السنوات الأخيرة إلى تراجع مداخيل وسائل الإعلام اللبنانية. في وقتٍ تعاني أغلب الصحف الإلكترونية من صعوبات مالية تتعلق بالتمويل.

٢- الصحف التي يتم إصدارها ونشرها على شبكة الإنترنت، معظمها على شكل جرائد مطبوعة على الشاشات الإلكترونية، وتغطي نفس المواضيع التي تجدونها في صفحات الجريدة، تشمل الصور والرسوم والصوت والصورة المتحركة والمثال على ذلك صحيفة "السفير" اللبنانية، صحيفة "الأخبار" اللبنانية، صحيفة "المستقبل"، صحيفة "اللواء"، وصحيفة "الشرق".

فيما تُعتبر صحيفة "النهار" من الصحف الإلكترونية القليلة من بين الصحف القائمة بذاتها وإن كانت تحمل إسم الصحيفة الورقية (الصحيفة الأم) التي قد أنشأت موقعاً مستقلاً عن مواد الصحيفة الورقية يتضمن تقارير خاصة وأخبار متنوعة.

ما زالت العقبات تلاحق الصحفيين الإلكترونيين، ومن بينها:

-غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بمستقبل هذا النوع من الإعلام.

-غياب الإطار القانوني والمهني الذي ينظم عمل الصحفيين في المجال الإلكتروني ويَحفظ حقوقهم.

-إقتصار عمل الكثير من المواقع الإلكترونية الإخبارية غير المرتبطة بالصحف، على سياسة النسخ من الصحف المحلية والعربية والعالمية.

الصعوبات التي يواجهها الصحافي في المواقع الإلكترونية

-السرعة في الخبر: على الرغم من أنَّ السرعة عنصر أساسي لإبقاء القارىء على اطلاع بكل مجريات الأحداث السياسية والأمنية في البلاد، إلاَّ أنَّ هذه السرعة غالباً ما تنعكس سلباً على صدقية الخبر ودقته.

-مصدر المعلومات: مصادر معلومات الصحفي حكومية أو خاصة، فلا يفضل السياسيون أو الأمنيون الإدلاء كثيراً بتصريحات للمواقع الالكترونية ويفضلون اعتماد الأسلوب التقليدي عبر بروز اسمهم في الصحافة الورقية التي يعتبرون أنها "أرقى وأصدق، ووقع الخبر فيها أهم" من وجهة نظرهم.

-حرية التعبير والرقابة الذاتية: يُعتبر لبنان من أكثر الدول ديمقراطية لناحية حرية التعبير وتعدد وسائل الإعلام، إلاَّ أنَّ الرقابة الذاتية هي دوماً مثابة الخط الأحمر الذي يخشى الصحافي تجاوزه، فقد يتغاضى عن تناول أمور مهمة في المجتمع كالفساد أو سرقة المال العام أو قضايا إجتماعية مهمة مخافة الوقوع في مشاكل، خصوصاً إن لم يكن بتمتَّع بالغطاء المعنوي والدعم القانوني من مؤسسته الإعلامية، في ظل عدم وجود قانون يحمي الصحافي الإلكتروني.

-غياب الضمانات الإجتماعية: يعمل الصحافي في المجال الإلكتروني أضعاف الصحفي التقليدي، إذ إنَّ ضغط العمل أكثر وساعات الدوام مُضاعفة. لكنَّ ظروف عمله غير ثابتة إذ تغيب الضمانات المهنية.

-الإكتفاء المادي: يتمُّ إغراء الصحافي الشاب في المواقع الإلكترونية إلاَّ أنَّ ظروف العمل التي لا تحكمها القوانين تنعكس سلباً على استقرارهم الوظيفي.

التسجيل في النقابة

نصَّ الدستور اللبناني[1] (المادة 13) والإعلان العالمي لحقوق الإنسان[2] (المادة 19) على حريات الرأي والتعبير والإعلام بشكل خاص. ولبنان الذي كان رائداً في تأسيس الصحافة لا يزال إعلامه الالكتروني من دون هوية قانونية، في ظل خلوّ قانون الاعلام من أي موادٍ تتعلّقُ بتشريعات تنظِّم الاعلام الإلكتروني. كما يفتقد هذا الاعلام الجديد لنقابة تطالب بحقوق العاملين به والمشرفين عليه.

النقابة التي تُعتبر الجهاز التنظيمي الذي يدافع عن حقوق العمال الذين ينضوون تحت عبائتها، يُستبعَد منها صحافييو المواقع الإلكترونية. وكما هو معلوم فإنَّ الصحافيين الإلكترونيين خارج نقابة المحررين، وكأنهم من عالم مختلف عن الصحافة أو متطفلون على المهنة، والسبب يعود لعملهم في موقع إلكتروني لا في صحيفة مطبوعة. وفي وقتٍ يقتضي دور النقابة أن تكون حاضنة لكل محرر يعمل بأي وسيلة إعلام مرئية ومسموعة ومطبوعة والكترونية لأنه لا يجوز التفريق بين المحررين. إلاَّ أنَّ الصحفي الإلكتروني يجد نفسه من دون أي غطاء ما يستدعي خطوةً تتمثّل في تعديل قانون النقابة، أو تأسيس هؤلاء الصحافيين لنقابة مستقلة.

ولكن تمَّ اقتراح قانون يرعى عمل الإعلام الإلكتروني وأطلق حرية إنشاء المواقع الإلكترونية، وميَّز اقتراح القانون بين مُمتهني بث المواد الإعلامية عبر الشبكة الخاضعة لأحكام القانون، وبين الأشخاص غير المهنيين الذين ينشؤون مدونات خاصة بهم. وعرَّف اقتراح القانون العاملين في النشرات الصحافية الإلكترونية بأنهم أشخاص يمتهنون بث المواد الإعلامية، ويقدمون للجمهور مادة إعلامية محدثَّة بصورة منتظمة ومرتبطة بالمستجدات.

وهذا ما يلقي على عاتق هذه المؤسسات الإعلامية الإلكترونية ضرورة تعيين مدير مسؤول وموجب الإعلام (التبليغ) والشفافية المالية والإدارية. ويشير مصدر في نقابة المحررين إلى أنَّ "ما من قانون يتيح دخول العاملين في المواقع الإلكترونية إلى نقابة المحررين، ولكن قد يتمُّ السعي لاحقاً إلى إصدار قرار يتيح  للعاملين في المواقع الإلكترونية العائدة لصحف ورقية الحصول على هذا الحق".

الصورة الرئيسية من موقع أوزات كولاج والثانية من موقع جريدة النهار، وضعت بعد أخذ الإذن.