في السنوات الأخيرة أصبحت الصحافة الثقافية تجذب أعداداً كبيرة من القراء، حيث توفر لهم معلومات عن أحدث الكتب الصادرة في المكتبات، إضافة إلى عرضها لعدة مقالات نقدية توفر عليهم مجهود البحث عن كتاب جيد للاستمتاع به، إلى جانب دورها الهام في التعريف بأهم الكتاب والأحداث والأنشطة الثقافية التي تستضيفها المراكز الثقافية المختلفة.
ما سبق جعل العديد من الصحفيين يرغبون في الدخول لعالم الصحافة الثقافية وتحقيق النجاح فيها، خصوصاً مع ظهور تجارب ثقافية عربية مهمة عديدة ما بين مواقع ومطبوعات، وصار السؤال الذي يطرحه الكثيرون من الصحفيين الشباب هو كيف يمكن النجاح والتميز في عالم الصحافة الثقافية؟ شبكة الصحفيين الدوليين ستأخذكم في رحلة للتعرف أكثر على هذا النوع المهم من الصحافة.. اربطوا الأحزمة.
نصائح للنجاح في عالم الصحافة الثقافية
يقول الصحفي المصري سامح فايز: "لا تختلف الصحافة الثقافية عن أنواع الصحافة الأخرى المهتمة بتقديم الحدث من خلال فنون الكتابة المختلفة، غير أن الصحافة الثقافية لها خصوصية سببها نوع الحدث الذي تهتم به، والسائد أنها أحداث النخبة من فنون وآداب وسينما ومسرح وتراث".
يكمل فايز أن الصحافة الثقافية من المفترض أن تهتم بكل ما له علاقة بالثقافة في العام، كما جاء في تعريف الثقافة، أنها تتكون من العادات والتقاليد والدين وكل ما يكتسبه الإنسان من معارف في حياته، حتى وإن كان المكتوب يتناول أحداثا قد يراها البعض لا علاقة له بالثقافة، مثل الكرة والصناعة وفنون الطبخ، فالصحافة الثقافية تتلامس مع كل الأنساق الأخرى، فالكرة ثقافة، والطبخ ثقافة.
وعمل فايز، محرراً ثقافياً بمجلة الهلال المصرية، كما عمل في أقسام الصحافة الثقافية بعدة وسائل إعلام منها القاهرة، وحفريات، والمصور، والأهرام إبدو، وعالم الكتاب، والثقافة الجديدة، كما قدم ندوات في معرض القاهرة الدولي للكتاب ومعرض أبو ظبي الدولي للكتاب، وصدر له ثلاثة كتب ورواية.
ولكي تكونوا متميزين في مجال الصحافة الثقافية يقول لكم فايز إن هذا المجال يستدعي منكم أن تتفاعلوا معه فى أغلب أوقاتكم، "فالمسألة غير مقتصرة على مجموعة من الأخبار والتقارير والحوارات التي نكتفي بتقديمها لأماكن العمل، في أوقات عمل محددة، لكن الثقافة تحتاج يومك بالكامل من متابعة كل ما له علاقة بالثقافة من سينما ومسرح وأدب وفنون بصرية وأدائية وتكنولوجيا المعلومات وتراث".
يضيف فايز أن تلك المتابعة تدفعكم لخلق أفكار مغايرة عن السائد، وتدفعكم لمتابعة الحدث أول بأول، وتقديمه فى سياق كبير من ربط العناصر ببعضها وتحليلها، فخبر صدور سيرة ذاتية لأحد الفنانين قد يراه البعض مجرد خبر عابر، لكن تعدد إصدار مجموعات من سير الأدباء والفنانين في نفس التوقيت يكشف أن هناك توجهًا عامًا واتجاهات جديدة في القراءة تحتاج للتحليل من أجل معرفة السبب، هل هى ذائقة القارئ أم أنها مجرد صدفة عابرة.
يؤكد فايز أن الاختلاف في الصحفي الثقافي الناجح أنه "يرى الصورة بشكل أكبر، لا ينظر تحت قدميه أو يفكر فقط في دائرة ضيقة، بل عليه أن تتسع دوائر تناوله لأي موضوع".
