من المعلوم أن للتصوير الفوتوغرافي مجالات أو تخصصات متنوعة ما بين التصوير الصحفي والرياضي والمعماري، إضافة إلى التصوير التسويقي للأطعمة والمنتجات التجارية، فضلًا عن التصوير تحت الماء والسلويت وتصوير الأشخاص (البورتريه).
وعادة ما تنقسم مجالات التصوير وفق موضوع أو موضع التقاط الصورة أو توقيت التقاطها، وكذلك وفق الشكل الفني للصورة، والتقنية المستخدمة، مثل: تصوير الماكرو أو التلسكوبي، ومعايير وتخصصات أخرى.\
ولكن أيهما أفضل: أن يتخصص الفرد بمجال فوتوغرافي بعينه، أم يمارس عدة مجالات في آن واحد؟ وكيف يمكن التميز في التخصصية إن كانت هي الأفضل؟
المصور إبراهيم فرج يؤكد في مقابلة مع شبكة الصحفيين الدوليين أنه "من الصعب الوصول إلى التخصصية المتقنة في أحد مجالات التصوير ما لم يكن الفرد مؤهلًا للتعامل الجيد مع وظائف الكاميرا في جميع مجالات التصوير أو أكثرها شيوعًا، لكون التصوير عملية تكاملية لها أسس ثابتة".
وعام 2008 بدأ فرج مشواره الفوتوغرافي في عدة مجالات (الصحفي، والمعماري، والطبيعة)، قبل أن يتخصص بتصوير الطبيعة والجماليات، وتبرز أعماله في الأراضي الفلسطينية وعلى المستوى العالمي أيضًا.
ويقدم فرج ثلاثة مسوِّغات ينصح على أساسها بالتخصصية بدلًا من التعددية، وهو أن التخصص يعطي مجالًا أكبر للإبداع والتركيز، ويوفر الوقت والجهد باكتساب المهارات، وثالثًا يعطي صاحبه ميزة الندرة إن كان المجال حديثًا؛ كالتصوير الدعائي لمنصات التواصل الاجتماعي.
ويشير فرج إلى أن النجاح في تصوير جماليات الطبيعة قائم على اختيار التوقيت والمكان المناسبين للتصوير، بجانب اختيار العدسات الملائمة التي تعد العلامة الفارقة بين جميع مجالات التصوير الفوتوغرافي.
ويتفق المصور محمود أبو حمدة مع زميله فرج على أن الوصول إلى التخصصية الناجحة لا بد أن تمر بالممارسة الشاملة في بداية المشوار الفوتوغرافي، موضحًا أن ارتفاع أعداد الممارسين لمهنة التصوير من أبرز الأسباب التي قد تدفع المصور للتخصصية بدلًا من التعددية.
وينصح أبو حمدة، المتخصص بتصوير المنتجات والأطعمة، كلَّ من يسعى وراء التخصصية، بزيادة الاهتمام في فن الإضاءة، حيث تؤدي الأخيرة دورًا حاسمًا في التصوير الفوتوغرافي بمختلف المجالات والدعائي تحديدا.
ويقول أبو حمدة: "القدرة على التعامل الجيد مع الإضاءة يساعد في الخروج بلقطة احترافية أكثر جمالية (...) وهي -لا شك- موضوع معقد ولكن من الممكن تعلمها وإتقانها بالممارسة والتجربة، إضافة إلى التغذية البصرية الدائمة".
ويضيف: "من الضرورة أيضًا إتقان قواعد التكوين الصحيح للصورة كقاعدة الثلث وملء الإطار ومبدأ الفراغ والتناظر، وذلك بما يضمن ترتيب العناصر المختلفة المراد تصويرها داخل الكادر بطريقة سليمة".
وعن تجربته في التصوير التسويقي للمنتجات يتحدث أبو حمدة: "يستلزم تصوير الطعام عناية فائقة بالتفاصيل كافة واختيار زاوية العمل المناسبة، وكذلك يجب أن يكون لدى المصور ذائقة في تصفيف الطعام بطرق غير تقليدية لتحقيق أعلى درجات الجذب".
ويختصر أسس تصوير المنتجات بالقول: "على المصور أن يقدم صورًا مُشهية وجذابة للزبون إلى درجة أن يتملكه شعور أن يتمنى لو أنه يأكل الصورة من خلف الشاشة"، مشيرًا إلى أهمية التعامل مع تصوير المنتجات كفن وذوق حتى وإن كانت غاية التصوير مادية.
أما المصور الصحفي رمضان الأغا، فيري أن النجاح في التخصصية ليس بالأمر السهل، قائلًا: "تفرض التخصصية على صاحبها تقديم أفضل محتوى، على عكس من يمارس مجالات متعددة من التصوير، حيث بإمكانه تغطية ضعف في مجال ما بصورة قوية في مجال آخر".
وينصح الأغا المصورين المبتدئين باللجوء إلى التخصصات التي تناسب احتياجات السوق، فالتصوير التسويقي ازداد الاهتمام به مع اعتماد المنشآت التجارية على منصات التواصل في استعراض إنجازاتها بدلًا من وسائل الترويج المعتادة، متوقعًا أن يتضاعف الاهتمام بتخصص التصوير الجوي بواسطة "طائرات درون" خلال المرحلة المقبلة.
ومن الأهمية أن يتابع المصور تطور المعدات الخاصة بمجاله، وبناء شبكة علاقات واسعة، وقبل كذلك عليه أن يختار المجال الذي يناسب شغفه، وكذلك البيئة الجغرافية التي يسكن بها، فمن غير المعقول أن يتخصص المصور بالحياة البرية وبلدته تفتقر إلى الغابات أو المحميات الطبيعية.
والتحدي الحقيقي في التخصصية الفوتوغرافية يتمثل في قدرة المصور على التجديد في مجاله، لكون التخصصية قد تتحول إلى انحسار ثم اندثار إذا لم يكن المصور قادرًا على الإبداع بعيدًا عن التقليد.