شارك أكثر من 2000 صحفي وصحفية من جميع أنحاء العالم في المؤتمر العالمي للصحافة الاستقصائية GIJC23 في مدينة غوتنبرغ، السويد، وهو أكبر تجمع دولي للصحفيين الاستقصائيين، حيث ضمّ عشرات الجلسات التي تناقش مواضيع متنوعة مثل الذكاء الاصطناعي، والجريمة المنظمة، وغسيل الأموال، والتعاون العابر للحدود، وصحافة البيانات، وتتبع الفساد، والعديد من القضايا الأخرى.
شاركت شبكة الصحفيين الدوليين في هذا المؤتمر ضمن جلسات مكثفة لتبادل الخبرات والمعرفة والتعرف على أحدث التطورات في مجال الصحافة الاستقصائية، وبناءً عليه تقدم الشبكة للصحفيين أبرز النصائح المستخلصة من الجلسات.
مع وجود الكثير من الانتهاكات الممنهجة أو ما يعرف بالجريمة المنظمة قدم ثلاثة صحفيين ضمن جلسة الجريمة المنظمة الجديدة مجموعة من النصائح المهمة للصحفيين الاستقصائيين والصحفيين عامة، خلال العمل على تحقيقات تتعلق بالجريمة المنظمة من بينها:
- فهم قضايا الجريمة المنظمة: قبل البدء في أي تحقيق، يجب على الصحفيين فهم كل محاور الجريمة المنظمة التي ينوي التحقيق فيها، وهذا يتضمن فهم هيكلها وأنشطتها، وكيفية تمويلها وتوزيع السلطة داخلها عبر رسم هذه الشبكة بشكل مفصل. مثلًا إذا كنت تعمل على تحقيق يتعلق بتجارة الأسلحة غير المشروعة، من الجيد معرفة كيف تتم الصفقات من البائع والمشتري والوسيط وكيف يتم تحويل الأموال.
- بناء علاقات مع المصادر: يجب على الصحفي بناء علاقات قوية وموثوقة مع المصادر داخل الجريمة المنظمة أو المتأثرين بها. هذه العلاقات قد تساعد في الوصول إلى معلومات حصرية وتوجيهات مهمة.
- الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي: يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن مصادر وأدلة، والتواصل مع الشهود والمتأثرين بالجريمة المنظمة. وعليه ينصح بتطوير مهارات البحث والتحقق على وسائل التواصل الاجتماعي.
- الالتزام بالأخلاقيات الصحفية: يجب على الصحفي الالتزام بأعلى معايير الأخلاقيات الصحفية أثناء التحقيق في قضايا الجريمة المنظمة، وضمان حماية هوية المصادر والشهود.
- الاهتمام بصحة الصحفي: تعد صحة الصحفي أمرًا بالغ الأهمية. يجب أن يهتم الصحفي بالعناية بجسمه وعقله، والحفاظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
- توثيق البيانات والأدلة: يجب على الصحفي توثيق كل البيانات والأدلة التي يجمعها خلال التحقيق. يمكن استخدام جداول البيانات والأرشفة لبناء قاعدة بيانات مفيدة للبحث والمراجعة في المستقبل.
- التعاون والشراكات: يجب على الصحفي البحث عن فرص للتعاون مع وسائل إعلام أخرى ومؤسسات وجهات تمويل لدعم التحقيق وزيادة نطاق التأثير وهو ما يمكن أن يساهم في التقليل من المخاطر عن العمل على التحقيق بشكل مشترك بين فريق وعدد من المؤسسات.
