تعلّم قواعد الصحافة الاستقصائية مع دليل مهني جديد

Oct 30, 2018 in الصحافة الاستقصائية

أصدرت مؤسسة "فريديريش أيبرت" في مصر دليل "صحافة استقصائية من أجل التنمية" والذي أعدّه فريق عمل مكوّن من 12 فرداً يعملون في مؤسسات إعلامية ودولية وجامعات مرموقة في المنطقة العربية، وذلك تحت قيادة الدكتورة إيناس أبو يوسف عميدة كلية الإعلام بـ"جامعة الأهرام الكندية".

يقع الدليل في 117 صفحة، ويحتوي على ثلاثة فصول، حيث يتناول الفصل الأول موضوع "الإعلام وقضايا التنمية في مجتمعات العالم الثالث-منظور جديد ورؤية بديلة لدور الصحافة الاستقصائية في التغيير والإصلاح"، وركز الفصل الثاني على "مفهوم الصحافة الاستقصائية، ومراحل تخطيطها ومتطلباتها"، بينما تطرق الفصل الثالث لموضوع مهم وهو "التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام وأهم المعايير والضوابط الأخلاقية التي تحكم أدائها". وهناك العديد من النصائح والإرشادات القيّمة التي تناولها الدليل بين دفتيه ومن أهمها: "خطوات ومراحل التحقيق الاستقصائي التلفزيوني"، و"تكتيكات كتابة القصة الاستقصائية التليفزيونية"، و"الضوابط والمعايير الأخلاقية المنظمة للعمل الصحفي الاستقصائي".

تحدثت "شبكة الصحفيين الدوليين" مع د. محرز غالي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة محرر دليل "صحافة استقصائية من أجل التنمية" لمعرفة إسهامات فريق العمل في إعداد الدليل.

يقول د. محرز غالي لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": يهدف الدليل إلى تطوير الأداء المهني لجموع الصحفيين، والصحفيين الاستقصائيين بشكل خاص حيث وضع مادته العلمية نخبة من نجوم الصحافة الاستقصائيّة بالصحف المصرية مثل: سماح عبد العاطي رئيسة قسم التحقيقات الاستقصائية بجريدة "الوطن"، هدى زكريا نائب رئيس قسم التحقيقات بصحيفة "اليوم السابع"، كما أثرى الدليل كل من: عصمت صلاح الدين كبير محررين سابق بوكالة رويترز، ومحمد الهواري رئيس وحدة الإنتاج والتلفزيون بـالمصري اليوم، ولينا الغضبان صحفية ومدربة، وصفاء عبد الحميد رئيس اتحاد إعلاميات مصر.

وأضاف د.محرز قائلاً: "ظهرت الصحافة الاستقصائية مع بداية تطور مفهوم ودور الصحافة في المجتمع، واتجاهها نحو التحري عـن قضايـا معينـة تحـدث فـي المجتمـع، وكشف أوجه الفساد والإنحراف في المجتمعات، لذلك سُــمي محــررو هــذا اللــون بـ"المنقبيــن عن الفساد" والذي ظهروا كقوة مهمة عام 1906، واستمرت تتنامي ويزداد تأثيرها حتى أُسس "اتحاد المندوبين والمحررين الاستقصائيين" في أمريكا عام 1976".

وتابع قائلاً: "تميل الصحافة الاستقصائية إلى المعالجات التفسيرية المتعمقة، وتركز على كشف أوجه الفساد والإنحرافات في المجتمع سواء كان ذلك من خلال منهج خاص ورؤية وأساليب عمل محددة، حيث تعتمد على توثيق المعلومات والآراء، والقضايا والكشف عن تفاصيلها وجوانبها المختلفة".

وللأسف تواجه الصحافة الاستقصائية الكثير من العقبات والتحديات والعراقيل التي تُوضع عمداً في سبيل منعها من القيام بدورها المناط بها، حسب قول د.محرز غالي. وتتمثل أهم العقبات والتحديات التي تواجه الصحافة الاستقصائية في عالمنا العربي فيما يلي:

-وجود نقص شديد في المعلومات وصعوبة الحصول على الوثائق والبيانات والإحصاءات من مصادرها الرسمية.

- التضييـق علـى الصحفييـن الاستقصائيين من قبل السلطات ومطاردتهم وتهديدهم ووتوقيفهم في كثير من الأحيان.

- ضغوط المواعيد النهائية التي يتعرض لها الصحفيون من قبل مؤسساتهم ورؤسائهم لإنهاء المهام الصحفية المكلفين بها.

