كتبت نور ينم، وهي رائدة أعمال مشاركة في مركز التوجيه للشركات الإعلامية الرقمية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين: يشهد عالم ريادة الأعمال يوميًا ولادة العديد من المشاريع الريادية، التي يهدف مؤسسوها إلى تحويل فكرتهم إلى شركة ناجحة، ثم الاستمرار بها، للوصول إلى غاياتهم، وكي يتحقق ذلك، هناك مجموعة عوامل لا بد من توّفرها، لتساعدهم في تخطي شارة البداية والانطلاق نحو السوق، ولعل أبرزها الإدارة الصحيحة والتسويق الناجح.
وإذا أسقطنا الأمر على الخارطة الإعلاميّة، سنجد أنّ معادلة نجاح المشاريع الإعلاميّة الناشئة، هي ذاتها، ولتضمن استمراريتها في السوق، لا بد لها من اتباع أساليب تسويقيّة تُراعي جماهيرها، التي تبحث عن مادة إعلاميّة تحمل مقومات الأصالة، الحداثة، والموضوعية.
بالنسبة للرياديّ، وخاصة الإعلاميّ، فإن مهمة التسويق، قد لا تكون ضمن قائمة المؤهلات التي يتمتع بها، لذلك غالبًا ما يلجأ إلى قراءة العديد من المقالات التعليمية، والحالات العمليّة لشركات عدّة، ويبدأ بإسقاط بعض الحالات على مشروعه، ثم يبدأ بمناقشة الاستراتيجيات المثلى الذي إن اتبعها سيصل إلى جمهورها ويحدث الأثر المطلوب.
لكن مهلًا، ماذا إذا كان هذا الإعلاميّ هو نفسه الذي يقف خلف الكواليس، ويكتب عن أفضل 5 استراتيجيات تسويقيّة لإطلاق المشروع الريادي. ماذا لو كان مسؤولًا بشكل يومي عن تعقب آخر الحملات الإعلانيّة والتسويقيّة ومشاركتها؟ ماذا عن إعلاميّ فضوليّ يبحث عن الحقيقة وراء تطبيق فايسبوك خوارزمية جديدة لتحسين جودة المحتوى عبر منصتها؟
المغزى، كما للأخبار المحليّة والسياسية، والاقتصادية، والفنية، معدل استهلاك، هناك "جمهور" يبحث عن الأخبار التسويقية سواء من باب الفضول، الاطلاع، أو التعلم، ولا يمكننا حجب حقيقة أنّ أعداد الجماهير ترتفع بالتناسب مع ازدياد أعداد الشركات، بعد الثورة الرقميّة، والتي أدت لظهور قطاعات جديدة.
نموذج عربي جديد وُلد مؤخرًا!
كواحدة من المنصات الإعلامية العربية المتخصصة في نقل وتحليل أخبار التسويق حول العالم، ظهرت منصة باندا، وانطلقت في مهمتها نحو نشر الوعي بالاستخدام الأمثل للتسويق، باعتباره علمًا وفنًا في آن معًا، وسرعان ما نجحت في خلق هويّة فريدة لها في السوق الرقميّ.
ويأتي مشروع باندا كمحاولة لإثراء المحتوى العربي عبر الانترنت، والذي يقع في ذيل الترتيب مقارنة بالمحتوى المنتشر باللغات الأخرى، رغم وجود ما يُقارب 226 مليون مستخدم للإنترنت في العالم العربي، وتوقعات بزيادة ملحوظة خلال الأعوام المقبلة، وفقًا لتقرير اقتصاد المعرفة العربي 2015-2016، وهو ما يعني ارتفاع معدل الطلب على المحتوى الرقمي.
ويُعد موقع باندا، واحدًا من التجارب الرياديّة الإعلاميّة، التي بدأت مطلع 2017، واتخذت من دمشق نقطة انطلاق لها، وحققت خلال فترة قياسيّة، تواجدًا رقميًا، حيث تمكّنت من جذب جمهور من المتابعين، الذين يبحثون عن محتوى تعليمي وترفيهي جديد في آن معًا.
ويسعى المشروع كي يكون المصدر الأول لأخبار التسويق والإعلان في العالم العربي، ويغطي بشكل دوريّ، أخبار الشركات العربية والعالميّة على حدّ سواء، كما يولي أهمية كبيرة، عبر موقعه الإلكتروني الرسميّ، لقضية تسليع المرأة والطفل في الإعلانات التجارية، ويلقى على عاتقه مهمة تغيير نظرة القائمين على ابتكار المحتوى التسويقيّ، في محاولة لوقف زحف انتشار هذه الإعلانات.