وفي جلسة تتعلق حول غسيل الأموال وتدفق الأموال غير الشرعية في السنوات الأخيرة، قدم صحفيون من ثلاث منظمات نصائحهم لتتبع ما يحاول المجرمون إخفاءه في الأصول والمعاملات والشركات الوهمية والحسابات البنكية الخارجية، ونصح المتحدثون الصحفيين عند الشروع بهكذا تحقيقات بما يلي:
● فكر بطريقة مختلفة: يعمل المتورطون في الجرائم المالية بالعديد من الطرق لإخفاء تورطهم مثل استخدام حسابات بأسماء أخرى في البنوك وإخفاء مصدر الأموال، والفواتير المزيفة، والشركات الوهمية، والتهرب الضريبي. ابحث عن سجلات أو سلوك متعلق بهذه الأنشطة.
● دقق في التفاصيل: يجب على الصحفيين الانتباه لكل التفاصيل والتساؤل عن الأسماء المذكورة والشركات الأخرى المشار إليها في الوثائق. في بعض السياقات، يكون من الواجب القانوني على الشركات الإفصاح عن حساباتها ومعلومات أخرى. ابحث عن شعارات الشركات، وتقارير التدقيق المالي والموازنة العامة، وتفاصيل الاستحواذات التي قد توصلك إلى شركات وهمية أو أصحابها. يمكن أن تكشف العقود عن معلومات أيضًا: من هم المقاولون وما هي الشروط؟
● تفحص الأصول والمالكين: يمكن أن تكون البنوك والشركات الخاصة مغلقة للغاية وبالتالي يصعب التحقيق بها. لذلك عليكم البحث في الأصول الأخرى التي قد يمتلكها أصحاب تلك الشركات أو حاملو الحسابات الخاصة بها، وخاصة العقارات.
وكان للذكاء الاصطناعي ودوره في العمل الصحفي جلسات متعددة، أكد فيها خبراء وصحفيون أنه يمكن للصحافة الاستقصائية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعامل مع القصص المعقدة التي كانت تشكل تحديًا في السابق مع ضرورة الانتباه إلى الانحيازات في البيانات والتشوهات المنهجية في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، ويجب على الصحفيين أن يكونوا على علم بهذه الانحيازات وعليه عند استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الصحفيين ينصح باستخدامات بسيطة للذكاء الاصطناعي، مثل تنظيم البحث. كذلك يمكن للصحفيين استخدامه للعثور على أنماط في مجموعات بيانات كبيرة وإنتاج القصص. فمثلاً، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات وقواعد البيانات لاكتشاف معلومات مخفية عن خطاب الكراهية ضد اللاجئين.
وفي جلسة بعنوان التحقيقات العابرة للحدود، قدم المتحدثون نصائح لوسائل الإعلام لوضع خطة محكمة للتنسيق في النشر، بهدف تفادي موجات التحقيقات الكبيرة التي تأتي بشكل متتالٍ وقد تكون مرهقة للجمهور، وقدموا اقتراحاً بتوزيع التحقيقات على فترات زمنية مناسبة، بحيث لا يتعرض الجمهور لعدة تقارير كبيرة في فترة زمنية قصيرة.
وفي جلسة حول التقارير السرية، أكد المتحدثون ضرورة اتباع الصحفيين الذين يبحثون عن معلومات تتطلب الوصول إلى مصادر سرية أو تسجيلات غير متاحة بسهولة، مجموعة من النصائح والممارسات الأخلاقية والعملية لضمان سلامتهم واحترام القوانين، من بين هذه النصائح والممارسات:
- قائمة بالمخاطر: يجب على الصحفي وضع قائمة بالمخاطر المحتملة المرتبطة بالقصة وتحليلها بعناية. ذلك يتضمن التفكير في من يمكن أن يكون معرضًا للخطر، وكيفية الحفاظ على الأمان الشخصي والاحتياجات الأساسية أثناء العمل.
- الاستعداد للطوارئ: قم بإعداد خطة للتعامل مع أي طارئ ممكن أثناء العمل السري. ذلك يتضمن وضع مخزون من الملابس والمستلزمات الشخصية ووضع خطة للهروب آمنة.
