تحدّث محمد شما، المنسق الإقليمي لمنظمة صحفيون لأجل حقوق الإنسان خلال وبينار بثّ عبر شبكة الصحفيين الدوليين خلال شهر حزيران/ يونيو الحالي، ضمن برنامج حلول منصات التواصل الاجتماعي، عن تأثّر الصحفيين والمراسلين عند تغطية موضوعات حقوق الإنسان من جهة ومدى الأثر الذي يتركوه من جهة ثانية.
فلقد أشار شما إلى إمكانية تعّطل عمل الصحفيين بما يؤثر على حقوق أساسية: مثل الولوج إلى المعلومات، تفاعل الحكومات في الرد على أسئلتهم، ومشاركتهم بالبيانات الأساسية، والكشف عن التجاوزات والإقرار بالأخطاء والمكاشفة والاعتراف.
مضيفًا إلى أنه في أغلب الحالات يتأثر عمل الصحفي عندما يُعتبر تقريره الصحفي "غير مسؤول" من قبل السلطات الرقابية ببلده، ويؤثر على المصلحة العامة من خلال ما يمكن تسميته "تشجيع أو تحريض على خرق القانون/ القواعد والتعليمات" أو "كسر الحظر بما يعرض أمن البلد للخطر"، وكلها تحديات وضعت لعرقلة عمل الصحفيين في المنطقة.
ورغم كل المعوقات والمضايقات التي من الممكن أن تحد من حرية الصحفيين في المنطقة، أوصى شما بضرورة العمل ضمن ضوابط وقواعد أخلاقية تضمن تغطية قضايا حقوق الإنسان بمهنية وحياد في ظل انتشار جائحة كوفيد19.
القواعد الأخلاقية لضمان مهنيّة العمل الصحفي
1- تجنب إلحاق الضرر: على الصحفي تحديد مدى أولوية الحصول على المعلومات بغض النظر عما قد يتسبب به ذلك من ضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، أو الضحايا المُحتملين. ويتوجب على الصحافيين، في الحد الأدنى، وضع سلامة الضحايا أو الضحايا المحتملين في المقام الأول.
2- الضرر المحتمل قد يقع على المصاب أو ذويه من أطفال أو نساء أو عمال محليين أو أجانب، أو لاجئين وفئات هشة ومهمشة.
3- إمكانية وقوع انتهاكات لـحقوق الإنسان: وذلك يكمن في التحرّي والبحث في مضمون الحادثة أو الواقعة وما نجم عنها من أذى لحق بشخص أو بمجموعة أشخاص، هذا ما يُخالفُ معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
4- العمل على إنصاف الضحايا/ المصابين وذويهم: من خلال التناول الدقيق والمُفصل للانتهاكات التي تعرضوا لها، وتحديد المُنتهِكين لحقوقهم، وإفساح مساحة لهم للمطالبة بالإنصاف والتعويض عن الضرر.
5- معرفة المعايير والتماس المشورة: يُولي الصحفيون والإعلاميون أهمية استثنائية للتعرف على المعايير المتعارف عليها في مجال حقوق الإنسان ونوع الانتهاكات الواقعة ضد هذه الحقوق. ويتوجب عليهم دوماً، وفي الحد الأدنى معرفة أيٌ من المعايير تنطبقُ على الحالة أو الواقعة أو الحادثة التي يعملون على تغطيتها.
6- احترامُ الخصوصية: على الصحفيين احترام خصوصية الأشخاص الذين تشملهم أو تتعلق بهم أو تتطرقُ إليهم المواد الإعلامية والصحفية، وعلى وجه التحديد خصوصية الضحايا والظروف التي مروا بها، وتفاصيل الأحداث التي عايشوها خلال أو قبل أو بعد وقوع الانتهاكات بحقهم. ويتجنب الصحفيون إظهار أو تناول معلومات خاصة أو شديدة الخصوصية تتعلّق بموضوع أو حادثة مرتبطة بالضحية، احتراماً لحق الضحية بالإنصاف، والتخفيف من الضرر.
7- مُراعاة الحساسية: يتوخى الصحافيون والإعلاميون أقصى درجات الحرص لمراعاة الظروف الصعبة والمعاناة التي مر بها ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وذلك عبر عدم الازدراء أو التشكيك بروايتهم للأحداث.
8- الوصمة: تلاحق المصابين بالفيروس المستجد "وصمة كوفيد19"، ما يساهم في احتمالية تعرضهم للتنمر، أو العداء أو لومهم على أنهم ساهموا بنشر الفيروس. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتمّ لوم المصاب بأنه تسبب في انتقال العدوى، بالتالي يصبح مذنبًا وتتداول أخباره الوسائل الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي ومن ضمنهم الصحفيين مما قد يصل للقدح والذم وإبداء الرأي في تفاصيل حياتية شخصية بما يعرّض صاحبها للأذى.
9- تكريس صورة سلبية بحق المرأة، الأقليات، والفئات الهشة: قد تسيء بعض وسائل الإعلام للفئات الأكثر هشاشة من خلال التنميط أو خلق صورة عامة حولهم عادةً ما تكون سلبية. مثلاً نشر صور في مناطق وأحياء فقيرة تظهر الأفراد وهم يخرقون النظام كحظر التجول أو التواجد ضمن مجموعات بتعداد كبير مما يعرضهم لخطر انتقال الفيروس. وعادةً ما يعمل التنميط على تكريس صورة معينة فيضخ الإعلام كميات هائلة من الأخبار والمعلومات والأفكار حولها.
صحفياً ورقيباً في آنٍ واحد
وصف شما الصحفي "بالرقيب" في المجتمعات الذي تتمثل مهمته فيها بتوجيه الإنذار عندما تتعرض حقوق الانسان إلى الاهمال، أو التهديد أو الانتهاك. فالصحفي هو الشخص الذي يطالب الدولة بالامتناع عن اتخاذ إجراءات من شأنها أن تنتهك من حقوق الأشخاص، كحرية التعبير مثلاً أو الحق في محاكمة عادلة.
ومن خلال التوقيع على معاهدات حقوق الإنسان الدولية، تلتزم الدولة باحترام حقوق المواطنين. ويكمن دور الصحفي هنا بأن يكون رقيباً على تنفيذ هذا الالتزام، ويكشف انتهاكات حقوق الإنسان، ويعرّف الناس العاديين بحقوقهم بحيث يمكّنهم من المطالبة بها. وبالمثل، يجب أيضاً مساءلة الأفراد عن انتهاكات حقوق الإنسان حيث أن الحقوق والمسؤوليات تسير جنباً إلى جنب.