- معارضة أصحاب شركات الإعلام والمؤسسات الصحفية الخاصة نشر القصص المثيرة للجدل خوفاً على مصالحهم ومكتسباتهم.

- زيادة الأعباء الجسدية والضغوط النفسية والجهد الضخم الذي تتطلبه الصحافة الاستقصائية مقارنة بغيره من الأشكال الأخرى.

- الحاجة إلى المال والتفرغ: فالاستقصاء الصحفي يحتاج إلى عمليات إعداد وتحضير قد تستغرق فترات زمنية طويلة، وقد تعتذر المؤسسة الصحفية عن تدبير هذه التكاليف، بل وتعتذر أحياناً عن تفريغ الصحفي لتلك المهمة.

- ضعف القدرات المهنية للصحفي: كضعف قدرته على البحث عبر الإنترنت أو العمل الميداني.

- متاعب من الزملاء أنفسهم: بالانتقاص من أهمية الموضوع، أو السخرية منه، أو نشر الأكاذيب في محيط العمل حوله، أو إدعاء البعض أن الفكرة التي أنجزتها هي فكرتهم.

ويقدم لنا الدليل مجموعة من النصائح التي يجب أن يلتزم بها الباحث والصحفي الاستقصائي إذا أراد أن ينجح في بحثه، وهي:

- البحث عن الوثائق، فهناك دائماً الكثيـر ممـا يمكـن الوصول إليه.

- التحقيق وجمع المعلومات، وتقمــص دور المراقــب والخــروج للعمــل الميدانــي وعدم الاكتفاء بممارسـة العمـل مـن بيـن جـدران المؤسسة والمكاتب.

- ترتيب المواد التي تم جمعها وجدولتها وتنظيمها، والنشر بطريقة جيدة ومتسلسلة ومناسبة للجمهور.

- يتعين على الصحفي الاســتقصائي أن تكون عيناه وأذناه مفتوحة دوماً لالتقاط كل خبر ومعلومة، وأن يسـتمع إلى كل مـا يـدور حولـه.

- تجمـيع الحقائق المخفيـة والمسـكوت عنهـا، ذات الصلـة بموضـوع الاسـتقصاء والتأكد من صحتها ومصداقيتها.

- يتعين على الصحفي الاستقصائي الاعتماد على أدلة متعددة وملموسة في ذات الوقت، كما يجب عليه جمع الأدلة التي تدعم الحقائق وتؤكدها.

- التحقيق الاستقصائي ليس تجميعاً لما توصل إليه الآخرون من نتائج ومعلومات، ولكنه بحث أصيل يقوم به الصحفيون ويعتمد على المقابلات الشاملة، أو المطابقات والمقارنات للحقائق والأرقام واكتشاف حقائق وعلاقات لم تكن معروفة من قبل.

- يركز التحقيق الاستقصائي دائماً على جوانب الخلل والقصور والانحرافات أو الإهمال التي لم ينشر حولها تفاصيل كثيرة وأدلة دامغة، ومن هنا فالصحفي الاستقصائي بحاجة إلى مراكمة الأدلة والبيانات والوثائق مقارنة بغيره من الصحفيين.

- تمتاز الصحافة الاستقصائية ببحثها فيما وراء المعلومات والكشف عن مسبباتها، وتبحث عن المسكوت عنه وراء كل القضايا والأحداث والظواهر موضوع الاستقصاء.

- تُقدم الصحافــة الاســتقصائية على شكل حملات صحفية أو تقارير أو تحقيقات متسلسلة أو تقارير إخبارية تنشر على فترات حسب ما يحقق الفائدة للتحقيق، وذلك بعكس الأشـكال الصحفيـة الإخباريـة التـي تعتمـد علـى الفوريـة والآنيـة.

- تختلف الصحافــة الاســتقصائية عــن غيرهــا مــن الفنــون الأخــرى فــي تنــاول التحقيــق الاسـتقصائي للقضايـا المـراد التحقيـق فيهـا بصـورة متعمقـة لا تتوافـر فـي التحقيقـات العاديـة، وكذلك في تركيـزه على زاويـة محـددة مـن قضيـة مـا، مثل التحقيق الاستقصائي الذي أنجره هشام علام، ودارين فرغلي بصحيفة "المصري اليوم" حول (تلوث مياه النيل بالمخلفات الصناعية)، وقد اختار الصحفيان "مصنـع سـكر الحوامديـة الـذي يصرف مخلفاتـه فـي نهـر النيـل".

يمكنك الاطلاع على الدليل المجاني من خلال النقر هنا.

الصورة الرئيسية مأخوذة من دليل "صحافة استقصائية من أجل التنمية"