نصائح للحصول على قصص إنسانية من ناجين تعرضوا للعنف الشديد

by Basma El3ofy
Oct 30, 2018 in موضوعات متخصصة

لا يمكن اختبار قوة الصحفي وتأثير التدريبات التي تلقاها إلا على أرض الواقع، خاصةً إذا ما كان هذا الواقع شديد الخطورة بحيث يشعل حواس الصحفي وينبهه لكل الأشياء التي تعلمها، ويوقظ ذهنه بخبرات حصل عليها في وقت سابق.

صفاء صالح، صحفية استقصائية تعمل بجريدة "المصري اليوم"، غطت أحداث في ليبيا وتونس واليمن، وحاصلة على جائزة سمير قصير لحرية الصحافة عام 2010 من الاتحاد الأوروبي على مستوى الدول العربية عن تحقيق "بنات التبغ". هي العائدة حديثاً من العراق من زيارة للمناطق المحررة من تنظيم داعش. تحدثت صفاء مع شبكة الصحفيين الدوليين عن كيفية الحصول على قصص إنسانية من ناجين رأوا أهوالاً لا توصف.

خطتك الأساسية هي دليل تحركاتك

بدأت صفاء التحضير للسفر قبل موعده بأسبوع،  وصلتها دعوة لحضور مؤتمر في بغداد، وبمجرد حصولها على الموافقة على السفر، قامت بتحضير نفسها وتجهيز خطة للعمل والنقاط الأساسية التي تريد تغطيتها. كان لديها قائمة بأماكن تريد زيارتها، وأشخاص ترغب بمقابلتهم، وبالطبع قرأت وبحثت عن كل ما نشر من تقارير دولية وأجنبية لصحفيين زاروا العراق، واتفقت مع جريدتها على الرحلة.

تقول "ابتعدت تماماً عن المصادر الأمنية فهم كما المعتاد يعوقون عمل الصحفي ويمنعونه من تنفيذ خط سيره، ولذلك استعنت بأصدقاء وعلاقات أوصلتني بمصادر هناك على أرض الواقع كانت عونًا لي. أما عن جغرافيا المكان، فقد علمت أن نقطة وصولي هي بغداد ولذلك قمت بدراسة المناطق المحررة القريبة من العاصمة، والتي يمكنني زيارتها بريّاً".

المهارة في تحويل التجارب المؤلمة للضحايا إلى قصص صحفية

حكت صالح طريقة حصولها على معلومات وقصص من الناجيات من العنف الشديد، تقول "كان الأمر صعباً فهم يحصلون على رعاية نفسية، وكان عليّ الاتصال بالكثير من المصادر لأتمكن من مقابلة الناجيات، واستعنت بأخصائية نفسية تتابع حالتهم، ومترجمة وأنا، وكنا نحن الثلاثة فقط نقابلهن، كنت أسأل عن أدق التفاصيل وكنّ يحكين لي ما حدث معهن بعد أن نخوض في دردشة بشكل ودّي".

وتنصح بأن تكون لطيفاً مع الناجين من حوادث عنف شديدة، لأنهم يتلقون رعاية نفسية، ويجب أن يكون ذلك بوجود أخصائي نفسي قريب من الحالة، مع إظهار تعاطفك وانفعالاتك الطبيعية على القصة التي تسمعها، ففي النهاية أنت بشر، ليس عليك أن تفتعل تأثرًا ليس حقيقيًا. وتؤكد أن إظهار مشاعرك الحقيقية يكسر حاجزًا بينك وبين الراوي، فيمنحك المزيد من المعلومات والتفاصيل.

وتضيف "قابلت نساء تعرضن للاغتصاب أكثر من مرة بطريقة وحشية، وكذلك نساء تم بيعهن في سوق الرقيق، وأخريات كان يتم الاعتداء عليهن أمام أطفالهن، كنت أستمع لهن كصديقة، وكن يروين المزيد ليتخلصن من عبء الحكاية المرعبة".

كيف تقنع الراوي بالتصوير؟  

تؤكد صفاء أنك كصحفي إستقصائي عليك توثيق كل معلومة تحصل عليها بالصوت والصور والفيديو، وإذا كنت كسرت بالفعل الحاجز بينك وبين راوي القصة، فإن التصوير سيكون سهلاً. عليك أن تشرح لهم أن التصوير في مصلحتهم، وأن الفيديو يدعم قصتك ويؤكد صحتها. وتضيف "قلت لهن أن لديهن مطلق الحرية في الظهور بالشكل المناسب لهن. بعضهن فضلن تغطية الوجه، أو الجلوس في إضاءة خافتة، أو التقاط صور عادية مع تمويه الملامح، في النهاية اقتنعن وقبلن بالتصوير".

تعتبر صالح أن كونها امرأة سهّل من مهمتها بالعراق، لأن الضحايا نساء ريفيات في مجتمع محافظ، وكان من الأسهل أن تتقرب لهن بأشياء بسيطة. "أربّت على كتف الضحية أو أحتضنها، نبتسم ونضحك. روت النساء قصص عن اغتصاب وانتهاكات بشعة، أعتقد أن كوني امرأة سهّل عليهن الكلام بأدق التفاصيل".

أدواتك.. سر نجاح المهمة

تم أخذ الكاميرا منها باليوم الثاني للمهمة، وضاع ما قامت بتصويره، لكنها احتفظت بهاتفها ذو الكاميرا والذي وثّقت به أغلب قصتها. استخدمت كاميرا الهاتف الذي اشترته مسبقًا بكاميرا ذات جودة عالية لتساعدها في عملها. وتؤكد أن استخدامه كان أسهل من الكاميرا، فهو غير ملفت للانتباه، وكذلك لا يخشاه الناس عند التسجيل، إلى جانب كونه خفيف وصغير الحجم ويمكنها التنقل به بسهولة.

حصلت صالح على تدريبات كثيرة عن تغطية النزاعات ولكن لم يكن ضمنها الجانب النفسي للصحفي. وتقول أن أكبر ضغط نفسي شعرت به هو ضيق الوقت وكثرة المهام، ولم تدرك اقترابها من الموت إلا عندما عادت وشاهدت ما صورته. وتشير لأهمية حصول الصحفي على دعم نفسي إذا شعر بالحاجة لذلك، وهو ما تنوي فعله.

أمّا عن نصائحها لتأمين النفس، فتقول "ابتعد عن الأمن تماماً، وأخبر مديرك ورئيس تحرير الجريدة أو المؤسسة التي تعمل بها بالمهمة. لقد فعلت ذلك وكانوا على اتصال دائم معي في كل خطوة، فضلًا عن المصادر التي تتابعني وترافقني أثناء رحلتي".

كذلك شددت على أهمية السرية التامة للعمل، وإغلاق وسائل التواصل الاجتماعي أثناء المهمة، وتخصيص خط هاتف لها، ومسح أيّة تطبيقات تساعد على تعقّب أثترك وخاصة "فايبر".

الصورة الأولى أثناء التغطية الصحفية في العراق والصورة الثانية أثناء إجراء مقابلة مع رئيس البرلمان العراقي