دليل الصحفيين المبتدئين إلى العمل المستقل

Jun 2, 2025 في الصحافة المستقلة
صورة

من المرجّح أنك كطالب في أحد أقسام أو كليات الصحافة، تمتلك معرفة بأساسيات الكتابة الصحفية، وإجراء المقابلات، والتحقق من المعلومات، لكن ما قد لا يكون واضحًا لديك هو كيفية تحويل هذه المهارات إلى مسار مهني. وهذا أمر طبيعي؛ فتعلُّم المهارات اللازمة للعمل المهني شيء، وإيجاد موقعك في هذه المهنة شيء مختلف تمامًا.

وتُعدّ فترات التدريب الصحفي وسيلة شائعة لفهم آلية عمل غرف الأخبار والحصول على فرصة لنشر أعمالك الصحفية، ولكنك غالبًا ما تضطر إلى انتظار الفرصة المناسبة، أو الانتقال إلى مدينة أخرى، أو العمل مقابل أجر ضئيل — والأمر ليس ممكنًا دائمًا. ومع تقلّص عدد الوظائف التحريرية الدائمة، لم يعد الدخول إلى المجال المهني بالبساطة التي كان عليها في الماضي.

ولهذا السبب، يُمكن أن يكون العمل الحر وسيلة عملية للدخول إلى المجال أو لاكتشاف الأساليب والموضوعات التي تفضل العمل عليها.

ويساهم الصحفيون المستقلون عادةً في منصات مختلفة بدون أن يكونوا جزءًا من فريق عمل دائم في غرف الأخبار. فأنت من يقوم بطرح الفكرة، وإرسالها إلى المحرر، وإذا نالت اهتمامه، سيكلفك بكتابتها مقابل أجر محدد، كما أنه لا يوجد عقد عمل دائم، مما يعني أنك المسؤول عن إدارة وقتك، وأعبائك الوظيفية، والتعامل مع التزاماتك الضريبية.

إذا كنت قادرًا على إيجاد قصة جيدة تُلبي اهتمامات الجمهور، فبإمكانك العمل كصحفي مستقل من أي مكان، حتى امتلاك شبكة علاقات مهنية في الوسط الإعلامي. هكذا بدأت مسيرتي قبل أكثر من عشر سنوات، بينما كنت أعمل في وظائف أخرى.

وإليكم بعض الأمور التي تعلّمتها خلال مشواري المهني، والتي قد تساعدك في بدء مسيرتك المهنية في العمل الحر.

ابدأ بفكرة واحدة قوية

لست بحاجة إلى سبق صحفي ضخم. يُمكن أن تبدأ القصص الجيدة بشيء بسيط لاحظته في مجتمعك، أو بسؤال آني يستحق البحث.

وفي هذا الإطار، ينبغي أن تكون لديك فكرة محددة، وليس مجرد موضوع عام. وعلى سبيل المثال، يمكنك التركيز على نماذج الدعم النفسي التي يقودها الطلاب في الجامعات، والتي تهدف إلى مساعدة زملائهم وتقليل الوصمة بدلًا من الكتابة عن الصحة النفسية للطلاب بشكل عام.

ويفضّل المحررون مقترحًا واحدًا قويًا ومكتملًا على قائمة من الأفكار غير الواضحة، لذلك التزم بتقديم فكرة واحدة في كل مرة، واحرص على أن تتجاوز الأخبار العاجلة أو البيانات الصحفية التي تغطيها غرف الأخبار بالفعل.

ويُمكنك التميُز من خلال تغطية موضوعات قد لا يتوفر لدى المحررين الوقت أو الإمكانيات أو المعرفة الكافية للتعامل معها. وأحد الطرق لتحقيق ذلك باستمرار هو تطوير تخصصك الصحفي. ليس الأمر ضروريًا، لكن الخبرة في مجال محدد تساعدك في اكتشاف زوايا جديدة، وهو ما قمت به من خلال الكتابة عن الفنون، مستفيدًا من خلفيتي في تاريخ الفن، ثم انتقلت لاحقًا إلى قضايا النوع الاجتماعي، وبعد ذلك توسعت إلى موضوعات أكبر.

أرسل عرضًا جيدًا
المقترح الصحفي هو عبارة عن بريد إلكتروني قصير ومهني والذي تشرح فيه فكرة قصتك للمحرر وتقترح عليه نشره في وسيلته الإعلامية.
 اجعل عنوان الرسالة بسيطًا، مثل "المقترح" متبوعًا بعنوان مبدئي للقصة، وتأكد من تضمين العناصر الآتية:

  • اكتب زاوية أو عنوانًا قويًا: 
    يُظهر العنوان أن فكرتك الصحفية مركزة. وإذا لم تتمكن من صياغة عنوان واضح، فقد يكون مقترحك الصحفي لا يزال عامًا.
  • لماذا الآن:
    اشرح أهمية قصتك. هل ترتبط بحدث حالي، أو اتجاه شائع، أو موضوع موسمي جذاب؟
  • ملخص:
    اكتب سطورًا قليلة حول ما ستقوم بتغطيته، وطريقتك في المعالجة، ولماذا يُعد مهمًا لجمهورهم. إذا كنت تملك شيئًا مميزًا مثل الوصول الخاص، أو تجربة شخصية، أو الخبرة، فاحرص على ذكرها.
  • المصادر المحتملة:
    من المتوقع أن تحدد الأشخاص الذين ستجري معهم المقابلات. لست مطالبًا بذكر أسماء معينة، بل يكفي أن تضع خطة مدروسة للتواصل مع الأشخاص الذين سيمثلون إضافة لمصداقية قصتك.
  • روابط لأعمالك السابقة: 
    لا تقلق إذا لم يكن لديك مقالات منشورة في وسائل إعلامية معروفة. فبإمكانك مشاركة رابط لمقال طلابي، أو تدوينة، أو نشرة بريدية لكي توضح أسلوبك في الكتابة.

