التواصل مع الأشخاص ذوي الإعاقة

byIJNetJun 24, 2022 in موضوعات متخصصة
صورة

تُعدّ المقابلات الصحفيّة ركنًا أساسيًا في العمل الإعلامي، حيثُ يكون الصحفي كالإسفنجة ويمتصّ أكبر قدر ممكن من المعرفة والمعلومات ليُنتج تقارير معمّقة ويقوم بدوره الإخباري. من هذا المنطلق، من الضروري أن يتحلّى الصحفيون/ات بمبادئ أخلاقيّة وإنسانيّة، مرفقةً بأهمّ الاستراتيجيات لإجراء المقابلات بحسب الحالة، الوضع، الظرف، المصدر والشخص الذي تتمّ مقابلته.

وفي مقدّمة المبادئ الأخلاقيّة التي يجب أن يلتزم بها الصحفيون/ات، الدقة عند جمع المعلومات والحقائق والتحقق منها. وبعد الدقة والحقيقة، تأتي الاستقلالية في العمل والحياد والنزاهة والشفافية والالتزام بالقيم الإنسانية وتصحيح الأخطاء بحال ارتكابها والاستماع  إلى الجمهور وما يهتمّ به والتفكير بالحلول التي تساهم في خدمة الناس.

وتبرز أهميّة المبادئ الإنسانية والأخلاقية عندما يكون المصدر الذي يقابله الصحفي لديه حالة أو وضع خاص، كإجراء لقاء مع أشخاص في وضعية إعاقة الخاصّة، إذ يوجد ترتيبات ضروريّة يجب أن يُدركها الصحفي قبل إجراء المقابلة وخلالها وصولًا إلى مرحلة النشر.

في البداية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّه لا يوجد تعريف واضح وشامل لمصطلح "الإعاقة" والحالات المرضيّة التي تُعتبر أنها إعاقات، لكن بموجب قانون الأميركيين ذوي الإعاقة (ADA)، تنطبق الإعاقة على "أي شخص يعاني من إعاقة جسدية أو عقلية تحد بشكل كبير من نشاط أو أكثر من أنشطة الحياة الرئيسية".

وبحسب الأمم المتحدة، فالإعاقة هي حالة أو وظيفة يحكم عليها بأنها أقل قدرة قياسًا بالمعيار المستخدم لقياس مثيلاتها في نفس المجموعة. ويستخدم المصطلح عادة في الإشارة إلى الأداء الفردي البدني والحسي، وضعف الإدراك، والقصور الفكري، والمرض العقلي وأنواع عديدة من الأمراض المزمنة.

لهذا عند التحضير للمقابلة، ينبغي أن يتذكر الصحفي أنّ عليه معاملة الأشخاص ذوي الإعاقة استنادًا إلى القيم الإنسانية المثلى، كباقي المصادر ومن دون تمييز وتحضير المقابلة والأسئلة كما يقوم بالعادة عند استضافة أي شخص، ويجب أن يكون متفهمًا ومصغيًا وأن يتحضّر لأي وقتٍ إضافيّ قد تحتاجه المقابلة، مع التركيز على قدرات الشخص وإنجازاته وصفاته الفردية، وليس على الوضع الصحي والتشخيص الطبي، خصوصًا أنّ الشخص الذي تُجرى معه المقابلة ليس الوحيد في العالم المُصاب بمرض معيّن، إذ يعيش أكثر من مليار شخص، أو ما يقرب 15% من نسبة سكان العالم التي تقدر بـ7 مليارات نسمة، مع شكل من أشكال الإعاقة، وتتواجد نسبة 80% منهم في البلدان النامية.

