أوّل مراسل تلفزيوني كفيف في لبنان يتحدَث عن تحديات المهنة

by Maysa Shawwa
Oct 30, 2018 in أساسيات الصحافة

"قناة الجديد ليست كاريتاس (مؤسسة خيرية) وأنا لست بانتظار صدقة من أحد. إن لم تكن الجديد مقتنعة بأن لدي المؤهلات اللازمة لأكون في هذه المؤسسة لم تكن قبلتني." يعبَر ناصر بلَوط عن رفضه لنظرة المجتمع المتمثلة باعتبار توظيفه هبة من قناة الجديد. فبعض التعليقات على أول تقرير له والتي أشادت بالخطوة الإنسانية التي قامت بها الجديد لم تعجبه من حيث مبدأ أن العمل حق وليس منّة من أحد.

نظرة المجتمع هي العائق الأبرز في مسيرته الإعلامية. ويشير بلَوط إلى أن وسائل الإعلام تتذرع بأنها غير مهيئة تكنولوجياً أو لوجستياً لاستقبال المعوقين ويعتبر أن وسائل الإعلام تميَز ولا تريد أن تستقدم إعلاميين معوقين. يقول: "عقلية الوسائل الإعلامية لا تتقبل شخصًا معوّقاً."

"يستغرق تنزيل البرامج الخاصة بالمكفوفين دقيقتين فقط وأنا أتمّ عملي بشكل عادي. المؤسسة التي تريد أن تدمج المعوقين تستطيع أن تقوم بذلك وهذا ليس بالأمر الصعب. فأنا أحضَر محور التقرير، وأجري المقابلات، وأطبع التعليق الصوتي بطريقة البرايل، وأقوم بالمونتاج بمساعدة أحدهم." ويضيف أنه بالرغم من ﺻﺪور قاﻧﻮن يقضي ﺑﺘﻜﺮﻳﺲ ﻛﻮﺗﺎ 3% ﻣﻦ اﻟﻮظﺎﺋﻒ ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻤﻌﻮﻗﯿﻦ في لبنان، إلا أن القانون غير مطبَق.

يستعرض بلَوط أهم الصعوبات التي تواجهه ويقول أن هناك مشكلة التنقّل بين منطقة وأخرى وخاصة إذا كانت المنطقة جديدة بالنسبة له وفي هذه الحالة يضطر إلى أن يرافقه أحدهم. المشكلة الأخرى تكمن في مونتاج التقرير وتحضيره. "فيجب أن يكون هناك شخص برفقتي ليصف لي الصور، كما أنّ فريق العمل متعاون جداً معي .استطعت أن أدخل أصعب المجالات وهو أن أكون على الهواء. يعمل المكفوفون عامَة في مجال التحرير، والتدقيق اللغوي، والطباعة ولا يستطيعون العمل في مجال التصوير بالطبع. "أعود دائمًا إلى زميلي رامي الأمين،" هو يرشدني. وأنسّق دائماً مع المصوّرين. أشرح لهم الصورة أو المشهد الذي أريده ويتم التعاون في هذا المجال. قمت بإعداد تقريرين وأعمل على الثالث حالياً.

أمّا بالنسبة للتغطيات المباشرة، المعروف عنها أنّها الأصعب كونها تستوجب أن يطلع المراسل مشاهديه بما يحصل من حوله، فيقول بلّوط أنه مستعد لخوض التجربة بالرغم من أن ذلك يتطلب تواجد شخص معه يفسّر له المشهد قبل أن يقوم بتقديم التقرير. أمّا فيما يتعلَق بإجراء مقابلة مع عدّة أشخاص، فيرى بلَوط أهمية التركيز على مصدر الصوت وهنا يكمن التحدّي في تطوير حاسَة السّمع عند المكفوفيين.

لم يخضع بلَوط لأية تدريبات أو دورات خاصة بالإعلاميين المكفوفين في السابق، لكنّه يحرص دائماً على حضور نشرات الأخبار والتقارير. يقول: "حتى خارج ساعات عملي أجلس في غرفة الأخبار وأحاول أن أتعلّم أكثر وأسأل. بهذه الطريقة أعمل على تطوير نفسي." وفيما يتعلق بالتقنيات الخاصة للمكفوفين التي قد تقوم المؤسسة الإعلامية بإدخالها لتسهيل عملهم، يرى بلَوط أن التقنيات التي يستخدمها على الصعيد الشخصي تكفيه وهي متوفرة حالياً. فهو يعتمد على المسجّل الصوتي بشكل أساسي والبرامج الخاصة على الكمبيوتر التي تساعده على القراءة. "أحاول استكشاف ما تفعله الكاميرا وكيفية استخدامها، كذلك أعمل على برامج تحرير الصوت وحالياً أعمل على تطوير مهاراتي في تحرير الفيديو. أعتمد نفس الأدوات التي يستخدمها زملائي في العمل باستثناء البرامج الخاصة بالقراءة."

يعتبر بلَوط أن الدمج للمكفوفين عموماً ضروري وفي مراحل مبكّرة. "لم أذهب لمدارس خاصة بالمكفوفين. خضت تجربة الدمج في عمر مبكَر مما ساعدني على الانخراط لاحقًا في حياتي. أنصح المكفوفين الراغبين في العمل كمراسلين إعلاميين أن لا يتوانوا بل ليتقدّموا بطلب التوظيف لدى وسائل الإعلام. وتدريجياً يمكننا كسر حاجز الخوف عند وسائل الإعلام في توظيف المعوقين." ينصح بلَوط المكفوفين بالعمل على تطوير قدراتهم والانخراط في كافة المهن والاندماج في المجتمع المحيط.

تصوير ميساء شوّا.