- الأمان الشخصي: عندما تقوم بلقاء المصادر السرية، احرص على حماية هويتك وتجنب الكشف عن تفاصيل شخصية.
- تقييم القصة: تحقق مما إذا كانت القصة في مصلحة عامة وما إذا كانت هناك بدائل أخرى للحصول على المعلومات.
- الالتزام بالأخلاقيات: يجب أن تتم الأنشطة السرية وفقًا للمبادئ الأخلاقية والقوانين المحلية والدولية.
- بناء الثقة: يستغرق بناء العلاقات والثقة مع المصادر السرية وقتًا وجهدًا. تحتاج إلى توجيه حوار خارج الموضوع وإظهار اهتمامك بمصلحتهم.
- تقييم المخاطر: قبل القرار بالعمل متخفيًا، قم بتقييم المخاطر والمزايا وتوقعات الحصول على أدلة أولية.
- العمل بأمان: حافظ دائمًا على الأمان الشخصي وتوجه إلى محترفين ذوي خبرة في مجال الصحافة السرية.
- القوانين المحلية: تأكد من الامتثال للقوانين المحلية المتعلقة بالتصوير السري وحقوق الخصوصية.
وتمحورت إحدى جلسات المؤتمر حول وسائل الإعلام المنفية، والتحديات التي تواجه الصحفيين الذين يجدون أنفسهم في المنفى بسبب أنظمة الطغاة والمستبدين وعصابات الجريمة. ورغم صعوبات الوضع، إلا أن هؤلاء الصحفيين استطاعوا استثمار التكنولوجيا ووسائل الإعلام الجديدة لتقديم تقارير أفضل عن أوطانهم وجعلها متاحة بشكل أفضل للجمهور.
نصيحة مهمة جاءت خلال المناقشات تتعلق بأهمية الرعاية للصحة النفسية للصحفيين في المنفى. يجب على المؤسسات تخصيص ميزانية لتقديم الدعم والعلاج النفسي والعقلي للصحفيين، نظرًا للتحديات النفسية التي يواجهونها نتيجة للعمل في بيئات صعبة ومآسٍ إنسانية.
وفيما يتعلق بتغطية القضايا المحلية والحساسة، تم التأكيد على أهمية التعاون مع الصحفيين المحليين. هذا التعاون يمكن أن يساعد في فهم أعمق للسياق المحلي ويوفر فرصًا أفضل للوصول إلى المعلومات والشهادات التي تلعب دورًا مهمًا في تحقيق التحقيقات والتقارير المستقلة.
وفي جلسة التحقيق في الانتخابات ونصائح لفضحها كشف المتحدثون عن أن الأشهر الثمانية عشر المقبلة، سيذهب نصف العالم إلى صناديق الاقتراع وعليه فإن التحقيق في الانتخابات هو جزء حاسم من دور الصحفيين في الحفاظ على الديمقراطية وكشف الفساد والتلاعب. يجب أن يتعامل الصحفيون مع هذه المهمة بمهنية وشجاعة لتقديم معلومات دقيقة وشاملة للجمهور من خلال:
● البحث عن المصادر: ابحث عن الأسماء الثلاثة الكبرى التي تبدأ حملة وتنظم الأحداث. غالبًا ما تكون لها دور كبير في الانتخابات. قم ببناء خريطة تحتوي على المصادر المحتملة والعلاقات بينهم.
● البحث عن ماضي السياسيين: لا تفترض أبدًا أنك تعرف كل شيء عن سياسيين معينين بسبب عملك السابق. قم بفحص ماضيهم، فقد تكتشف تفاصيل هامة وقد تكون أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى.
● رصد منظمات ذات هيمنة: ابحث عن المنظمات التي تمتلك نفوذًا كبيرًا وتؤثر في الانتخابات. يمكن أن تسهم في توجيه الحملات والرأي العام.