كذلك تعترف اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة، بأهمية أن تتاح فرص المشاركة للأشخاص ذوي الإعاقة ويساورها القلق إزاء الظروف الصعبة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة الذين يتعرضون لأشكال متعددة أو مشددة من التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي وغيره من الآراء أو الأصل الوطني أو العرقي أو الاجتماعي أو الملكية أو المولد أو السن أو أي مركز آخر. وتعترف أيضًا بأنه ينبغي أن يتمتع الأطفال ذوو الإعاقة تمتعًا كاملًا بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

إرشادات لا بدّ منها

لمساعدة الصحفيين في تحسين تغطيتهم للأشخاص ذوي الإعاقة، نشارك أربع نصائح رئيسية من كريستين جيلجر، مديرة المركز الوطني للإعاقة والصحافة (NCDJ) والعميدة المشاركة لكلية والتر كرونكايت للصحافة والإعلام في جامعة ولاية أريزونا، إيمي سيلفرمان، وهي صحفية وعضو مجلس إدارة  المركز الوطني للإعاقة والصحافة، والتي قامت بتحديث دليل نمط لغة الإعاقة الخاص بالمركز في العام 2018. 

أولًا، إتاحة الفرصة لذوي الاحتياجات للحديث عن أنفسهم 

تشدّد سيلفرمان على ضرورة التحضير ومقابلة ذوي الاحتياجات الخاصة بأكبر قدر ممكن من الاحترام. كذلك على الصحفي إيلاء أهميّة لما يُسمّى "الإعاقات الخفية"، أي بعض المشكلات المرضيّة التي لا يرغب الشخص بأن يعترف بها، كالصعوبة في السمع أو الرؤية، أو مشكلة حركية تؤدي إلى إبطاء حركة الشخص. لهذا على الصحفي البقاء على استعداد للتكيّف مع أي وضع واحترامه.

ثانيًا، اسأل الشخص عن كيفية التعريف عنه

بحال لم يكن الصحفي متأكدًا من الطريقة المناسبة لوصف شخص من ذوي الاحتياجات في تقريره، يُمكنه أن يسأله بطريقة لطيفة "كيف ترغب بأن أقوم بتقديمك/التعريف عنك في التقرير؟".

ثالثًا، إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في القصص التي لا تتعلق بالإعاقة

تلفت جيلجر إلى أنّه لا ينبغي أن تقتصر القصص المرتبطة بذوي الإعاقة على تغطية حياة وقضايا هؤلاء الأشخاص، بل يمكن إشراكهم وإسماع أصواتهم في تغطيات أخرى، مثل السياسة والرياضة والشؤون الصحية وغير ذلك، وهذا الأمر قد يقود الصحفي إلى قصص وزوايا أخرى.

أساسيات المقابلة مهنيًا وأَخْلَاقِيًّا

قبل المقابلة، على الصحفي أن يسأل الشخص الذي سيجري معه مقابلة عمّا إذا كان يحتاج إلى أن يكون في مكان محدد لكي يُتاح له الوصول عبر كرسي متحرك، وإذا ما كان يفضّل التواجد في مكان يريحه نَفْسِيًّا، كذلك الأمر عن سؤاله إذا كان يرغب بوجود مترجم أو أحد أفراد عائلته إلى جانبه، وفقًا لما ينصح به المركز الوطني للإعاقة والصحافة.

ومن المبادئ الأساسية لآداب وأخلاقيات التحضير للمقابلات مع ذوي الاحتياجات  الخاصة، أن يستغرق المراسل وقتًا في التحضير للمقابلة أو تحديد موعد لمكالمة هاتفية مسبقة مع أشخاص مقربين من الشخص الذي تتم مقابلته لطرح بعض الأسئلة الرئيسية من أجل ضمان إجراء المقابلة بشكل جيد ومهني ومن دون التسبب بأي ضرر، ومن بينها: 

  • ما الذي يمكنني فعله لجعل الشخص أكثر راحة؟
  • هل هناك معلومات تريدني أن أعرفها مسبقًا عن الشخص؟
  • هل هناك مشكلة معيّنة في موقع المقابلة وهل من أماكن بديلة؟

إذا كان الشخص يستخدم كُرْسِيًّا متحركًا أو عصا أو عكازين

قبل المقابلة، على الصحفي التأكّد من إمكانية الوصول إلى موقع المقابلة. وإذا تعذر ذلك، يجب الاستعداد للعثور على موقع بديل. 