وبحسب فايز فإن أشهر خطأ يقع فيه الصحفي الثقافي هو التسرع فى نشر موضوع من دون التأكد من كل المحاور المتعلقة به، متابعاً: "لا يجب أن ننظر للصورة من جانب واحد ثم نعتقد أننا قمنا بأدء المهمة بشكل جيد، بل علينا أن نتأكد من كل زوايا الموضوع، وأن نقرأ كل ما كتب عن الحدث الذي نتناوله".
ويؤمن فايز أن الاعتقاد بأن سرعة نشر الخبر دليل نجاح للصحفي، هو تصور خاطئ، ويشرح "سرعة النشر مسألة مهمة بالفعل، لكن التيقن من صحة الموضوع مسألة أهم، لأنها تتعلق بسمعة الصحفي، فلو تكررت أخطاء النشر سوف تصل بالقارئ إلى مرحلة عدم الثقة فى ما تكتب، أو ما تكتبه مؤسستك بالكامل، وذلك معناه أن تفقد جمهورك من القراء وهى الشريحة المستهدفة لما نقدمه من تغطيات للحدث".
ولكتابة موضوع ثقافي ناجح ينصحكم الصحفي المصري بأن يتماس موضوعكم مع الوقت الحالي، "مع اللحظة التي تعيشها، فتحليل توجهات القراء الأن ومعرفة أي الأفلام يفضلها المشاهد الآن، وأي العروض المسرحية تلقى اهتمام زوار المسرح الآن، وأي التغييرات الاجتماعية التي أًصابت المجتمعات الأن هي ما تدفعك لتقديم موضوع ناجح".
ويكمل فايز أن هناك معيارًا آخر لكتابة موضوع مميز هو أن نطلع على كل ما له علاقة بالموضوع الذي نعمل عليه، وأن نقرأ معظم ما كتب حوله حتى نقدم كتابة مختلفة، ووافية، وخالية من الأخطاء، وتجنب هاجس السرعة الذي صدرته المواقع الإلكترونية.
ما هي أبرز التجارب الثقافية العربية؟
في عالمنا العربي عدة تجارب صحفية ثقافية ناجحة، أبرزها مجلة العربي الكويتية، وهي من أقدم المجلات الثقافية، حيث تأسست عام 1958، وتصدر عن وزراة الإعلام بالكويت، وتهتم المجلة بقضايا ثقافية عدة منها التاريخ وكيفية قراءته، والفن وعلاقته بالمجتمع.
التجربة الثانية هي مجلة الدوحة، الصادرة عن إدارة البحوث والدراسات الثقافية في وزارة الثقافة والرياضة في دولة قطر، وتتضمن مقالات لأشهر الكُتاب والمستشرقين، وملفات مترجمة لكُتاب عالميين، ومقالات عن الكُتب وتحليلات لها.
هناك كذلك المجلة العربية، وشعارها هو "مجلة الثقافة العربية"، وتصدرها السعودية، وتتميز المجلة عن غيرها بملفاتها العميقة، وتعطي الفرصة لجيل جديد من الكتاب الشباب للتعبير عن مواهبهم، ودائماً ما يصدر مع المجلة كِتاب هدية في مجالات متنوعة.
أما مجلة الرافد فتصدر عن دائرة الثقافة في إمارة الشارقة بدولة الإمارات، ويصدر معها كذلك كتاب حول النقد والقصة والمسرح والأدب، تصدر الإمارات تجربة ثقافية مهمة أخرى هي مجلة الشارقة الثقافية.
وفي العالم العربي كذلك تتواجد مجلة نزوى، التي تصدر عن مؤسسة عمان للنشر والصحافة والإعلان. وتتميز بدراسات نقدية عديدة ومتنوعة، وكذلك يصدر مع المجلة كِتاب كهدية مجانية.
بالإضافة إلى العديد من المواقع المتخصصة في الثافية مثل موقع الكتابة، وموقع ثقافات، وموقع تكوين، وموقع قديتا.