كتب محمد الفزاري وهو رائد أعمال مشارك في مركز التوجيه للشركات الإعلامية الرقمية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين: أعمل في الصحافة الإلكترونية منذ قرابة تسع سنوات، وهذه التجربة التي تعتبر طويلة نسبيا مقارنة بعمر هذا النوع من الصحافة، ازعم أنها أكسبتني رؤية مختلفة في طبيعة إخراج الموقع الإلكتروني.
في هذه المقالة التي قد يعتبرها البعض لا تحمل تلك الأهمية من حيث المحتوى لكني أجده مهما جدا من وجهة نظري المتواضعة، لأنها تركز على أحد العوامل الرئيسة التي تساهم في بناء الانطباع الأول عند المتصفح أو القارئ للموقع للمرة الأولى. بيد أن هذا العامل يستمر في أهميته ليس كالعوامل الأخرى في بناء الانطباع الأول؛ فلا يفقد أهميته بل تستمر مع كل تصفح.
كما نعلم أن كل قناعة تبدأ في البداية بملاحظة؛ فقبل عدة سنوات تحاورت مع صديق في قضية صحفية ما، من خلال حواري اكتشفت أنه لا يعي بشكل واضح الفرق أصلا بين مقال الرأي، والتقرير. مع العلم أنه شخص يحسب على الإعلام، هذا الموقف دفعني للاستمرار والبحث أكثر عن طريق عمل استبيان ونشرته بين طلاب جامعيين. من خلال الاستبيان اتضح لي فعلا أن أغلب الطلاب وهم يتصفحون الموقع لا يهمهم كثيرا، أو لا يفرقون كثيرا أو بتاتا، بين أقسام الموقع المقسمة حسب طبيعة الفن الصحفي على سبيل المثال: مقالات الرأي، الأخبار، التقارير، التحقيقات؛ فهو ينظر للمادة الصحفية كموضوع ليس أكثر، كل ما يهم هذا القارئ هو قراءة الموضوع، فما بالكم بمواطن عادي؟
لكن أيضا اتضح لي من العينة - وكان متوقعا- أن القارئ يفرق بين الأقسام المبنية حسب طبيعة المحتوى كمادة على سبيل المثال: سياسية، رياضة، ثقافة، فن.
بعد مضي سنة تقريبا، قررنا في شبكة مواطن الإعلامية، إعادة تصميم الموقع الإلكتروني الخاص بمجلة مواطن كنوع من التجديد في الهوية بشكل عام. هذه الفرصة دفعتني لتطبيق فكرة تخمرت في رأسي بعد نتائج الاستطلاع. قررت أن يكون شكل إخراج الموقع الإلكتروني مختلفا عن المواقع الأخرى التي تحرص بشكل كبير على تقسيم الصفحة الرئيسة إلى عدة أقسام تتناسب مع أقسام الصحيفة أو المجلة، وهذا أيضا ما كنا نطبقه في موقع المجلة القديم. جلست مع المصمم وتخيلتني قارئ عادي كل ما يهمني هو قراءة موضوع ما، وسألت نفسي هذين السؤالين؟ ماذا يهمني كقارئ مشاهدته في الموقع؟ وما هو أبسط إخراج ممكن أن يفي بالغرض؟ خاصة أن مجلة مواطن ليست مجلة شاملة وإنما متخصصة في موضوعات تدور حول السياسة بشكل خاص، ليسهل علينا تقسيم الموقع حسب ماهية المحتوى. لذلك تقرر اخراج الموقع بشكل بسيط جدا، وخاصة الصفحة الرئيسة التي ممكن أن يميز المتصفح اختلافها منذ النظرة الأولى. كل الموضوعات بمختلف تصنيفاتها تظهر على شكل متسلسل يشابه ذلك تقريبا وفكرة الموقع الإلكتروني الشهير "تويتر"، الموضوع الأقدم في أسفل الشاشة، ثم الأجدد يتلوه فوقه، ثم الأجدد، وهلم جرا. بيد أن القارئ الذي يهمه تصنيف المادة الصحفية التي بين يديه، سيجد ذلك واضحا فوق بداية كل موضوع سواء في الصفحة الرئيسة أو عند تصفح الموضوع. كذلك القارئ الذي يقرر منذ البداية الإطلاع على قسم محدد، سيجد في أعلى الموقع كل تصنيفات الموقع على شكل قائمة أفقية لو كان يتصفح الموقع من Desktop site، وعلى شكل عمودي لو كان يتصفح من الهاتف.
ما طرحته في هذه المقالة يبقى مجرد وجهة نظر تم تطبيقها، لكن لقياس فعاليتها بشكل كبير يحتاج إلى دراسة دقيقة. بيد أن أهمية بناء موقع إلكتروني يستطيع تقديم وإبراز كل ما يطرحه الموقع، بأبسط وأسرع طريقة، لا أتوقع هناك اثنان يعملان في الصحافة يختلفان على ذلك. خاصة في الوقت الذي أصبحت فيه الصحافة الإلكترونية، الصحافة الأهم في الوقت الذي تحتضر فيه الصحافة الورقية.