كتبت نارين شمو: يجد الكثير من الصحفيين المبتدئين والمحترفين من المهاجرين صعوبات جمة في إيجاد أنفسهم في بلدان جديدة، فكل منهم وصل ومعه صور ذهنية قد تتقارب مع الواقع او تصطدم به، الى جانب المعاناة النفسية والجسدية اثر ما يحملونه معهم من تجارب قاسية، تحديدا اولئك القادمين من دول تعاني من الحروب والصراعات، انا شخصياً واحدة منهم.
البدء بحياة جديدة ليس برحلة سهلة، هناك تساؤلات كثيرة تشغل رأس معظم أولئك الصحفيين، من أين ابدأ وكيف؟ ما هي سبل العثور على فرصة لإثبات الذات وما نوع التحديات التي سأواجهها؟
يقدّم هذا المقال من شبكة الصحفيين الدوليين أهم الخطوات والنصائح للصحفيين اللاجئين في المانيا لمساعدتهم على العثورعلى تدريبات وفرص عمل جيدة.
"رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة"، هذه كانت أول عبارة سمعتها من زميل صحفي الماني من جريدة دي فيلت في برلين، عندما تحدثنا عن مستقبلي المهني في بداية لجوئي الى المانيا. كان مقتنعاً كلياً بأن المفتاح السحري للاندماج في المجمع وسوق العمل الألماني هو اللغة، لم اكن اتفق معه حينها لكنني لم اخالفه ايضاً، كنت ارى اللغة الإنجليزية سندًا قويًا لإيجاد العديد من فرص العمل في المؤسسات الإعلامية العالمية، لكن تجربتي الشخصية والحياة في المهجر جعلتني فيما بعد اتفق معه تماماً، فتعلم لغة البلد والتخطيط الجيد ضمن جدول زمني محدد وعدم الاستسلام لليأس والكسل، هم فعلاً البداية المثالية للإنخراط في فضائك الجديد.
أهمّ ما يجب التفكير به بعد الحصول على حق الإقامة هو وضع أهداف واضحة، تلك الأهداف ستمكنك من رسم خارطة لحياتك المهنية القادمة بتحدياتها المختلفة، ويتبع ذلك أمور اخرى لا تقل اهمية وهي:
*التخطيط الصحيح: يجعلك تسعى بشكل اكثر جدية لتحقيق تلك الاهداف في ظل حياة ليست خالية من الضغوطات والمصاعب اليومية.
*الاجتهاد الشخصي في بناء شبكة أصدقاء و معارف، وهذا يأتي من خلال التسجيل في النوادي الرياضية والمشاركة في الانشطة المتنوعة المقامة من قبل المكاتب العامة في المدينة والمعاهد والجامعات وبعض المراكز الطلابية والثقافية .. الخ.
*الالتحاق بتدريبات تطوير مهارات كتابة السيرة الذاتية.
*التمرن على الإستعداد لمقابلات العمل الشخصية.
*تعديل شهادتك الجامعية، وهذا يتم من قبل مركز التعليم العالي في مقاطعتك ويحتاج التعديل الى 3 اشهر او أكثر بعد الإرسال. يوجد مركز موزاييك Mozaik لتقديم المشورة اللازمة لأجل ذلك.
*التعرف على ثقافة وتقاليد البلد، من خلال النقاشات وقراءة الكتب المبسطة والبوسترات المعلقة في الشوارع في كل مناسبة.
*متابعة الاخبار والاطلاع على المستجدات السياسية الجددة.
عندما تجد نفسك جاهزا ومسلحا بمستوى لغة، ومعرفة جيدة بالمجتمع، تمكنك من التعامل مع المحيط بشكل كافٍ، فعليك أن تحمل سيرتك الذاتية والتوجه بها الى مكتب العمل أو مركز الوظائف وهو الجهة المسؤولة عن معيشتك في المانيا. يوجد هناك موظفون مختصون بتقديم المشورة، سيقدم لك الموظف قائمة بأفضل اماكن العمل التي تناسبك ووسائل التواصل، قد يتصل شخصياً ببعض الأماكن كي يستعلم عن امكانية تقديم تدريب مجاني او مدفوع الثمن تتكفل به الدولة.
هناك ايضاً منظمات مدنية عديدة في المانيا، ساهمت بشكل جدي في إعادة إندماج الكثير من اللاجئين في المجتمع الألماني وتقدم دورات خاصة بلغة العمل وتدريبات لتعلم مهارات العمل للاكاديميين ومنهم الصحفيين، أهم هذه المنظمات هي أفو AWO، كاريتاس والصليب الاحمر.
وان لم تفكر بتقديم نفسك للمؤسسات الاعلامية المحلية في منطقتك فأبواب تلك المنظمات مفتوحة امامك دائماً، ومستعدة لربطك بأي مؤسسة ترغب الاستفسار عن تدريب لديها.
ومن الجيد أن يكون لديك دافعًا شخصي للبحث من دون الاعتماد الكلي على المكاتب والدوائر الحكومية والمنظمات، ابحث بنفسك عن المهاجرين القدامى من الصحفيين الذين يتحدثون نفس لغتك، وتواصل معهم لإطلاعهم على طموحك المهنية، فلديهم من النصائح والعلاقات ما يساعدك على العثور على تدريب أولي.
الكثير من الصحفيين من الشرق الاوسط من بلدان كسوريا والعراق ممن هاجروا ضمن موجة اللجوء لعام 2015، يعملون اليوم بشكل رسمي في العديد من المؤسسات الاعلامية الالمانيا كدويتشه فيله وكذلك قناة اليكس الذي خصص عام 2017، تدريبًا خاصًا بالصحفيين اللاجئين، من ثم ضمهم الى كادر ألكس في برلين بعقود عمل رسمية.
ضع في ذهنك، لا يوجد من يبحث عنك، لكن يوجد من يرحب بك دائما، ان لم تتقاعس على تطوير ذاتك وتقديمها الى عالم الصحافة والاعلام في بلدك الجديد.