ينتهز مروجو المعلومات المضللة فرصة الحروب والأزمات لبث معلومات، ومقاطع فيديو، وصور مضللة على صفحات التواصل الاجتماعي، والتي يتلقفها المستخدمون وينشرونها على صفحاتهم، وهو ما يخلق أعباءً كبيرة على الصحفيين ومدققي المعلومات في تتبع تلك الصفحات، وكشف أوجه التزييف في المنشورات المنتشرة بتلك الصفحات، وتعقب ما نشرته صفحات ومواقع تدقيق المعلومات لحصر كل الأخبار والفيديوهات المزيفة التي حققت انتشارًا وتفاعلاً كبيرًا خلال الأزمات.
وتُقدم "شبكة الصحفيين الدوليين" نصائح مهمة للصحفيين ومدققي المعلومات للتحقق من صحة المحتوى الإعلامي وخصوصًا في أوقات الحروب والأزمات.
منهجية التحقق من صحة المعلومات في أوقات الحروب
فيما يتعلق باستراتيجية التحقق من صحة المعلومات في أوقات الحروب، تقول الدكتورة أروى الكعلي وهي أستاذة مساعدة بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، ومدربة في صحافة البيانات: "إننا نتعامل في أوقات الحروب في سياق أزمة تستوجب أمرين هما الحذر الشديد من جهة، والسرعة المدروسة من جهة أخرى، ونقوم بخطوات التدقيق المتبعة في مختلف الأحداث، ولكننا نضاعف جهودنا في عملية رصد المعلومات والصور والفيديوهات، لأنّ الأخبار تتدفق بشكل أكبر، وبالتالي من المهم تحديد أولوياتنا والتركيز على الأخبار الأكثر انتشارًا وتأثيرًا في مجريات الأحداث، وهو ما يتوقف بالطبع على حجم فريق العمل الذي يقوم بالتحقق من صحة الأخبار في غرف الأخبار، كما يتعين علينا التحقق من صحة الصور والفيديوهات لأنه من السهل استخدامها للتهويل أو التهوين من أمر ما، أو للتأثير في مجريات الأمور على الأرض أو حشد التعاطف الدولي مع طرف على حساب آخر، لذا لابد أن نخصص جهودًا مضاعفة للعمل عليها خلال الأزمات".
وتضيف الكعلي في حديثها لـ"شبكة الصحفيين الدوليين" أنه من المهم توثيق كل مراحل التدقيق التي قمنا بها، وإدراج كل المصادر المرتبطة بالموضوع وتبسيط النتائج للجمهور، كما يتعين علينا نشر تقارير التدقيق وإيصالها إلى أكبر قدر ممكن من الناس، لأن المعلومات الدقيقة والصحيحة في حالات الحروب والأزمات يمكن أن تمثل الخط الفاصل بين الحياة والموت.
وبالنسبة لأدوات التحقق من صحة المعلومات والصور التي تنصحنا بها الكعلي، فهي:
-أن نستخدم خدمة "الشات بوت" الذي أتاحته "الشبكة العربية لمدققي المعلومات" لاستقبال المحتويات المشكوك فيها.
-التحقق من صحة الصور لكشف إن كان تم التلاعب بها أم لا، وذلك من خلال استخدام بعض الأدوات مثل "Forensically".
-استخدام أدوات كشف التضليل للفيديوهات المولدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل "Deepware" التي تُستخدم في كشف التزييف العميق ولكن لا يجب الاعتماد عليها فقط، حيث يمكننا أيضًا تفكيك عناصر الصورة من خلال توظيف أدوات البحث العكسي، والتي قد تقودنا إلى تحديد علامات التوليد بالصور.
خطوات التحقق من صحة المعلومات في أوقات الحروب والأزماتمن جهتها، تقول جويس حنا وهي صحفية في خدمة تقصي صحة الأخبار في وكالة فرانس برس لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "نتعقب حركة المعلومات المضللة كمدققي معلومات من خلال القيام بعدة خطوات، وهي: تطبيق المعايير المهنية مثل المصداقية، والدقة، والموضوعية، والحياد حتى لا نقع في فخ المعلومات المضللة، وجمع أكبر قدر من الأدلة والبراهين، والإلمام بالسياق التاريخي، والمجتمعي والسياسي للأحداث لمعرفة مُسبباتها ولكي يكون الجمهور على دراية بالمعلومات المتعلقة بالبيئة الخصبة التي نمت فيها الأحداث، وأن نكون حذرين في نشر الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة في أوقات الحروب حيث ننبه القارئ بأنها محتوى حساس "Sensitive Content"، كما ننبه جمهورنا بالصور التي يتم استخدامها في سياقات مُضللة، وذلك مثل صور الحروب والثورات القديمة والتي يتم إعادة نشرها في أي أزمة راهنة".