عند الإعداد للمقابلة، يجب وضع التجهيزات (كاميرا مثلًا) في مستوى عين الشخص الذي تتم مقابلته. وبحال كان الصحفي يسجّل الحديث بالصوت، فعليه أن يجلس مقابل الشخص الآخر.

خلال مقابلة شخص يستخدم الكرسي المتحرك أو أي جهاز مساعد آخر، يجب أن يُدرك الصحفي أنّ هذا الجهاز هو جزء من مساحة جسم الشخص وأن يحرص على ألا يتكئ على الكرسي ويُعرقل الشخص. وبالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون العصي أو العكازات يمكنهم إبقاؤها في متناول اليد.  

إذا كان الشخص الذي تقابله مصابًا بالصمم أو ضعيف السمع

على الصحفي استخدام تقنيات المقابلات العادية والأسلوب الذي يتبعه الصحفي عادةً، والتحدث بصوت عادي، أي عند التحدث مع شخص يعاني من ضعف السمع، يجب أن يكون الصحفي مقابله وألا يضع يده على فمه عند التحدث وطرح الأسئلة.

إذا كان الشخص يقرأ الشفاه، على الصحفي التحدث بمعدل طبيعي وعدم المبالغة في حركة الشفاه، بل أن يتحدث بشكل صريح لأن الشخص الآخر سيعتمد على تعابير الوجه والإيماءات والتواصل البصري.

 أمّا عند بدء المقابلة، فعلى الصحفي أن يتحدث مباشرة إلى الشخص وأن يحافظ على التواصل البصري معه، لا أن يتفاعل مع المترجم أو الشخص المقرّب، فهؤلاء يسهلون التواصل فقط ولا ينبغي استشارتهم أو اعتبارهم مرجعًا للمقابلة. 

ومن الأخلاقيات ألا يصرخ الصحفي، فالشخص الآخر لن يستطيع سماعه مهما علا الصوت، ويجدر الإنتباه إلى أنّ الشخص الآخر يمكن أن يكون مستخدمًا لجهاز استماع، وإذا ارتفع صوت الصحفي، فقد يؤذي أذنيه.

إذا كان الشخص كفيفًا أو يعاني من إعاقة بصرية

عند مقابلة شخص يعاني من إعاقة بصرية، على الصحفي أن يعرّف عن نفسه للشخص الذي يجري المقابلة معه وأن يخبره من هم الأشخاص الموجودون مع الصحفي في مكان المقابلة. وعند التحدث في مجموعة، على الصحفي ألا ينسى تحديد الشخص الذي يتحدث إليه.

كما يجب وصف المحيط للكفيف، مثلًا القول: "يوجد طاولة أمامك ومقعد على يمينك" وأن يحرص الصحفي على ألا يُمسك بذراع شخص يعاني من  ضُعف البصر لتوجيهه، ويمكن أن يعرض عليه الصحفي أن يُمسك هو بذراع الصحفي من أجل مساعدته للوصول.

وعند عرض الجلوس على الشخص الآخر، يمكن توجيهه بصريًا كالقول: "أرجو التقدم هذه المسافة عن اليمين". والتذكّر دائمًا أنّ الضيف غير قادر على "قراءة لغة الجسد"، لهذا يجب أن يبلغه الصحفي عند نقل المواقع أو إنهاء المحادثة.

وبحال الحاجة الى ملء استمارات، لا بدّ من معرفة أنّه بإمكان معظم الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية تعبئة النماذج والتوقيع بأسمائهم إذا تم تحديد المكان الصحيح لذلك.

ويمكن السماح لكلاب الإرشاد بمرافقة الضيف، ويجب ألا يداعب الصحفي الكلب أو يشتّت انتباهه بأي طريقة. 