ويعمل مشروع باندا، على توسيع دائرة تغطيته للأخبار التسويقيّة، ليشمل مجالات عدة، كالإنتاج الإعلامي والفني، مثل الدراما والبرامج التلفزيونية، كما يضع ضمن قائمة أولوياته، مهمة دعم التجارب العربية المؤثرة في مجال الإعلام، ومشاركة الإنجازات العربية المميزة.
وتمكّن مشروع باندا، خلال عام ونصف تقريبًا، من خلق تواجد مميز له على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وانستغرام، عبر هوية عصرية، تساعد المتابع بتصفح الأخبار التي تناسب اهتماماته، فهناك 6 تقسيمات مختلفة للأخبار، تناسب الجمهور المختص والعام عل حدّ سواء، وتخضع لتحديث مستمر، بما يضمن حصول المتابع على تجربة مثالية.
ويهتم باندا، بتسليط دائرة الضوء على الممارسات التسويقيّة الصحيحة والخاطئة للشركات، ومتابعة تحركاتها أولًا بأول، وخططها التسويقيّة، مع التركيز على استخدامها لوسائل الإعلام الجديد، والتي تتميز بكونها في تطوّر مستمر، وتضم عدد هائل من المستخدمين، سواء للترويج لمنتجاتهم أو مشاريعهم.
واختار القائمون على المشروع تسمية الموقع "باندا" تيمنًا بالتسويق الإبداعي أو كما يُعرف باسم "الغوريلا ماركتينغ"، والذي يركز على استخدام الشركات لاستراتيجيات تسويقيّة جديدة ومبتكرة للوصول إلى عملائها، وخلق انطباع قويّ لدى الجمهور عن علاماتهم التجاريّة.
ويقف وراء المشروع، فريق من الشباب العربي، الذي يعملون في مجال التسويق والإعلان، ويملكون خبرة ومعرفة في هذا المجال، والأهم من ذلك، الشغف الكبير نحو إحداث تغيير في نظرة المجتمع العربي، والقطاع الإعلامي نحو الإعلان باعتباره وسيلة تجارية، من دون النظر إلى كونه أسلوبًا فنيًا وعلمًا قائمًا بحد ذاته يمكن الاستفادة منه، والحديث عنه.
تحدّ مضاعف
يواجه الصحفي الذي يعمل في مجال نقل الأخبار التسويقيّة، في البحث عن مصادر موثوقة وآنية تنقل الأخبار بموضوعية تامة، شأنه شأن أغلب الصحفيين الذي يعملون على تغطية مجالات عديدة، خاصة تلك التي تناقش الأحداث السياسيّة، وينطبق الأمر تمامًا عليه، لكن المهمة تصعُب أكثر، حيث يتحتم عليه، معرفة الأخبار التي تروّج للحملات الإعلانيّة، وربما تعتبر جزءًا منها، وتلك التي تنقل الخبر بحيادية مطلقة، ثم مراجعتها ونقلها للجمهور بموضوعية.
وإلى جانب ذلك، لا تقل معاناة رائد الأعمال، الذي اختار العمل في مجال التسويق والكتابة عنه، درجة، عن الصحفي الذي يحرّر خبرًا سياسيًا، بل العكس، حيث يجد نفسه أمام تحدٍ آخر، عندما يبحث عن المعلنين لتمويل مشروعه وضمان ديمومته، وفي ذات الوقت، نقد استراتيجياتهم التسويقيّة، بموضوعية، من دون فقدان ثقة جمهوره من جهة، ودعم مموليه من جهة أخرى.
وبالرغم من وجود العديد من المنصات الرقميّة والمواقع الإلكترونية العالمية التي تتابع أخبار صناعة المحتوى التسويقيّ، لكنها ما تزال قليلة وجميعها باللغة الانجليزيّة، وتُعد هي الأخرى قليلة مقارنة بتلك التي تنقل الأخبار الفنيّة والاجتماعيّة، علمًا أنّ نسبة الإنفاق على الإعلان وحده، عالميًا، تخطت حاجز 534 مليار دولار أمريكيّ خلال عام 2017، بحسب شركة Statista العالمية، المتخصصة في مجال أبحاث السوق، مع توقعات بزيادة مستمرة في السنوات القادمة.
نور ينم، رائدة أعمال مشاركة في مركز التوجيه للشركات الإعلامية الرقمية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين.