لطالما كان البحث عن طريقة سهلة وبسيطة تقلل الفجوة بين الصحافة الإلكترونية بكل التقدم الشديد الذي تمر به يومًا بعد يوم، وبين الصحافة المطبوعة التقليدية التي تعاني للحفاظ على جمهورها الذي ينتقل بسرعة كبيرة لعالم الإنترنت، أمرًا يشغل بال كل المهمومين بأن يحافظ القارئ على عادة شراء المطبوعات الورقية برائحة حبرها ولمسات عمال المطابع على كل صفحاتها. وقد يكون في تقنية الـ "كيو آر كود – QR Code" أو رمز الاستجابة السريعة فرصة أخرى تساهم في عدم جفاف الأقلام أو رفع الصحف من قائمة اهتمامات جمهور الصحافة.
"تقنية الـ QR Code" هي اختصار للجملة الانجليزية Quick Response code والتي تعني رمز الاستجابة السريعة"، لكن لفهم هذه التقنية نحتاج إلى الانتقال لمكان مختلف، وبالتحديد إلى مقر شركة Denso التابعة لشركة تويوتا العالمية، والتي فكرت في تصميم رمز ثنائي الأبعاد الهدف الرئيس منه هو تسهيل تعقب السيارات أثناء دورة التصنيع، لكن بعدها خرجت الفكرة من جدران مصانع تويوتا لتنتشر في كافة المجالات تقريبًا نظرًا للمزايا الكبيرة التي يوفرها هذا الرمز ومنها حجم البيانات التي يستطيع تخزينها.
ووفق المبرمج المصري مصطفى السعدني مؤسس مشروع تكناوي الذي يوفر صناعة تطبيق مجاني من الألف إلى الياء للكُتاب والصحفيين فإن رمز الاستجابة السريعة يتكون من وحدات سوداء مرتبة بشكل معين على خلفية بيضاء مربعة الشكل، يؤدي مسحها عن طريق برنامج قراءة مخصص على الهاتف إلى إظهار البيانات التي ترمز إليها.
ورغم أن تقنية رمز الاستجابة السريعة يمكن استخدامها تقريبًا في كل المجالات، إلا أن السعدني يرى في حواره مع شبكة الصحفيين الدوليين أنها يمكن أن تنقذ المطبوعات سواء كانت كتبًا أو صحفًا أو مجلات وتعيدها من جديد لقوائم اهتمامات القراء الذين سيصبحون قادرين على الولوج بطريقة عملية وسريعة إلى مواقعها الإلكترونية، أو إلى أي فيديوهات أو خرائط أو ألبومات صور متعلقة بالمحتوى المطبوع، عن طريق برامج قراءة الـ "QR Codes" العديدة والمتاحة بشكل مجاني على الهواتف الذكية سواء كانت تعمل بنظام الأندرويد أو الـ iOS.
وتأتي أهمية الاستعانة برموز الاستجابة السريعة في كونها بديلًأ عمليًا وسهل لوضع روابط إلكترونية كان يتم وضعها بشكل تقليدي على الصفحات المطبوعة، والتي كان بعضها طويلًا جدًا ويحوي رموزًا معقدة كان من الصعب على قارئ الإصدارات المطبوعة نقلها بشكل سليم لتصل به إلى المصدر الصحيح على الإنترنت.
كيف أنقذت تقنية الـ "QR Codes الصحافة المطبوعة" في عالمنا؟
حديث "السعدني" عن الفرصة الكبيرة التي يمكن أن توفرها تقنية رموز الاستجابة السريعة لإنقاذ الصحافة المطبوعة، تؤكده الخبيرة الإعلامية "إستر كيزيا ثورب" في مقالها الذي يحمل عنوان "كيف غيرت تقنية رموز الاستجابة السريعة صحافة المجلات في جنوب إفريقيا"، إذ تقول إن "تقنية الـ "QR Codes" أخذت المجلات المطبوعة إلى مستوى جديد تمامًا في جنوب إفريقيا".
وتناولت "ثورب" في مقالها بشكل محدد تجربة مؤسسة "أسوشيتد ميديا للنشر" التي تصدر عدة مجلات موجهة للنساء في جنوب إفريقيا، والتي بدأت منذ العام 2018 في جذب اهتمام القراء والمعلنين بعدما باتت أغلفة بعض إصداراتها تحمل رموز استجابة سريعة تقول إن المجلات "جاهزة للتسوق"، بمعنى إن النساء حين يجدن على صفحات المجلة معلومات عن منتج معين، يمكنهن توجيه هاتفهن لرمز الاستجابة السريعة الموجود بجانب المنتج، ما سيجعلهن يصلن بسهولة لرابط شراء المنتج عبر الإنترنت أو مشاهدة فيديو مفصل عنه.
ترحيب كبير من القراء
قد يكون السؤال الآن، هل سيرحب القارئ بهذه التقنية؟ وحتى نجيب على هذا السؤال بشكل عملي التقينا بالكاتب والمبرمج المصري جمال عمارة، مؤلف سلسلة كتب "حكايات مرحة وتأملات"، وهي بحسب "عمارة" في حواره مع شبكة الصحفيين الدوليين "سلسلة أدب رحلات لا تكتفي بسرد انطباعات المؤلف أو معلوماته عن المكان الذي يزوره، وإنما تسعى لمزيد من التفاعل مع القارئ، فتحيله إلى مصادر أخرى متنوعة: مقالة على الويب، أو فيديو على يوتيوب، أو خريطة في جوجل، أو غيرها".
في الإصدارات الأولى من السلسلة كان جمال عمارة يدرج عناوين المصادر على الإنترنت بالشكل التقليدي، مثل عنوان الفيديو التالي على يوتيوب، لكن بمجرد رؤيته لهذا العنوان على الورق، أدرك صعوبة -إن لم تكن استحالة- أن يدخله القارئ بنفسه في المستعرض. ومن هنا بدأ الكاتب رحلة البحث عن بديل عملي، فقرر استخدام "رموز الاستجابة السريعة" QR Codes على صفحات كتبه.
يصف "عمارة" التجربة بأنها "مريحة وجميلة للغاية، القارئ يقرأ الكتاب، وعندما يقابله رمز، يمسك الهاتف ويسلط كاميرته عليه، فيجد نفسه في الموقع دون أي مشقة أو عناء، تجربة في كتاب، ثم ترحيب من القراء، ثم تعميم في السلسلة. يا له من أمر رائع".
كيف نصنع "كيو آر كود" بشكل مجاني؟
هناك العديد من المواقع التي توفر لنا طرقًا سهلة وبسيطة ومجانية لصناعة الرمز الخاص بنا، وكل ما علينا هو تحديد الرابط الإلكتروني الذي نرغب في نقل القارئ له، ثم الدخول على الموقع المخصص لصناعة رمز استجابة سريعة، مثل موقع The QR Code Generator، الذي يتيح لكم إنشاء رموز QR ديناميكية، وهي أفضل من رموز QR الثابتة لأنها لا تنتهي صلاحيتها، ولديها قابلية أكبر للقراءة من قبل كافة تطبيقات برامج قراءة الـ "كيو أر كود"، وكل ما عليكم هو الدخول إلى الصفحة الرئيسية للموقع من هنا، وبكل سهولة ستضعون الرابط المراد صناعة رمز استجابة سريعة له في الشريط المخصص لذلك، وبعدها سيكون لديك رمز استجابة سريع يمكنكم وضعه كصورة في مكان مناسب في تقريركم المطبوع، وبمجرد أن يفتح القارئ أي برنامج قراءة رموز الاستجابة السريعة على هاتفه ويوجهه للرمز سيصبح قادرًا على الوصول للموقع أو الفيديو أو ألبوم الصور الذي ترغبون في نقل قارئكم له على الإنترنت.
هناك أيضًا موقع GO QR الذي يثق به عدد كبير من المستخدمين على شبكة الإنترنت لأنه مجاني وسهل الاستخدام وينجز المهمة خلال دقائق قليلة، كما يوفر لكم إمكانية طباعة رمز الاستجابة السريعة الخاص بكم بأي حجم.
لدينا كذلك موقع Uqr Code Generator، وهو موقع مشهور جدًا لإنشاء رمز الاستجابة السريعة بطريقة بسيطة، ويقدم خدماته بشكل مجاني.
وهناك عدة فيديوهات باللغة العربية تشرح بطريقة سهلة تقنية رموز الاستجابة السريعة، منها هذا الفيديو.
والآن، ماذا تنتظرون لاستخدام هذه التقنية المهمة في مقالاتكم التي تنشرونها في الصحف والمجلات المطبوعة؟
الصورة الرئيسية هي لرمز استجابة سريع يؤدي لموقع شبكة الصحفيين الدوليين، وهي من تصميم الكاتب.