إذا كان الشخص لديه مشكلة في التحدّث

أمّا بحال إجراء مقابلة مع شخص لديه صعوبة في التحدث، فلا بدّ أن ينتظر الصحفي حتى ينتهي الشخص الآخر من إكمال عباراته، لا أن يتحدّث نيابةً عنه، كذلك يجب عدم التظاهر بالفهم إذا كان الصحفي يواجه صعوبة في فهم أمر ما، ويمكنه تكرار ما يعتقد أنه قيل والطلب من الشخص الآخر أن يردّ.

على الصحفي التحدّث بنبرة صوت عاديّة، يمكن لمعظم الأشخاص الذين يعانون من إعاقة في النطق أن يسمعوا ويفهموا من دون صعوبات. 

وعلى الصحفي صياغة الأسئلة حتى يمكن الإجابة عليها بإجابات قصيرة، وتركيز الإنتباه على الشخص الآخر.

مقابلة أشخاص لديهم مشكلات معرفية أو نفسية

يجب إعادة صياغة التعليقات أو الأسئلة كي يتأكّد الصحفي من الإجابة الدقيقة والواضحة، والتركيز على الشخص الذي يستجيب له.

 عند تحرير القصة

بعد الإنتهاء من إجراء المقابلة، والوصول الى مرحلة تحرير النص أو الصوت أو الفيديو، لا بدّ من إيلاء أهميّة للعبارات المُستخدمة، حيثُ من غير الضروري الإشارة إلى الإعاقة إلا عندما تكون ذات صلة مباشرة بالقصة.

وعند التعريف بالشخص، يُمكن أن يسأله الصحفي كيف يرغب بالتعريف عنه، وبحال لم يكن متاحًا أو غير قادر على التواصل، يمكن أن يسأل الصحفي أحد أفراد العائلة أو المحامي أو الطبيب أو استشارة منظّمة تُعنى بذوي الاحتياجات. 

ويشدّد دليل استخدام اللغة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة على أهمية اختيار الكلمات المناسبة، مثل "اضطراب" و"ضعف" و "خاص" لوصف طبيعة الإعاقة. فغالبًا ما تكون كلمة "ظرف" أو "حالة" بديلًا جيدًا لا ينطوي على أحكام.

والأمر ذاته ينطبق على اختيار الكلمات الوصفية التي يجب أن تتجرّد من أي تذكير بأمر سلبي بين الإعاقة والشخص، واللجوء إلى لغة محايدة، مثلًا استخدام عبارة "هذا الشخص يستعين/يستخدم  كرسيًا متحركًا"، بدلًا من "هذا الشخص مقيّد بكرسي".

ختامًا، على الصحفيين المهتمين بإعداد تقارير عن ذوي الاحتياجات الخاصة أن يعرفوا الأيام التي حدّدتها الأمم المتحدة والمرتبطة بهؤلاء الأشخاص مثل:

 موارد أخرى 

 لائحة خبراء يقدّمها المركز الوطني للإعاقة والصحافة 

 إرشادات عند الكتابة أو تغطية قضايا ذوي الإعاقة 

دليل مركز حقوق ذوي الاحتياجات للصحفيين

 إجراء مقابلات مع أطفال من ذوي الإعاقة بحضور ذويهم 

إجراء مقابلات مع ذوي الإعاقة بحسب ما أوردته جامعة ماري واشنطن التي تأسست عام 1908

قاموس المصطلحات الخاص بالإعاقة

دليل لذوي الاحتياجات لإجراء مقابلة مع وسائل الإعلام

إرشادات من معهد بوينتر لتغطية قضايا ذوي الإعاقة وإجراء مقابلات معهم

دليل متخصص في البيانات حول ذوي الإعاقة من ProPublica  

دليل إرشادات لإجراء مقابلات مع ذوي الاحتياجات الخاصة 

التحالف الوطني للأمراض العقلية  

صفحة قانون الأميركيين ذوي الإعاقة  

 معهد الإدماج المجتمعي

 إرشادات للصحفيين الذين يغطّون قضايا ذوي الإعاقة من مجلة كولومبيا 

موارد تقدّمها انترنيوز.

الصورة الرئيسية من تصميم يونس ملودي