وفيما يتعلق بمنشورات مواقع التواصل الاجتماعي المضللة، فتقول جويس: "نتابع صفحات السوشيال ميديا التي تنشر أخبارًا وصورًا مضللة، إضافة إلى حسابات السياسيين والمؤثرين، من أجل تتبع الأخبار والصور والفيديوهات التي ينشرونها للتدقيق فيها، وهناك بعض المنشورات التي خضعت للتدقيق من قبل مدققي المعلومات على فيسبوك وتحتوي على إشارة مميزة لتحذير الناس من أنها تتضمن معلومات مضللة".
وأضافت جويس: "نستعين في عملنا بالأدوات المفتوحة المصدر المتاحة على هواتف وأجهزة الكمبيوتر، ونتحقق من الفيديو من خلال تقطيعه إلى صور ثابتة عبر أدوات متنوعة من أشهرها "Invid"، وبعدها نتحقق من تلك الصور من خلال أدوات البحث العكسي، مع إمكانية القيام بخطوات إضافية مثل المراقبة الدقيقة للعناصر المكونة للصورة مثل المعالم التاريخية أو أرقام السيارات أو أعلام الدولة؛ فنقوم بتجزئة هذا المعلم ونبحث عنه جيدًا من خلال توظيف جميع أدوات التحقق".
نصائح مهمة للصحفيين ومدققي المعلومات
ويقدم لنا أحمد بريمو، المدير التنفيذي لمنصة "تأكد" السورية المتخصصة في التحقق من صحة الأخبار والمعلومات، نصائح مهمة للصحفيين ومدققي المعلومات للتحقق من صحة المعلومات في أوقات الحروب والأزمات مثل:
-أن نستعين بالصحفيين المتخصصين في تغطية الملفات والقضايا الإقليمية لمساعدتنا على فهم أوسع وأعمق لمختلف الموضوعات، وذلك قبل قيامنا بعملية التحقق من الأخبار الخاصة بالنزاعات والحروب.
-أن نستعين بمصدرين على الأقل للتحقق من صحة الأخبار.
-عدم الانحياز لأي طرف من أطراف النزاع عند القيام بعملية التحقق من صحة الأخبار.
-التنويع في استخدام أدوات البحث العكسي التي توفرها محركات البحث مثل: Google image، Yandex image، Bing images، Tineye.
-أن يكون مدقق المعلومات على دراية باللهجات المختلفة عند فحص الفيديوهات.
-أن يدقق الصحفي في أدق تفاصيل الصورة مثل ملابس فرق الإنقاذ، ولوحات السيارات، ولوحات الطرق، وأرقام خدمة الطوارئ، وأن يفحص الطبيعة الجغرافية للمنطقة التي التقطت فيها الصورة.
-أن يستخدم الصحفيون/مدققو المعلومات أدوات Meta data للصور مثل موقع EXIF data، الذي يكشف لنا ما إذا كانت الصورة أصلية، أم معدلة.
-نتحقق من منشورات السوشيال ميديا من خلال مراجعة مصادرها سواء إذا كانت نابعة من حسابات أو صفحات ناشطين أو صحفيين، وذلك من خلال مراجعة كل المنشورات السابقة التي ينشرها الشخص للتأكد من مصداقيتها، ونفحص الصياغة اللغوية للمنشورات لمعرفة كيفية معالجة الأخبار.
وينصحنا "بريمو" بالاطلاع على دليل منصة "تأكد" وهو "دليلك في أساليب التحقق ومكافحة التضليل في مناطق الصدام" والذي يمكننا تحميله مجانًا بعد ملء نموذج يحتوي على بياناتنا الشخصية، والدليل صادر باللغتين العربية، والإنجليزية.
تضافر جهود الصحفيين ومدققي المعلومات في أوقات الأزمات والحروبوترى الكعلي أنه من المهم أن تتكاتف جهود الصحفيين ومدققي المعلومات وخاصة في أوقات الأزمات والحروب، لأن دورهم هام جدًا لكشف الروايات المضللة، وتوصيل الحقائق للجمهور.
-التشبيك والتعاون بين المنصات العربية ووسائل الإعلام العربية لتقديم الرواية الحقيقية للأحداث.
-أن يقوم الصحفيون بخطوة "التدقيق ما قبل النشر" لتقديم محتويات موثوقة ودقيقة لجمهور المستخدمين.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على أنسبلاش بواسطة هادواي.