● مراقبة الإعلانات الرقمية: انظر إلى إعلانات الحملات الرقمية على منصات مثل فيسبوك. يمكن أن تكشف هذه الإعلانات عن كميات كبيرة من النفقات وأهمية القضايا.
● الغوص في التفاصيل: لتجنب التحيز، قدم القصص التي تستند إلى أدلة وتسعى إلى تقديم صورة شاملة وموضوعية.
● التعاون مع الفرق الصحفية: إذا كان ذلك ممكنًا، فالتعاون مع صحفيين من وسائل إعلام مختلفة ومن بلدان مختلفة يمكن أن يكون مفيدًا لتبادل المعلومات والموارد.
النصائح المتعلقة بالسلامة الشخصية
تقدّم لجنة حماية الصحفيين الإرشادات التالية:
- ادرسْ حقوقك القانونية كصحفي في البلد الذي تقوم بالتغطية فيه وافهمها جيداً. وحاول معرفة ما يلي:
- ما الذي قد يؤدي/ لا يؤدي إلى توقيفك؛
- التفاصيل المتعلقة بحالات اعتقال سابقة لصحفيين والطريقة التي عوملوا بموجبها؛
- ما هي الوحدات التي من المحتمل قيامها بتوقيفك في اليوم المحدد (مثل: رجال الشرطة بالزي الرسمي، عناصر الشرطة السرية/الجيش، إلخ)؛
- ما هي طول المدة التي يمكن توقيفك أثناءها قبل توجيه التهم إليك؛
- ماذا كان يُسمح لك بإجراء مكالمة/مكالمات هاتفية، ومع من؛
- ما إذا كان بمقدورك الوصول إلى محام/ممثل قانوني يمكنه التحدّث بلغتك؛
- من الذي سيسدد أتعاب أيِّ محام/ ممثل قانوني؛
- ما إذا كان سيتم إبلاغ سفارة/ قنصلية بلادك بتوقيفك (إذا كان ذلك منطبقاً)؛
- إلى أين سيتم أخذك على الأرجح إذا تم اعتقالك.
- أدرس فكرة ما إذا كان أخذك لأي أشياء أو معدات إلى المهمة قد يزيد من فرص توقيفك (مثلاً: هواتف تعمل بالأقمار الصناعية، جهاز اتصال لاسلكي (ووكي-توكي)، منظار، ملابس ذات طابع عسكري، نظارات للرؤية الليلية، إلخ).
- ارتدِ ملابس مناسبة للظرف؛ فإذا تم اعتقالك من قبل الشرطة فقد تظل مرتدياً الثياب نفسها لبعض الوقت.
- فكر في كيف ستكون ردة فعلك إذا تم توقيفك. واعلم أن عناصر الشرطة قد يتصرفون بقسوة وخشونة وعدوانية بحسب المكان والوضع.
- خذ معك الحد الأدنى من المعدات اللازمة بما يحول بدون فقدان المعدات.
- للمزيد من المعلومات، يرجى الرجوع إلى نموذج تقييم المخاطر الصادر عن لجنة حماية الصحفيين.
الاتصال
- حدد ممثلاً قانونياً يمكن الاتصال به إذا ما تم توقيفك. احتفظ باسمه ورقم هاتفه في هاتفك و/أو على ورقة خارجية و/أو اكتبه على ذراعك.
- حاول أن تتجنب العمل لوحدك؛ فإذا كنت لوحدك فقد يستغرق التنبيه إلى اعتقالك/ احتجازك فترة أطول مما لو كان معك أشخاص آخرون.
أثناء تأدية المهمة
- حاول تجنُّب البقاء في نفس المكان لمدة طويلة من الزمن، وخصوصاً في مناطق حساسة، كالوقوف أمام مبنى سياسي.
- لا يحب عناصر الشرطة في كثير من البلدان أن يتم تصويرهم أو التقاط صور فوتوغرافية لهم. كن متنبهًا لهذا الأمر عند العمل على مقربة من رجال الشرطة أو حولهم.