وإذا لم تطلب منك الوسيلة الإعلامية مسودة كاملة — وغالبًا ما يكون ذلك في المقالات التحليلية أو الرأي — احرص على تقديم فكرتك أولاً ليتمكن المحرر من مساعدتك في تطويرها.

للحصول على الإلهام، يمكنك الاطلاع على الأمثلة في موقع Journo Resources، وThe Open Notebook.

ابحث عن المحرر المناسب

بعد أن يُصبح عرضك الصحفي جاهزًا، فإن الخطوة التالية هي تحديد الجهة المناسبة لإرساله.

تضع معظم وسائل الإعلام معلومات التواصل على مواقعها الإلكترونية. بعضها يُوفر إرشادات لتوضيح كيفية تقديم الأفكار الصحفية أو بريدًا إلكترونيًا مُخصصًا للمقترحات. إذا لم تجد ذلك، ابحث عن المحررين المسؤولين مثل محرري التكليفات الصحفية أو مدراء التحرير، أو محرري الأقسام (مثل: المقالات، أو الثقافة، أو الرأي)-وليس المراسلين-وراجع حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على بريدهم الإلكتروني.

احرص على متابعة الدعوات المفتوحة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل Bluesky، وLinkedIn، ومنصة إكس لمعرفة الجهات التي تستقبل المقترحات الصحفية حاليًا. ويُمكنك أيضًا متابعة النشرات البريدية مثل Freelance Writing Jobs، وJourno Resources – The Opportunities، وThe Writer’s Job Newsletter وذلك من أجل البقاء على اطلاع دائم بالفرص.

إذا لم تتلق ردًا خلال 7 إلى 10 أيام، لا بأس في إرسال رسالة تذكير مختصرة وبأسلوب مهذب. لا تأخذ الأمر بشكل شخصي، فالمحررون مشغولون، وقد لا تكون فكرتك مناسبة لهم، ولكن لا تزال الفرصة أمامك لعرضها في مكان آخر.

وضح توقعاتك

وفي حالة قبول فكرتك الصحفية، سيقوم المحرر عادةً بتأكيد موعد تسليم موضوعك، وعدد الكلمات المطلوبة، والأجر الذي ستتقاضاه. وإذا كان هناك شيء غير واضح، فلا تتردد في السؤال.

وقد تتغيّر القصة قليلًا عن فكرتك الأصلية، لذلك كن منفتحًا على الاقتراحات التحريرية، ولكن عبّر عن رأيك إذا شعرت أن هناك شيئًا غير واضح أو خارج السياق.

هناك بعض المؤسسات الإعلامية التي ترسل اتفاقية للكُتاب المساهمين، بينما تكتفي جهات أخرى بتأكيد التفاصيل عبر البريد الإلكتروني. في كلا الحالتين، تأكد من الاتفاق على ما ستقدمه، وموعد التسليم، والمبلغ الذي ستتقاضاه، وموعد الدفع.

وإذا كنت ترغب في الاطلاع على الأجور المتعارف عليها، قم بزيارة موقع Who Pays Writers أو Rate for the Job.

بناء العلاقات المهنية

إنّ الاستمرارية هي أساس النجاح في العمل الحر. ومن الأمور المهمة التي ينبغي عليك أخذها في الاعتبار هي الالتزام بالمواعيد النهائية، والاستجابة السريعة، وتقديم محتوى خالٍ من الأخطاء. وإذا واجهت تأخيرًا أو كان هناك أمر غير واضح، فبادر بالتنبيه عنه مبكرًا، لأنه يعكس احترافيتك في العمل.

وفي بداية مشواري المهني، كنت أتواصل باستمرار مع المحررين الذين منحوني أولى فرصي المهنية. ومع تعزيزي لتلك العلاقات بدلًا من السعي وراء مؤسسات كثيرة، بدأت لاحقًا أتلقى مهامًا صحفية بدون الحاجة إلى تقديم عروض أو مقترحات.

لستَ بحاجة إلى بناء شبكة علاقات بالمعنى التقليدي — فأنا لم أفعل ذلك. لقد كنت مستمرًا في إرسال الأفكار وأحاول تلبية توقعات المحررين.

انضم إلى مجتمع مهني

من أهم الخطوات التي يُمكنك القيام بها في بداية مسيرتك المهنية هو التواصل مع الآخرين.
لا تُقلل من شأن زملائك، فقد يصبحون محررين في المستقبل، وتبادلوا الموارد، وشاركوا الفرص، وادعموا بعضكم البعض. وهناك العديد من الدروس المستفادة التي تعلّمتها من خلال أحاديثي مع الصحفيين الآخرين.

كما أن الانضمام إلى مجتمع مهني يساعدك أيضًا على تقبّل رفض مقترحتك، إذ سرعان ما تكتشف أن الجميع يتعرض للرفض كثيرًا.

قم بالاطلاع على المجموعات المهنية عبر مواقعها الإكترونية مثل العمل الحر للصحفيين أو جمعية الصحفيين المستقلين. لستَ مضطرًا لمعرفة كل شيء بمفردك.


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع pexels بواسطة شارلوت ماي.